هذه الدراسة ليس مقالا أو طعن في أحد بل بحث عميق يوصلنا للاعلم بعد الرسول محمد (ص) وبأدلة من كتب جهابذة العلماء واعتمدنا في الموضوع على علماء من السنة .
وأطلب من كل قارئ كريم أن يتصفح المصادر التي سأذكرها وبعد انتهائه من مصداقية الدراسة يقرر هل انا على حق أو باطل ..
ومن المعلوم قد سبقنا الكثيرين رحم الله الاموات منهم وحفظ الاحياء لخدمة المسلمين .
والفرق في هذا البحث هو انني جمعت الكثير من المصادر للبيان عن من يريد أن يصل الى الله تعالى ويشفع له رسول الله ابو القاسم محمد (ص) ويأخذ علومه من باب المدينة التي اشار لها رسول الله (ص) انا مدينة العلم وعلي بابها .
وهذا البحث قليل من كثير .
إن المخطط الإلهي للحياة البشرية مخطط حكيم و كامل و لا يمكن أن يهمل مسالة قيادة الأمة الإسلامية بعد الرسول (ص) بدون تخطيط أو يترك الأمة من غير راعٍ و ولي، و هذا مما يدفع بالأمة إلى الانزلاق نحو هاوية الفتن والصراعات والتناقضات، و يكون سبباً لإهدار أتعاب الرسالة، و هو ما لا يقبله العقل السليم و لا يصدقه الشرع طبعاً.
يقول الرسول (ص):ـ (فان الله قد نصبه لكم وليا واماما وفرض طاعته على كل احد. ماض حكمه. جائز قوله. ملعون من خالفه. مرحوم من صدقه. اسمعوا له واطيعوا. فان الله مولاكم وعلي امامكم ثم الامامة في ولدي من صلبه إلى القيامة. لا حلال الا ما احله الله ورسوله. ولا حرام الا ما حرمه الله ورسوله وهم )(1).
و ما قآله (ص) في علي (ع): (يا علي انت وصيي ووارثي وابو ولدي وزوج ابنتي .. امرك امري، ونهيك نهيي اقسم بالله الذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية، انك لحجة الله على خلقه، وامينه على سره وخليفة الله على عباده)(2).
الايات القرانية في منصب الامام علي (ع) ..
يقول أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، المتوفى سنة: 468 هجرية، عن أبي سعيد الخدري، قال: "نزلت هذه الآية :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾(3) يوم غدير خم، في علي بن أبي طالب رضي الله عنه"(4).
وقال. أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي، المتوفى سنة 127 هجرية، عن ابن عباس، قال: نزلت الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾ في علي حيث أمر الله سبحانه أن يخبر الناس بولايته، فتخوّف رسول الله (ص) أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله تعالى إليه، فقام بولايته يوم غدير خم، و أخذ بيده، فقال رسول الله (ص ): " من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه "(5).
و إن نزول آية الإكمال و هي: ﴿ ...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...)(6) في يوم الغدير بعد إبلاغ النبي (ص) الناسَ بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) لدليل واضح على أن اكتمال أهداف الرسالة و ضمان عدم وقوع انحرافٍ أو فراغٍ تشريعي أو قيادي أو سياسي بعد الرسول (ص )، إنما يتحقق في حالة استمرارية القيادة المنصوبة و المنصوص عليها من قبل الله ..
وقال تعالى { إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }(7)
لقد اتفق الفريقان سنة وشيعة على رواية حادثة تصدق الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام بخاتمه على السائل في مسجد النبي (ص) في الصلاة حال ركوعه ونزول قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ فيه.
وقد صرّح العديد من علماء أهل السنة وأئمتهم بنزول الآية في علي عليه السلام، قال الشريف الجرجاني في كتابه (شرح المواقف): (وقد أجمع أئمة التفسير على أنّ المراد بـ ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ علي فإنّه كان في الصلاة راكعاً فسأله سائل فأعطاه خاتمه فنزلت الآية)(
.
يقول الزمخشري في كشافه: ( وإنها نزلت في علي كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح خاتمه كأنه مرجأ في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته )(9).
وفي تفسير القرآن العظيم لابن كثير:
{ إنما وليكم الله ... الآية } عن غالب بن عبد الله سمعت مجاهدا يقول في قوله ـ إنما وليكم الله ورسوله .. الآية نزلت في علي بن آبى طالب، تصدق وهو راكع .. (10).
يقول حسان بن ثابت في هذه المناسبة:
أبا حسن تفديك روحي ومهجتي *** وكل بطيء في الهوى ومسارع
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً *** فدتك نفوس الخلق يا خير راكع
بخاتمك الميمون يا خير ســـــيدٍ *** ويا خير شار ٍ ثم يا خــــير بايـع ٍ
فأنزل فيك الله خير ولايــــــــــة ٍ *** وبيّنها في المحكمات الشـــرائع
وقال عضد الدين الأيجي: (وأجمع أئمة التفسير أن المراد علي)(11)
وقال سعد الدين التفتازاني: (نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته)(12).
وقال علاء الدين علي بن محمد الحنفي القوشجي السمرقندي: (بيان ذلك: أنها نزلت باتفاق المفسرين في حق علي بن أبي طالب حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته ... )(13).
وقال ابن الجوزي: (قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ﴾ اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال، أحدها أنّ عبد الله بن سلام وأصحابه جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنّ قومنا قد أظهروا لنا العداوة ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقالوا رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين وأذّن بلال بالصلاة فخرج رسول الله (ص) فإذا مسكين يسأل الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أعطاك أحد شيئاً ؟ قال: نعم، قال: ماذا ؟ قال: خاتم من فضّة، قال من أعطاكه ؟ قال: ذاك القائم، فإذا هو علي بن أبي طالب، أعطانيه وهو راكع، فقرأ رسول الله (ص) هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس وبـه قال مقاتل، وقال مجاهـد: نزلت في علي بن أبي طالب تصدّق بخاتمه وهو راكع ... )(14).
