كيان الإنسان

**************************************
لا يستطيع الإنسان أن يصل الى درجات الرقي والكمال الا إذا استطاع أن يفهم ويفسر معنى البلايا والشدائد وأثرها على كيانه الروحي والنفسي وكذلك يستوحي منها الدروس العملية من خلال الحياة اليومية وإذا استطاع ان يعرف ويؤمن بان الكثير من الكمالات لاتتحقق الا إذا واجه الإنسان تحت حكم القانون الإلهي الشدائد والبلايا والصعاب وحصل بينهما احتكاك ينتج عنه ثمار ومحصلات قد تكون صالحة ونافعة ترفعه إلى الأعلى او فاسدة تنحدر به الى الأسفل ، وفي الرواية الشريفة عن اهل البيت (عليهم السلام): ( ان الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا) وفي رواية اخرى : ( ان الله يتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية )ومن المعلوم ان لكل إنسان جوهر ومعدن مخفي لايظهر ولايٌعرف في كثير من الأحيان إلا في الشدة والبلاء عند ذلك تقاس درجة إيمانه بقدرته على الصبر والاحتمال والاستيعاب لذلك الموقف وفهم الغاية الحقيقية من وراءه وان كان مؤلماً او محزناً ، وعلى هذا الاساس قد يتحول الانسان من ضعيف الى قوي أو من سيء الى جيد أو بالعكس ، وعليه فلا يجوز اعتبار هذه الامتحانات سخطاً وغضباً الهياً فحسب بل قد تكون نعمة عظيمة ولطفاً ربانياً بمظهر مختلف ، ولكن في نفس الوقت ليس كل إنسان يستطيع ان يأخذ الفائدة والعبرة والموعظة من هذه البلايا وادراك المغزى الحقيقي لها فالكثير لا ينجح في تحمل أعباءها وقد يفشل وينحدر الى أسفل السافلين ، ومن المؤكد ان الانسان المؤمن يتعرض اكثر من الاخرين لهذه الغربلة لانه يستمد نهجه من الاسلام الحقيقي المتمثل بالقرأن الكريم والمعصومين (عليهم السلام )لاسيما القائم المنتظر(عجل الله فرجه الشريف) ففي هذا الطريق تتجلى أسمى وأعلى وأهم تجارب التمحيص والغربلة الحقيقية لكي يكون المؤمن نقيًا صالحاً مستعداً للتشرف بنصرته والدفاع عن قضيته لانها القضية المركزية والمحورية التي تختصر بها كل معاناة الانسانية جمعاء ، وحسب مانفهم ان الله تعالى لا يمتحن الناس بهذا الشكل لكي يعرف من يستحق الجنة او النار بل انه يبتليهم بالشدائد لكي يتيح الفرص لمن يٌريد الجنة ان يهيئ نفسه عن طريق هذه المحن لكي يكون جديرا بدخول الجنة نسأل الله تعالى الجنة لكل المؤمنين الصابرين الممحصين وان يكونوا من الفائزين في محطات الابتلاء والامتحان الربانية العظيمة.............