التشكيك في إيجابية فكرة الإمام المهدي (عليه السلام):
كاتب الموضوع
رسالة
هبه الحسيني مشرف
عدد المساهمات : 670 نقاط : 2022 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/04/2013
موضوع: التشكيك في إيجابية فكرة الإمام المهدي (عليه السلام): الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:13 am
اللهم صلِ على محمد و ال محمد
ظاهرة التشكيك في إيجابية فكرة الإمام المهدي لسببين:
الأول: تكريس اليأس عن جدوى أي عمل ايجابي قبل ظهره، مادام الله سبحانه وتعالى قدّر أن تملأ الأرض ظلماً وجوراً قبل ظهوره.
الثاني: تكريس اليأس عن جدوى أي عمل إيجابي قبل ظهوره، مادام الله عز وجل قدّر أن تملأ - به - الأرض عدلاً وقسطاً، بغض النظر عن قلة أنصاره وكثرة أعدائه. وهذان القدران يعلنا تعطيل أدوار الآخرين، وبالتالي يوحيان بتجميد كل الطاقات المؤمنة به، لأن أي عمل إيجابي - قبل ظهوره - لا يعني غير تحدّي القدر الذي يضحك من جميع المتحدين، وأي عمل بعد ظهوره ? يعني سوى مجاراة القدر الذي لا تنشطه المجاراة. والجواب: أولاً: إن الله إذا قدّر شيئاً لايعني أنه يوجده من الفراغ، بل أبت عادة الله أن لا يقدّر شيئاً إلا إذا توفرت أسبابه. فالقدر لا يلغي دور الأسباب، وإنما يعزز دور الأسباب، والاطلاع على وجود قدر معين - عن طريق مصادر الوحي - يدفع إلى محاولة إيجاد أسبابه، لأنه يوحي بأن هذه المجادلة لاتواجه معاكسات، وإنما تتكامل حتى تصل إلى نتيجة إيجابية، ومعرفة نجاح المحاولة تشّجع عليها ولا تثبط عنها أبداً.
ثانياً: إن الاطلاع على أن الأرض ستملأ ظلماً وجوراً قبل ظهور الإمام المنتظر، لايوحي باليأس عن جدوى أي عمل إيجابي بما يلي: أ - إننا لا نعلم - بالضبط - متى يظهر الإمام المنتظر، فربما يكون ظهوره بعد هذا التاريخ بعشرات أو مئات السنين - لاسمح الله -.
ب - أقصى ما يمكن أن يقال: أن معرفتنا بأن الأرض ستملأ قبل ظهور الإمام ظلماً وجوراً توحي بأن الأعمال الإصلاحية ? تنتج على المستوى العالمي، بل يبقى الظلم والجور طاغيين على الوضع العام العالمي، وهذا لا ينافي في نجاح المحاولات الإصلاحية على المستويات المحلية.
ج - حتى مع لو علمنا - وبكل تأكيد - أن المحاولات الإصلاحية لا تثمر على الإطلاق، فهذا العلم لا يلغي التكليف، لأن الأعمال الإصلاحية تنعكس على القيمين عليها قبل أن تنعكس أو لا تنعكس على سواهم، فالمفروض عليهم أن يقوموا بها تصعيداً لمستواهم، بالإضافة إلى أن الأعمال الإصلاحية لو لم تنعكس إيجابياً على الناس فإنها تنعكس عليهم سلبياً، فتكون من باب إتمام الحجة، الذي لابد منه لتثبيت المفاهيم، وإفراز العناصر الممّوهة عن بعضها وإعادة كل إلى واقعه، ليحق الحق وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة. ثالثاً: إن الاطلاع على أن الله قدّر أن تملأ - به - الأرض عدلاً وقسطاً، لا يعني أنه وحده - وبطريقة معجزة - يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وإنما يعمل ذلك بأنصاره، وإلا لماذا ينتظر أن يتكاملوا (313) رجلاً.
رابعاً: إن الإعلان المسبق عن نجاح أيّ قائد على المستوى العالمي وانتصاره الساحق في معركة التغيير، أقوى ما يرفع معنويات أنصاره فوق المستحيل، ويكرس في نفوسهم أملاً لا يتزعزع، ويسهل عليهم التضحية، لأن انتصاره خير ضمان لخلودهم حتى ولو سقطوا في الدرب قبل انتهاء المسيرة، فلذلك نجد أيّ قائد ينتفض من تحت الأرض يحاول تسكع البراهين المسبّقة لنجاحه وانتصاره حتى يضمن التفاف أنصاره حوله في الأزمات، فكيف يمكن أن يكون الإعلان المسبق عن الانتصار العالمي والنجاح المخيف - بالنسبة إلى الإمام المنتظر - ظاهرة سلبية تكرس اليأس في نفوس أنصاره والمؤمنين بإمامته؟ خامساً: إن تجربة التاريخ تؤكد إيجابية فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) بشكل مخيف:ففي الجانب السلبي نجد السلطات المعاصرة لميلاده، والسلطات التي تلت ميلاده حتى اليوم تعمل بأقصى طاقاتها للقضاء على هذه الفكرة، فقديماً لم تكن التدابير العسكرية التي اتخذتها السلطات قبل ميلاده، وعنده ميلاده وبعد ميلاده للقضاء على شخصه إلا أدلة قاطعة على مدى صدمتهم بهذه الفكرة. وحديثاً ليس الإرهاب الفكري الذي يحاول تطويق هذه الفكرة إلا شاهداً على مدى ما يعانيه أعداء التشيّع من أصل فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) بعد أن يئسوا من إمكانية القضاء على شخصه. وفي الجانب الإيجابي نجد أن جميع أجيال الشيعة كانوا ولا زالوا يشجعون آمالهم ويهدهدون أحلامهم بفكرة الإمام المهدي (عليه السلام)، وأظن أنه لولا فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) لما استطاع التشيع أن يخترق ظلمات التاريخ، وإنما كان يختنق بروائح المجازر وغياهب السجون، فليس الزخم الذي يخرج أنقاض التشيع من تحت الكوابيس والمآسي والويلات بفتوة عنفوان أكثر من ذي قبل إلا زخم فكرة الإمام المهدي (عليه السلام).
ولا أدلّ على مدى حيوية هذه الفكرة من أن جميع الحروب والتهريجات التي شنّت وتشنّ عليها ما زادتها إلا نشاطاً وصفاءً في أذهان مئات الملايين. ولا أدل على مدى حيوية هذه الفكرة من الكثيرين في كل الأجيال الإسلامية وفي أكثر البلاد الإسلامية انتحلوا هذه الفكرة ليحرقوا بها المراحل إلى القمة، وما خاب ظن أحد منهم فلم ينتحلها أحد إلا ونال أكثر مما كان يطمح إليه رغم توفر الأدلة على زيف كل من انتحلها حتى اليوم، وهل توجد أكثر إيجابية من فكرة ينجح بها كل من يدعيها ولو كذباً وزوراً؟ وإذا فحصنا التاريخ وجدنا فكرة النبوة أقوى الأفكار قبل النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) الذي ختم النبوة، فقبله كان الكثيرون من طلاب السلطة والشهرة يحاولون الانتماء إلى النبوة بسبب أو نسب، وعن طريق الادعاء - مجرد الادعاء - كانوا ينالون الذي يريدون. وبعد النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) حيث ختم النبوة أصبح المُتمهديون يقومون بدور المتنبين، وهذا يكشف أن المهدوية ورثت قوة النبوة.
إن فكرة لم ينتم إليها أحد بأي سبب أو نسب إلا وحلق فوق الرؤوس لا تكون فكرة سلبية، ولكن المهرجين ضدها في ضلال مبين.
كلمة الإمام المهدي (عليه السلام)- السيد حسن الشيرازي( قدس سره)
التشكيك في إيجابية فكرة الإمام المهدي (عليه السلام):