عدد المساهمات : 670 نقاط : 2022 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/04/2013
موضوع: الاعداد الروحي في زمن الغيبة الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:16 am
الاعداد الروحي في زمن الغيبة
لا شك ان معظم حالات التراجع والانحطاط في مستويات التعامل مع الناس يعود الى انخفاض المستوى الروحي عند الافراد ، والارتباط بالله تعالى ، فانه لا شيء يردع الانسان عن الظلم والخيانة الا الشعور بالرقابة الآلهية ، وممارسة العبادة الحقيقية من ذكر ودعاء وصلاة 0 وبهذا يكون الدين عطاء ومحبة وسلام واخوة يزهر في حياة الانسان وفي الارض وفي التعامل مع الناس 0 فالثقافة الاسلامية ، والتنمية الروحية ، والتربية النفسية عوامل تزيد في رقي وتقدم المجتمع والافراد.
قال تعالى : ( ان الله اشترى من المؤمنين انفسهم واموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم / التائبون العابدون الحامدون السائحون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر الحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ) التوبة 111/1112
سبحان الله ، انظر الى هذا الاقتران الرائع بين الجهاد والقتال ومبايعة الله ورسوله ، وبين اجواء العبادة الحميمة من توبة واذكار وامر بمعروف ونهي عن منكر 0 ان ثبات المؤمن في ارض المعركة لا يأتي فقط نتيجة الوعي والايمان والعبادة بل بمدد آلهي ايضا فيشرح الله صدره ويفرغ عليه صبرا ويثبته في ارض المعركة وينصره على اعدائه ، وهذا المدد اكثر ما ينزل على المرء حين يتضرع الى خالقه فينقطع اليه يدعو ويبكي وحين تنزل رحمة الله على العبد ، قال تعالى : ( ادعوني استجب لكم )
الاسلام دين التكامل في كل شيء ، له احكام وارشادات ونظريات في الفرد والمجتمع ، وفي الارتباط فيما بينهما ، فهو يقول : كلكلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر افضل من عامة الصلاة والصيام ، فالفرد والمجتمع كلاهما مسؤول عن الآخر0 وان هدف كل منهما هو التغيير نحو الافضل ، يقول تعالى : ( ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون ) البقرة 177
ان المؤمن يعود الى تعاليم دينه في كل تصرفاته ، فهو من عباد الله الذين يمشون على الارض هونا ، وينشطون هونا فلا يستثارون ولا يستفزون واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وكيف ؟ لانهم لا تبعثهم المخاطبة الجاهلية الى الرد فهم في سلام حين تقرر لهم الرسالة بذلك وفي حرب حين يؤمرون بالحرب.
الاتجاه المتكامل للتربية الاسلامية 1- التأكيد البالغ على تربية الجانب الروحي المرتبط بالله 2- بناء الشخصية الاسلامية للفرد والانطلاق من الافراد الى المجتمع في عملية الاصلاح وتغيير اوضاع الناس بما يتلاءم مع الاسلام0 فان صلاح المجتمع يبدأ بصلاح الافراد 0 يقول تعالى : ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ) 0 ان تنفيذ الارادة التشريعية لله تعالى وهو الذي يحث على حسن الخلق ، والجهاد والعطاء والعلم ، والعبادة والذكر وهذه الامور هي شروط ضرورية للشخصية الاسلامية وهي اطار للروحية الاسلامية الكامنة في عمق الانسان المؤمن 0
ذكر الله تعالى
ان الايمان الذي يشكل الحد الادنى في الشخصية الاسلامية يتضمن عنصرين : 1- عدم الارتياب والشك في وجود الله تعالى ، يقول تعالى : ( انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ، ثم لم يرتابوا ، وجاهدوا باموالهم وانفسهم اولئك هم الصادقون ) الحجرات 15 2- ذكر الله تعالى وهو ان تحفظ الله في نفسك وشعورك على الدوام وفي القلب واللسان 0وقد تنوع الحث القرآني على ذكر الله : أ- ذكر الله كثيرا : ( يا ايها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ) الاحزاب 41 ب- ذكر الله عند الذنب : ( والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ) آل عمران 135 ج - ذكر الله في مواطن العبادة : ( فاذا افضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) البقرة 198 د- ذكر الله عند التذكير : ( والذين اذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا ) الفرقان 73 ه- ذكر الله بصورة مطلقة : ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية ) الاعراف205
من عطاء الذكر 1- الشعور بالرقابة الآلهية وفي هذا الشعور قوة دافعة وعظيمة على الالتزام بحدود الله وتعاليمه 0 2- التنعم بحلاوة ذكر الله تعالى يجعل الانسان يتسامى في الحياة عن صغائرها وتوافهها مما هو مورد تنافس الناس وتصارعهم 0 3- ذكر الله يولد الشعور بالاطمئنان والسكينة والوقار ( الا بذكر الله تطمئن القلوب ) الرعد 28 والسبب في الاطمئنان هو الاستقرار النفسي عندما ترتبط النفس بمنطلقات غير متغيرة ، اما اذا ارتبطت باشياء متحركة ومضطربة فان هذا سينعكس عليها اضطرابا بصورة قلق وحزن وجزع 0 4- وفي مسيرة الحياة يتعرض الانسان الى الوان من المكاره والمضايقات والغربة مما يشكل له ضيقا نفسيا يتم معالجته بذكر الله 0 يقول تعالى : ( فاصبر على ما يقولون ، وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، ومن اناء الليل فسبح واطراف النهار لعلك ترضى ) طه 13
معنى الحياة في نفس المؤمن 1- الحياة نعمة آلهية وخير من فضل الله تعالى على الانسان ، وهذا الاحساس يولد لدى المؤمن الشعور بالشكر من جهة ومن جهة ثانية الانفتاح النفسي على الحياة والتجاوب معها 0 2- الحياة مرحلة عابرة نحو الحياة الابدية والاحساس بقصر مدتها وسرعة حركتها وعدم استقرارها وتربية هذا الاحساس هي ما يميز المؤمن عن الآخرين ، وبهذا الاحساس ينمو لدى المؤمن الوعي الكوني وتتوسع آفاقه واطر تفكيره وبذلك يرى كم يكون الطغيان تافها وكم يكون الطغاة صغارا في الحساب التاريخي وحساب الحياة برمتها وحساب الكون وخالق الكون ويبصر بعينيه كم هي صغيرة قيمة الجاهلية0 3- الحياة الدنيا دار فتنة وبلاء واختبار في مقام عبودية الانسان ودوره في الحياة ، يقول تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور ) الملك2 0
ان التربية المعاصرة الممثلة بالحضارة الغربية تتناقض مع التربية الاسلامية من حيث اتجاهين : 1- اهمال التوعية الشاملة للوجود : وبذلك تتجمد لدى الانسان قوة الرفض والثورة التي لا تقوم الا على اساس فكرة شاملة تخرج عن الاطار الضيق للجزئيات 0 2- انكار وجود الاله الحكيم
الوعي التاريخي 1- الشعور بحركة الاحداث : قد يمر المؤمنون بواقع فاسد يشعرون فيه انهم مستضعفون محاربون من كل حدب وصوب ، والقرآن يعالج مثل هذه الحالة عن طريق تكوين العقلية التاريخية لدى الانسان والتفكير بان هذه الفترة من الزمن ان هي الا جزء من مسلسل الحدث التاريخي المتعير باستمرار والمتحرك على الدوام ، يقول تعالى : ( وان يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم ابراهيم وقوم لوط واصحاب مدين وكذب موسى فامليت للكافرين ثم اخذتهم فكيف كان نكير فكأين من قرية اهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد افلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او آذان يسمعون بها فانها لا تعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور ) الحج 42-46 ويحفل القرآن الكريم بالآيات التي تحذر اصحاب السلطان والغنى واهل النعمة والثراء من الطغيان والاعتبار بمن كان قبلهم ، ومن جهة ثانية الآيات التي تقول للمؤمنين لا تيأسوا فان الفراعنة الى انتهاء والكفر الى زوال 0
ان ضيق الافق التاريخي والنظر الى اوضاع الانحراف كواقع غير قابل للتغيير يؤدي الى نتائج سلبية عديدة منها : أ - ارساء حالة الضيق وفقدان الامل وبالتالي تتعطل الفعالية المؤمنة 0 ب - القيام بالتنازلات العملية ، ينبع ذلك الانصهار في مجتمع الفساد والذوبان فيه0 ج - التنازل الفكري ، ثم التشكيك في المبدأ الذي يعتنقه الانسان 0 يقول تعالى : ( ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار ) هود113 والركون الى الذين ظلموا هو الاثر العملي السلبي الذي يحذر منه تعالى رسوله ومن تاب معه 0 2- الشعور بوحدة المسيرة : ان وراء التعدد الهائل للانبياء والمرسلين والائمة والصالحين ووراء تعدد شرائعهم واساليبهم ومراحلهم وراء كل ذلك وحدة في انموذج الرسالي وشخصية الدعاة ، في مواجهة الضلال والعمى والطغيان والبغي والتهديد 0 3- الاحساس بحتمية الانتصار النهائي : ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) 4- الشعور بالائتمام 0