عدد المساهمات : 113 نقاط : 353 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 04/08/2013
موضوع: الطفل والتربية الأحد أكتوبر 06, 2013 4:18 pm
قد تخلّف تأثيرات حياة التّرف والرفاء على نفس الطفل عن تأثيرات حياة التقشّف والبساطة ، ففي الحالة الأولى ينشأ الطفل على الدلع والدلال ، وينعدم لديه الشعور بقيمة الأشياء لتوفّرها أمامه ، ولا تنمو في نفسه حسّاسية ولا شفافيّة تجاه حالات الفقر والحرمان لأنه لم يتذوّق مرارتها ، كما أنّ مشاكل الحياة قد تصدمه بقوّة لعدم استعداده النفسي لمواجهة الصعوبات والمشاكل . أما في الحالة الثانية فإن شخصية الطفل قد تكون أكثر اتزانا وأقوى جلدا ، وأقلّ استهانة بالأشياء والأمور ، وأقرب إلى التفاعل النفسي مع الطبقات المحرومة والضعيفة في المجتمع . كما أنّنا يجب أن تفرّق بين البساطة والتقشّف اللذين يفرضهما الفقر والحاجة وبينها في حالة الاختيار والطواعيّة ، ففي أولى الحالتين قد تسبّب حالة البساطة والتقشّف عند الإنسان وجود التطلّعات والتمنّيات لرغد العيش ورفاهية الحياة ، كما قد يتسرّب إلى نفس الطفل شيء من عدم الإرتياح تجاه الموسرين المترفين كارضية للحقد والحسد والإنتقام . بينما توجد حالة البساطة المختارة كنمط للحياة عند العائلة توجد المشاعر والإنعكاسات الإيجابية دون تلك السلبيات حيث يرى الطفل أن عائلته تمتلك القدرة على الرفاء لكنها لا ترغبه لمنطلقات أخلاقية ، كما لو كانت العائلة تؤثر الفقراء والمحتاجين ، وتجود على الضعفاء والمعوزين . والسيدة زينب نشأت في أفضل جو عائلي من هذا الجانب فأسرّتها لم تكن فقيرة معوزة ، فلربّما سمعت زينب في فترة طفولتها عن ثروات جدتها خديجة ، كما ترى الموقع القيادي لجدّها رسول الله صلى الله عليه وآله حيث ولدت ونشأت في فترة الانتصارات العسكرية والسياسية والتي كانت تعود على المسلمين بالغنائم الكثيرة ولجدها النبي صلى الله عليه وآله فيها التصرف المطلق إلى جانب استعداد المسلمين لبذل كلّ امكانياتهم ووضعها تحت تصرّف رسول الله صلى الله عليه وآله . وتلاحظ السيدة زينب امتلاك عائلتها لبعض الإمكانيات ثم تنازلها عنها لصالح الآخرين ، ويخلد القرآن الكريم نموذجا لهذه الحالة عند عائلة زينب مشيدا بها في سورة الإنسان ، حيث يقول ( تعالى ) : ( يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ، ويطعمون الطعام على حُبه مسكينا ويتيما وأسيرا ، إنما نعطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) . ففي كثير من التفاسير أنّ هذه الآيات نزلت في حقّ أهل البيت عليهم السلام ونثبت منها عبارة الرازي بنصّها . ذكر الواحدي من أصحابنا ـ أي الستة ـ وصاحب ( الكشّاف ) من المعتزلة : إن الحسن والحسين مرضا فعادهما الرسول في أناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك . فنذر علي وفاطمة وجارية لهما انّ شفاهما الله تعالى أن يصوموا ثلاثة أيام ، فشفيا فساتقرض علي ثلاثة اصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعا ، واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، ووضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل ، فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد مسكين أطعموني ، أطعمكم الله من الجنة . فآثروه ولم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا صائمين ، فلما امسوا ووضعوا الطعام بين أيديدهم وقف يتيم فآثروه ، وجاءهم اسير في الليلة الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا ابصرهم رسول الله يرتعشون كالفراخ ، فقال : ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم . فنزل جبرئيل وقال : خذها يا محمد هنّاك الله في أهل بيتك ، فاقرأ هذه السورة .