((المَسك بالكتاب والإمام المعصوم:ع:ضرورة وجودية )) :بحثُ قرآني كلامي:
==============================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
لقد تعرّضَ القرآن الكريم في نصوصه الشريفة إلى قضية الحكم وهوية الحاكم وضرورة المسك والحكم بالكتاب
(القرآن الكريم).
وأكّد على ضرورة توافر صفات معينة في إسلوب الحكم وشخصية الحاكم حفاظاً على التوازن الوظيفي بين الناس حاكمهم ومحكومهم .
وسدّا للحاجة البشرية إلى وجود الدولة والحاكم العادل والذي معه تنحفظ حقوق الناس وتنقضي متطلباتهم العملية والوجودية في هذه الحياة الدنيا.
وتُحسَم النزاعات والخلافات والتي تحصل في حال خلو حياتهم من دولة أو حاكم عادل.
والحكم بالكتاب ومنه (القرآن الكريم) ومن قبل النبي أو الإمام المعصوم:ع:
كدستور للناس أجمعين هو حقيقة قرآنية أكدتها النصوص الشريفة
في مواضع متعددة منها::
قوله تعالى:
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }البقرة213
{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً }النساء105
:والمقصود بالكتاب هنا :القرآن الكريم:
بحسب ما ذكر المفسّرون:
(فالخطاب هنا لرسول الله محمد( صلى الله عليه وآله )
والكتاب هو القرآن ( وبالحق ) حال متعلق بمتلبساً
وبما أراك الله أي أعلمك الله إياه بالوحي ، فهو من الرؤية بمعنى العلم لا الرأي والقياس ، فلا يدل على جواز القياس والاجتهاد له بل يدل على نفيه
ويدل أيضا على عدم جواز معاونة المتخاصمين المتحاكمين ، فيأخذ جانب أحدهما ويصير خصما للآخر أو يعلمه ما يغلب به على خصمه ، ونحو ذلك )
:زبدة البيان:المحقق الأردبيلي:ص684.
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة48
{وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ }الأعراف170
أي:
والذين يتمسَّكون بالكتاب وهو القرآن الكريم هنا ويعملون بما فيه من العقائد والأحكام
ويحافظون على الصلاة بحدودها, ولا يضيعون أوقاتها, فإن الله يثيبهم على أعمالهم الصالحة, ولا يضيعها.
وهذه الآية الشريفة أكّدت على لزوم التسمك الفعلي بجوهر القرآن الكريم والحكم به حياتيا بين الناس.
والمحافظة على الصلاة الواجبة. فهما حقيقة عينا الفضيلة والتكامل الإنساني .
وهذان العنصران: عنصر المسك بالكتاب وإقامة الصلاة :
هما وقود التغيير في الذات والمجتمع وإصلاحه
وهما أيضا مَطلبا الإمام المهدي:ع: في حركته وظهوره وقيامه الشريف بإذن الله تعالى.
{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }النحل64
أي:
وما أنزلنا عليك القرآن الكريم -أيها الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلّم)
إلاّ لتوضح للناس ما اختلفوا فيه من الدين والأحكام;
ولتقوم الحجة عليهم ببيانك ورشدًا ورحمة لقوم يؤمنون.
{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }النحل89
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25
أي:
لقد أرسلنا رسلنا بالحجج الواضحات, وأنزلنا معهم الكتاب بالأحكام والشرائع
وأنزلنا الميزان؛ ليتعامل الناس بينهم بالعدل
وأنزلنا لهم الحديد, فيه قوة شديدة
(وهنا يكون المعنى كناية عن القوة التنفيذية التي يجب توافرها في كيانية الدولة العادلة والحاكمة بالكتاب)
ومنافع للناس متعددة( أي ومنها تمكين الدولة العادلة من بسط نفذوها الحق وبالقوة التنفيذية العادلة والإجرائية فضلا عن المنافع الأخرى)
وهذا ما ستُحققه دولة الإمام المهدي:ع: في المستقبل وبإذن الله تعالى:
وليعلم الله علمًا ظاهرًا للخلق من ينصر دينه ورسله بالغيب. إن الله قوي لا يُقْهَر, عزيز لا يغالَب.
