عدد المساهمات : 747 نقاط : 2249 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/05/2013
موضوع: أهمية القضاء في النظرية القرآنية السبت سبتمبر 21, 2013 2:11 am
أهمية القضاء في النظرية القرآنية :-
تنبثق اهمية القضاء في النظام الاجتماعي من النظر لحقيقتين في غاية الاهمية وهما:- اولا/ الاشراف على سلوك الافراد لمنع اي تعارض محتمل بين حق الفرد الشخصي وحقوق الاخرين ، عن طريق فصل السلوك المنحرف عن السلوك المتفق عليه اجتماعياً ودينياً . ثانياً/ انزال عقوبة المقاطعة الاجتماعية ، او القصاص ، او النفي بحق المنحرفين . وهذان العاملان يحددان دور القضاء في المجتمع الانساني . فالقضاء بمعاقبته للمنحرف عن الخط الاجتماعي العام يدعم بالدرجة الاولى المصلحة الاجتماعية العليا ، و بالدرجة الثانية مصلحة الافراد باعتباراتهم الشخصية .
ولاريب ان اهم ما يميز النظام القضائي الاسلامي عن مثيله في الانظمة الاجتماعية الاخرى ، هو انشاؤه وتصميمه من قبل الخالق عز وجل لتحقيق العدالة الجنائية والحقوقية بين الافراد ، كما جاء في قوله تعالى﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ﴾/النساء 59، ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾/النساء 58، ويتمثل ذلك بتقديم منصة القضاء للعارف باحكام الله ، المجتهد العادل الامين الثقة الذي يستطيع استرجاع الحق المغصوب من الظالم ، او انزال القصاص العادل بالجاني ، او اجبار المعتدي على تعويض الضحية مالياً . وفي كل ذلك يكون الجهاز القضائي ميزاناً للحق ، ووسيلة رادعة وفعالة لحفظ النظام الاجتماعي . فالقضاء لا يحل التنازع الشخصي بين المتخاصمين فحسب ، بل يؤثر في قراراته على النظام التجاري والاقتصادي والسياسي للدولة ، وعلى الحياة العائلية ، وعلى نقل الملكية ، والارث ، وتحصيل العلوم ، وعلى كل انواع العلاقات التي تعارف الاجتماع الانساني على الاقرار بها . ومع ان الرسالة السماوية العظيمة، قد حددت وعرفت السلوك المقبول شرعياً، وعلى اساسه وضعت مباني الثواب والعقاب ، الا انها مع ذلك ، صممت نظاماً قضائياً فريداً لم تشهد له البشرية مثيلاً في تاريخها الطويل ، فوضعت شروطاً للقاضي ، والمدعي ، والمدعى عليه ، والشهود . اوجبت، وأكدت وجوبها مراراً على اجتهاد وعدالة القاضي ، لان المظلوم يرى فيه صوت الحق ونور العدالة الالهية . واوجبت في المدعي العقل والبلوغ والرشد والاصالة والجزم . وفي المدعى عليه البلوغ والتعيين . وفي المدعى به المعلومية والشرعية . ووضعت اصولاً للاثبات كالاقرار، والكتابة، والقرائن الشرعية والموضوعية، والشهادة، والبينة، واليمين، واليد، والعلم والاستفاضة . واوجبت في الشهادة الوضوح والمطابقة ، والعلم ، وعدم النفي . واوجبت في الشاهد العقل ، والبلوغ ، والاسلام ، والعدالة ، والضبط . وشجعت على الصلح بين المتخاصمين اذا كان لا يحل حراماً ولايحرم حلالاً . ونظاماً كهذا لابد له من تحقيق العدالة القضائية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من العدالة الاجتماعية بصورتها الشمولية الواسعة . ولاشك ان الاسلام سعى بكل جد لتحقيق تلك العدالة الاجتماعية ، منذ ان ارعبت كلماته الصاعقة بطون مكة ونظامها الجاهلي الظالم . *** والحمد لله ربّ العالمين ***