وتستطيعون مراجعة تفاسير اخرى(15).
والرسول (ص) يعتبر اتباع علي إنما هو طاعة لله ورسوله في قوله (ص) { من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصا علياً فـقـد عصاني }(16).
وعن الامام الحسين (ع) قال: { لما نزلت هذه الآية ( وكل شيء أحصيناه في أمام مبين } قالوا: يا رسول الله هو التوراة أو الإنجيل أو القرآن ؟ قال: لا، فاقبل إليه أبي علي (ع) فقال (ص): هــــو هــذا الإمام الذي احصى علم كل شيء ..(17).
وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله (ص)، فقالوا: إذا لقينا رسول الله (ص) أخبرناه بما صنع علي، فأقبل رسول الله (ص) والغضب يعرف في وجهه وقال: ما تريدون من علي ؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ..(18).
وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي عند تفسير قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع ". قيل إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري، وذلك أنه لما بلغه قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (رض ): " من كنت مولاه فعلي مولاه " ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك. .. إلى قوله: ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا، أفهذا شيء منك أم من الله ؟ فقال النبي (ص ): والله الذي لا إله إلا هو، ما هو إلا من الله، فولى الحارث، وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء، وائتنا بعذاب أليم، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت: (سأل سائل...)(19).
وهناك ايات في ولاية امير المؤمنين علي (ع) وهذه منها :
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِم ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ...
احاديث رسول الله (ص) في امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) .
و ما قآله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (عليه السلام): (يا علي انت وصيي ووارثي وابو ولدي وزوج ابنتي .. امرك امري، ونهيك نهيي اقسم بالله الذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية، انك لحجة الله على خلقه، وامينه على سره وخليفة الله على عباده)(20).
. قوله (ص) لعلي (ع): أنت مني و أنا منك(21).
قال (ص): علي ولي كل مؤمن بعدي(22).
و قوله (ص): حب علي إيمان و بغضه نفاق(23).
و قوله(ص): يا علي طوبى لمن أحبك و صدق فيك و ويل لمن بغضك و كذب فيك(24).
و قوله (ص) مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخو رسول الله(25).
و قوله (ص) فيما أخرجه ابن السماك عن أبي بكر مرفوعاً: علي مني بمنزلتي من ربي(26).
و قوله (ص) يوم عرفات في حجة الوداع: علي مني و أنا من علي و لا يؤدي عني إلا أنا أو علي(27).
قوله يا علياً من فارقني فقد فارق الله و من فارقك فقد فارقني(28)
قوله (ص) لعلي (ع): أن الأمة ستغدر بك بعدي و أنت تعيش على ملتي و تقتل على سنتي من أحبك أحبني و من أبغضك أبغضني وأ ن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه)(29).
قوله (ص) مشيراً لعلي (ع): إن هذا أخي و وصيي و خليفتي من بعدي فاسمعوا له و أطيعوا(30).
قال الرسول (ص) علي وشيعته هم الفائزون(31).
وروى الطبراني في (المعجم الكبير) عن سلمان قال: قلت: يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك ؟ فسكت عني فلما كان بعد رآني، فقال: يا سلمان فأسرعت إليه، قلت: لبيك، قال " تعلم من وصي موسى ؟ قلت: نعم يوشع بن نون، قال: لم ؟ قلت: لأنه كان أعلمهم، قال فإن وصي وموضع سري وخير من أترك بعدي ينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب "(32).
وأن أحاديث نبينا الاكرم (ص) في امام المتقين ويعسوب الدين الامام علي (ع) لاتمل وهي كثيرة وسأكتب بقيتها نهاية الدراسة منطلقا من قوله تعالى (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وأحب تلك الاحاديث ولا املها .
اما الاحاديث الموقوفة على الصحابة فأولها ما رواه الحاكم في (المستدرك) عن قيس بن أبي حازم قال: " كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب والناس وقوف حواليه، إذ أقبل سعد ابن أبي وقاص فوقف عليهم، فقال: ما هذا ؟ فقالوا: رجل يشتم علي بن أبي طالب، فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه، فقال: يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب ألم يكن أول من أسلم ألم يكن أول من صلى مع رسول الله (ص) ألم يكن أزهد الناس ألم يكن أعلم الناس، وذكر حتى قال: ألم يكن ختن رسول الله (ص) على ابنته ألم يكن صاحب راية رسول الله (ص) في غزواته ثم استقبل القبلة ورفع يديه، وقال: اللهم إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك، قال قيس: فوالله ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات .
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم "(33).
وروى أحمد في مسنده عن عمرو بن حبشي قال: " خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي (رض) فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله (ص) ليبعثه ويعطيه الراية، فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبع مئة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله "، قال محقق الكتاب: حسن، عمرو بن حبشي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان(34) وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين(35).
حديث الغدير بحق امير المؤمنين (ع)
حديث الغدير حدث رباني تاريخي قرر الله تعالى و رسول الله (ص) مصير المسلمين من بعد وفاته .فغير ممكن أن تبقى الارض خالية من مصدر للشرعية الاسلامية
ومن يكذب أحاديث رسول الله (ص) ملعون في الدنيا والاخرة ,والذين يزرعون بذور الفتنة هم من يكذبون الاحديث النبوية الشريفة ..
والافضل البحث عن الحقيقة فأن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة - كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته. الحديث يحمل دلالة واضحة و صريحة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) باعتباره المرشح الوحيد لتسلّم زمام الأمة بعد النبي(ص)، و كونه الولي الشرعي المنصوب من قبل رب العالمين بواسطة سيد الأنبياء و المرسلين (ص) و هو الأمر الذي اعتبره الله عَزَّ و جَلَّ تكميلاً للرسالة و تتميماً للنعمة.