وقد ذكر المفسرون في شأن هذه الآية الشريفة:
(إنّ الحياة الإنسانية بصورة عامة تتقوم بالقانون والسلطة )
لأنّ تلبية الحاجات الأساسية للإنسان باعتباره موجودا اجتماعيا ترتكز على دعامة العدل والإمام العادل.
والتي لا يستطيع أن يوفرها لنفسه بصورة فردية ، ومسألة تأمينها بشكل عام لابد أن تكون بواسطة الدولة العادلة
وكذلك حل العديد من المشاكل والتعقيدات .
ولهذا ، فإنه بحاجة إلى ( سلطة عادلة ) تجري العدل في هذه الحياة وترعى الحقوق وتنظم الحياة . . .
وعلينا أن نتصور كم ستكون حياة الإنسان صعبة لو لم تكن الدولة العادلة موجودة فعليا.؟
وهذه الآية الشريفة توفرت هي الآخرى على العنصرين المركزيين في حكومة الإمام المعصوم:ع:وخاصة الإمام المهدي:ع:
وهما:
الحكم بالكتاب والقيام بالقسط.
طبعا وهذه الدولة أو الحاكم تارة يتصل وجودهم بالله تعالى من حيث التكوين والتأسيس
وأعني طبيعة الحكومة المرتبطة بالله تعالى كحكومة الأنبياء:ع:
أو حكومة أوصيائهم كالأئمة المعصومين:ع:ومنهم الإمام المهدي:ع:
ففي هذا الحال يجب أن يكون الحاكم نبيا كان أم إماما منصوصا عليه إلهيا ومعصوما نصّاً وأفضل أهل زمانه مطلقا.
وقد أكدّ علماء الإمامية على أهمية هذه الصفات وضرورة توافرها واقعا في هوية الحاكم المسلم.وأعني هنا المعصوم(نبي أم إمام)
فقال العلاّمة الحلي:قد:
((يجب أن يكون الإمام معصوماً وإلاّ تسلسل لأنّ الحاجة الداعية إلى الإمام هي: ردع الظالم عن ظلمه : والإنتصاف للمظلوم منه
فلو جاز أن يكون غير معصوم لإفتقر إلى إمام آخر ويتسلسل وهو محال
ولأنه لو فعل المعصية فإن وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب وإنتفت فائدة نصبه
وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو محال
ولأنّ الإمام حافظ للشرع فلا بد من عصمته ليُؤمَن من الزيادة والنقصان في الدين ولقوله تعالى:
((لاينال عهدي الظالمين))البقرة:119.))
:الباب الحادي عشر: العلامة الحلي:ص108.
بمعنى:
إنّ المقتضي لوجوب نصب الإمام هو تجويز الخطأ على الرعية (أي بمعنى عدم عصمتهم المفروغ عنها عقلا)
فلوكان هذا المقتضي أي جواز الخطأ عليه (أي على الإمام) ثابتا في حق الإمام وجب أن يكون له إمام آخر
وهكذا تمتد السلسلة الإحتياجية لوجود الإمام الى ما لانهاية أو ينتهي الأمر الى إمام لايجوز عليه الخطأ فيكون هو الإمام الأصلي وهو المطلوب.
وإنّ الإمام :ع: هو حافظ للشرع الألهي فيجب أن يكون معصوما
أما وجه إنحصارالحافظية للشرع بالإمام:ع:
وذلك لأنّ الحافظ للشرع ليس هو الكتاب العزيز (القرآن الكريم) لعدم تعرض الكتاب العزيز لجميع الأحكام التفصيلية في الشرع
ولا إجماع الأمة (أي وعدم كون إجماع الأمة حافظا للشرع) لجواز الخطأ على كل فرد من أفراد المُجمعين على تقدير عدم وجود المعصوم :ع:فيهم.
فلم يبقَ إلاّ الإمام :ع: فلو جاز الخطأ عليه لم يبقَ وثوق بما تعبّدنا الله تعالى فيه وما كلفنا به سبحانه وذلك يناقض الغرض من التكليف الألهي وهو الإنقياد الى مراد الله تعالى.
