[مسألة 236] المؤونة المستثناة من الارباح والتي لا يجب فيها الخمس امران:
الامر الاول : مؤنة تحصيل الربح : وهي كل مال يصرفه الانسان في سبيل الحصول على الربح, كاجور النقل والدلال والكاتب والحارس والدكان وضرائب السلطان وغير ذلك. فان جميع هذه الامور تخرج من الربح ثم يخمس الباقي. ومن هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح، كالمصانع والسيارات وآلات الصناعة والخياطة والزراعة وغير ذلك. فان ما يرد على هذه الامور من النقص أو العطل باستعمالها في اثناء السنة يتدارك من الربح، واما اثمان هذه الآلات انفسها, فان كان قد اشتراها بمال لا يستحق الخمس, ولم تزد قيمتها السوقية, لم يجب دفع خمسها راس السنة. وان كان قد اشتراها بمال غير مخمس ولم تزد قيمتها، وجب دفع خمس قيمة الشراء خاصة. وان زادت قيمتها السوقية، وجب تخميس الزائد, فان كان اصل ثمنها غير مخمس وجب تخميس الجميع. اعني مجموع القيمة.
الامر الثاني : مؤونة العيال : وهي كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه وعياله على النحو اللائق بحاله، وفي صدقاته وزياراته وهداياه وجوائزه المناسبة له, وكذلك ما يصرفه في ضيافة اضيافه وان زادوا على المناسب لحاله، اذا لم يكن وجودهم بتسبيب منه, واما المقدار المناسب منهم لحاله، فلا يعتبر فيه ذلك. وكذلك يعتبر من المؤونة وفاؤه اللازمة له بنذر أو كفارة أو اداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما اتلفه عمداً أو خطأ, أو فيما يحتاج اليه مما هو مناسب لحاله من دابة أو سيارة أو اكثر، أو جارية أو خادم، وكتب واثاث, أو في ختان اولاده وتزويجهم ذكوراً ام اناثاً, ولا يختلف الحال في المؤونة بين ان يكون الصرف على نحو الوجوب كالحج الواجب, ام الاستحباب كالزيارة, ام الاباحة ام الكراهة ما لم يكن الصرف محرما، أو يكون متعلقة محرما, فيجب الخمس فيما صرفه, بخلاف ما لو كان موضوعه محرما كاتلاف مال الغير بدون اذنه، فان العوض يدخل في المؤونة.
[مسألة 337] لا تصدق المؤونة الا فيما صرف فعلاً من المال، لا على المال المذخور للصرف, فيجب الخمس بعد مصروف السنة, وان كان الباقي مالا مذخوراً للصرف.
[مسألة 338] اذا تبرع له متبرع بنفقته أو بعضها، لا يستثنى ذلك من ارباحه، بل يحسب ما يقابله من الربح من المال الذي لم يصرف في المؤونة, فيجب عليه تخميسه.
[مسألة 329] يجب ان يكون الصرف على النحو المتعارف المناسب لحاله عرفا واجتماعيا, فاذا زاد الصرف على ذلك وجب خمس التفاوت، وكذلك اذا كان الصرف سفها أو تبذيراً, ولكن اذا صرف اقل من المقدار المناسب له، وجب الخمس في الزائد كله.
[مسألة 340] الظاهر ان المصرف اذا كان راجحا شرعا لم يجب فيه الخمس، وان زاد عن المتعارف، كالزيادة في الصدقات والميراث, وقضاء حاجات المحتاجين, وعمارة المساجد, وسائر الامور النافعة للآخرين من المؤمنين.
[مسألة 341] رأس سنة المؤونة لمن ليس له سنة مالية, هو يوم البدء بالعمل, ويمكن حسابها من يوم ظهور الربح, ومن الراجح بل الواجب ان لا يهمل الفرد نفسه من هذه الناحية, فيجعل لنفسه رأس سنة منذ اول حياته العملية. فعند البدء بالعمل التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو التعليم أو الطب، أو أي عمل محلل آخر يكون اول سنته المالية الشرعية، ويمكن ــ كما قلنا ــ تأجيل الحساب الى اول يوم يظهر فيه الربح أو يقبض الراتب, فاذا مضت على ذلك سنة صرف فيها ما يناسب حاله من المؤونه, فان بقي لديه زائد وجب فيه الخمس قل أو كثر, سواء كان من الاثمان أو العروض مما ينقل أو مما لا ينقل.