. قال الخطيب البغدادي: أبو بكر احمد بن علي، المتوفى سنة: 463 هجرية، عن أبي هريرة، قال: من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، و هو يوم غدير خم لمّا اخذ رسول الله (ص) بيد علي بن أبي طالب (ع) فقال: " ألست أولى بالمؤمنين " ؟
قالوا: بلى يا رسول الله .
قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " .
فقال عمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم(36).
وحديث الغدير متواتر رواه(37) المحدثون عن أصحاب النبي (ص) و عن التابعين بصيغٍ مختلفة، تؤكد جميعها على إمامة الإمام أمير المؤمنين (ع)، لكون الجوهر الأصلي فيه واحد و إن اختلفت بعض العبارات.
وذكر أبو إسحق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي (ص) لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة فأنافها على باب المسجد ثم عقلها، وجاء فدخل المسجد فجثا بين يدي رسول الله (ص) فقال: يا محمد، إنك أمرت نا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك. .. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس، وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أو من الله، فقال رسول الله (ص) وقد احمرت عيناه، والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني، قالها ثلاثاً(38).
يقول مسلم في صحيحه: " وعن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله (ص) يوما فينا خطيبا بماء يدعى " خما " بين مكة والمدينة فحمد الله ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله. .. ثم قال وأهل بيتي. .. "(39).
وأخرج الحافظ النسائي في الخصائص: عن زيد بن أرقم قال: لما رجع النبي (ص) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. .. ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن: ثم أخذ بيد علي (رض) فقال: من كنت وليه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. .. فقلت لزيد: سمعته من رسول الله (ص) قال: نعم، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه بأذنيه)(40).
وعن زيد بن أرقم قال: استشهد علي بن أبي طالب الناس، فقال أنشد الله رجلا سمع النبي (ص) يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه فقام ستة عشر رجلا فشهدوا(41).
وأخرج ابن المغازلي الشافعي حديث الغدير بطرق كثيرة، فتارة عن زيد بن أرقم، وأخرى عن أبي هريرة، وثالثة عن أبي سعيد الخدري وتارة عن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود وبريدة، وجابر بن عبد الله، وغير هؤلاء .
فعن زيد بن أرقم " أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل (ص) بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى: الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله (ص) في يوم شديد الحر، وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء. .. إلى قوله: ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (ع) فرفعها ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قالها ثلاثاً(42).
قال أبو القاسم الفضل بن محمد: هذا حديث صحيح عن رسول الله (ص )، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله (ص) نحو من مائة نفس منهم العشرة(43).
كيفية حديث الغدير
ولما قضى رسول الله (ص) نُسُكَه قَفَلَ إلى المدينة راجعاً وفي الطريق نزلت عليه في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة(44).
آية: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(45), فنزل غدير خُمّ من الجُحفة(46), وكان يتشعَّب منها طريق المدينة ومصروالشام(47), ووقف هناك حتى لحقه من بعده ورد من كان تقدم(48). ونهى أصحابه عن سمُرات , متفرقات بالبطحاء أن ينزلوا تحتهن، ثم بُعث إليهن فَقُم , ما تحتهن من الشوك , ونادى بالصلاة جامعة(49), وعمد إليهن , وظُلِّل بثوب على شجرة سمُرة من الشمس(50), فصلى الظهر بهجير(51),
ثم قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ وقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال:
إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإنِّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون ؟
قالوا نشهد أنّك بلَّغت ونصحت فجزاك الله خيراً.
قال: أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً عبده ورسوله وأنَّ الجنَّة حق وأنَّ النار حق ؟
قالوا: بلى نشهد ذلك.
قال: اللهم اشهد، ثم قال: ألا تسمعون ؟ قالوا: نعم.
قال: يا أيها الناس إنِّي فَرَط وأنتم واردون علىَّ الحوض وإن عَرْضَه ما بين بصرى إلى صنعاء(52), فيه عدد النجوم قِدحان من فضة، وإنّي سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله ؟ قال: كتاب الله طرف بيد الله وطرف بايديكم فاستمسكوا به لا تَضِلوا ولا تُبدِّلوا، وعترتي أهل بيتي وقد نبَّأني اللطيف الخبير أنهما لن يتفرَّقا حتى يرِدا علي الحوض سألت ذلك لهما ربي، فلا تَقدَّموهما فتهلكوا، ولا تُقصِّروا عنهما فتهلكوا ولا تعلِّموهما فهم أعلم منكم. ثم قال: ألستم تعلمون أنِّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله(53).
قال: ألستم تعلمون أو تشهدون أنّي أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى يا رسول الله(54) ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب بضَبْعِهِ فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما ثم قال: أيها الناس ! الله مولاي وأنا مولاكم(55).
فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه(56). وانصر من نصره واخذُل من خذله وأحِبّ من أحَبَّه وابغض من أبغضه(57). ثم قال: اللهم اشهد(58). ثم لم يتفرقا رسول الله وعلي حتى نزلت هذه الآية (... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ...) المائدة/3.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة. ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي(59).
فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة(60).
وفي رواية قال له: بخ بخِ لك يا ابن أبي طالب(61). وكانت لرسول الله (ص) عِمامة تُسمى السَّحاب كساها علياً (زاد المعاد لابن القيم فصل في ملابسه (ص) (يوم الغدير) وكانت سوداء اللون وكان الرسول (ص) يلبسها في أيام خاصة مثل يوم فتح مكة(62). وأمر النبي (ص) علياً)ع) أن يجلس بخيمة له بأزائه، ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فَهَنَّوْهُ بالإمامة ويسلِّمون عليه بإمْرَة المؤمنين، ففعل الناس ذلك اليوم كلهم وكذلك أزواج النبي (ص) وجميع نساء المؤمنين معه
. وأنشأ حسان بن ثابت في ذلك اليوم يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيُّهم *** بخُمّ وأسمِعْ بالرسول مناديا
وقال فمن مولاكمُ ووليكم *** فقالوا ولم يُبْدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا وأنت ولينا *** ولن تجدَنْ منا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني *** رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه *** فكونوا له أنصار صِدق مَواليا
هنالك دعا اللهم والِ وليه *** وكن للذي عادى علياً معاديا(63)
للوقوف على تفاصيل حديث الغدير و ما يتعلق به و دراسته بصورة دقيقة وشاملة يمكن مراجعة الكتب التالية:
1. الغدير في الكتاب و السنة و الأدب، للعلامة الشيخ عبد الحسين الأميني (قدَّس الله نفسه الزَّكية) .
