عميد المنبر الحسيني الدكتور أحمد الوائلي سيرة خطيب وإبداع مفكر ......
كاتب الموضوع
رسالة
هبه الحسيني مشرف
عدد المساهمات : 670 نقاط : 2022 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/04/2013
موضوع: عميد المنبر الحسيني الدكتور أحمد الوائلي سيرة خطيب وإبداع مفكر ...... السبت يوليو 27, 2013 8:03 pm
عميد المنبر الحسيني الدكتور أحمد الوائلي سيرة خطيب وإبداع مفكر
شامخاً في طرحه، مبدعاً في أسلوبه، عميقاً في فكره، بسيطاً في عرض أفكاره، جمع بين أسس الفكر الإسلامي ومفاهيم العلم الحديث... هذا هو الذي فقدناه يوم 14 تموز 2003 ... إنه الشيخ أحمد الوائلي. أي أرض لامست جسدك الشريف، وأي أكف رفعتك وهي تطوف بالذي كرست لك فكرك ومنبرك وحياتك.. وهل يمكن لكفن أن سيضم عملاقاً في الفكر والشعر والأدب والتاريخ.. عزاؤنا فيك أنك تركت تراثاً ضخماً ومدرسة فكرية متميزة.. وعزاؤنا فيك أنك جاورت قمم أخرى سبقتك أمثال الشهيد السيد محمد باقر الصدر والسيد الشهيد محمد الصدر، وآخرون ضمتهم أرض النجف. ولد الشيخ أحمد الوائلي عام 1927 في مدينة النجف الأشرف، وأظهر نبوغاً في صغره، فقد حفظ القرآن الكريم وعمره سبع سنوات، أثناء دراسته بالكتاتيب. درس في الحوزة العلمية وتتلمذ على يد ثلة من العلماء أشهرهم المصلح الإسلامي الكبير الشيخ محمد رضا المظفر الذي دعا وقام بحركة إصلاحية شملت مناهج الدراسة وتأسيس المدارس الدين ية التي تهتم بتربية الناشئة، ثم أسس منتدى النشر وكلية الفقه ذات الطابع الأكاديمي العصري. وقد عاصر الشيخ الوائلي محنة أستاذه المظفر الذي سعى إلى تأسيس معهد لتخريج خطباء المنبر الحسيني وتثقيفهم ثقافة عالية، لكن اللجنة المكلفة بالتأسيس واجهت عاصفة من الاحتجاجات بحجة أنه تسعى إلى تحديد نوع الخطابة للمنبر الحسيني وتحديد أشخاص الخطباء. هذا على الرغم من أن أعضاء اللجنة هم من مشاهير الخطباء ، ويرأس اللجنة الشيخ محمد علي قسام. الأمر الذي اضطر الشيخ المظفر إلى إلغاء اللجنة والتوقف عن هذا الهدف الهام. هذه الإحباطات لم تمنع الشيخ الوائلي من إكمال شوط أستاذه، فسعى إلى تأسيس منبر حسيني جديد سرعان ما صار مدرسة جديدة في الخطابة. مكونات شخصية الوائلي لقد استطاع الشيخ الوائلي أن يحقق إنجازاً عظيماً في الخطابة الإسلامية والمنبر الحسيني. ويعود ذلك إلى أن شخصيته تفاعلت فيها عدة مكونات منها: 1- درس العلوم الإسلامية في الحوزة العلمية ، فاكتسب عمقاً ومعرفة كبيرة بالفقه والأصول والبلاغة والسيرة والتاريخ والتف سير والحديث. فالوائلي لم يدخل هذا المدخل اعتماداً على الحفظ أو الصوت أو اللياقات الجسمية، بل حاز نصيباً كبيراً من العلوم الدينية طورت قدرته على التحليل والمقارنة والاستدلال مثل أي فقيه آخر. كما أن دراسته للتاريخ الإسلامي وسع من رؤيته التي انفتحت على كل المشهد الإسلامي بتاريخه الذي يمتد خمسة عشر قرناً. 2- دراساته الأكاديمية وحصوله على درجة الدكتوراه في القاهرة، جعلته يفكر بطريقة منهجية وموضوعية بعيدة عن التحيز والأحكام المسبقة. 3- إطلاعه الواسع على مؤلفات كبار علماء أهل السنة في السيرة والتاريخ والحديث، وكذلك تفاسيرهم المشهورة للقرآن الكريم م ثل تفسير القرطبي وتفسير الرازي اللذين كان يستشهد بهما كثيراً في محاضراته. 4-نشأ الوائلي في النجف الأشرف وهي بيئة غنية بالفكر والفقه والأدب ، وتموج بتيارات فكرية وثقافية وشعرية. 