اسرار اخفاء قبر الزهراء ع
(( نعود الآن إلى التساؤل في هذا التقييم المكثف والطويل الأمد كما سمعنا عن الشاعر حين يقول( ولأي الأمور تدفن ليلا" ...الخ) , ولعل هذا أيضا في واقعه يعتبر أيضا من الأسرار الإلهية التي لايعلمها إلا المعصومون ( عليهم السلام ) وأوليائهم , إلا ان المشهور لدى المتشرعة الى الان ان الزهراء(سلام الله عليها ) كانت تريد منع اعدائها التي غضبت عليهم عن حضور تشييعها وحضور قبرها بعد دفنها , فكانت افضل طريقة لذلك هو هذا التعتيم المطلق الذي حصل , يمنع المجتمع كله عن ذلك , ولكي يمتنع عن ذلك الاعداء ايضا". لانه لاسبيل للفهم بالخصوص الا بمنع المجتمع كله – وهذا الوجه جيد – لولا اشكال واحد لعلنا التفتنا اليه , وهو انها لو كانت (ع) تقصد نفس اعدائها الموجودين في ذلك الحين اذن فقد زالوا عن الوجود بعد مائة سنة او اكثر او اقل . فلماذا لم يكشف المعصومين (ع) من ذريتها بعد ذلك ؟
اذن فالامر اعمق من ذلك من جهتين :
الاولى :عدم اختصاص هذا الغضب الفاطمي بطبقة معينة نعتبرها متطرقة بالضلال بل تشمل كل المجتمع بدليل على انه لايوجد اي احد منهم او منا يعرف ذلك على طول الاجيال ولو كنا مستحقين لذلك لعرفناه اكيدا", لان رحمة الله قريبة من المحسنين , وحيث اننا لا نعرفه اذن فلسنا مستحقين لهذه الرحمة الخاصة جيلا بعد جيل .
الثانية: عدم اختصاص الغضب الفاطمي بالجيل المعاصر لها بل هو شامل لكل الاجيال ما دام هناك اتباع ومناصرين ومحبين لهم(ع).
واوضح شيء يناسبه هذا المعنى هو غيبة الامام ( عج) انها(ع) تمثل غضب الله سبحانه على اعدائه , فغيب عنهم وليه مع العلم الاكيد والذي صرح به العلماء السابقون انه لايمكن ان يكون غائبا" عن المستحقين لرؤيته وانه (ع) انما تحجبه الذنوب والعيوب وانه مبرأ امام الله سبحانه وتعالى منها فانه سيرى المهدي (ع) ويتعرف عليه , وبتعبير آخر ان المتشرعة يشعرون انه انما غاب (ع) من اجل خوف القتل فان كان ذلك صحيحا تماما" فلماذا لا يظهر احيانا" لمن لايخاف منه الاعتداء وهم كثيرون والحمد لله من الشيعة والموالين.
وجواب ذلك نفس الجواب وهو انهم غير مستحقين لرؤية الامام(ع) ولا مبرؤون من الذنوب والعيوب الى درجة التي يبلغون بها درجة الاستحقاق .
اذن فلنعرف ميزاننا وموقعنا امام الله سبحانه وتعالى سواء في الحوزة او خارجها وسواء في العراق او خارجه وسواء بين الموالين او خارجهم , لان كل اجيالنا تخفى عليهم الكثير من الامور الالهية المهمة واوضحها التعرف على قبر الزهراء (ع). مع العلم انه لايحتمل ان يحجب ذلك عن المستحقين له وليس ذلك من العدل.
ومثال ذلك من وجهة نظر بعض العارفين ان البلاء الذي نزعلى آل يعقوب او اسرته انما كان لبعض التقصيرات – نترك صحة سندها الآن – وهو انهمك انوا يأكلون شاة مشويه في بعض الامسيات فجائهم فقير يطلب العطاء , فلم يعطوه ( وفي الحكمة اذا صدق السائل هلك المسؤول ), وقد كان هذا السائل في علم الله مستحقا" حقيقة فمنعوه فكان ذلك ايذانا" ببدء البلاء . والمهم هو ليس سماع تفاصيل القصة وهي معروفة ومروية ,في الكتاب الكريم والسنة الشريفة وانما محل الشاهد فيها ان يعقوب (ع) بكى حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم بنص القرآن الكريم , ولكنه قد رجع بصره عندما القي قميص يوسف على وجهه ولم يكن بكاؤه بكاء العاطفة على ابنه بل اسفا لحصول ذلك التقصير وبيانا للتوبة منه وكان يقول (واعلم من الله مالا تعلمون ) وفسره بعض اهل المعرفة اني اعلم بانه عند زوال الغضب يزول البلاء.
ومحل الشاهد انه اذا زال الغضب زال البلاء وما دام البلاء موجود فنعرف من ذلك ان الغضب لا زال موجودا" وليس لنا استحقاق زواله .