سُئل سماحة المرجع الكبير الشيخ التبريزي (قدس سره الشريف) بخصوص المشي الى مرقد الامام الحسين عليه السلام؟؟؟؟
ما رأيكم الشريف في مسألة المشي لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام)، وذلك بمناسبة أربعين سيد الشهداء (عليه السلام) مع العلم أن بعض الجهلة أخذوا يسخرون من هذا العمل؟
فأجاب سماحته:بسمه تعالى: زيارة الأئمة (عليهم السلام) كزيارة النبي (صلى الله عليه وآله) من العبادات المستحبة عند جميع علماء الإمامية (رضوان الله عليهم)، وقد وردت في ذلك الروايات المتواترة المروية في كتب المزار والكتب الأربعة، والإتيان إلى زيارته مشياً على الأقدام مستحب، وقد ورد ذلك في زيارة مولانا أميرالمؤمنين (عليه السلام) وأنه بالمشي يكتب الله له بكل خطوة حجة وعمرة، وإن رجع ماشياً كتب الله له بكل خطوة حجتين وعمرتين. والروايات الواردة في المشي إلى زيارة سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) كثيرة جداً، وقد عقد في الوسائل باباً مستقلاً في فضل المشي إلى زيارته (عليه السلام)،
وورد في صحيحة الحسن بن علي الوشاء التي رواها الصدوق (قدس سره) في ثواب الأعمال، ورواها أيضاً ابن قولويه (قدس سره) في كتاب المزار بسند صحيح، قال: قلت للرضا (عليه السلام): ما لمن أتى قبر أحد من الأئمة (عليهم السلام)؟ قال (عليه السلام): له مثل ما لمن أتى قبر أبي عبدالله (عليه السلام). قلت: ما لمن زار قبر أبي الحسن (عليه السلام)؟ قال: مثل ما لمن زار قبر أبي عبدالله (عليه السلام). وظاهر هذه الرواية القريب من التصريح أن السؤال الأول راجع إلى ثواب الإتيان، فإذا كان المشي في الإتيان لزيارة أبي عبدالله (عليه السلام) أفضل من الركوب لزيارته، كما أشرنا إلى الروايات فيه، فيكون الثواب في الإتيان لزيارة سائر الأئمة (عليهم السلام) مشياً وركوباً كالإتيان لزيارة أبي عبدالله (عليه السلام) وأما ثواب أصل الزيارة فلايستفاد من صدر الرواية وإنما يستفاد ثواب الإتيان، ولذا سأل الراوي عن ثواب زيارة أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) بعد ذلك، وأجابه الإمام (عليه السلام): له مثل من زار قبر أبي عبدالله (عليه السلام).
وعلى هذا، فلايصغى إلى وسوسة بعض الجهلة الذين ينكرون فضل المشي الى زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) فإنهم غافلون عن مدارك الأحكام والعبادات المستحبة ومواضع الاستظهار، وكذلك لايعتنى بأقوالهم ولاعقائدهم في أُمور الدين. هداهم الله إلى الرشد والصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله ربّ العالمين)(1).
الأخبار في فضل المشي إلي مرقد الحسين (عليه السلام)عن أبي عبد الله (عليه السلام):
«من أتى قبر الحسين (عليه السلام) ماشياً كتب الله له بكلّ خطوة وبكلّ قدم يرفعها ويضعها عتق رقبة من ولد اسماعيل»(2)
عن جعفر بن محمد (عليه السلام):
أنّه سئل عن الزائر لقبر الحسين (عليه السلام)، فقال:
«من اغتسل في الفرات ثم مشى إلى قبر الحسين (عليه السلام) كان له بكل قدم يرفعها ويضعها حجة متقبلة بمناسكها»(3).
عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال:
« من أتى قبر الحسين (عليه السلام) ماشياً كتب الله له بكل خطوة ألف حسنة، ومحا عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة»(4).
وعنه (عليه السلام)، قال لعلي بن ميمون:
«يا علي زر الحسين ولاتدعه» فقال له ابن ميمون: ما لمن أتاه من الثواب؟ قال (عليه السلام): «من أتاه ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحا عنه سيئة، ورفع له درجة. فإذا أتاه وكّل الله به ملكين يكتبان ما يخرج من فيه من خير ولايكتبان ما يخرج من فيه من شرّ ولا غير ذلك،فإذا انصرفوا ودّعوه وقالوا: يا وليّ الله مغفور لك، أنت من حزب الله وحزب رسوله وحزب أهل بيت رسوله، والله لاترى النار بعينك أبداً، ولاتراك ولاتطعمك أبداً»(5).