2. المراجعات، للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي (قدَّس الله نفسه الزَّكية ).
والمصادرالاخرى لحديث الغدير(64) وهي كثيرة جدا.
حديث المنزلة بحق امير المؤمنين علي (ع)
روي هذا الحديث ـ المنزلةـ جماعة كبيرة من العلماء، كالبخاري ومسلم .. :«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) .
وذكر رسول الله (ص) في المناسبات التالية :ـ
يوم المؤاخاة , يوم بدر , يوم فتح خيبر , غزوة تبوك , يوم المباهلة , حجة الوداع , يوم غدير خم .
في غزوة تبوك عندما استخلف النبي (ص)علي بن أبي طالب (ع) محله فقال له النبي (ص) أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبي بعدي(65).
وهذا الحديث متواتر بين الشيعة والسنة، وقد رواه جماعة كبيرة من الصحابة وصرح العلماء من الفريقين بصحته(66).
جاء في مسند احمد بن حنبل وحديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه: (انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي )(67).
وجاء في الصواعق ص 107: (أخرج أحمد أن رجلا سأل معاوية عن مسألة، فقال: سل عنها علياً فهو أعلم، قال: جوابك فيها أحب إليّ من جواب علي، قال: بئس ما قلت لقد كرهت رجلا كان رسول الله يعزه بالعلم عزّاً، ولقد قال له:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه). ومنها: حديث (سدّ الأبواب) فقد سدّ النبي (ص) بأمر الله تعالى أبواب الدور التي كانت مشرعة إلى المسجد إلا باب بيت علي (ع).
والحاكم(68) في حديث (ان رسول الله (ص) سدّ الأبواب إلى المسجد غير باب علي (ع) حتى أن عمر بن الخطاب كان يقول: أُعطي علي بن أبي طالب ثلاثا لأن تكون لي واحدة منها أحبّ إليّ من حمر النعم: زوجته فاطمة بنت رسول الله، وسكناه المسجد مع رسول الله يحل له ما يحل له فيه، والراية يوم خيبر)
وقد كان لعلي (ع) من الفضائل والمناقب والمواقف كثرة مدهشة: كجهاده في سبيل الله تعالى يوم (بدر) و (أحد) و(خيبر) و (حنين) و (الأحزاب) وغيرها، وكمبيته على فراش الرسول (ص) ليلة الهجرة، وكسبقه إلى الإسلام، وكعلمه الكثير حتى قال الرسول (ص) (أنا دار الحكمة وعلي بابها)(69).
وذكره البخاري: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، في كتابه صحيح البخاري: حدثنا شعبة عن سعد قال: سمعت إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: قال النبي (ص) لعلي: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"(70).
والترمذي: أبو عيسى محمد بن سورة، عن جابر بن عبد الله، أن النبي (ص) قال لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي".
قال: و روي عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص: أن النبي (ص) قال لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"(71).
ومسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله(ص) لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(72).
ومن الأحاديث الأخرى التي تشير إلى آستخلاف علي حديث المنزلة: عن مصعب بن سعد، عن أبيه: أن رسول الله (ص) خرج إلى تبوك واستخلف عليا فـــــقال: أتخلفني في الصبيان والنساء ؟ قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي ...(73).
علم امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)
قال الرسول (ص) (علي عيبه علمي )(74).
فعلي (ع) هو – وقبل أي شيء آخر – احد أولئك الاصفياء الذين انتجبهم الله تعالى لقيام الحق في هذه الارض، فمن الطبيعي ان تتجلى فيه شرائطه وضروراته كافة. بما فيها هذا المدد الخاص من العلم الذي يمكنه من الاحاطة لا بخصوص مظاهر التكوين وحدها، وانما بمقتضيات حكمة الله فيها أيضاً
اذن فعلم علي (ع) فيض آلهي خاص لا تحدده طبيعة الانسان الاعتيادي، ولا تحكمه ظروف الانية ولا مستوياته ولا الاتجاهات الشائعة لمعرفته في عصر من العصور أو حضارة من الحضارات، وانما يحدده – قبل أي شيء آخر – اصطفاء الله تعالى له، فهو علم آلهي المنشا، افيض عليه (ع) لتأهيله للقيام بمهماته الكبرى التي كلّف بها في دين الله سبحانه وفي ولايته العامة على الامة ... وطبيعي ان لا يقصر ضرورات هذه المهمة أو يحيد عنها .
فالله سبحانه هو الذي اختاره وليا للامة بعد الرسول (ص) وارتضاه هاديا لها بدينه القويم ونبراسا له في البشرية ومبلغا لامره، وان لم يبلغ درجة النبوة بل أخذ هذه المهمات والمواقع والادوار من الرسول (ص ).
العدو والصديق يشهد بعلم الامام علي (ع)
وذاك معاوية فقد كان يكتب فيما ينزل به ليسآله به علي بن ابي طالب (ع )، فلما بلغه مقتله قال:
( ذهب الفقه والعلم بموت ابن ابي طالب ).
فال له اخوه عتبة: (لا يسمع هذا منك اهل الشام ).
قال: (دعني عنك )(75).
