شمس خلف السحاب
شمس خلف السحاب
شمس خلف السحاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شمس خلف السحاب

نصرت ال محمد
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا الزائر الكريم ساهم معنا بتطوير المنتدى من خلال انضمامك الى اسرة المنتدى وشارك بنصرت ال محمد
شمس خلف السحاب
علوم القران *درر اهل البيت *ولاية اهل البيت *قسم الامام المهدي عليه السلام *فتاوى علماء الحوزة*محاضرات دينيه*قصائد حسينيه
المواضيع الأخيرة
» في الزواج المنقطع( المتعة)
علم الكلام I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 29, 2016 10:51 pm من طرف زائر

» أكسل وأبخل وأعجز وأسرق وأجفى الناس ؟
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:41 am من طرف خالد المحاري

» من أحــــــبه الله ابتــــلاه
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:40 am من طرف خالد المحاري

»  معجزة خطبة الرسول والزهراء للسيدة نرجس
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:39 am من طرف خالد المحاري

»  من هم الذين ارادوا اغتيال النبي في العقبة
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:35 am من طرف سيف نادر

»  وصية الرسول (صلى الله عليه واله ) في اهل البيت ( عليهم السلام) من المصادر السنية
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:34 am من طرف سيف نادر

»  فضائل صحيحة وضعت مقابيلها فضائل مكذوبة
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:33 am من طرف سيف نادر

» البخاري يشك في خلافة علي بن ابي طالب ويعبر عنها بالفتنة
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:30 am من طرف سيف نادر

» قول الإمام الصادق (ع) "نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة".
علم الكلام I_icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2014 5:26 am من طرف راية الحق

الساعة
Baghdad
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

 

 علم الكلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الجروح الزينبيه

الجروح الزينبيه


علم الكلام Jb12915568671
عدد المساهمات : 10
نقاط : 30
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 13/11/2013

علم الكلام Empty
مُساهمةموضوع: علم الكلام   علم الكلام I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 16, 2013 3:16 pm

مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فلعل من نافلة القول ومكرور الكلام أن يقال أن التوحيد هو أساس الإسلام، وأنه من أصوله وقواعده بمكان الذروة والسنام، فذلك أمر قد أطبقت عليه دعوات الرسل عليهم الصلاة والسلام، ودعوة أتباعهم الكرام.
والتوحيد هو زبدة الرسالات السماوية وغايتها، وقطب رحاها وعمدتها، ترتكز كلها عليه وتستند في وجودها إليه وتبتدئ منه وتنتهي إليه.
ويعد علم الكلام في طليعة المعارف التي أسهمت إسهاما حيا في دراسة التوحيد أو العقيدة الإسلامية، وذلك لاستدلاله على قضايا التوحيد بالنقل والعقل، فهو علم مختص به، غير ملتفت إلى غيره.
لأجل هذا أحببت أن أبين في هذا الموضوع موقف العلماء المسلمين من هذا العلم، وكيف تعاملوا معه ومع المهتمين به والخائضين في ردهاته.
وقد توخيت قدر المستطاع الاختصار والإيجاز، مخافة الإطالة والحشو في الكلام.
وقد عالجت هذا الأمر في إطار فصلين؛ الأول: اهتم بتسليط الضوء على تعريف علم الكلام وبيان فائدته وموضوعه، وظروف نشأته وبيان أسباب بروزه كعلم مستقل بذاته. أما الفصل الثاني: فإنه قد أسدل الستار على توضيح موقف علماء الإسلام، سلفهم وخلفهم، من هذا العلم ومعتمد كل فريق في توجهه.
وتوجت الموضوع بخاتمة تتضمن استنتاجات وآفاقا مرجوة.
الفصل الأول: تعريف علم الكلام - موضوعه – أهدافه – نشأته – عوامل بروزه.