5- أن الوائلي نفسه كان شاعراً مفوهاً مقتدراً، وكثيراً ما ينشد من أشعاره في محاضراته. وله دواوين شعر ومطارحات شعرية م ع كبار الشعراء. 6- الوائلي متابع جيد لآخر النظريات العلمية وخاصة في مجالات الطب والكيمياء والفيزياء والفلك والمخترعات والاكتشافات ال علمية. وكان يوظف هذه المعلومات في محاضراته لتخدم الفكرة التي يناقشها. 7- كان الوائلي مطلعاً على الأفكار والفلسفات الغربية والعلمانية والاشتراكية والشيوعية. الأمر الذي مكنه من عقد مقارنات موفقة بينها وبين الفكر الإسلامي أو الأحكام والمفاهيم الإسلامية. 8- ملكات شخصية انفرد بها و ميزته عن الخطباء الآخرين كالحضور الفكري وسرعة البديهة واقتناص الشاهد التاريخي والإسلامي ، وبلاغة في الكلام ، وعبارات مسبوكة . مدرسة الوائلي في الخطابة لم يقلد الوائلي من سبقوه في الخطابة بل ابتكر مدرسة بدأت به واستمر بها طوال النصف الثاني من القرن العشرين. وقد أبدع الوائلي في ترسيخ معالم هذه المدرسة العريقة حيث قامت بتغيير الخطابة التقليدية التي كانت سائدة قبله بشكل جذري. فقد شمل التغيير الشكل والمضمون، أو الإطار والمحتوى . فقد ابتكر نمطاً جديداً حيث يفتتح المجلس الحسيني بقراءة آية من القرآن ، ثم يبدأ بتفسير الآية متناولاً الآراء المتعددة التي وردت في تفسيرها أو أسباب نزولها. ثم يتوسع فيما تتضمن الآية من مفاهيم اجتماعية وفكرية وفقهية وأخلاقية. وغالباً ما يعزز رأيه بقصص تاريخية أو أحداث من واقع الحياة من أجل تقريب الفكرة للسامع. كما أن قد يذكر بعض القضايا العلمية التي تحث العقل على التفكير بين آيات الخالق وابتكارات المخلوق. هذا الأسلوب حبّب المجلس الحسيني للناس حتى باتت جميع طبقات الشعب ومن مختلف الشرائح الاجتماعية تحرص على سماع محاضراته، ففيهم المثقف والأكاديمي والعسكري والموظف والعامل والكاسب والتاجر والطالب، من نساء ورجال ، شيوخ وشباب وفتيان، كلهم يتفقون على حبهم واحترامهم لهذا الشيخ الذي يبشر بالتعاليم الإسلامية وبمبادئ الثو رة الحسينية إلى جانب المنجزات العلمية والطبية. لقد استطاع الوائلي أن يحقق نقلة نوعية في المنبر الحسيني ، ونقلة كمية عندما اجتذب هذه الجموع الشعبية إلى المنبر الحسيني. لقد قام الوائلي بتخليص المنبر الحسيني من الخرافات والأساطير والأخطاء والأقاويل. وقام بتهذيب الحزن والبكاء وحولّه إلى أسلوب جديد في الوعي السياسي والفكري والتربية والأخلاق. فهو لم يلغ البكاء على الحسين كما اعتاد السامعون والحاضرون للمن بر الحسيني على مدى التاريخ، لكنه قدّم مصيبة الإمام الحسين (ع) وأهل بيته من خلال العروج عليها في ختام المحاضرة عبر الربط بينها وبين مشهد معّين من حادثة الطف، ويقرأ أبياتاً من الشعر العمودي والشعبي يهز بها مشاعر الحاضرين ويؤجج عواطفهم، بعد أن حلّق بهم في سماء الفكر والعلم والأخلاق. برز الشيخ الوائلي في فترة الخمسينات والستينات، وهي فترة امتازت باجتياح المد القومي والشيوعي والطائفي للمشهد السياسي والاجتماعي العراقي. فكانت مسؤوليته جسيمة من أجل توجيه الجماهير المؤمنة إلى هذه الأخطار وعدم الخضوع لها أو خوض غمارها، فحافظ بذلك على توازن الشخصية العراقية الملتزمة. لقد نجح الوائلي في مهمة التوعية الجماهيرية من خلال تحسين أداء المنبر الحسيني، وجعله مدرسة عامة لكل الراغبين في الوعي والاستقامة والايمان. لقد استطاع