ولما جاء نعي علي بن ابي طالب (ع) إلى معاوية وهو نائم مع امراته فاخته بنت ورطة فقعد باكيا مسترجعا فقالت له فاخته: انت بالامس تطعن عليه واليوم تبكي ؟ قال: (ويحك انما ابكي لما فقد الناس من حلم وعلم )(76).
وما قآله ابو بكر في قضية سآله فيها احد اليهود مسألة أجاب عنها علي بن ابي طالب، (يا كاشف الكربات انت يا علي فارج آلهم )(77).
اما عمر بن الخطاب، فكلماته في علي (ع) مشهورة في كتب التأريخ ومصادر السنّة كقوله
لو لا علي لهلك عمر) .. (اعوذ بالله ان اعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن)، (اللهم لا تنزل بي شدة الا وابو الحسن إلى جنبي )، يا ابن ابي طالب فما زلت كاشف كل شبهة وموضع كل حكم )، وغيرها(78).
ويقول عثمان في هذا المضمار أيضاً: (لولا علي لهلك عثمان )(79).
وللمقارنه بين اصحاب الرسول (ص) لنرى من اعلمهم :ـ
وهنا ليس طعنا في أحد بل على المسلم ان يبحث من الاعلم بعد الرسول (ص) ليتبعه .
الصحابي ابو بكر يجهل اية من تفسير القرأن قال ابن حجر في (فتح الباري ): " أخرج عبد بن حميد … عن إبراهيم النخعي قال: قرأ أبو بكر الصديق " وفاكهة وأبا " فقيل: ما الأب ؟ فقيل: كذا وكذا، وقال أبو بكر: إن هذا لهو التكلف أي أرض تقلني أو أي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم، وهذا منقطع بين النخعي والصديق، وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن " الأب " ما هو ؟ فقال: أي سماء تظلني فذكر مثله، وهو منقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر(80).
وللصحابي عمر بن الخطاب اعتراف على مايروية مسلم في كتاب الآداب باب الاستئذان عن عبيد بن عمير قال: " استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع، فقال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له، فدعي له، فقال: ما حملك على ما صنعت ؟ فقال: إنا كنا نؤمر بهذا، قال: فأتني على هذا ببينة أو لأفعلن بك، فانطلق إلى مجلس من الأنصار، فقالوا: لا يشهد إلا أصاغرنا فقام أبو سعيد الخدري، فقال: قد كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: خفي علي هذا من أمر النبي (ص) ألهاني الصفق بالأسواق "(81).
. وهناك تنبيهات للصحابي عمر من قبل امام زمانه وخليفة الرسول (ص) الامام علي (ع) فقد روى البخاري معلقا في كتاب المحاربين باب لا يرجم المجنون والمجنونة: " وقال علي لعمر: أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ(82).
قال ابن حجر في (الفتح ): " وفي أول الأثر قصة تناسب هذه الترجمة وهو عن ابن عباس أتى عمر أي بمجنونة قد زنت وهي حبلى فأراد أن يرجمها فقال له علي: أما بلغك أن القلم قد رفع عن ثلاثة فذكره "، ثم ذكر ابن حجر عدة أسانيد للخبر، إلى أن قال: " وهذه طرق تقوي بعضها ببعض(83).
ويجهل الصحابي عمر بن الخطاب الكثير من القضايا مثل ماذا كان رسول الله (ص) يقرأ في صلاة العيد فقد روى مسلم في كتاب صلاة العيدين باب ما يقرأ به في صلاة العيد: عن عبيد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله (ص) في الأضحى والفطر، فقال: كان يقرأ فيهما بـ (ق والقرآن المجيد) و (اقتربت الساعة وانشق القمر )(84).
و حكم التيمم عند فقد الماء في فترة خلافته. روى مسلم كتاب الحيض باب التيمم: " عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء فقال: لا تصل فقال: عمار أما تذكر يا أمير المؤمنين إذا أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي (ص): إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك فقال عمر: اتق الله يا عمار! قال: إن شئت لم أحدث به(85).
أما البخاري فقد نقل الحديث باب التيمم باب المتيمم هل ينفخ فيهما ولم يذكر رد عمر (لا تصل) ولا قوله لعمار (اتق الله )(86).
وفي بعض المرات كان الصحابي عمر يخالف حكم كتاب الله بتصريح ابنه عبد الله بن عمر
قال ابن حزم في كتابه (الإحكام ): " وقيل لابن عمر في اختياره متعة الحج على الإفراد: إنك تخالف أباك، فقال: أكتاب الله أحق أن يتبع أم عمر ؟ روينا ذلك عنه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر(87).
والحديث رواه الترمذي في (السنن) عن سالم بن عبد الله حدثه " أنه سمع رجلا من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج ؟ فقال عبد الله بن عمر: هي حلال، فقال الشامي: إن أباك قد نهى عنها فقال عبد الله بن عمر: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (ص) أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله (ص)، فقال الرجل: بل أمر رسول الله (ص) فقال: لقد صنعها رسول الله (ص)(88).
بل قال ابن كثير في تاريخه: " وكان ابنه عبد الله يخالفه، فيقال له إن أباك كان ينهى عنها، فيقول: خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء، قد فعلها رسول الله (ص)، أفسنة رسول الله نتبع أم سـنة عمر ؟(89).