محطات الحسنات في خطوات المشاة
وهنا نعرض جملة من الأخبار المبلِّغة ثواب المشاة إلى الحسين (عليه السلام) ضمن محطات مختلفة:
(1) عند ترتيب متاع السفر:
عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إن الرجل منكم ليأخذ في جهازه ويتهيأ لزيارته فيتباشر به أهل السماء»(6).
(2) عند خروجه من منزله:عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إن الرجل إذا خرج من باب منزله وكّل الله به أربعة آلاف ملك من الملائكة يصلّون عليه حتى يوافي قبر الحسين (عليه السلام)»(7) وقال (عليه السلام): «إن الرجل إذا خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين (عليه السلام) شيّعه سبعمئة ملك من فوق رأسه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى يبلغوه مأمنه»(
و«صحبه ألف ملك عن يمينه وألف ملك عن يساره»(9).
(3) إذا مشى في الشمس:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): «وإنّ زائر الحسين (عليه السلام) إذا وقعت الشمس عليه أكلت ذنوبه كما تأكل النار الحطب، وما تبقي الشمس عليه من ذنوبه شيئاً، فينصرف وما عليه ذنب، وقد رفع له من الدرجات ما لايناله المتشحِّط بدمه في سبيل الله»(10).
(4) في حال تعرقه أو تعبه:روي: «إن الله تعالى يخلق من عرق زوار قبر الحسين (عليه السلام) من كلّ عرق سبعين ألف ملك يسبّحون الله ويستغفرون له ولزوّار الحسين (عليه السلام) إلى أن تقوم الساعة»(11).
(5) إذا وصل الماشي إلى كربلاء:عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ أربعة آلاف ملك عند قبر الحسين (صلوات الله عليه) شعثاً غبراً يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له: منصور، فلايزوره زائر إلاّ استقبلوه»(12).
أيام المشي
كان المشي إلى مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) يقصد في مناسبات معيَّنة في العراق، وبسبب منع نظام البعث لهذه الظاهرة في السنوات الأخيرة فقد تحول المشي إلى الأضرحة المقدسة في إيران والشام، فبدأ الناس يمشون من مدينة قم المقدسة أو من نيشابور إلى خراسان، حيث مرقد الإمام الرضا (عليه السلام). ومن السيدة زينب (عليها السلام) إلى السيدة رقية أو بالعكس، وتوزعت هذه المراسيم على الأيام التالية:
(1) العاشر من المحرم.
(2) الأربعين الحسيني (20 صفر).
(3) أيام شهادة الزهراء (عليها السلام).
(4) النصف من شعبان.
(5) يوم عرفة (9 ذي الحجة).
يوم الأربعين
اليوم العشرون من شهر صفر، هو اليوم الذي يتأكد فيه المشي إلى مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) تأسيساً بفعل الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري (رحمة الله عليه) الذي قام بزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، وهو أول من زاره. وحث الأئمة الأطهار (عليهم السلام) على الزيارة في هذا اليوم، فقال الإمام العسكري (عليه السلام):
«علامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم».
علة استحباب زيارة الأربعين
قال العلامة المجلسي (رحمة الله عليه): اعلم أنه ليس في الأخبارما العلّة في استحباب زيارة [الحسين (عليه السلام)] في هذا اليوم، والمشهور بين الأصحاب أن العلة في ذلك رجوع حرم الحسين (صلوات الله عليه) في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام، وإلحاق عليّ بن الحسين (صلوات الله عليه) الرؤوس بالأجساد، وقيل: العلة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أنه جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه) في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره، فكان أول زائر له من الإنس ظاهراً؛ فلذلك يستحب التأسي به(13).
وجه التسمية بزيارة الأربعين
قال الشيخ الكفعمي:
إنما سمّيت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين من صفر، وذلك لأربعين يوماً من مقتل [الإمام] الحسين (عليه السلام)(14).
رد شبهة وتوضيح
قال السيد العارف ابن طاووس:
فإن قيل: كيف يكون العشرين من صفر يوم الأربعين إذا كان قتل الحسين (صلوات الله عليه) يوم عاشر من محرم، فيكون يوم العاشر من جملة الأربعين فيصير أحدى وأربعين؟ فيقال: لعلّه قد كان شهر محرم الذي قتل فيه (صلوات الله عليه) ناقصاً، وكان يوم عشرين صفر تمام أربعين يوماً، فإنه حيث ضبط يوم الأربعين بالعشرين من صفر فإمّا أن يكون الشهر كما قلنا ناقصاً، أو يكون تاماً ويكون يوم قتله (صلوات الله عليه) غير محسوب من عدد الأربعين؛ لأن قتله كان في أواخر نهاره فلم يحصل ذلك اليوم كله في العدد. وهذا تأويل كاف للعارفين، وهم أعرف بأسرار ربّ العالمين في تعيين أوقات الزيارة للطاهرين(15).