ذكرت بعض الروايات أن لخروج اليماني والخراساني علامات تدل عليهما, منها أن خروج السفياني واليماني والخراساني يكون في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد.
وبناءاً على صحة هذا الخبر فأن ظهور اليماني لا يكون إلا قبل ما يقارب السنة أو أقل إلى سنة وثلاثة أشهر وهي أقصى مدة ذكرت لحكم السفياني بعد خروجه.
وبذلك يظهر لك بطلان كل الادعاءات لليماني وبعد لم يظهر السفياني الذي يكون ظهوره مقارناً لظهور اليماني وكذلك الحال مع الخراساني.
ثم فان بعض الروايات ذكرت أن اليماني يخرج من اليمن, وأنه يوالي علياً (عليه السلام) وأن الخراساني يخرج من خراسان, وأن اليماني من ملوك اليمن وأن أسمه حسن أو حسين, وأنه من ذرية زيد بن علي(عليه السلام) وأنه يدعو إلى الحق ورايته راية هدى, لأنه يدعو إلى صاحب الأمر (عليه السلام) فهذه الأخبار وغيرها لابد من تحققها, وأن تحققت فأنها تقوي أحتمال كون هذا هو المقصود بالروايات, ومع ذلك يبقى ذلك أحتمالاً حتى تحصل جميع العلامات. وأنت غير ملزم بأتباع أصحاب الادعاءات إلا بعد القطع واليقين بصدق مدعاهم , وأن مثل اليماني والخراساني سوف لا يكونان بعيدين عن أنظار العلماء والفقهاء العدول, وهم الأكثر معرفة في تشخيصهما. فباتباعهم والاقتداء بهم تكون من الناجين والمناصرين للإمام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف انشاء الله تعالى).
ان الرواية إذا أردنا اعتبارها علامة على خروج اليماني, وأن رايته راية حق كما يتضح من آخرها لا تكون حجة علينا إلا بعد أن تتم العلامة فيها, وهي خروج السفياني والخراساني واليماني في يوم واحد, حتى نستطيع بعدها التصديق بأن هذا الخارج مع الخراساني والسفياني هو اليماني.
وأما قبل تحقق العلامة لا ينبغي لأحد التصديق باليماني من وراء هذه الرواية فلعل الشخص يكون مدعي لهذه الصفة, فعليه أن يأتي بدليل واضح يثبت فيه كونه هو اليماني دون غيره من الناس حتى يجب على الناس أتباعه.
على أننا لابد أن نعرف أن خروج اليماني يكون من اليمن كما توضح بعض الروايات حيث تقول: (وخروج السفياني من الشام واليماني من اليمن) فعلى من يسمع تلك الإدعاءات التي تقول بظهور اليماني هاهنا وها هناك لابد من تكذيبها بعد مخالفتها لتلك الروايات.
على أننا بعد تتبع مجموعة من الروايات لم نجد اختلافاً بين الألفاظ التي ذكرتها وهي (خروج وقيام وظهور) ففي رواية عن علي بن الحسين(عليه السلام) قال: (( والله لا يخرج أحد منا قبل خروج القائم إلا كان...)) وفي رواية أخرى عن الصادق (عليه السلام) قال: (كل راية ترفع قبل قيام القائم (عليه السلام)...) فالإمام زين العابدين أستعمل لفظ الخروج والصادق لفظ القيام والمعنى واحد بل أن الصادق أستعمل الخروج والقيام بمعنى واحد في كلام واحد حيث قال (عليه السلام): (وأن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية, قيل: يا بن رسول إلى متى؟ قال إلى قيام القائم, فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا...)
وكذلك الحال مع كلمة ظهور, ففي رواية يسأل المفضل الإمام الصادق(عليه السلام) يقول: (يا مولاي: فكيف بدء ظهور المهدي(عليه السلام) وإليه التسليم؟
فيجيب الإمام (عليه السلام) : يا مفضل يظهر في شبهه ليستبين فيعلو ذكره ويظهر أمره وينادي باسمه وكنيته ونسبه...) إلى أن يقول: (ثم يظهره الله كما وعد به جده (صلى الله عليه وآله) في قوله عز وجل: (( هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ )) (التوبة:33) قال المفضل يا مولاي فما تأويل قوله تعالى: (( لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ )) قال (عليه السلام): هو قوله تعالى( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) فو الله يا مفضل ليرفع عن الملل والأديان الاختلاف ويكون الدين كله واحدا) ومحل الشاهد من هذا الكلام هو تفسير الإمام لإظهار الله له بالقتال وإزالة الأديان جميعاً غير دين الإسلام وبهذا لا يبقى أي معنى لقولك أن الظهور لا يستعمل بمعنى الخروج, وتفسيرك للظهور باتضاح بعض الغموض يعني أن الظهور لا يحصل حتى في زمن الغيبة وهذا ما لا يقول به أحد, فراجع أقوال العلماء والمفسرين في ذلك. بل يلزم منه أن درجة ظهوره متفاوتة بالنسبة لاختلاف الأشخاص فإن كلا ً منهم يعرف الإمام (عليه السلام) بنسبة معينة, فيكون ظهوره عن هذا أوضح من ظهوره عند ذاك!!
أما ما يتعلق بالرجوع إلى العلماء والفقهاء في فهم مضامين الأحاديث وتطبيقها على مصاديقها فهو أمر ضروري وواضح فهم أهل الاختصاص الذين يجيدون فهم تلك العبارات والمراد منها, ونحن إذا لم نرجع إليهم في ذلك فإلى من نرجع؟
أما أن نرجع إلى نفس المدعين أو إلى أشخاص غير العلماء والفقهاء أو يرجع كل شخص إلى نفسه, فأما الأول وهو الرجوع إلى نفس المدعين فلا يخفى عليك مدى الإدعاءات الكاذبة في الأزمان السابقة والذين أدعوا فيها الاتصال بالإمام أو أنه الباب له أو أنهم ممن لهم مواصفات خاصة من أتباع الإمام كاليماني والخراساني والحسني وغيرهم والتي ذهبت ادعاءاتهم أدراج الرياح ولم يظهر الإمام وثبت بالقطع أن الذين أدعوا في تلك الأزمان أنهم الحسني أو الخراساني أو اليماني وغيرها من التسميات أنهم ليسوا المرادين في الروايات الوارد ة عن المعصومين (عليهم السلام) وهم ليسوا المصاديق الحقيقة لأقوالهم (عليهم السلام), والحصيلة أن من يدعي منصباً معيناً يحتمل أن يكون كاذباً كما يشهد بذلك التاريخ فالرجوع إلى نفس المدعي طريق غير صحيح لإثبات صحة مدعاه وأما الرجوع إلى غير الفقهاء والعلماء لفهم أحاديث أهل البيت(عليهم السلام) معناه الرجوع إلى الجهال ولا أظنك ترضى بالرجوع إلى الجهال بعد عدم رضاك بالرجوع إلى الآخرين حتى لو كانوا علماء.
وأما رجوع كل شخص إلى نفسه فلازمه حصول الاختلاف فواحد يدعي مثلاً: أن فلان هو اليماني, والأخر يدعي غيره, وثالث يدعي عدم ظهور اليماني لحد الآن, فإلى من نصدق وكيف نرفع الاختلاف؟ وستكون النتيجة أن يظل كل شخص متزمتا ً على رأيه فلا نستطيع نحن أقناعك ولا تستطيع أنت أقناعنا.
وأما قول أن إرجاع الناس إلى العلماء والفقهاء العدول غير وارد من أهل البيت فغير صحيح, فمن الذي أرجع الناس في زمن الغيبة إلى الفقهاء العدول؟ وقال (من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه).
واما قول ان الانقياد لليماني هو تكليف فردي.., فنحن نسألك لو كلفك شخص يدعي انه اليماني وقال لك مثلاً اقتل فلاناً فهل سوف تقبل قوله وتتبعه ام ترجع الى الفقهاء العدول في ذلك فإن قلت إتبع اليماني حتى لو قال لي الفقهاء العدول بحرمة ذلك في الدم فنحن نقول لك انك خرجت عن التقليد في هذه المسألة ورجعت الى اليماني الذي اعتبرته مقلدك فأنت مقلد لليماني المزعوم وتارك للعلماء المأمور انت بأتباعهم فان انكرت وجوب اتباع العلماء على كل حال فلا كلام على لنا معك وخذ علمك ممن تتبعه وستعرف مصيرك في الآخره.