[مسألة 342] يجوز للفرد ان يجعل لكل نوع من انواع العمل بخصوصه رأس سنة, فيخمس ما زاد عن مؤونته منه في آخر تلك السنة.
[مسألة 343] المهم هو صدق السنة عرفا باي تقويم كان, كالهجري أو الميلادي أو غيرهما, أو بدون أي تقويم كعدد الايام أو الاسابيع مثلا.
[مسألة 344] ليس تعيين رأس السنة اختياريا للمكلف في اول حصوله, بل يتعين عند البدء بالعمل كما مر، وسيأتي ان من لم يعين له رأس سنة فسيكون ذلك له في يوم دفع اول اقساط الخمس لماله، كما ان هذا التعيين لم تثبت ولاية الفقيه عليه، بحيث يختار رأس السنة للمكلفين, فانه من الامور الموضوعية المربوطة باسبابها الواقعية، كما اشرنا نعم، يكون له ذلك فيما إذا فقد السبب الواقعي.
[مسألة 345] اذا لم يكن للفرد عمل، بان كان يعيش على نفقة شخص آخر كابيه أو ابنه, أو على التبرعات أو الوجوه المالية الشرعية أو نحو ذلك, كان اول سنته اول يوم يقبض فيه اول دفعة من المال، فان لم يكن قد عين له رأس سنة, كان رأس سنته هو يوم دفع اول مبلغ من الخمس, فان لم يكن له زيادة يدفعها خمساً, لم يكن له رأس سنة حتى تحصل تلك الزيادة, ويجب المبادرة عندئذ الى دفع الخمس, ومع عدمها فالاحوط له استحبابا اختيار يوم معين لجعله رأس سنة له بالاتفاق مع الحاكم الشرعي.
[مسألة 346] كل من بدأ العمل قبل مدة كسنة أو سنتين, ولم يدفع خمساً, ولم يجعل لنفسه رأس سنة, فهؤلاء يختلفون على اشكال :
الشكل الاول : ان يكون له استرباح تجاري من مكسب أو زراعة أو صناعة أو حيوان أو نحو ذلك, فالواجب ان يحسب كل ممتلكاته على الاطلاق, ثم يحسب ما هو داخل في المؤونة، بالمعنى الذي سمعناه، وما هو خارج عنها. فاما ما هو داخل فيها فيجب ان يدفع خمس قيمته التي دفعها في شرائه, ان كانت مما يبستحق الخمس ولم يخمسه, واما اذا لم تكن تستحق الخمس, كالميراث المحتسب والمال المخمس لم يحسبها اصلا, واما ما هو خارج من المؤونة فرأس المال الاساسي, ان كان مما لا يجب فيه الخمس اسقطه ايضاً عن الحساب, والا وجب حسابه, واما الارباح فيجب حسابها كلها, والاغلب من ذوي الاعمال لم يدفع الخمس من رأس المال ولا من الارباح فيجب حسابه كله, لا يختلف في ذلك النقد الموجود, أو المخزون في البنوك, أو العروض المعد للبيع, أو المعروض في المحل, أو الحيوانات كذلك بانواعها, أو الآلات المستعملة للاسترباح كالميزان والسيارات بانواعها والشفلات بانواعها, بل حتى مالا ينقل من الاملاك مما هو معد للاسترباح كالفندق والمزرعة والبيوت المؤجرة والمستشفى الشخصي والمدرسة كذلك وغير ذلك كثير, فانه يجب دفع خمسها بقيمة يوم الدفع, وان كان الاحوط استحبابا اختبار أعلى القيمتين من يوم الشراء ويوم الدفع، والاحوط [ ] منه اختيار أعلى القيم التي مرت خلال هذه الفترة.