الوائلي بأسلوبه الخاص أن يكمل ما كان يقوم به علماء الحوزة العلمية والمرجعية الدينية من توجيه الأمة نحو الإسلام ومتعايمه ومبادئه، ونحو التمسك برمز التشيع الإمام الحسين (ع) وثورته التي صارت مناراً لكل الثوار والأحرار. انفتح الوائلي على جميع قطاعات الأمة، فكان الجميع يحترمه، حتى المختلفين معه في الرأي. كان يحظى بثقة الشيعة والسنة، العراقيين وغير العراقيين. فقد كان متواصلاً مع المسلمين في بقاع كثيرة، في سوريا ولبنان والكويت والإمارات ومصر وسوريا وأوربا وغيرها. ولم يكن يشعر سامعه بأنه يختلف عنه لا في الوطن ولا في المذهب، لأنه كان من الوعي والعبقرية ما يجعل غير الشيعي يحترم موضوعيته وإنصافه. كنت شخصياً أحرص على حضور مجالسه التي يقيمها في ليالي رمضان الكريم في جامع الخلاني أولاً ثم في جامع الهاشمي في الكاظمية. وكنت أشاهد الآلاف من الناس التي جاءت لسماع محاضراته والحرص على الاغتراف من علمه وأدبه. وكانت المساجد تمتلئ، لتفرش الشوارع المجاورة كي يجلس الناس عليها.وكثيراً ما كانت حركة السير تتوقف حيث تجد باصات مصلحة نقل الركاب وسيارات الأجرة والسيارات الخاصة متوقفة حتى تنتهي المحاضرة التي حرص الشيخ أن تبقى محددة بثلاثة أرباع الساعة فقط. لقد فرض الوائلي على كل من سمعه أن يتابع خطبته حتى النهاية، ويحرص على متابعة بقية الخطبة الحسينية. وبقيت أشرطة محاضراته جزء هاماً من التراث الإسلامي المعاصر التي تعبر عن مرحلة هامة من الصحوة الإسلامية من خلال مفردات المنبر الحسيني الذي لعب دوراً في بناء وعي الجماهير. وللأسف لم تتحول إلى كتب أو سلسلة كتيبات مبوبة في موضوعات مختلفة. وكنا كشباب جامعي غالباً ما نراجعه بعد انتهاء المحاضرة لنسأله عن هذه الفكرة أو ذلك المفهوم، فنجد منه صدراً مفتوحاً ووجهاً مستبشراً، يسمع لنا ونسمع له، يحاورنا ونحاوره، نسأله عن مصادره فيجيب بلا تثاقل أو عجلة. هكذا كان خلقه، أخلاقه أخلاق العالم المتواضع مع حنين أبوي لكل الناس. كتب الوائلي عدة كتب منها (هوية التشيع) الذي رد فيه على إدعاءات بعض المستشرقين والباحثين السنة بأن التشيع فارسي الأصل، فرد عليهم بأسلوب منهجي وتاريخي يثبت فيه عروبة التشيع. وكتب الوائلي (من فقه الجنس في قنواته المذهبية) الذي يناقش فيه قضايا الزواج في الإسلام مثل تعدد الزوجات وزواج المتعة والزواج بالرقيق والزواج بالكتابيات. وهو كتاب في الفقه المقار ن حيث استشهد بآراء ونصوص من مؤلفات أهل السنة. وذكر فيه آراء طريفة من قضايا الزواج والعقد والبنوة وغيرها. تجاربي مع المنبر كان لابد للشيخ صاحب المنبر العريق أن ينقل تجاربه سواء إلى الخطباء الذين يسيرون على دربه في خدمة الإسلام ونشر الوعي الاسلامي، أو إلى الجماهير من مختلف فئاتها من مثقفين وعلماء ومتدينين كي يتعرفوا بشكل أوسع على هذه المدرسة الاسلامية ، فأصدر كتابه (تجاربي مع المنبر) ليودع فيه حصيلة عمره وجهوده خدمة للثقافة الاسل امية. في (تصوراته حول المنبر) يحذر الشيخ الوائلي من المتطفلين على المنبر أو ممن لا يتثبتون مما ينقلونه لجمهورهم، خاصة وأن هناك من يتربص بهم، فيكونون مادة للتشهير والطعن. (ومن المؤسف أن بعض المنابر قد لا يكون متثبتاً في نقله أو يكون متسرعاً في أحكامه أو ليس على علم بما يعالجه من موضوعات. وقد جاءني أكثر من واحد منا ومن غيرنا يحملون بأيديهم شرائط مسجلة لخطباء سلفيين يحملون فيها