ان الله بحكمته جعل للرجل أدواراً وللمرأة أدواراً أخرى, تختلف عن أدوار الرجل, وأعطى تبعاً لذلك من المؤهلات النفسية والجسدية ما يساعد كل واحد منهما على الدور الملقى على عاتقه..
فالمرأة مهيأة للتربية وحضانة الطفل, وأعطيت من العاطفة المقدار الذي ينسجم مع هذا العمل.
والرجل المطلوب منه الحفاظ على النفس من الأخطار المتوقعة والحفاظ على عائلته وما له وكذلك المطلوب منه الجهاد ضد أعداء الدين والمذهب, أعطي من العضلات والقوة ما يساعد على ذلك الدور, وبذلك كان للمرأة هرموناً خاص يسمى الهرمون الأنثوي (الستروجين) يغاير الهرمون الخاص بالرجل المسمى بالهرمون الذكري.
فمن الخطأ أن نقحم المرأة في الأدوار المعدة للرجل, ومن الخطأ أيضاً أن نقحم الرجل في الأدوار المعدة للمرأة.
فالله خبير بخلقه, العالم بقدرات كل من الرجل والمرأة ؛ لأنه هو الذي خلقهما , الحكيم في فعله , لابدّ أن لا يعطي دوراً للمرأة غير لائق بها, وبذلك جعل من الحكمة في خلقه القوامة من الرجل على المرأة, فقال تعالى: (( الرّجَال قَوَّامونَ عَلَى النّسَاء بمَا فضَّلَ اللَّه بَعضَهم عَلَى بَعض... )) (النساء: 34) ويقول صاحب الميزان في ذلك والمراد بما فضل الله بعضهم على بعض هو ما يفضل ويزيد فيه الرجال بحسب الطبع على النساء وهو زيادة قوة التعقل وما يتفرع عليه من شدة البأس والقوة والطاقة على الشدائد من الأعمال ونحوها, فإن حياة النساء حياة أحساسية عاطفية مبنية على الرقة واللطافة...
وعموم هذه العلة يعطي أن الحكم المبني عليها عين قوله الرجال قوامون على النساء غير مقصورعلى الأزواج بأن يختص القوامية بالرجل على زوجته, بل الحكم مجعول لقبيل الرجال على قبيل النساء في الجهات العامة التي ترتبط بها حياة القبيلين جميعاً فالجهات العامة الاجتماعية التي ترتبط بفضل الرجال كجهتي الحكومة والقضاء مثلاً, الذي يتوقف عليها حياة المجتمع, وإنما يقومان بالتعقل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء وكذا الدفاع الحربي الذي يرتبط بالشدة وقوة التعقل كل ذلك مما يقوم به الرجال على النساء) الميزان ج 2 ص 343.
ثم أن المرأة وأن لم تعطى هذا الدور وهو النبوة إلا أنها يمكنها الوصول إلى أعلى الدرجات التي تجعلها قريبة من ذلك المقام بل أفضل من بعض النبوات, كما نقول في مقام الصديقة فاطمة الزهراء(عليها السلام) وأفضليتها على كثير من الأنبياء.
فلابد أذن أن نفهم أن طريق التكامل بالنسبة للرجال الذي يوصل للنبوة والإمامة يختلف عن طريق التكامل بالنسبة للنساء الذي يوصل إلى المرأة المعصومة المحدثة, الحجة على الخلق الأفضل من كثير من الرجال بل وكثير من الأنبياء والأوصياء, واختلاف طريق الرجل عن طريق المرأة لا يعني أن هناك أفضلية لهذا على ذاك بقدر ما هو توزيع للأدوار الذي اقتضته حكمة الباري عز وجل.
أما السؤال الثاني: فقد أجاب القرآن عن سؤال من أراد نزول الملائكة بقوله تعالى: (( وَقَالوا لَولا أنزلَ عَلَيه مَلَكٌ وَلَو أَنزَلنَا مَلَكاً لَقضيَ الأَمر ثمَّ لا ينظَرونَ )) (الأنعام:
(( وَلَو جَعَلنَاه مَلَكاً لَجَعَلنَاه رَجلاً وَلَلَبَسنَا عَلَيهم مَا يَلبسونَ )) (الأنعام:9) ويقول صاحب الميزان في معرض شرحه لهذه الآيتين على أن نفوس الناس المتوغلين في عالم المادة القاطنين في دار الطبيعة لا تطيق مشاهدة الملائكة, لو نزلوا عليهم وأختلطوا بهم لكون ظرفهم غير ظرفهم فلو وقع الناس في ظرفهم لم يكن ذلك إلا أنتقالاً منهم من حضيض المادة إلى ذروة ما وراها وهو الموت كما قال تعالى( وَقَالَ الَّذينَ لا يَرجونَ لقَاءَنَا لَولا أنزلَ عَلَينَا المَلائكَة أَو نَرَى رَبَّنَا لَقَد استَكبَروا في أَنفسهم وَعَتَوا عتوّاً كَبيراً * يَومَ يَرَونَ المَلائكَةَ لا بشرَى يَومَئذ للمجرمينَ وَيَقولونَ حجراً مَحجوراً )) (الفرقان:21 ـ 22) وهذا يوم الموت أو ما هو بعده…) الميزان ج 7 ص 19.
وقال صاحب الميزان في مكان آخر يقول تعالى لو أنزلنا عليه الملائكة آية خارقة للعادة مصدقة للنبوة كان لازمه القضاء عليهم وهلاكهم ولو قلدنا الملك النبوة والرسالة كان لازمه أن نصوره في صورة رجل من الإنسان وأن نوقفه موقفاً يحتمل اللبس؛ فإن الرسالة إحدى وسائل الامتحان والابتلاء الإلهي ولا امتحان إلا بما يحتمل السعادة والشقاء والفوز والخيبة ويجوز معه النجاة والهلاك ولو توصل إلى الرسالة بما يضطر العقول إلى الإيمان ويلجئ النفوس إلى القبول واليقين لبطل ذلك كله.) الميزان ج 21 ص 101.
نسألكم الدعاء