الشكل الثاني : ان يكون له وارد غير تجاري, كراتب الموظف أو العامل، أو المدرس أو الطبيب, أو وارد هؤلاء من خارج الراتب, كالعيادة الطبية والمحاضرات الخارجية, والعمل الجسدي بدون رأس مال, كالحمال والبناء وعامل الفندق والمطعم واضرا بهم. فهؤلاء على قسمين:
القسم الاول : من يقبض راتباً من الدولة أو أي مؤسسة حكومية أو جهة غير مطبقة للشريعة, بحيث لا تدفع الخمس, أو ان اموالها مختلطة بالحرام, فهذا الراتب يجب ان يقبض باذن الحاكم الشرعي على تفصيل يأتي، فان قصد حل له, والا كان في ذمته على شكل رد المظالم وان صرفه في المؤونة, فيجب دفع مقدار ما اشتغلت به الذمة كاملا الى الحاكم الشرعي، وللحاكم مساعدة المكلف ببعض الطرق التي يرى مناسبتها وشرعيتها, مضافا الى دفع الخمس بما تبقى لديه زائداً على المؤونة, ويكون يوم الدفع هذا هو رأس سنته، أو يوم دفع القسط ان سمح له بالتقسيط.
القسم الثاني : من يعيش على كد يده كالحمال والبناء، وكذلك بالنسبة الى من يقبض الراتب اذا كان له عمل غير تجاري خارج الراتب كما سبق, فانه يجب عليه ان يحسب كل ما عنده مما هو داخل تحت المؤونة أو خارج عنها, فان كان داخلا فيها حسب قيمة يوم الشراء, وان كان خارجا عنها, حسب قيمة يوم الدفع أو اعلى القيمتين من يوم الشراء ويوم الدفع كما سبق, ويدفع خمس المجموع, ويكون يوم الدفع اول سنته.
الشكل الثالث : ان يعيش الفرد على حيازة المباحات العامة، كالرمل والتراب والجص وطين الرأس والحشيش والحطب, وكذلك من يعيش على استخراج المعادن, كالذهب والفضة والنفط والملح وغيرها, والمراد من يستخرجها بشكل شخصي، لا ان يكون موظفا في شركة عاملة بذلك، فانه مندرج عندئذ في الشكل الثاني السابق, وهذا الشكل من الاسترباح على قسمين:
القسم الاول : من يعيش على المباحات العامة التي لا يجب الخمس لدى تصفيتها, كالتراب والصخر والحطب والحشيش وانواع اخرى. فحكمه في الخمس حكم القسم الثاني من الشكل الثاني الذي سمعناه.
القسم الثاني : من يعيش على المباحات العامة التي يجب فيها الخمس بعد التصفيه, كالمعادن والغوص، فان كان قد دفع خمسها عندئذ, لم يجب عليه خمس آخر, وان كان الاحوط استحبابا مؤكداً ان يدفع خمس فاضل مؤونته منها ايضاً, بل لا يترك. ومن هذه الناحية تكون اول سنته يوم ظهور الربح من المعدن, والا فاليوم الذي يدفع فيه الخمس لأول مرة, أو قسط منه ان سمح له بالتقسيط.
[مسألة 347] من كان له اكثر من شكل واحد من الاعمال المذكورة في المسألة السابقة، كان لكل واحد حكمه, حتى لو اقتضى ان يكون لكل عمل عام مالي مستقل.
[مسألة 348] من كان بحاجة الى رأس مال لأعاشة نفسه وعياله، فحصل على مال لا يزيد على مؤونة سنته، بحيث لو صرفه فيها لم يزد عليها، ولكنه اشتغل به للتجارة، فالظاهر انه ليس من المؤونة ما لم يصرف فيها أو قسم منه فعلا، فيجب اخراج خمسه في بدأ العمل، والا ففي رأس السنة، مضافا الى خمس ارباحه بعد استثناء المؤونة. واذا نقص رأس المال خلال السنة بخسارة تجارية امكن جبره من الربح، بخلاف ما لو نقص بالصرف في المؤونة فانه لا يجبر من الربح, ويكون الجبر من ارباح نفس السنة لا من السنين الآتية على الاحوط استحبابا.
[مسألة 349] لا فرق في مؤنة السنة بين ما يصرف عينه، مثل المأكول والمشروب، وما ينتفع به مع بقاء عينه, كالدار والفرش والاواني ونحوها من الآلات المحتاج اليها. فيجوز استثناؤها اذا اشتراها من الربح. وان بقيت للسنين الآتية، مالم تهمل لمدة عام فانها تخرج عن المؤنة.
