إن الله قد ذكر لنفسه من الولاية التكوينية في القرآن الكريم الشيء الكثير, ومعنى الله هو الولي: أي المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها (والولي) مالك الأشياء جميعها المتصرف فيها وقد نقل أبن الأثير قوله (إن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والعمل.والولاية: السلطة على الشيء (فلان ولي فلان:أي تسلط عليه وتمكن منه). وباعتبار أن الفعل الكوني في درجة من وجوهه هو تعبير عن إفرازات مبدأ العلية واطراد قانون العلة والمعلول في عموم الظاهرة الكونية لذا فإن الولاية التكوينية تعني القدرة على قانون العلة والمعلول في عموم الظاهرة الكونية لذا فإن الولاية التكوينية تعني القدرة على التسلط على الظاهر الكونية من خلال آلية يفترض أن تتفاعل مع مكونات الفعل التكويني على نحو التسلط كما يتسلط الدواء على الداء)([1]) .أي أن ولاية الله التكوينية على الأشياء هي سيطرته وقدرته عليها باعتباره الخالق والمدبر والمحيي والمميت الذي بيده كل شيء وأليه الأمر من قبل ومن بعد قال تعالى( أنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)([2]) . وقد جاء في تفسير الأمثل قوله تعالى(كن فيكون) إن هذا التعبير ورد في آيات عديدة,ويتحدث عن الإرادة التكوينية لله تعالى وحاكميته في الخليقة. بعبارة أوضح المقصود من جملة(كن فيكون) ليس هو صدور الأمر اللفظي(كن) من الله تعالى,بل المقصود تحقق أرادة الله سبحانه حينما تقتضي إيجاد شيء من الأشياء,صغيرا بحجم الذرة كان أم كبيرا بحجم السماوات والأرض بسيطا كان أم معقدا,دون أن يحتاج في ذلك إلى أية علة أخرى.ودون أن تكون هناك أية فترة زمنية بين الإرادة والإيجاد.لا يمكن للزمان أن يفصل بين الأمر والكينونة.ولذلك فإن الفاء في جملة(فيكون).لا تدل على تأخير زمني كما هو الحال في الجملة الأخرى.بل أنها تدل فقط على التأخير في الرتبة(الفلسفة أثبتت تأخر المعلول على العلة,وهذا التأخر ليس زمنيا بل في الرتبة) ليس المقصود أن الشيء يصبح موجودا متى ما أراد الله ذلك.بل المقصود أن الشيء يصبح موجودا بالشكل الذي أراده الله.على المثال.لو أراد الله أن يخلق السماوات والأرض في ستة أيام.لكان ذلك دون زيادة أو نقص,ولو أراد أن توجد في لحظة واحدة لوجدت بأجمعها في لحظة واحدة.فذلك تابع لكيفية أرادته ولما يراه من مصلحة.لأن أرادته علة تامة للخليقة,ولا يمكن أن توجد فاصلة بين العلة التامة ووجود المعلول.([3])
[1] ـ الولاية التكوينية/ ص 96 /جلال الدين الصغير
[2] ـ سورة ق/آية(16)
[3] ـتفسير الأمثل/ج1ص 307