واما ماقيل في علم الامام علي (ع) كثير ومنه :ـ
قال المناوي في (فيض القدير ): " وأخرج عن ابن مسعود قال :كنت عند النبي (ص) فسئل عن علي كرم الله وجهه فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا، وعنه أيضا أنزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله بطن وظهر، وأما علي فعنده منه علم الظاهر والباطن …، وأخرج ابن عباس كنا نتحدث أن رسول الله (ص) عهد إلى علي كرم الله وجهه سبعين عهدا لم يعهده إلى غيره، والأخبار في هذا الباب لا تكاد تحصى … وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف، خرج الكلاباذي أن رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال: سل عليا هو أعلم مني، فقال: أريد جوابك، قال: ويحك كرهت رجلا كان رسول الله (ص) يعزه بالعلم عزا، وقد كان أكابر الصحابة يعترفون له بذلك وكان عمر يسأله عما أشكل عليه، جاءه رجل فسأله مسألة فقال: ههنا علي فاسأله وصح عنه من طرق انه كان يتعوذ من قوم ليس هو فيهم حتى أمسكه عنده ولم يوله شيئا من البعوث لمشاورته في المشكل، وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال: ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي قال: لا والله، قال الحرالي: قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي(90).
ويروي ابن عبد البر في (الاستيعاب) في ترجمة علي (ع) عن عبد الملك بن أبي سليمان يسأل عطاء: أكان في أصحاب محمد (ص) أعلم من علي ؟ قال: لا والله ما أعلمه(91).
ويروي ابن عبد البر في (الاستيعاب) في ترجمة علي (ع) عن عبد الملك بن أبي سليمان يسأل عطاء: أكان في أصحاب محمد (ص) أعلم من علي ؟ قال: لا والله ما أعلمه".
وقال ابن حجر في (فتح الباري ): " … وأما قوله وأقضانا علي فورد في حديث مرفوع أيضا عن أنس رفعه (أقضى أمتي علي بن أبي طالب) أخرجه البغوي … وروى البزار من حديث ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب (رض)(92).
وعن أبي إسحاق أن عليا لما تزوج … قال النبي (ص): لقد زوجتكه وإنه لأول أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما، قال الهيثمي: رواه الطبراني وهو مرسل صحيح الإسناد(93).
وقد جمع العلوم امامنا ابو الحسن (ع) فقد قال رسول الله (ص) فيه :ـ
من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه و إلى آدم في علمه و إلى إبراهيم في حلمه و إلى موسىفي فطنته و إلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب(94).
قوله (ص) علي باب علمي ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به، حبه إيمان وبغضه نفاق.....الحديث(95).
و ذلك لما أرسل الرسول أبا بكر في عشر آيات من سورة براءة ليقرأها على أهل مكة ثم دعا علياً(96), فقال له أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب من فاذهب أنت به إلى أقل مكة فاقرأه عليهم فلحقه بالجحفه فأخذ الكتاب منه (قال) و رجع أبو بكرإلى النبي فقال يا رسول الله أنزلت فيّ شيء ؟
قال: لا و لكن جبرائيل جاءني فقال لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك.
قوله (ص) من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله و من أطاع عليا فقد أطاعني و من عصى عليا فقد عصاني(97).
قوله (ص) إن منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فاستشرف لها القوم و فيهم أبو بكر و عمر قال أبو بكر:أنا هو، قال: لا قال عمر: أنا هو، قال:لا و لكن خاصف النعل يعني علياً، قال أبو سعيد الخدري: فأتيناه فبشرناه فلم يرفع به رأسه كأنه قد كان سمعه من رسول الله(98).
قوله(ص) يا علي أخصمك بالنبوة فلا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع أنت أولهم إيماناً بالله و أوفاهم بعهدالله و أقومهم بأمر الله و أقسمهم بالسوية و أعدلهم في الرعية و أبصرهم في القضية و أعظمهم عند الله مزية(99).
وفي كتاب المسائل العكبرية: ص53. وراجع ايضا الاستيعاب لابن عبد البر: ج1 ص8 وفيه: (روي فيه حديثاً عن النبي(ص) بطرق متعددة: وأقضاها علي ـ أي وأقضى الأمة ـ. وفي حديث آخر: (علي أقضى أمتي)، وفي حديث ثالث عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله (ص): (أقضاهم علي بن أبي طالب) ووردت أيضاً هذه الرواية في مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان ج5 ص582، وأيضاً الاستيعاب: ج2 ص462، والعسقلاني في فتح الباري: ج9 ص233: عن أنس رفعه إلى النبي (ص): (أقضى أمتي علي بن أبي طالب). وفي الرياض النضرة: ج2 ص198، وذخائر العقبي: ص83 .
وقوله (ص) أنا مدينة العلم و علي بابها(100).
قول أبن عباس ثاني علماء الصحابة:ما علمي و علم أصحاب محمد في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر(101).
قول الإمام علي سلوني قبل أن تفقدوني، و الله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرتكم به و سلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا و أنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل(102).
قال الإمام أحمد بن حنبل: أن علياً كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه عن شيء يعيبونه فلم يجدوا، فجاءوا إلى رجل قد حاربه و قاتله فأطروه كيداً منهم(103).
جاء في حلية الاولياء ج 1| 63: لقب رسول الله (ص) الامام علي (ع) ( أمير المؤمنين ).
ولو تأملنا في نهج البلاغة وكلمات وخطب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) لكفانا أن نجد خطبته الرائعة بدون نقط والاخرى بدون الاف ,وهنا كم يستطيع الانسان من الزمن ليكتب هذه الخطب ! وامام المتقين عليا (ع) يرتجل ذلك .
ونعود الان لكتابة احاديث الرسول الاكرم محمد (ص) في الامام علي (ع) :ـ
ومن أقوله (ص): عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب(104).
وقال (ص): حامل لوائي في الدنيا و الآخرة علي(105).
وقوله (ص): أمر ربي بسد الأبواب إلا باب علي(106).
وقال (ص): الصديقون ثلاثة مؤمن آل ياسين و مؤمن فرعون و أفضلهم علي(107).
وقوله (ص): من سره أن يحيا حياتي و يموت مماتي فليتول من بعدي علي(108).
وقال (ص): " نادى المنادي يوم القيامة يا محمد، نِعم الأب أبـوك إبراهيم و نِعم الأخ علي "(109).
وقال (ص): لكل نبي وصي و وارث، و وصي و وارثي علي(110).
وقوله (ص): اللهم لا تمتني حتى تريني وجه علي(111).
وقال (ص): خُلقتُ من شجرة واحدة أنا و علي(112).
وقوله (ص): زينوا مجالسكم بذكر علي (113).
وقال (ص): أنا المنذر و الهادي من بعدي علي(114).
وقوله (ص): براءة من النار حب علي(115).
وقال (ص): لم يكن لفاطمة كفؤ لو لم يخلق الله علي(116).
وقوله (ص): أولكم وروداً على الحوض أولكم إسلاماً و هو علي(117).
وقال (ص): لا يُبَلغ عني إلا علي(118).
وقوله (ص): لا يجوز أحد على الصراط إلا بجواز من علي(119).
وقال (ص): وليكُم من بعدي علي(120).
وقوله (ص): " الفاروق بين الحق و الباطل علي(121).
وقال (ص): علي الصديق الأكبر(122).
وقوله (ص): علي خير البشر فمن أبى فقَد كفر(123).
وقال (ص): علي حقه على الأمة كحق الوالد على ولده(124).
قوله (ص): يا فاطمة أما ترضين أن الله عز و جل اطلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين أحدهما أبوك و الآخر بعلك(125).
وقوله (ص) يا عمار إذا رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي و دع الناس إنه لن يدلك على ردى و لن يخرجك من هدى(126).
وقوله (ص): مكتوب على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي و نصرته بعلي(127).
و قوله (ص):ـ في حديث أم سلمه: من سب عليا فقد سبني(128).
و قوله (ص):ـ ياعلي أنت سيد في الدنيا و سيد في الآخرةحبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله , و عدوك عدوي وعدوك عدو الله , و الويل لمن أبغضك بعدي(129).
عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله (ص)أوصي من آمن بي وصدق بي بولاية علي بن أبي طالب
فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولي الله ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل(130).
قول رسول الله (ص) و هو آخذ بصبع علي:هذا إمام البررة قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله، ثم مد بها صوته(131).
حديث الدار
بعد سرد تفاصيل دقيقة عن امير المؤمنين عليا (ع) وبيان منزلته وبالاحاديث المتواترة ورغم أن حديث الدار قبل حديث المنزلة وحديث الغدير ..ولكن لمعرفة غير المهتدين أو الذين لم يبحثوا عن الحقائق اردنا أن يطلعوا على مكانة الامام علي (ع) من الله تعالى والنبي الاكرم محمد (ص) .وجاء الآن دور حديث الدار .
أخرج ابن جرير الطبري بسندة: ان النبي (ص) عندما نزل عليه قوله تعالى (وانذر عشيرتك الاقربين) دعا بني عبد المطلب اليه وفيهم أعمامه ابو طالب وحمزة والعباس وابو لهب .
ولما فرغوا من طعامهم قام فيهم رسول الله (ص) خطيبا فقال:
يابني عبد المطلب .اني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به , أني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ,وقد امرني الله تعالى أن ادعوكم اليه , فأيكم يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم ؟
فأحجم القوم عنها جميعا , فقام علي (ع) فقال: أنا يانبي الله أكون وزيرك عليه. فقال (ص): أن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا .
فقام القوم يضحكون ويقولون لآبي طالب: قد أمرك أن تسمع لآبنك وتطيع(132).
ومن ذلك نجد ثلاث صفات لعلي (ع) :ـ
1. وزير .
2. وصي.
3. خليفة .
ومن حق السائل يسأل ! لماذا منح النبي (ص) عليا (ع) هذه الصفات دون غيره ؟ ولماذا أختار أول اجتماع يعقد بعد البعثة .
واذا كانت المؤازرة ضرورية له لآنه بحاجة فعلاً الى الظهير والوزير فلماذا أضاف اليها الوصاية والخلافة بلفظيهما هذين ؟ وما علاقة الوصاية والخلافة بإنذار عشيرتك ودعوة بني قومه للاسلام .
وقبل الاجابة علينا ان نتذكر أن النبي (ص) في خطابه هذا يعلن لأول مرة بداية دولة جديدة وعهد جديد ومجتمع جديد .
وان كل كيان يراد له البقاء والدوام لابد له في وجوده واستمراره من رئيس اعلى يقود الآمة .ومن نائب له يلجأ الناس اليه أن المت بالرئيس ملمة .
والنبي (ص) في هذا الموقف كان يهدف الى افهام هؤلاء الحضور أن المسألة بدينها ودنياها ليست مسألة زعامة يتفيأ ظلالها أو رئاسة يتمتع بها مادام حيا , وانما هي رسالة سماوية خالدة لن تموت بموته ولن تنتهي بنهاية عمره , بل ستبقى بقاء السموات والارض , وسيكون لها من بعده من يضطلع بمهماتها ويقوم بأمرها ,وهو هذا الفتى الذي يعلن استعداده للتضحية والفداء والمؤزرة , ونعني به علي بن ابي طالب (ع) .
وهذا كله عند التأمل والتدقيق واضح وصريح في النص النبوي السالف الذكر .
ولما لم يجد الامام الرازي مناصا من الاعتراف بصحة هذا النص سندا ودلالة , بادر الى الشك في معنى الخلافة الوارد في الحديث , مدعيا أن النبي (ص) لو كان يقصد من ذلك تعين الخليفة بعد وفاته لما اكتفى بقوله (ص): (خليفتي فيكم) بل أضاف اليه (من بعدي) ليكون نصا جليا .
ويقول الشيخ محمد حسن ال ياسين (قدس سرة) والحقيقة أننا لانجد فرقا بين التعبيرين(133).
واذا كان (خليفتي فيكم من بعدي) صريحا في الدلالة فأن (خليفتي فيكم) كذلك ايضا , لآن معناه أن عليا هو الذي يخلفني فيكم لو أصابني مكروة , وهذا نص على الخلافة بعد الموت , ويؤكد هذا المعنى ذكر النبي (ص) لكلمة (وصي ).
والوصاية في الاسلام انما يقصد بها ما بعد الموت , حيث يقوم الوصي بما طلب منه الموصى ان يقوم به ,ولو كان الامر يتعلق بما قبل الموت لقال , وكيلي ولم يقل وصي .
لان الوكالة هي التعبير الاسلامي عمن يطلب منه تنفيذ بعض الاعمال نيابة عن انسان موجود على قيد الحياة.
وأذن. فالنص صريح في أن النبي (ص) قد أختار من اليوم الاول للدعوة من يخلفه بعد وفاته ويكون وصيا عنه في رعاية شؤون المسلمين , حتى لاتصبح السفينة بمجرد موت ربانها تحت رحمة الموج والاعاصير .
وانها البداية التي أنطلقت مع أول صوت البعث بالدعوة في محيطها الضيق وفي ايامه الاولى , واستمر منطلقا في تاكيد هذه البداية حتى اليوم الاخير من عمر رسول الاسلام (ص) .
علي الدر والذهب المصفى ...وباقي الناس كلهم تراب.
فالسلام على امير المؤمنين و إمام المتقين و قائد الغر المحجلين. وسيد المسلمين و يعسوب الدين هذا الصديق الأكبر و فاروق هذه الأمة يامن ذكره عبادة , يامن من يقارقه يفارق رسول الله (ص) ومن فارق رسول الله فارق الله تعالى , يامن هو بمنزلة الكعبة يامن قال فيه نبي الله (ص) علي مني مثل رأسي من بدني ..فالسلام عيك يا ابا الحسن والحسين مولاي ووسيد ي علي بن ابي طالب (ع) لعن الله قاتليك وظالميك من الان الى قيام يوم الدين .
الهوامش
1. كتاب (فضائل الخمسة من الصحاح الستة: ج 1 ص 299
2. احقاق الحق، ح 4، ص 82 عن كتاب (ينابيع المودة) ص 53 ط استانبول
3. المائدة 5: 67
4. أسباب النزول: 115، طبعة: المكتبة الثقافية / بيروت
5. روح المعاني: 4 / 282، طبعة: دار الفكر / بيروت .
6. المائدة 5: 3
7. المائدة: آية 55
8 . شرح المواقف 8/360
9. الزمخشري الكشاف: ج 1ص 71
10. تفسير القرآن العظيم: ج2 ص 71
11. المواقف في علم الكلام صفحة 405
12. شرح المقاصد 5/170 .
13. شرح تجريد الاعتقاد صفحة 368
14. زاد المسير 2/382 .
15. القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: ج6 ص 221 , و الحاكم الحسكاني: شواهد التنزيل: ج 1 ص 161 و 1/212 رواية رقم: 221 , و النيسابوري: أسباب النزول ص 132، 133 ,و السيوطي: الدر المنثور: ج 2 ص 293، 294 , و – الفخر الرازي: التفسير الكبير: ج 3 ص 417 ).
16. مستدرك الحاكم 3 / 131 .
17. ينابيع المــودة: 77 .
18. صحيح الترمذي ج2 ص 297
19. القرطبي: الجامع لأحكام القرآن - ج 18 - ص 287 – 289
20. احقاق الحق، ح 4، ص 82 عن كتاب (ينابيع المودة) ص 53 ط استانبول
21. صحيح البخاري ج2 ص76، صحيح الترمذي ج5 ص300، سنن ابن ماجه ج1 ص306
22. مسند الإمام أحمد ج5 ص25 مستدرك الحاكم ج3 ص134، صحيح الترمذي ج5 ص296
23. صحيح مسلمج1 ص61، سنن النسائي ج6 ص117، صحيح الترمذي ج8 ص306
24. أخرجه الحاكم في ص135 من الجزء الثالث من المستدرك .
25. أخرجه الطبراني في الأوسطو الخطيب في المتفق و المفترق كما في أول ص159 من الجزء السادس من كنز العمال والهامش من المنتخبص35 من الجزء الخامس من مسند أحمد و نقله في هامش ص46 عن ابن عساكر .
26. نقله ابن حجرفي المقصد الخامس من مقاصد الآية14 من الآيات التي أوردها في باب 11 من الصواعق المحرقة فراجع ص106.
27. أخرجه ابن ماجه في باب فضائل الصحابة ص92 من الجزء الأول من سننه, والترمذي والنسائي في صحيحهما وهو الحديث
2531في صفحه 153 من الجزء السادس من الكنز,وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في ص164 من الجزء الرابع من مسنده .
28. أخرجه الحاكم في ص124 من الجزء الثالث من صحيحه.
29. أخرجه الحاكم ص147 من الجزء الثالث من المستدرك وصححه، وأورده الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحته.
30. تاريخ الطبري ج2 ص319، تاريخ ابن الأثير ج2 ص62، السيرة الحلبيةج1 ص311، شواهد النتزيل للمسكاني ج1 ص371، كنزالعمال ج15 ص15، تاريخ ابن عساكر ج1 ص85، تفسير الخازن لعلاء الدين الشافعي ج3 ص371، حياة محمد- حسين هيكل الطبعة الأولى باب أنذر عشيرتك الأقربين.
31. راجع ينابيع المودة للقندوزي ج2 ص312 و قريب من لفظه في تذكرة الخواص لابن الجوزي ص56
32. المعجم الكبير - ج ص221 .
33. المستدرك على الصحيحين - ج3 ص571 (6121) .
34. في (الثقات) ج5 ص173
35. مسند أحمد بن حنبل - ج3 ص247 ورواه أحمد في (فضائل الصحابة) عن عمرو بن حبشي، وقال محقق الكتاب: إسناده صحيح … وأخرجه ابن سعد ج3 ص38 من طريقين صحيحين عن هبيرة، وأخرجه ابن حبان كما في (الموارد) ص545 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق وإسناد