المبحث الأول: تعريف علم الكلام.
1) تعريف الكلام لغة:
الكلام: "هو القول، وقيل: ما كان مكتفيا بنفسه وهو الجملة، والقول ما لم يكن مكتفيا بنفسه، وهو الجزء من الجملة. قال سيبويه: اعلم إن قلت إنما وقعت في الكلام على أن يحكى بها ما كان كلاما لا قولا، ومن أدل الدليل على الفرق بين الكلام والقول إجماع الناس على أن يقولوا القرآن كلام الله ولا يقولوا القرآن قول الله، وذلك أن هذا موضع ضيق متحجر لا يمكن تحريفه، ولا يسوغ تبديل شيء من حروفه، فعبر لذلك عنه بالكلام الذي لا يكون إلا أصواتا تامة مفيدة" .
والكلام هو اللفظ الدال على معنى يحسن السكوت عليه، وواحد الكلام كلمة وهي اللفظ الذي يتألف من أصوات منطوقة على هيئة حروف تشير إلى دلالة ومعنى.
وانطلاقا مما سبق تبين أن الكلام في معناه اللغوي يدل على كل لفظ تم معناه واكتفى بنفسه عن غيره ليتممه.
2) تعريف الكلام اصطلاحا:
اتخذ الكلام معنى اصطلاحيا وتفرد بمنهج خاص، استهدف الدفاع عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، وسميت الأقوال التي تصاغ كتابة أو شفاها على نمط منطقي أو جدلي كلاماً، ولا سيما تلك التي تعالج المسائل الاعتقادية. وقد أشار الشهرستاني (ت 548 هـ) إلى أن لفظ الكلام أصبح اصطلاحا فنيا في عهد المأمون، فأصبح لفظ الكلام مرادفا للجدل.
3) تعريف علم الكلام:
اختلفت تعريفات العلماء لعلم الكلام، فتعددت وتلونت، ومرد هذا الاختلاف يعود إلى تباين نظرتهم إلى موضوعاته التي يهتم بها ويختص بالحديث عنها. ومن أهم هذه التعريفات أذكر تعريف عضد الدين الإيجي (ت 756 هـ) قال: "والكلام علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه"، وأضاف: "والمراد بالعقائد: ما يقصد به نفس الاعتقاد دون العمل، وبالدينية: المنسوبة إلى دين محمد  فإن الخصم وإن خطأناه لا نخرجه من علماء الكلام" .
من مقتضيات هذا التعريف أن المتكلم يتخذ العقائد الدينية قضايا مسلما بها، ثم يستدل عليها بأدلة العقل حتى وإن أمكن الاهتداء إلى هذه العقائد بالعقل مستقلا عنها؛ لأن العقائد الدينية ينبغي أن تؤخذ من الشرع ليعتد بها، وإن كانت مما يستقل العقل فيه، وفي ذلك ما يميز علم الكلام عن الفلسفة كما سيأتي بيانه.
ومن مقتضياته أن المشتغل به يشترط فيه أن تكون له ملكة يحصل له بها الاقتدار على الاستدلال، وأن مباحث هذا العلم تتجلى في كل ما ليس تحته عمل في مقابل مباحث الفقه.
وقد عرفه أيضا العلامة ابن خلدون (ت 808 هـ) بقوله: "هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المبتدعة المنحرفين في الاعتقادات عن مذاهب السلف وأهل السنة" .
من خلال هذا التعريف الخلدوني يظهر أنه قد أضاف شيئا جديدا إلى التعريف السابق يتمثل في كون علم الكلام يرام من خلاله الدفاع عن مذهب أهل السنة والجماعة في العقيدة، والوقوف ضد أفكار المبتدعة المنحرفين.

4) سبب التسمية بعلم الكلام:
سمي بهذا الاسم للأسباب التالية:

• لأنه يورث قدرة على الكلام في الشرعيات كالمنطق في الفلسفيات.
• لأنه كثر فيه الكلام مع المخالفين مما لم يكثر في غيره.
• لأنه بقوة أدلته، كأنه صار "هو الكلام" دون ما عداه، كما يقال في الأقوى من الكلامين هذا هو الكلام.
• لأن الكلام أشهر أجزاء هذا العلم، أو أن صفة الكلام قد أثير حولها كثير من النقاش والجدال.
• لأن أبواب هذا العلم افتتحت بقول: الكلام في كذا، كقول الإمام الأشعري مثلا: "باب الكلام في القبر".
وفي هذا يقول الإيجي: "وإنما سمي كلاما إما لأنه بإزاء المنطق للفلاسفة، أو أن أبوابه عنونت أولا بالكلام في كذا، أو لأن مسألة الكلام أشهر أجزائه، حيث كثر فيه التناحر والسفك، فغلب عليه، أو لأنه يورث قدرة على الكلام في الشرعيات مع الخصم" .
وقال الشهرستاني موضحا لهذا الموضوع: "إما لأن أظهر مسألة تكلموا فيها وتقاتلوا عليها هي مسألة الكلام، فسمي النوع باسمها، وإما لمقابلتهم الفلاسفة في تسميتهم فنا من فنون علمهم بالمنطق، والمنطق والكلام مترادفان" .
• وسمي بهذا الاسم؛ لأن مبناه كلام صرف في المناظرات على العقائد.
• وسمي بهذا الاسم؛ لأن الكلام ضد السكوت وأن المتكلمين تكلموا في المسائل الاعتقادية حيث كان ينبغي الصمت وعدم الخوض فيها.
5) تسميات علم الكلام:
سمي هذا العلم بتسميات عدة، منها: علم العقائد وعلم التوحيد وعلم أصول الدين وعلم الأسماء والصفات والفقه الأكبر. ووجه تسميته بهذه الأسماء يتجلى فيما يلي:
• سمي هذا العلم عقائد، أخذا من عقد الحبل وغيره إذا أحكم بشدة؛ لأن العقائد جمع عقيدة بمعنى معقودة، وهي الأمور التي يجب على المكلف أن يصدق بها تصديقا جازما يطمئن إليه قلبه، وترتاح إليه نفسه، حتى تكون عنده يقينا لا يخالجه فيه شك ولا يتسرب إليه أدنى وهم، كأن المؤمن أحكم ربطها وعقدها بقلبه، حتى صارت عنده معقودة لا سبيل إلى حلها بأي طريق من طرق التشكيك.
• وسمي هذا العلم توحيدا، لأن أصل معنى التوحيد اعتقاد أن الله واحد لا شريك له في ذاته ولا في صفاته، ولا في أفعاله، ثم جعل علما على هذا العلم تسمية له بأهم مباحثه وأشرف قضاياه، وهي إثبات الوحدة لله تعالى في الذات والصفات والأفعال العبودية؛ لأن التوحيد هو المقصود الأعظم كما يقال: الحج عرفات.
• وسمي هذا العلم علم الأسماء والصفات؛ لأن هذا المبحث يعد من أهم المباحث التي كثر فيها الاختلاف، وتعددت بسببه الفرق وتشعبت.
• وسمي هذا العلم أصول الدين؛ لأن الأصول جمع أصل، وهو لغة ما يبنى على غيره، وجعل الإيمان باعتبار متعلقاته أصولا للدين؛ لأن العقائد هي أساس الدين وعليها مبنى الإسلام، فبدون إيمان لا يتحقق وجود للدين والإسلام فلا دين ولا إسلام بدون عقيدة وإيمان.
• وسمي هذا العلم بالفقه الأكبر، وقد سماه بذلك الإمام أبو حنيفة (ت 150 هـ) في كتاب له كل مباحثه جعلها في المسائل الاعتقادية.
• ولا يمكن أن يسمى هذا العلم فلسفة لوجود فوارق بينهما، وإن كانت هنالك بعض مواطن الاتفاق، وفي بيان هذا الشأن يقول ابن خلدون: "واعلم أن المتكلمين يستدلون في أكثر أحوالهم بالكائنات وأحوالها على وجود الباري وصفاته، وهو نوع استدلالهم غالبا، والجسم الطبيعي ينظر فيه الفيلسوف في الطبيعيات، وهو بعض من هذه الكائنات، إلا أن نظره فيها مخالف لنظر المتكلم وهو ينظر في الجسم من حيث يتحرك ويسكن. والمتكلم ينظر فيه من حيث يدل على الفاعل، وكذا نظر الفيلسوف في الإلهيات إنما هو في الوجود المطلق وما يقتضيه لذاته، ونظر المتكلم في الوجود من حيث أنه يدل على الوجد" .




