عدد المساهمات : 797 نقاط : 2351 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 05/05/2013
موضوع: الرجعة باختصار الإثنين يوليو 15, 2013 6:26 pm
"الرَجعَة" في اللغة تعني العَودة، والمقصود منها في الثقافة الشيعيّة هو عودة جماعةٍ من الاَُمّة الاََسلاميّة إلى الحياة بعد ظهور الاِمام المهديّ عجّل اللهُ فرجَه الشريف، وقبل قيام القيامة.
ويَشهَد القرآنُ الكريمُ قبل أيّ شيءٍ بوجود مسألة الرَّجعة في الثقافة الاِسلاميّة.
فقد قال سبحانه وتعالى في سورة النَّمل الآية 83:﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾.
وفي الآية 87 من سورة النمل يقول:﴿وَيَومَ يُنْفَخُ في الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الاَرْضِ إِلاّ من شاءَ الله وكُلٌّ أتَوْهُ داخِرينَ﴾.
أي بعد النفخ يفزع كل الناس جميعاً ومن دون استثناء.
إنّ الآية الاَُولى تتحدّث عن إحياء فريقٍ خاصٍّ في اليوم الاَوّل بينما تتحدث الآيةُ الثانيةُ عن إحياء جميع الناس مّما يكشف عن أنّ اليوم الاَوّل هو غير يوم القيامة وإنّهما يختلفان.
فالقرآنُ يتحدَّث كما نرى بوضوحٍ عن يومين، وقد عطف اليوم الثاني على اليوم الاَوّل، ممّا يكشف عن أن هناك حَشرين وإعادتين إلى الحياة بعد الموت.
ونُذكِّر ثانيةً بأنّ الآية الاَُولى تتحدّث عن إحياء طائفة من الناس ومن الطبيعي أن مثل هذا اليوم لا يمكن أن يكون يوم القيامة، لاَنّ الناس في ذلك اليوم يُحشرون بأجمعهم، كما قال أيضاً في الآيات 93 ـ 95 من سورة مريم:﴿إِن كُلُّ مَن فِى السَّمَاوَاتِ والاََرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أحصَاهُمْ وعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْداً﴾.
وكما يقول تعالى في آية أُخرى في وصف يوم القيامة:﴿وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً﴾(الكهف:47).
فيُستنتج من المقارنة بين الآية 83 من سورة النمل وبين الآيات 93 إلى 95 من سورة مريم و 47 من سورة الكهف الاختلاف بينها في المضمون: أنّ العالم البشري ينتظر يومين يُحشَر في أحدهما بعضُ الناس، ويُحشَر في الآخر جميعهم بلا استثناء.
وروايات الشيعة التي ترتبط بالرجعة، تتعلق بما يقع بعد ظهور الاِمام المهدي عجل الله تعالى فرجه، وقبل يوم القيامة.
إنّ عودة جماعة من الصالحين، والظالمين قبل يوم القيامة ليس بالاَمر العجيبِ أبداً لاَنّه قد وَقَع مثلُ ذلك في الاَُممَ السالفة حيث عاد بعضُ الناس إلى الحياة مرةً أُخرى ثم ماتوا بعد ذلك ثانية1.
إنّ عودةَ البعض إلى الحياة في هذا العالَم (الدنيويّ) بعدَ الموت لا هو مخالف لحكم العقل، ولا هو معارضٌ للنقل، لاَنّه كما أسلفنا مّما صرّح القرآنُ الكريمُ بوقوع نظيره في الاَُمم السالِفة، وهذا هو خير دليلٍ على إمكان وقوعه.
على أنّ "الرَّجَعةَ" تختلف عن "التَّناسخ"، وتشبيه الاََوّل بالثاني تشبيهٌ خاطىٌَ جِداً، وذلك لاَنّ "التناسخ" يعني عودة الرُّوح والنفس إلى الحياة بعد الموت مرّةً أُخرى إبتداءً من مرحلة النطفة، أو تعلّقها بِبَدنٍ آخر، والحال أنّه لا يَحدُث مثلُ هذين الاَمرين الباطلين في "الرجعة" قط.
إنَّ حكمَ الرَجعة من هذه الجهة أشبه ما يكون بعودة الموتى إلى الحياة في الاَُمم السابقة وبالمعادِ الجِسمانيّ الذي يقع في القيامة.
وفي الحقيقة إنّ "الرَّجعة" هو مظهرٌ مصغَّرٌ مِن القيامة النهائية الحقيقيّة الكبرى التي يُحشَر فيها الناسُ أجمعون، وبلا إستثناء.
إنَّ البَحث المفَصَّل حول "الرَّجعة" والحديث حول جزئيّاتها، وتفاصيلها، موكول إلى: كتب التفسير، والحديث، والكلام، الشيعية، وقد بَلَغت رواياتُ الشيعة في هذا المجال حدَّ التَّواتر، وثمّت مايفوق ثلاثين حديثاً رويت في أكثرمن خمسين مؤلَّفاً2.