العلاقة بين الإيمان والحياء
أكّدت الروايات على وجود علاقة بين الإيمان والحياء، وأنّ الحياء هو أساس له، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: "لا إيمان لمن لا حياء له"17 ، وأيضاً عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم : "الحياء هو الدِّين كلّه"18. وكلّما زاد إيمان الإنسان كلّما ازداد حياءً، وكذا العكس كلّما نقص حياؤه فهو دليل على نقص إيمانه، وقد أشار الإمام عليّ عليه السلام إلى هذه الحقيقة: "كثرة حياء الرجل دليل على إيمانه"19.
تُبيّن الرواية الواردة عن الإمام الرضا عليه السلام: "الحياء من الإيمان"20، أنّ من يملك حياءً يملك ديناً وإيماناً، ومن لا حياء له لا دين له. كما أنّه إذا نقص الحياء فإنّ الإيمان ينقص بمقداره، والعلاقة وثيقة بين الإيمان والحياء. ويُشير الرسول صلى الله عليه واله وسلم إلى كون الحياء والإيمان مقرونين في "قرن واحد فإذا سُلب أحدهما تبعه الآخر"21، بمعنى أنّه من لم يكفّه الحياء عن القبيح فيما بينه وبين الناس، فلا يكفّه عن القبيح فيما بينه وبين ربِّه تعالى، ومن لم يستحي من الله عزّ وجلّ وجاهره بالقبيح فلا دين له.
العلاقة بين العقل والحياء
بما أنّ الحياء هو ترك القبيح، والقبيح هو مذموم عقلاً ومنهيٌّ عنه شرعاً، فإنَّ هذا يوحي إلى وجود علاقة بين الحياء والعقل، إذ كلّما ازداد حياء الإنسان ازداد عقله، والعكس صحيح أيضاً، فكلّما نقص من حيائه نقص من عقله بهذا المقدار، ومن لا حياء له فلا عقل له. جاء عن الإمام عليّ عليه السلام قوله:"أعقل الناس أحياهم" 22 وهو كذلك مفتاح كلّ خير 23، وسبب إلى كلّ جميل 24، وكلّ ذلك من العقل.
إذن, العلاقة بين العقل والحياء واضحة، لأنّ العقل يدعو إلى الطاعة والخير والحياء، وأن الحياء هو خُلُق حسن، وأن من يتّصف به يُعدّ مالكاً له. وقد عُدّ حُسن الخلق دليلاً على العقل، فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم : "أكمل الناس عقلاً أحسنهم خلقاً"25. وأيضاً عن الإمام عليّ عليه السلام: "أكملكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً"26.
فالعلاقة إذن ثلاثيّة، إذ إنّ كلّ واحد منها يؤثِّر ويتأثّر بالآخر ويُكمله، كما إنّ نقصانه أو ضعفه يؤدّي إلى نفي أو نقص الآخر، فالعقل سبب لزيادة الحياء والإيمان، والإيمان سبب للحياء، والحياء مجلبة للدِّين.