عدد المساهمات : 797 نقاط : 2351 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 05/05/2013
موضوع: إستحالة رؤية الخالق تعالى بالبصر الإثنين يوليو 15, 2013 6:46 pm
قال الإمام زين العابدين عليه السلام في وصف الله تعالى: (الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين). 1
الوهم: الخيال، والتصور، ومهما سمت العقول فإنها تنتهي إلى حد، والمخلوق المحدود لا يحيط بالخالق المطلق الذي لا ينتهي إلى حد. أما العيون فلا ترى إلا المادة، والله منزة عنها. وقال بعض علماء السنة من اتباع الأشعري: " إن رؤية الله تعالى ممكنة " 2، واستدلوا بظاهر الآية: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ *إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾القيامة:22-23.
ولكن هذا الظاهر غير مراد بنص القرآن الكريم حيث يقول تعالى: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾- الأنعام: 103.
وعن طلب النبي موسى عليه السلام للرؤية يقول تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾- الأعراف: 143.
حيث أخبر بعدم إمكان الرؤية دائما كما يستفاد من (لن تراني).
ووجه الجمع بين الآيات أن يكون المراد بقوله تعالى:" الى ربها ناظرة " أنها تنظر إلى فضله، وثوابه لا إلى ذاته القدسية، ومصدر القرآن واحد، وآياته يفسر بعضها بعضاً.
وسئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه بما عرفت ربك؟ - فقال: بما عرفنى نفسه، قيل: وكيف عرفك نفسه؟ - فقال: لا تشبهه صورة ولا يحس بالحواس، ولا يقاس بالقياس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شئ ولا يقال: شئ تحته، وتحت كل شئ ولا يقال: شئ فوقه.
وجاء في الأحاديث: رسول الله صلى الله عليه وآله: تفكروا في كل شئ، ولا تفكروا في ذات الله.و عنه صلى الله عليه وآله: تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله فتهلكوا. و عنه صلى الله عليه وآله: تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لا تقدرون قدره. وعن الإمام الصادق عليه السلام: إياكم والتفكر في الله، فإن التفكر في الله لا يزيد إلا تيها، إن الله عز وجل لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار3 وإذا تاهت العقول، وعجزت عن توهم الذات القدسية، فكيف تراها الأعين ؟.
سبحان من ابتدع بقدرته الخلق ابتداعاً، واخترعهم على مشيته اختراعاً، ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته، لا يملكون تأخيراً عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدماً إلى ما أخرهم عنه. 4