وأنه لو وقع من الإمام الخطأ لوجب الإنكار عليه
(لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن الخطأ)
وهذا الأمر أي وقوع الخطأ من الإمام:ع:
لو حصل فعلا فإنّه يُضاد أمر الله تعالى بالطاعة له وذلك في قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
والأمر بالطاعة هنا لله تعالى ولرسوله:ص: وللإمام:ع:
هو أمرٌ إرشادي وفيه ملاك المصلحة والتنبيه والتسديد للعباد في حال إطاعتهم للإمام:ع:
ولا يُعقل منه تعالى أن يأمر عباده بطاعة من يرتكبون الخطأ ففي ذلك لو حصل فعلا نقضٌ للغرض العقلائي من طاعة الإمام:ع:
وقد ورد في القرآن الكريم:
((قال لاينال عهدي الظالمين)):البقرة:124.
بمعنى:
إنّ المراد بالعهد في الأية الشريفة أعلاه هو(عهد الإمامة) بدليل وحدة السياق القرآني الموضوعي فإنّها جاءت بعد قوله تعالى:
((قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ))
((قال لاينال عهدي الظالمين))
((.و تفسير العهد كما هو ظاهر مساق الآية بالإمامة والولاية .
ورد في كلمات الطبرسي وغيره في هذه الآية ،
وإنّ العهد الإمامة ، وأنه المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله صلوات الله عليهما ،
يعني لا يكون الظالم إماما للناس ، واستدل أصحابنا بهذه الآية على أن الإمام لا يكون إلا معصوما .
وفي الرواية المفصلة عن المفضل ،
عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) في هذه الآية قال /ع/ :
والعهد عهد الإمامة ، لا يناله ظالم - وأن الظالم بجميع معانيه وأنواعه لا يكون إماما ))
:مُستدرك سفينة البحار:الشاهرودي:ج7:ص496.
ولسائل أن يسأل مَن همٌ الظالمون ؟
في نص الآية الشريفة الذين لاينالون عهد الإمامة الإلهية الحقة
وهنا تُطرح إحتمالات ثلاثة في معنى الظالم وهي كما يلي:
:1: شخص ظالم على مدى العمر.
:2: شخص ظالم أول حياته وغير ظالم آخر حياته
:3:شخص غير ظالم أول حياته وظالم آخر حياته.
وهذه المحتملات الثلاثة كلّها مصداق جلي لمفهوم الظالم فلا يصلح أحد منها لمنصب الإمامة بنص القرآن الكريم.
فينحصر الأمر عقلا وشرعا بشخص رابع غير ظالم لنفسه مدى حياته وهو الإمام المعصوم الحق.
بل يكون مفهوم الظلم في شخصه أمرا عدميا منتفيا فعلا
وهذا هو الذي يستحق العهد الألهي لأنّه غير ظالم قطعا.
ومصداقه الحق اليوم هو الإمام المهدي:ع:
وقال العلامة الحلي أيضا :
((الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه لأنّ العصمة من الأمور الباطنية التي لايعلمها إلاّ الله تعالى فلابد من نص من يعلَم عصمته عليه أو ظهور معجزة على يده تدل على صدقه))
: الباب الحادي عشر: العلامة الحلي:ص112.
بمعنى:
أنّ طريق تعيين الإمام هو النص لا غير والمستند في ذلك:
هو أنّ الإمامة المنصوبة والمعصومة هي أمرٌ إلهي لايعلم مُستحقيه إلاّ الله تعالى
فلابد من التنصيص الألهي والنبوي والإمامي على إمامة الإمام الحق ربانيا
والمعصوم فعليا بعد رسول الله :ص: أو بعد الإمام:ع:
وإلاّ أي وإن لم يكن النص طريقا الى معرفة الإمام الحق يبقى خيار إظهار المعجزة على يد مَن يدعي الإمامة الحقة إثباتا لصدق دعواه.