6) موضوع علم الكلام:
تعددت آراء العلماء في تحديد موضوع علم الكلام، وفي هذا يقول الإيجي: "وقيل هو ذات الله تعالى، إذ يبحث فيه عن صفاته وأفعاله في الدنيا كحدوث العالم، وفي الآخرة كالحشر، وأحكامه فيهما كبعث الرسول ونصب الإمام والثواب والعقاب" .
وقال ابن خلدون: "وبالجملة فموضوع علم الكلام عند أهله إنما هو العقائد الإيمانية، بعد فرضها صحيحة من الشرع من حيث يمكن أن يستدل عليها بالأدلة العقلية فترفع البدع وتزول الشك والشبه عن تلك العقائد" .
7) فائدته وأهدافه:
ذكر الإيجي جملة من الفوائد التي ينالها المتمكن من هذا العلم فجعلها في خمس فوائد وأهداف:
• الأول: الترقي من حضيض التقليد إلى ذروة الإيقان، يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات (سورة المجادلة، الآية: 11).
• الثاني: إرشاد المسترشدين بإيضاح الحجة، وإلزام المعاندين بإقامة الحجة.
• الثالث: حفظ قواعد الدين عن أن تزلزلها شبه المبطلين.
• الرابع: أن ينبني عليه العلوم الشرعية، فإنه أساسها وإليه يؤول أخذها واقتباسها.
• الخامس: صحة النية والاعتقاد، إذ بها يرجى قبول العمل، وغاية ذلك كله الفوز بسعادة الدارين.

المبحث الثاني: نشأة علم الكلام وعوامل بروزه وظهوره.
1) نشأة علم الكلام:
إن الحديث عن نشأة علم الكلام لا يعني أنه لم يكن معروفا ولا موجودا عند الأولين، ثم جاء من اخترعه فهو مفصول عن الكتاب والسنة وبدعة جديدة لم تكن، ولكن المعنى ظهوره كعلم مستقل له مسائله ومواضعه ومشاكله وطرقه ومناهجه، والتي بعضها خاصة به وبعضها مشارك به لعلوم أخرى، مثله مثل بقية العلوم؛ إذ الصحابة كانوا يفقهون اللغة ويعرفونها ويفتون في الحلال والحرام، ويحدثون الأحاديث ويقرأون القرآن بالقراءات والتجويد ويفسرونه قبل نشوء علوم اللغة المختلفة كالنحو والبلاغة وأصول الفقه وقواعده، والرجال والأسانيد وعلوم القرآن والتفسير والتجويد والقراءات... فمن بدع علم الكلام فليبدع هذه العلوم كلها، ومن دعا إلى نبذه فنبذها من باب أولى، إذ إن علم أصول الدين مع كونه أول العلوم وجودا في الكتاب والسنة إلا أنه آخرها ظهورا، وبقية العلوم متأخرة في النزول في الكتاب والورود في السنة، إلا أنها متقدمة على علم أصول الدين في الوجود، ولا ننسى أن القرآن حافل بالجدال والمناظرة والحوار بين الله سبحانه وتعالى وعباده أو بين الأنبياء وأتباعهم في مسائل التوحيد خاصة، وأن النبي  والصحابة من بعده قد سئلوا مسائل في هذا العلم كالقضاء والقدر، وقد أجابوا أو أفادوا على قدر الاستشكال وبما يحقق الفائدة المرجوة في ذلك الزمان.
ويرجح البعض أن بوادر ظهور هذا العلم كان بعد مقتل الإمام علي رضي الله عنه، إذ انقسم المسلمون إلى طوائف وفرق هذه أصولها: الخوارج، الشيعة، المرجئة، القدرية.
فغدت كل فرقة تبرر اتجاهها السياسي بإضفاء الصبغة الأصولية على توجهها وتمذهبها.
فتطور بهذا علم الكلام وخاصة أيام الخلفاء العباسيين، كما قال الشهرستاني: "أما رونق الكلام فابتداؤه من الخلفاء العباسيين: هارون والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل، وانتهاؤه من الصاحب بن عباد وجماعة من الديالمة" .
وقد ازدهر هذا العلم ، مع شيخ المتكلمين إمام أهل السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري (ت 324 هـ)، واستوى على سوقه مع تلامذته الذين جاؤوا بعده، كالباقلاني (ت 403 هـ) والـجويني (ت 478 هـ) والفخر الرازي (ت 606 هـ)، وقد كان علم الكلام عند المتقدمين خاليا من الفلسفة والرد على الفلاسفة، لكنه تطور بعد ذلك فأدخلت بعض مباحث الفلسفة إلى مسائله، وكان هذا عند المتكلمين المتأخرين الذين أجازوا ذلك.
لأجل هذا قال العلامة ابن خلدون واصفا تطور تناول علم الكلام بين السلف والخلف: "وأما محاذاة طريقة السلف بعقائد علم الكلام فإنما هو في الطريقة القديمة للمتكلمين وأصلها كتاب الإرشاد ومن حذا حذوه، ومن أراد إدخال الرد على الفلاسفة في عقائده فعليه بكتب الغزالي والإمام ابن الخطيب، فإنها وإن وقع فيها مخالفة للاصطلاح القديم فليس فيها من الاختلاط في المسائل والالتباس في الموضوع ما في طريقة هؤلاء المتأخرين من بعدهم" .

2) عوامل ظهور علم الكلام وبروزه:
مجموع آراء الباحثين في هذا الموضوع تكاد تجتمع على أن علة بروز علم الكلام كعلم مستقل بذاته ترجع إلى عوامل داخلية أنتجتها تربة الإسلام وأهله، وإلى عوامل خارجية، نتجت عن انفتاح الإسلام على الحضارات التي اختلط بها في فارس والشام.
أولا – العوامل الداخلية:
أ- مشكل الإمامة: يكاد يجمع الدارسون والباحثون على أن مشكل الإمامة هو السبب وراء تفرق المسلمين قددا، إذ لم يسل سيف في الإسلام إلا عليها، فقد أطبقت كلمة العلماء على أن عصر النبوة والصحابة لم يشهد اختلافا عقديا البتة . وفي هذا يقول علي سامي النشار قولا جامعا وسديدا يمكن من خلاله تفسير هذا الاختلاف بين المسلمين وتفرقهم: "انفجرت الخلافات السياسية وفي أثرها تكونت المذاهب. إن الشيعة بفرقها المختلفة، وبفلسفة هذه الفرق فلسفة عارمة متعددة النواحي في صورتها الإثنا عشرية أو الإسماعيلية أو الزيدية، إنما نشأت وتطورت لأصل سياسي (...) ونحن نعلم أيضا أن الخوارج بطوائفها المتعددة إنما نشأت عن عامل سياسي، والمعتزلة في نشأتها سياسية وفي تطورها كذلك" .
ب- القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة: يعد هذان المصدران الشريفان من أهم أسباب ظهور علم الكلام؛ إذ إن المسلمين قد اهتموا بالكتاب والسنة وبكل حرف منهما فكانوا يسعون للقراءة والتدبر والعلم والعمل. والقرآن الكريم حافل بالحوار والتناظر مع الذين لا يؤمنون به. ومن جانب آخر آياته المتشابهات وكذا أحاديث رسول الله  المتشابهة، وقد اختلف في قضية تأويلها أو تفويضها العلماء قديما وحديثا فكان هذا أحد أهم الدواعي لنشأة هذا العلم. وما يزكي هذا الطرح قول ابن خلدون: "إلا أنه عرض بعد ذلك خلاف في تفاصيل هذه العقائد أكثر مثارها من الآي المتشابهة، فدعا ذلك إلى الخصام والتناظر والاستدلال بالعقل وزيادة إلى النقل، فحدث بذلك علم الكلام" .
ج- الأمانة والتكليف: كان من الأسباب الداخلية لنشأة علم الكلام الأمانة والتكليف اللذان حملتهما هذه الأمة، فهي الأمة الوسط الخيرة الشاهدة على الناس المأمورة بدعوة العالمين لهذا الدين، ولذلك كان يجب عليها أن تجند طائفة من العلماء يمتلكون القدرة على الاستدلال على العقائد الإيمانية لتبليغ هذا الدين للأمم التي طغى عليها العقل والفلسفة، وليقفوا سدا منيعا ضد دعوات وشبه الضالين المنكرين.
د- الاستقرار والتمكن: لقد أشار أحمد أمين في ضحاه إلى أن الاستقرار والتمكن الذي تحقق للمسلمين، جعلهم يتنفسون في الدين ويثيرون خلافات دينية ويجتهدون في بحثها والتوفيق بين مظاهرها.
ثانيا- العوامل الخارجية:
أ- الغزو الثقافي أو الثورة الثقافية المضادة: فهذا عامل خارجي عرضي قوي كان من أسباب نشأة هذا العلم. فالمسلمون لما دخلوا البلاد والأقطار المفتوحة، احتاجوا للجدال مع المعاندين والمسترشدين من اليهود والنصارى والمجوس والبراهمة وغيرهم من الأمم، وكتب الأئمة على اختلاف مذاهبهم حافلة بذلك.
ب- الفلسفة اليونانية: لما دخلت الفلسفة اليونانية والمنطق اليوناني إلى العالم الإسلامي في عهد المأمون تصدى العلماء للفلاسفة وصارت المنازعات الطويلة مع الفلاسفة، وحدثت قفزات في علم الكلام بحيث أن الخلاف مع الدخيل الوافد قد احتل مساحة أوسع في الكتب الكلامية من الخلاف مع الأصيل الإسلامي.
كانت هذه إذن هي عوامل وظروف نشأة علم الكلام وبروزه كعلم مستقل بذاته، لكن يبقى السؤال المطروح: كيف استقبل العلماء حديثا وقديما هذا الوليد الشرعي، وكيف نظروا إلى المشتغل به والخائض في مسائله ومباحثه؟ هذا ما سيحاول الفصل الثاني الإجابة عنه والكشف عن بعض جوانبه.