على بعضهم فينعتونه أولاً بأنه من علماء الشيعة، وهو لا صلة له بالعلم. إنهم يحسبون أن من لبس عمة كبيرة ويحسن أن يصوغ بعض الألفاظ من العلماء. وقد تتبعوا أقوال هؤلاء وما ينقلونه عن بعض المؤلفات لأهل السنة فلم يجدوا له أثراً، فانتزعوا حكماً مفاده أن كبار علماء الشيعة يكذبون. كما اشاروا إلى نظريات في مختلف أبعاد العلوم ليست صحيحة، واحصائيات ليست مضبوطة، وقالوا هذه هي منابركم. فقلنا لهم أن كل فئة تختص بعلم أو عمل لابد أن يوجد فيها نموذج من هذا القبيل فليس من الصحيح أن يحكم على فئة كاملة بتصرفات فرد. وأتذكر أن أحدهم قال لم لا يتصدى علماؤكم لمنع أمثال هؤلاء من الخطابة؟ فقلت لهم: لأنهم لا يملكون قوة تنفيذية كما تملكون أنتم. ولذلك لا قدرة لهم على ضبط أمثال هذه الأمور) أخلاقيات المنبر يذكر الشيخ الوائلي أخلاقيات المنبر وهي: 1- أن يستهدف عمل المنبر وجه الله تعالى قبل وبعد كل شيء، فإن حاد عن هذا الهدف تحول المنبر إلى دكان لعرض بضاعة. ولا ترتفع به عن هذا المستوى وتعجل بنهايته. 2- الارتباط بالصالح العام والارتفاع إلى هذا المستوى بعيداً عن التحول إلى مدية بيد فئة أو فرد ضد فئة أو فرد آخر بدوافع شخصية. 3- ارتفاع ممارسة العمل المنبري عن ارضاء القاعدة الهابطة على حساب الحقائق والقيم وعلى أشلاء العقل والذوق. وكل ذلك لتحصيل مكانة أو سمعة أو استقطاب جمهور من أجل سحب البساط من تحت رجل آخر. نصائح لخطيب المنبر بعد أن يوضح أهمية الخطابة ودورها في المجتمع، يقدم الشيخ الوائلي نصائحه للخطيب لتقديم الخطبة الحسنة فيذكر: 1- أسلوب الطرح وهو أمر هام، يكون له أبلغ الأثر على السامع، كما يحدد مكانة الخطيب ومنزلته من نفوس السامعين، ومن سكب المضمون الذي يريد إيصاله في عبارات مناسبة ومهذبة تخلو من التبجح والادّعاء. 2- ارتباط أسلوب الطرح بظروف الأداء، فما يطرح في زمان قد لا يصلح للطرح في زمان آخر. وكذلك ب عض ما يطرح في بعض الأمكنة قد لا يطرح في مكان آخر. فليس من الذوق في شيء أن تطرح في مجلس كله من الناس العاديين الأدلة الأصولية او الفقهية على الغسل أو المسح على الرأس في الوضوء. 3- يتعين تتبع العلامات البارزة والأحجام المرموقة التي لها إسهام في المشاركة بالطف. فإن ذلك بالاضافة إلى كونه مادة دسمة في مضمون المنبر، فإنه يثبت معنى القدوة في نفوس قد تكون ضعيفة تشعر بالتذمم من ممارسة أمثال هذا اللون من الشعائر. فعلى سبيل المثال إذا عرف السامع أن شرائح متنوعة ولامعة في تاريخنا كانت تقيم مجالس العزاء للحسين (ع) كالفاطميين والبويهيين والحمدانيين وبعض حكام الهند من غير المسلمين، واسهامات الكتاب الغربيين في تأبين الحسين، سيساهم ذلك في تحقيق الهدف المطلوب من أهمية الواقعة وتأصيلها في النفوس. 4- العمل بمهارة على وضع المستمع المسلم أمام مسؤوليته في عدم التحرج من عمل يحبذه الاسلام بت شريعه وأشخاصه نظريةً وممارسة، ودعوة المسلمين إلى فهم ذلك جيداً لجعل المسلمين في هذه الأجواء، وعدم ابتعادهم عن أمر يحقق لهم أجراً وإفادة في فهم خلفياتنا التاريخية وتصحيح كثير من المسارات التي أخذ المنبر يساهم في إلقاء الضوء عليها. فأنا واثق من أن كثيراً من المسلمين يجهلون أدلة مشروعية المجالس الحسينية وإباحة البكاء على مطلق الموتى من المؤمنين والحزن عليهم ورثائهم بدليل بكاء النبي (ص) على عمه أبو طالب وعلى عمه حمزة ويوم شهادة شهداء معركة مؤتة ويوم وفاة ابنه ابراهيم. كيف نطور المنبر الحسيني أولاً: الهيكل التراثي الموروث الذي رافق بدايات المنبر بالشكل والمضمون والذي نحرص أشد الحرص على الاحتفاظ بكثير من جوانبه كآليات متوارثة لها مكانها في عمق الوجدان، وضرورتها لكونها جذوة لا نريد لها أن تخبو. ولكن في نفس الوقت ن بحث عن أسلوب يجمع بينها وبين الاطار السليم الأكثر قبولاً عند الزمن وأهله. ولتوضيح ذلك نقول: 1- ينبغي انتقاء مادة المنبر خالية من الشوائب والتهافت ولتكن المادة غاية في البساطة فهي خير من مادة يحسب البعض أنها دسمة ولكنها غير سليمة في اجزائها. 2- لا داعي لأن تستوعب المناسبة كل وقت المحاضرة وانما تجعل مجرد خاتمة في نهاية المحاضرة شرط أن لا نلتمس لها صنفاً من الشعر الهابط أو النصوص المتسمة بالركة مما لا يتناسب وأهمية الموقف وكرامة أهل البيت (ع). 3- أن نستفيد من حشود الذكرى فنطرح موضوعاً من المواضيع التي تعالج موقفنا من جسم الأمة الذي يتعرض لافتراءات لا نهاية لها أو موضوعاً أخلاقياً أو عقائدياً يشدنا إلى مدرسة أهل البيت ويحقق مطلب الامام الصادق (ع) بقوله أحيوا أمرنا. 4- إن تكريس اليوم العاشر لقراءة المقتل واستعراض الواقعة كلها من مقدماتها حتى النهاية في حي ن أنها مرت مفصلة خلال الأيام العشرة وتكرر سماعها في اكثر من مجلس حتى أصبح السامع يكرر مقاطعها قبل الخطيب: إن ذلك يزاحم ما قد نراه أهم من ذلك ألا وهو شرح أسرار نهضة الحسين وأهدافها وتسليط الأضواء على الخلفيات، ورد الافتراءات ومحاولات تفريغ الواقعة من محتواها الاجتماعي، أو ربطها أحياناً بأمر شخصي رخيص أو عداوة قبلية، أو تصوير احياء مراسم الطف بأنه نمط من أنماط الشعوبية التي تستهدف الاسلام والعرب، وكأن الحسين ليس ابن سيد العرب ولا سيد شباب أهل الجنة. إن لفت انتباه الأمة لذلك أهم وأجدى من تكريس مقتل مر مضمونه مفصلاً، ثم بعد ذلك تكريس فترة لشرح فظاعة المأساة وبشاعة المجزرة التي استهدفت قتل رسالة النبي في تمزيق صدور حامليها، واعطاء اللوعة حصة يبرد معها الغليل. ثانياً: وسائل استدعاء الحزن، فإن الخطيب قد يبذل جهداً بصورة مبالغ فيها أحياناً، تحشد فيها صنوف الشعر بلغتيه الدارجة والفصحى، وبشكل يبدو عليه التكلف وتضاف إليه مقاطع من بعض النصوص والتوليديات لتتظافر جميعها في إبكاء الحاضرين. إن مسألة البكاء والد مع ونشر الظلامة وظفت من أهل البيت لتكون وسيلة فاعلة في لفت النظر لما جرى في واقعة الطف وتجنيد النفوس لاستشعار مصيبة أهل البيت لا لتكون غاية في ذاتها تطغى على الهدف الأهم. إننا إذا أسرفنا وأكدنا على الدمع على حساب الأهداف الأخرى وقعنا فيما لا ينفع بل يضر، فإن لذلك نتائج هي: 1- حصر الحسين في نطاق الدمع والمأساة بينما هو ثورة على الباطل ومنهج سلك الشهادة لبناء مجتمع، ولرد طغيان، ولوقوف بوجه باطل. 2- إن تكريس ردود فعلنا عن واقعة الطف بالدمع ومداومتنا عبر قرون على هذا الجانب فقط له مردود سلبي على عنفوان متوقع ورجولة نريد لها الاستمرار. 3- حينما طغى الدمع في مراسم الواقعة استأثر بامتلاك المزاج الشعبي . ثالثاً: الخروج بالمنبر عن ساحة طائفة خاصة إلى الساحة الاسلامية، بل والانسانية. رابعاً: التخصص في ابعاد المنبر أي الدائرة العلمية والاسلامية وما يرتبط من علوم وفنون تخدم الهدف.
عميد المنبر الحسيني الدكتور أحمد الوائلي سيرة خطيب وإبداع مفكر ......