عدد المساهمات : 472 نقاط : 1426 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 24/05/2013
موضوع: للفجور في الدنيا التبعات السلبية السبت سبتمبر 21, 2013 4:51 pm
اللهم صلِّ على محمد واله الطاهرين الاخوة الافاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه من المواضيع المهمة في بناء الاسرة التي تطرق اليها العلماء ,فتعالوا لنتدبر ايات الله لعلنا نكون من مصاديق قوله تعالى والذين يستمعون القول فيتبعون احسنه .
يؤكد القران الكريم بوضوح الاثار الدنيوية المترتبة على الفجور والانحراف عن الصراط المستقيم ، قال تعالى :«واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى» ، حيث دلت الاية ان المكذب وغير المتقي ، يجد صعوبة وضنكا وعدم تيسير في حياته ، ولكنه لا يعرف سبب ذلك . من هنا قالت الايات الكريمة : «ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى * قال رب لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى * وكذلك نجزي من اسرف ولم يؤمن بايات ربه ولعذاب الاخرة اشد وابقى» . قال الراغب في المفردات : «العيش : الحياة المختصة بالحيوان ، وهو
اخص من الحياة ، لان الحياة تقال في الحيوان وفي الباري وفي الملك ويشتق منه المعيشة لما يتعيش منه ، قال تعالى : «نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا » «وجعلنا لكم فيها معايش» وقال في اهل الجنة :«فهو في عيشة راضية» وقال (عليه السلام) : «لا عيش الا عيش الاخرة» . «والضنك هو الضيق من كل شيء ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث ، يقال : مكان ضنك ، ومعيشة ضنك ، وهو في الاصل مصدر ، ضنك يضنك من باب شرف يشرف ، اي ضاق . وقوله تعالى :«ومن اعرض عن ذكري» يقابل قوله في الاية السابقة «فمن اتبع هداي» وكان مقتضى المقابلة ان يقال «ومن لم يتبع هداي» وانما عدل عنه الى ذكر الاعراض عن الذكر ، ليشير به الى علة الحكم ، لان نسيانه تعالى والاعراض عن ذكره ، هو السبب لضنك العيش والعمى يوم القيامة ، وليكون توطئة وتمهيدا لما سيذكر من نسيانه تعالى يوم القيامة من نسيه في الدنيا . والمراد بذكره (تعالى) : الدعوة الحقة . وتسميتها ذكرا ، لان لازم اتباعها والاخذ بها ذكره تعالى .
«وقوله فان له معيشة ضنكا» اي ضيقة ، وذلك ان من نسى ربه ، وانقطع عن ذكره ، لم يبق له الا ان يتعلق بالدنيا ، ويجعلها مطلوبة الوحيد الذي يسعى له ويهتم باصلاح معيشته والتوسع فيها والتمتع بها ، والمعيشة التي اوتيها في الدنيا ، لا تسعه سواء كانت قليلة او كثيرة ، لانه كلما حصل منها واقتفاها ، لم ترض نفسه بها ونزعت الى ما هو ازيد واوسع من غير ان تقف منها على حد ، فهو دائما في ضيق صدر وحنق مما وجد ، متعلق القلب بما وراءه مع ما يهجم عليه من الهم والغم والحزن والقلق والاضطراب ، والخوف بنزول النوازل وعروض العوارض من موت ومرض وعاهة وحسد حاسد وكيد كائد وخيبة سعي وفراق حبيب . ولو انه عرف مقام ربه ، ذاكرا غير ناس ، ايقن ان له حياة عند ربه ، لا يخالطها موت ، وملكا لا يعتريه زوال ، وعزة لا يشوبها ذله ، وفرحا وسرورا ورفعة وكرامة لا تقدر بقدر ولا تنتهي الى امد ، وان الدنيا دار مجاز ، وما حياتها في الاخرة الا متاع «وما الحياة الدنيا في الاخرة الا متاع» ، فلو عرف ذلك قنعت نفسه بما قدر له من الدنيا ، ووسعه ما اوتيه من المعيشة من غير ضيق وضنك» ، قال تعالى : «الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب» ، حيث نبهت الاية المباركة ان الانسان لا مفر له الا بالتوجه اليه تعالى ، لان ذكره هو الذي يريح
القلب ، وينجيه من القلق والاضطراب ، لان الانسان لا هم له في حياته الدنيا الا الفوز بالسعادة والنعمة ، ولا خوف له الا ان تحيط به النقمة والشقاء . «والله سبحانه هو السبب الوحيد الذي بيده زمام الخير واليه يرجع الامر كله ، وهو القاهر فوق عبادة ، والفعال لما يريد ، وهو ولي عباده المؤمنين به ، اللاجئين اليه ، فذكره للنفس الاسيرة بيد الحوادث ، الطالبة لركن شديد يضمن له السعادة ، المتحيرة في امرها وهي لا تعلم اين تريد ولا انى يراد بها . فكل قلب ـ على ما يفيده الجمع المحلى باللام من العموم ـ يطمئن بذكر الله ، ويسكن به ما فيه من القلق والاضطراب ، نعم انما ذلك في القلب الذي يستحق ان يسمى قلبا ، وهو القلب الباقي على بصيرته ورشده ، واما المنحرف عن اصله ، الذي لا يبصر ولا يفقه ، فهو مصروف عن الذكر ، محروم عن الطمانينة والسكون ، قال تعالى : «فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور» . وقال : «لهم قلوب لا يفقهون بها» ، وقال : «نسوا الله فنسيهم» . وفي لفظ الاية ما يدل على الحصر ، حيث قدم متعلق الفعل ، اعني قوله :«بذكر الله» على الفعل ، فيفيد ان القلوب لا تطمئن بشيء غير ذكر الله
سبحانه ، لانه تعالى هو الغالب غير المغلوب الغني ذو الرحمة ، فبذكره سبحانه وحده تطمئن القلوب» .