الفصل الثاني: موقف العلماء من علم الكلام
توطئة:
لقد سبق في مبحثي الفصل الأول بيان فوائد وأهداف علم الكلام وموضوعه الشريف، وأن العوامل التي تسببت في بروزه علما مستقلا عوامل موضوعية وحقيقية، وكل هذا يؤدي في النهاية إلى اعتبار هذا العلم ذا أهمية وذا شأن كبير في دائرة العلوم والمعارف الإسلامية.
لكن في كيفية التعامل مع هذا العلم اختلف المشتغلون به، إذ برز كثير منهم يستغل هذا العلم لترويج أفكار خارجة عن الدين وليست منه في شيء، وهؤلاء الذين تصدى لهم العلماء بالحض على هجرانهم وتبديعهم، وفي مقابل أولئك نجد الجمهرة الكبرى اشتغلت بهذا العلم داخل دائرة الإسلام منطلقة من الأصول المعتمدة في الشريعة الإسلامية غير خارجة عن إطارها، وهؤلاء هم الذين أيدهم عامة علماء الإسلام ولم يقصدوهم في ذمهم لعلم الكلام وأهله.
إذن فمن هؤلاء العلماء الذين ذموا علم الكلام وكرهوا الاشتغال به؟ ومن المقصود في هذا المنع والحظر والتحجير؟ وما هي الأسباب التي دعت البعض الآخر إلى منعه بالبت والمطلق على الجميع؟
ثم من هم العلماء الذين وقفوا موقف التجويز والإيجاب إزاء هذا العلم؟ وما أسباب هذا التوجه المؤيد؟
هذا ما سيحاول هذا الفصل الكشف عن بعض جوانبه من خلال مبحثيه هذين.
المبحث الأول: الرافضون لعلم الكلام والأسباب الداعية إلى ذلك.
لقد نقلت مجموعة من الأقوال عن سلف هذه الأمة توهم في ظاهرها الزجر والمنع من الاشتغال بهذا العلم وذم أهله، ولكن التحقيق يفيد أنهم لم يقصدوا به عامة المتكلمين وإنما بعضهم فقط ممن اشتهر بالزندقة والفسق والمروق عن الدين. وخير ما يؤكد هذا المسعى كتاب شيخ أهل السنة والجماعة: "اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع" للإمام أبي الحسن الأشعري الذي رد فيه على المتكلمين الزائغين الذين لم يلتزموا بإطار النص المنزل.
1) منع السلف للاشتغال بعلم الكلام على المبتدعة الزائغين:
سأقتصر في بيان هذا المرمى على أهم مقولات الأئمة الأربعة إذ هم شيوخ أهل السنة والجماعة، الذين يتبعهم عامة المسلمين في جميع أرجاء العالم الذين تجمعهم دائرة أهل السنة.
• من أقوال أبي حنيفة (ت 150 هـ) ما رواه عنه محمد بن الحسن (ت 189 هـ) قال: "قال أبو حنيفة: لعن الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس الطريق إلى الكلام فيما لا يعنيهم من الكلام" . يبدو من خلال كلام الإمام أبي حنيفة أنه يقصد بالكلام المذموم هنا كلام القدرية المعطلة، وعمرو بن عبيد (ت 144 هـ) من مؤسسي هذا الاتجاه، وإلا فما الذي يفسر لنا تدوينه للفقه الأكبر، وهو كتاب خاص بالعقائد.
• من أقوال الإمام مالك (ت 179 هـ) ما نقله السيوطي (ت 911 هـ) عن طريق ابن مهدي (ت 198 هـ) أنه قال: "دخلت على مالك وعنده رجل يسأل فقال: لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد، لعن الله عمرا ابتدع هذه البدعة من الكلام، ولو كان الكلام علما لتكلم فيه الصحابة والتابعون كما تكلموا في الأحكام والشرائع" . وفي كلام الإمام مالك أيضا تزكية لما قاله الإمام أبو حنيفة، وذلك من خلال موقفه من عمرو بن عبيد المبتدع المارق، الذي تكلم في أشياء لم ترد عن الصحابة رضوان الله عليهم.
• وفيما يخص موقف الإمام الشافعي (ت 204 هـ) فقد أسند إليه عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري الهروي (ت 481 هـ) في كتابه "ذم الكلام" كثيرا من الآثار التي يذم فيها الإمام علم الكلام المتطرف، منها قوله: "لأن يبتلي الله امرءا بكل ما نهى عنه خلا الشرك، خير من أن يبتليه بالكلام" . من خلال هذه القولة للشافعي يبدو أنه قصد بهذا الابتلاء: الابتلاء بعلم الكلام المذموم الذي يجر إلى التعطيل والزيغ عن الحق والصراط المستقيم.
• ومن أقوال الإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ) قوله: "أئمة الكلام زنادقة" . هذا الكلام إن صح عنه فإنه يقصد بهم قطعا أهل الكلام المتنطعين غير الموافقين للكتاب والسنة. ومن أهم ما يبرر هذا؛ موقفه المشهور من قضية خلق القرآن حيث امتحن فيه، ولم يتأت له ذلك إلا بعد أن خاض في مسائل هذا العلم الشريف.