وأما التنصيص الألهي على إمامة الأئمة الإثني عشر فثابت عندنا بالقطع واليقين قرآنيا ونبويا وإماميا
فهناك العشرات من الآيات القرآنية النّاصة علنا على ضرروة نصب الإمام:ع: وعصمته
فضلاً عن الحادثة التأريخية الشهيرة لتنصيب الإمام علي بن أبي طالب:ع: والتنصيص على إمامته الحقة وخلافته بعد رسول الله محمد:ص: في 18:من شهر ذي الحجة الحرام لسنة :10: للهجرة النبوية الشريفة في حجة الوداع.
والقرآن الكريم أفصح نصا عن تلك الحادثة المهمة في آية التبليغ من سورة المائدة فقال الله تعالى::
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67
أي:
يا أيها الرسول محمد:ص: بلِّغ وحي الله الذي أنزِل إليك من ربك في شأن علي:ع:
وإن قصَّرت في البلاغ فَكَتَمْتَ منه شيئًا, فإنك لم تُبَلِّغ رسالة ربِّك,
والحال أنه قد بلَّغ صلى الله عليه وآله وسلم رسالة ربه كاملة وأخرها هذا الأمر الذي نزل
فمن زعم أنه كتم شيئًا مما أنزِل عليه, فقد أعظم على الله ورسوله الفرية.
والله تعالى حافظك وناصرك على أعدائك, فليس عليك إلا البلاغ.
إن ّ الله لا يوفق للرشد مَن حاد عن سبيل الحق, وجحد ما جئت به من عند الله.
أما المذاهب الأخرى وخاصة من أهل السنة التي قالت ببشرية نصب الإمام وتعيينه وقالت بالشورى والبيعة.
فعندهم الإمام هو ذلك الشخص الذي يستولي بالقوة على سلطة دولة المسلمين كما فعل الذين يُسمّونَ بالخلفاء مجازاً
وبهذا الاساس عندهم يكون الإمام مجعولا من نفسه لا بجعل من الله تعالى وبإنتخاب الناس له أي إقرارهم القهري بإمامته
وهذا ما حصل فعلا في الفترة ما بعد شهادة النبي محمد:ص:
فقد أخذ الخلفاء الثلاثة من بعده:ص: البيعة من الناس لهم بالقوة.
أما المذهب الزيدي (وهم أتباع زيد بن الإمام علي بن الحسين:ع
فعندهم الإمام هو مَن يثوربالسيف ويكون فاطميا من جهة النسب.
و( بايع الزيدية كل علوي ثائر إذا توفرت فيه شروط الإمامة ، بايعوا غير واحد من بني الحسن كالنفس الزكية وأخويه إبراهيم ويحيى ثم غيرهم من العلويين الثائرين من أبناء الحسن والحسين:ع
: مستدركات أعيان الشيعة:السيد حسن الأمين:ج2:ص366.
والحق :هو أن الإمامة خلافة عن الله تعالى ورسوله فلا يحصل إلا بقولهما .أي بالنص القطعي الصدور منها.
و أنّ إثبات الإمامة بالبيعة والدعوى(الإنتخاب) يفضي إلى الفتنة ،
لإحتمال أن تبايع كل فرقة شخصا أو يدعي كل فاطمي عالم الإمامة ، فيقع التحارب والتجاذب بين الناس .
وقد قال العلامة الحلي أيضا:
((الإمام يجب أن يكون أفضل الرعية مطلقا))
: الباب الحادي عشر: العلامة الحلي: ص114.
يعني يجب أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه لأنه مقدم على الكل
فلو كان فيهم من هو أفضل منه لزم تقديم المفضول على الفاضل وهو قبيح عقلا وسمعا
ومعنى الأفضلية هنا الأفضلية في الكمالات العلمية والعملية والأخلاقية والنفسية بين الناس والتي يجب توافرها في شخص الإمام المعصوم:ع: .
فيكون بهذه الأفضليات الذاتية في كيانيته أفضل شخص وأرقى إنسان في المجتمع البشري حتى يكون مؤهلا للإئتمام به والسير على نهجه.
وإلاّ أي وإن لم يكن الإمام كذلك لما كان له فضل على غيره فيلزم تقديم المفضول وهو الأدنى منه عليه أي على الفاضل وهذا أمر قبيه عقلا وعرفا وشرعا إذ لعّله يكون هناك من هو أفضل منه.
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي :النجف الأشرف: