إن الحديث عن القيادة هو حديث عن البطولة لأنها عمل استثنائي يقوم على مواقف غير عادية وتضحيات ضخمة يتشكل من مجموعها تاريخ البطل الذي يملك رؤية بعيدة ويتحرك على مساحة واسعة من البدائل ,لذلك فان البطولة ليست مجرد شعارات تقليدية أوتصريحات نارية فقط بل هي تتجاوز له ذلك إلى قوة العقل وصلابة الإرادة والقدرة علىاستشراق المستقبل وتحديد الأولويات ,لذلك فان القيادات الحقيقية صاحبة المواقف البطولية والتي ترسم منهجيتها في قراءة للمستقبل بحيث تبقى هذه المنهجية فعالة وغير مقيدة بزمان ومرحلة معينة ,ونرى هذه القيادات على التاريخ الإسلامي متمثلة بالنبي(ص) والإمام من بعده حصرا لذلك ومن خلال الدور الذي قام به القائد الأول لنشر فكر ومبادئ وأخلاقيات الإسلام يتضح أن لا عشوائية في اختيار القائد بل ليس للجماهير أن تفرض رأيها في قيادة شخص لأمة ,وهذه التوجيهات إلهية بحسب الاعتقاد بارتباط الرسول بالله تعالى ومما يعضد قدسية ومكانة القيادة تاريخ الإسلام ووصايا النبي (ص) وما حدث بعد رحيله (ص) حيث يذكر لنا التاريخ أن هناك انقلابا حصل في جسد الأمة على القائد الفعلي واختيارها لقائد غيره _وهذا اجتهاد أمام النص_ وترتب على هذه الجريمة نتيجة سلبية فالقائد المفترض أو الغاصب كون لنفسه منهجا خاصا وهكذا من هم بعده مما أدى إلى عدة نتائج سلبية منها (1) تغير مجرى العقيدة عند الجمهور من كون القائد تنصيب الهي إلى كونها حق تفرضه الجماهير وتتحكم به عن طريق الانتخاب (2)القائد المنتخب تعامل مع دوره على انه دور تنظيمي فقط بعيدا عن الرسالة مما خلق جو للتحلل من العقيدة وروح الرسالة لدى الجماهير (3)تعطيل دور القائد الفعلي (4)انتكاسة الجماهير وعدم الطاعة لأي قائد بسبب القيادات المنتخبة الفاشلة في تحقيق متطلبات الأمة فضلا عن متطلبات الرسالة ,إذا فالدور القيادي للنبي والأئمة (ع)لا يمكن إن يتحكم به الجمهور بل جملة الأفعال والأقوال والتوجيهات التي تركها لنا القادة الفعليين هي التي تدلنا على الخلافة والقيادة الحقيقية لا البديلة فإذا تمسكنا بهذا النهج والتوجيه يمكن القول إن العقيدة والرسالية في مسيرة الجماهير سترتقي لما هو مؤمل ومطلوب منها ,أما اذا اختلفنا مع هذا المنهج فالتخبط والأخطاء والابتعاد عن الأبعاد الحقيقية للرسالة وعدم فهمها هي النتيجة المتوقعة لعمل الجماهير وبالتالي تتأثر الرسالة والعقيدة والقيادة الفعلية بالهجر الحاصل من الجماهير من خلال اتباع أهوائهم وقياداتهم البديلة أو من خلال عدم الثقة بالقيادات عامة بعدما تعرضوا لانتكاسة دينية وسياسية وإنسانية من خلال انتخابهم لقائد بديل عن القائد الأصيل المفترض الطاعة من الله ورسوله والائمة الخلفاء المعصومون (ع)