2) موقف المتأخرين من علم الكلام.
في إطار بحثي عن هذه الجزئية وجدت أن المتأخرين الذين اشتهروا بمعارضتهم علم الكلام والاشتغال به ينقسمون إلى فريقين: فريق أجازه في بعض الأحيان ومنعه في أحيان أخرى، وفريق منعه على الإطلاق. وتفصيل ذلك فيما يلي:
1- الفريق الأول: هؤلاء أجازوا الاشتغال به عند الرد على الخصوم فقط ومنعوه لأجل الاستفادة والعبادة، فهؤلاء منعوا الخوض في علم الكلام ابتداء، إلا أن يرى موضع حاجة يظن أنه إذا تكلم بالحق قبل منه، ويحذر أن يخطئ على الله فيرد الباطل بالباطل.
ومن أهم الممثلين لهذا التوجه نجد ابن عبد البر (ت 462 هـ) وابن تيمية (744هـ) والسيوطي (ت 911 هـ).
فقد ذهب ابن تيمية إلى جواز مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه.
وعليه فإن أصحاب هذا التوجه اشترطوا شروطا عدة على المشتغل بهذا العلم أهمها اثنان:
- أن تكون هنالك ضرورة ملحة تدعو إلى الكلام كالدفاع أو الإرشاد.
- أن يتوفر في الذي يتولى جدال المبتدعة شرط إلمامه بطرقهم حتى لا يقدروا عليه.
2- الفريق الثاني: أما هذا الفريق فقد منعه منعا باتا مطلقا، ولم يجيزوا أن يقابلوا،حسب رأيهم، البدعة بالبدعة حتى لو كان صاحب هذا العلم يقصد به نصرة الكتاب والسنة.
ومن أشهر من مثل هذا الاتجاه ابن رجب الحنبلي واللالكائي، يقول ابن رجب (ت 795 هـ): "فأما الدخول في كلام المتكلمين والفلاسفة فشر محض، وقل من دخل في شيء من ذلك إلا تلطخ في بعض أوضارهم" . ويقول الإمام اللالكائي (ت 418 هـ): "فما جنى على المسلمين جناية أعظم من مناظرة المبتدعة، ولم يكن لهم قهر وإذلال أعظم، مما تركهم السلف على تلك الحالة، يموتون من الغيظ كمدا، ولا يجدون إلى إظهار بدعتهم سبيلا، حتى جاء المغررون ففتحوا إليهم طريقا، وصاروا لهم إلى هلاك الإسلام دليلا، حتى كثرت بينهم المشاجرة، وظهرت دعوتهم بالمناظرة، أو طرقت أسماع من لم يكن عرفها من الخاصة والعامة" .
هذا وإذا رجعنا إلى أقوال المعارضين بصفة عامة في موقفهم من علم الكلام نجد أنفسنا مرغمين على القول بأن هؤلاء، خلا الأئمة الأربعة، يغفلون تطور الفكر الإسلامي وعلم الكلام خاصة والعوامل التي أدت إلى نشأة هذا العلم، والهدف من إنشائه في إثبات العقائد الإسلامية والدفاع عنها وتوضيحها بأدلة عقلية واضحة .
أما ما نقل عن الأئمة الأربعة وغيرهم من السابقين من الطعن فيه والمنع منه فإنما هو لهؤلاء فقط:
- للمتعصب في الدين.
- للقاصر عن تحصيل اليقين.
- للقاصد إفساد عقائد المسلمين.
- للخائض فيما لا يفتقر إليه من غوامض المتفلسفين.
- للباغي الجدل المذموم الذي يفرق كيان الأمة والدين.
- للساعي إلى تكفير المسلمين وتبديعهم.
وما يمكن أن أختم به هذا المبحث، أن علم الكلام لم يلاق اعتراضا من حيث هو كعلم، ولكن الذي لاقى اعتراضا بعض المسائل وطرق الاستدلال بين الفرق.
وعليه فإن كل متكلم في العقائد فهو متكلم؛ فالباقلاني مثلا متكلم على مذهب الأشعري، وأبو معين النسفي (ت 537 هـ) متكلم على مذهب الماتوريدي (ت 333 هـ)، وابن تيمية متكلم على مذهب الحنابلة، وابن حزم (ت 456 هـ) متكلم على مذهب الظاهرية، وابن رشد (ت 595 هـ) متكلم على مذهب الفلاسفة، وهكذا. فمن نقد علم الكلام فإنه ينتقد توجها ومذهبا كلاميا محددا، وهو المذهب الذي كان ينافسهم في زمانهم.
ومما يبرر هذا الطرح ويؤكده تألق شيخ الإسلام ابن تيمية في علم الكلام، حيث نجده قد خاض في كل مسألة خاض فيها المتكلمون الأشاعرة وغيرهم، وله فيها آراء سواء وافقهم أو خالفهم، متبعا لغيرهم أو منفردا برأي خاص له، فهو متكلم عريق ولكن على مذهب الحنابلة، ولأجل هذا وجدته في كتابه مجموعة الرسائل والمسائل يتهم المتكلمين بجهلهم أقوال السلف وأنهم لا يذكرونها في كتبهم بل يقتصرون على أقوال المتكلمين مثلهم. والسلف يقصد بهم الحنابلة، إذ لم يؤثر عن الصحابة وكبار التابعين أقوال خاصة في علم الكلام.
المبحث الثاني: المؤيدون لعلم الكلام.
1) الذين قالوا بالجواز:
الحقيقة أن هناك عددا كبيرا من علماء المسلمين جوزوا الاشتغال بعلم الكلام ومسائله، ومن هؤلاء المجوزين: إمام أهل السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري الذي وضع رسالة في استحسان الخوض في علم الكلام، رد فيها على دعوى الحنابلة الذين ذموا علم الكلام ونهوا عن الخوض فيه.
ومما جاء فيها:
"أما بعد فإن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأس مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين، ومالوا إلى التخفيف والتقليد، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين، ونسبوه إلى الضلال، وزعموا أن علم الكلام في الحركة والسكون، والجسم والعرض، والألوان والأكوان، والجزء والطفرة، وصفات الباري عز وجل؛ بدعة وضلالة" .