[مسألة 350] يدخل في مؤنة السنة ما يتم استعماله، كما اشرنا وما لا يتم استعماله ولكن ملكيته مناسبة لحاله الاجتماعي، كشيء من الحلي للمرأة, ومن الكتب لرجل الدين أو للمثقف, أو شيء من المعروضات والصور المناسبة لحاله, وكذلك يدخل فيها الآلات المدخرة لاستعمالات محتملة بالمقدار المناسب لحاله، وان لم تستعمل فعلا كآلة الاطفاء للحريق والفرش والاواني المذخورة للضيوف المحتمل ورودهم، وكذلك لو كانت سيارة مدخرة لنقل الضيوف, أو فسطاط مدخر لجلوسهم, أو أي شيء يناسب حاله, فانه يدخل في المؤونة وان لم يستعمل. نعم، اذا كان المدخر زائداً عن حاله الاجتماعي أو عن احتمال حاجته وجب فيه الخمس.
[مسألة 351] يجوز اخراج المؤنة من الربح، وان كان له مال غير مال التجارة، وجب فيه الخمس أو لم يجب, فلا يجب اخراجها من ذلك المال ولا التوزيع عليهما.
[مسألة 352] اذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة والشعير والسمن والسكر والشاي وغيرها، وجب اخراج خمسها على الاحوط[ ], واما المؤون التي يحتاج اليها عادة مع بقاء عينها, فهي على قسمين:
القسم الاول : ما انتفت الحاجة اليه خلال السنة المالية نفسها، كالحلى الذي تستغني عنه المرأة في عصر الشيب, أو الثياب التي زال التعارف للبسها, أو الآلات التي استغنى عن استعمالها لانتفاء الحاجة اليها, أو حصوله على ما هو افضل منها، فالاحوط[ ] تخميس كل ذلك لصدق كونه فاضلا عن المؤونة, هذا اذا كان الاستغناء عن الحاجة دائمياً, واما اذا كان موقتاً كثياب الصيف والشتاء التي لا تستعمل في الموسم الآخر, أو ما يدخر للضيوف مع عدم توفرهم فعلا, كما سبق، فهو داخل في المؤونة.
القسم الثاني : ما انتفت الحاجة اليه من الامور السابقة وغيرها خلال اكثر من سنة، بحيث مر عليه عام كامل وهو خارج عن المؤونة, فلا اشكال في وجوب تخميسه.
[مسألة 353] اذا اشترى بعين الربح شيئا، فتبين الاستغناء عنه، وجب اخراج خمسه, والاحوط[ ] مع نزول القيمة عن رأس المال, مراعات رأس المال وكذا اذا اشتراه عالما بعدم الاحتياج اليه, كبعض الفرش الزائدة والجواهر, أو الحلي المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة، أو المواد التي يؤجل بيعها، وكذلك البساتين والدور التي يقصد الاستفادة من نمائها وارباحها، فانه لا يراعي في الخمس رأس مالها, بل قيمتها رأس السنة وان كانت اقل منه, مالم يكن رأس المال غير مخمس فيجب الاحتياط بحساب اعلى القيمتين, والظاهر انه لا فرق في ذلك بين ما يشتريه بعين الارباح, أو بالذمة ثم وفاه من الارباح.
[مسألة 354] اذا مات المكتسب في اثناء السنة بعد حصول الربح، فالواجب على الولي دفع الخمس قبل التقسيم بين الورثة, مع استثناء المؤونة الى حين الموت لاتمام السنة.
[مسألة 355] من جملة المؤن مصارف الحج واجبا كان أو مستحبا, واذا استطاع الحج في اثناء السنة من الربح ولم يحج ولو عصيانا، وجب خمس ذلك المقدار ولم يستثن منه, واذا حصلت الاستطاعة من ارباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية, فان بقيت الاستطاعة بعد اخراج الخمس وجب الحج والا فلا, اما الربح المتم للاستطاعة في سنة الحج، فلا خمس عليه الى نهاية العام, واذا لم يحج ولو عصياناً وجب اخراج خمسه.