الآيات و الرّوايات التي يستدل بها، على إمكانيّة تغيّر الأخلاق؟
كاتب الموضوع
رسالة
بنين عامر
عدد المساهمات : 132 نقاط : 398 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 16/08/2013
موضوع: الآيات و الرّوايات التي يستدل بها، على إمكانيّة تغيّر الأخلاق؟ الجمعة سبتمبر 20, 2013 6:28 pm
إنّ مصير علم الأخلاق وكلّ الأبحاث الأخلاقية، يتوقف على الإجابة عن هذا السؤال، إذ لولا قابليتها للتغيير لأصبحت كلّ برامج الأنبياء التربويّة و الكتب السماويّة، و وضع القوانين و العقوبات الرّادعة، لا فائدة و لا معنى لها. فنفس وجود تلك البرامج التربويّة وتعاليم الكتب السماويّة، و وضع القَوانين في المجتمعات البشريّة، هو خير دليل على قابليّة التغيير في الملكات والسلوكيّات الأخلاقيّة لدى الإنسان، وهذه الحقيقة لا يعتمدها الأنبياء(عليهم السلام)فحسب، بل هي مقبولةٌ لدى جميع العقلاء في العالم. والأَعجبْ من هذا، و الغريب فيه; أنَّ علماء الأخلاق والفلاسفة ألّفوا الكتب الكثيرة حول هذا السؤال: «هل أنّ الأخلاق قابلة للتغيير أم لا»؟! فالبعض يقول: إنّ الأخلاق غير قابلة للتغيير، فمن كانت ذاته ملوَّثة في الأصل يكون مجبولا على الشرّ، وعلى فرض قبوله لعمليّة التّغيير، فإنّه تغيير سطحي، وسرعان ما يعود إلى حالته السّابقة. ودليلهم على ذلك، بأنّ الأخلاق لها علاقةٌ وثيقةٌ مع الرّوح و الجسد، و أخلاق كلُّ شخص تابعة لكيفية وجود روحه وجسمه، وبما أنّ روح وجسد الإنسان لا تتبدلان، فالأخلاق كذلك لا تتبدل ولا تتغير. وفي ذلك يقول الشاعر أيضاً: إذا كان الطّباع طِباعَ سوء *** فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ واستدلوا على ذلك أيضاً، بمقولة تأثر الأخلاق بالعوامل الخارجية; و أنّ الأخلاق تخضع لمؤثّرات خارجيَّة من قبيل الوعظ و النّصيحة و التأديب، فبزوال هذهِ العوامل، تعود الأخلاق لحالتها الاُولى، فهي بالضّبط كالماء البارد، الذي يتأثر بعوامل الحرارة، فعند زوال المؤثّر، يعود الماء لحالته السّابقة. و مما يؤسف له وجود هذا الّنمط من التّفكير و الإستدلال، حيث أفضى لتردي المجتمعات البشريّة و سُقوطها!
ـ لا يمكن إنكار علاقة الأخلاق وإرتباطها بالرّوح والجسم، ولكنه في حدّ (المقتضي); وليس (العلّةَ التّامةَ) لها، و بعبارة اُخرى يمكن أن تهيّىء الأرضيّة لذلك، لكن ذلك لا يعني بالضّرورة أنّها ستؤثر تأثيراً قطعيّاً فيها، من قبيل مَن يولد من أبوين مريضين، فإنّ فيه قابليةٌ على الابتلاء بذلك المرض، ولكن وبالوقاية الصّحيحة، يمكن أن يُتلافى ذلك المرض من خلال التّصدي للعوامل الوراثية المتجذرة في بدن الإنسان. فالأفراد الضّعاف البَنية يمكن أن يصبحوا أشداء، بالإلتزام بقواعد الصّحة و ممارسة الرّياضة البدنية، وبالعكس يمكن للأشداء، أن يصيبهم الضّعف و الهزال، إذا لم يلتزموا بالاُمور المذكورة أعلاه. و علاوةً على ذلك يمكن القول; أنّ روح وجسم الإنسان قابلانِ للتغيير، فكيف بالأخلاق التي تعتبر من معطياتهما؟ نحن نعلم، أنّ كلّ الحيوانات الأهليّة اليوم، كانت في يوم ما بَرّيّةً و وحشيّةً، فأخذها الإنسان وروّضها و جعل منها أهليةً مطيعةً له، وكذلك كثير من النّباتات والأشجار المثمرة، فالذي يستطيع أن يُغيِّر صفات و خُصوصيّات النبّات والحيوان، ألا يستطيع أن يغيّر نفسه وأخلاقه؟ بل توجد حيوانات روّضِت، لِلقيام بأعمال مخالفة لطبيعتها، و هي تُؤدّيها بأحسن وجه!. 2 ـ وممّا ذُكر أعلاه، يتبيّن جواب دليلهمِ الثّاني، لأنّ العوامل الخارجيّة قد يكون لها تأثيرها القوي جداً، ممّا يؤدّي إلى تغير خصوصيّاتها الذاتيّة بالكامل، و ستؤثر على الأجيال القادمة أيضاً، من خلال العوامل الوراثيّة، كما رأينا في مثال: الحيوانات الأهليّة. ويقصّ علينا التأريخَ قصصاً، لاُناس كانوا لا يراعون إلاًّ ولا ذِمّةً، ولكن بالتّربية و التّعليم تغيّروا تَغيُّراً جَذريّاً، فمنهم من كان سارقاً محترفاً; فأصبح عابداً متنسّكاً مشهوراً بين الناس. إنّ التعرّف على كيفية نشوء الملكات الأخلاقية السّيئة يعطينا القُدرة والفرصة لإزالتها، والمسألة هي كالتّالي: إنّ كلّ فعل سىّء أو حسن يخلّف تأثيره الإيجابي أو السّلبي في الروح
الإنسانية، بحيث يجذب الروح نحوه تدريجياً، و بالتّكرار سوف يتكرّس ذلك الفعل في باطن الإنسان، ويتحول إلى كيفيّة تسمى: (بالعادة)، وإذا إستمرت تلك العادة تحوّلت إلى (مَلَكَة). وعلى هذا، وبما أنّ المَلَكات والعادات الأخلاقيّة السّيئة، تنشأ من تكرار العمل، فإنّه يمكن مُحاربتها بواسطة نفس الطّريقة، طبعاً لا يمكننا أن ننكر تأثير التّعليم الصّحيح والمحيط السّالم، في إيجاد المَلَكات الحَسنة، و الأخلاق الصّالحة، في واقع الإنسان وروحه. —– و هناك «قولٌ ثالثٌ»،: و هو أنّ بعض الصّفات الأخلاقيّة قابلةٌ لِلتغير، وبعضها غير قابل، فالصّفات الطّبيعيّة و الفطريّة غير قابلة لِلتغير، ولكنّ الصّفات التي تتأثّر بالعوامل الخارجيّة يمكن تغييرها. وهذا القول لا دليل عليه، لأنّ التّفصيل بين هذهِ الصّفات، مدعاة لقبول مَقولة الأخلاق الفطريّة والطبيعيّة، والحال أنّه لم يثبت ذلك، وعلى فرض ثُبوته، فمن قال بأنّ الصّفات الفطريّة غير قابلة لِلتغيّر والتّبدّل؟. ألم يتمكن الإنسان من تغيير طِباع الحيوانات البريّة؟. ألا يمكن لِلتربية و التّعليم، أن تَتَجذّر في أعماق الإنسان وتغيّره؟.
اما بخصوص الايات الكريمة النازلة بهذا الخصوص سوف نذكر لكم بعضها
نقرأ في حديث عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «الخُلقُ الَمحمُودُ مِن ثِمارِ العَقلِ وَالخُلقُ المَذمُومُ مِن ثِمارِ الجُهلِ»
وفي حديث آخر، جاء عن الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله): «إنّ العَبدَ لَيَبلُغُ بِحُسنِ خُلقِهِ عَظيمَ دَرجاتِ الآخِرَةِ وَشَرفِ المَنازِلِ وَأَنّهُ لَضَعِيفُ العِبادةِ»
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.......
الآيات و الرّوايات التي يستدل بها، على إمكانيّة تغيّر الأخلاق؟