ثم بعد ذلك فند مستندات الرافضين، وعلق عليها بقوله: "وكلام المتكلمين في الحجاج في توحيد الله إنما مرجعه إلى الآيات التي ذكرناها وكذلك سائر الكلام في تفصيل فروع التوحيد والعدل، إنما هو مأخوذ من القرآن" ، وفي موضع آخر يقول: "وأما أصلنا في المناقضة على الخصم في النظر، فمأخوذ من سنة سيدنا محمد " .
ولتأكيد قوله بضرورة الخوض في علم الكلام دخل اعتمد أسلوب الفنقلة مع الذين يتوقع منهم التصدي لهذا العلم، فقال: "ثم يقال: النبي  لم يصح عنه حديث في أن القرآن غير مخلوق، قيل له: فأنت في توقفك في ذلك مبتدع ضال؛ لأن النبي  لم يقل: إن حدثت هذه الحادثة بعدي توقفوا فيها ولا تقولوا فيها شيئا، ولا قال: ضللوا وكفروا من قال بخلقه أو من قال بنفي خلقه" .
ومن الذين قالوا بجوازه الإمام عضد الدين الإيجي، الذي أكد أهمية علم الكلام وفائدته وعلو مرتبته فقال في إطرائه على هذا العلم: "ليعرف قدره فيؤدي حقه من الجد، قد علمت أن موضوعه أهم الأمور وأعلاها، وغايته أشرف الغايات وأجداها، ودلائله يقينية يحكم فيها صريح العقل. وقد تأيدت بالنقل وهي الغاية في الوثاقة، وهذه هي جهات شرف العلم لا تعدوها فهو إذن أشرف العلوم" .
ومن الذين وقفوا موقف التأييد العلامة ابن خلدون حيث وافق على جوازه في آحاد الناس ورأى أنه يحقق نفعا وفائدة مرجوة، قال: "ولكن فائدته في آحاد الناس وطلبة العلم فائدة معتبرة، إذ لا يحسن بحامل السنة الجهل بالحجج النظرية على عقائدها، والله ولي المؤمنين" .
2) الذين قالوا بوجوبه كفاية:
نجد ممن اشتهر بهذا الاتجاه الإمام الغزالي (ت 505 هـ) والإمام ابن حجر الهيثمي (ت 974 هـ) في الفتاوى المحمدية، والشيخ سعد الدين التفتازاني (ت 792 هـ) في مقدمة شرحه على العقائد النسفية وابن رشد الحفيد في الفصل والكشف.
فمثلا الإمام الغزالي نجده قد أكد أهمية علم الكلام وضرورته، وقال بوجوبه وجوب كفاية على العلماء، ومنع العامة عن مدارسته والخوض في مسائله، ولهذا نجده يقول: "لكن تطبيقه على العوام ينبغي أن يجري مجرى الأدوية التي يعالج بها مرضى القلوب. والطبيب المستعمل لها إن لم يكن حاذقا ثاقب العقل رصين الرأي كان ما يفسده بدوائه أكثر مما يصلحه" . وفي الإلجام يقول: "ينبغي أن يعرف الخلق جلال الله الخالق وعظمته، لا بقول المتكلمين أن الأعراض حادثة وأن الجواهر لا تخلو عن الأعراض الحادثة فهي حادثة، ثم الحادث يفتقر إلى محدث، فإن تلك التقسيمات والمقدمات وإثباتها بأدلتها الرسمية يشوش قلوب العوام، والدلالات الظاهرة القريبة من الأفهام على ما في القرآن تنفعهم وتسكن نفوسهم وتغرس في قلوبهم الاعتقادات الجازمة" .
أما العلماء وطلاب العلم فقد ألزمهم بهذا العلم وأكد أنه فرض عين عليهم، وهو على الباقي من فروض الكفاية؛ لأنه لا يجب على كافة الخلق إلا التصديق والجزم وتطهير القلب عن الريب والشك في الإيمان، وإنما تصير إزالة الشك فرض عين في حق من اعتراه الشك .
ومن الذين قالوا بوجوب النظر الإمام ابن رشد الحفيد إذ قال: "وإذا تقرر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات، واعتبارها، وكان الاعتبار ليس شيئا آخر أكبر من استنباط المجهول من المعدوم واستخراجه منه، وهذا هو القياس، فواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات بالقياس العقلي" .
وفي موضع آخر يدافع على وجوب النظر فيقول: "وليس لقائل أن يقول: إن هذا النوع من النظر في القياس العقلي بدعة، فكذلك يجب أن نعتقد في النظر في القياس العقلي، ولهذا سبب ليس هذا موضع ذكره" .
وقد ذهب الدكتور السيد محمد عقيلي بن علي المهدي إلى استخلاص وجهة نظره بعد ما عرض مواقف العلماء من هذا العلم، فقال: "ومعرفة هذه المباحث على وجه الإجمال فرض عين على كل مسلم وعلى وجه التفصيل من فروض الكفاية" .
وبالجملة فإنه يستخلص من هذا الذي ذكرناه أن العلماء الذين أجازوا هذا العلم واشتغلوا به، إنما دفعهم إلى ذلك أسباب ومقاصد هذه أهمها:
1- ضرورة تقعيد وتفصيل المسائل حسب الحاجة إليها تبعا لتعدد زوايا النظر واختلافها في كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور.
2- كثرة الاختلافات في العقيدة، وتطور خطرها.
3- تجدد الوقائع والأحداث التي لم تكن في عصور الأسلاف.
4- استدعاء الوقت لهذه المصلحة فوجب رعايتها وإن لم يكن الشأن فيما سلف ذلك.
5- الدفاع بالجدل ضد ديانات وأفكار غلب على أمرها الجدل.
و الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
علم الكلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الكلام
»  من اقوال امير الكلام
» تساعدي طفلك على تعلّم الكلام؟
»  أحــاســـيـــسٌ صــامــتـــه لا تقبل الكلام
» ساعدي طفلك على تعلّم الكلام؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شمس خلف السحاب :: دراسات وبحوث اسلامية-
انتقل الى: