الأقوال الثلاثة في تفسير آية إكمال الدين
1- قول أهل البيت ^:أنها نزلت يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة ، في رجوع النبي ’من حجة الوداع ، عندما أمره الله تعالى أن يوقف المسلمين في غدير خم ويبلغهم ولاية علي × ، فأوقفهم وبلغهم ما أمره به ربه . وهذه نماذج من أحاديثهم ^: ماتقدم من الكافي:1/289، عن الإمام الباقر × قال: (وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى، وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، قال أبو جعفر × : يقول الله عز وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض). وفي الكافي:1/198: (عن عبد العزيز بن مسلم قال:كنا مع الرضا × بمرو ، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا ، فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي × فأعلمته خوض الناس فيه ، فتبسم × ثم قال:يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم ، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه ’ حتى أكمل له الدين ، وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شئ ، بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام ، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً فقال عز وجل: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَئٍْ ، وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره ’: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الآسْلامَ دِينًا، وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض ’ حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق ، وأقام لهم عليا ً× عَلَماً وإماماً ، وما ترك شيئاً تحتاج إليه الأمة إلا بينه ، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله ، ومن رد كتاب الله فهو كافر به ! هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة ، فيجوز فيها اختيارهم؟! إن الإمامة أجل قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم...إن الإمامة خصَّ الله عز وجل بها إبراهيم الخليل × بعد النبوة والخلة مرتبةً ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً، فقال الخليل × سروراً بها: ومن ذريتي؟قال الله تبارك وتعالى: لايَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ، فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة، وصارت في الصفوة ^ ..).
2- قول السنيين الموافق لأهل البيت ^ : وقد رووا حديث الغدير بعشرات الروايات وفيها صحاح من الدرجة الأولى، جمعها بعض علمائهم كالطبري المؤرخ في كتابه (الولاية) فبلغت طرقها ونصوصها مجلدين ، وابن عقدة وابن عساكر وغيرهم . وتنص على أن النبي ’دعا علياً وأصعده معه على المنبر ورفع يده حتى بان بياض إبطيهما وبلَّغَ الأمة ما أمره الله تعالى فيه ، وأمر المسلمين أن يهنؤوه ويبايعوه ، وقال له عمر بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة !...إلخ . ونص بعضها على أن آية إكمال الدين نزلت يومها بعد خطبة النبي ’ . لكن أن أكثر علمائهم لم يقبلوا أحاديث نزولها يوم الغدير ، مع أنهم صححوا أحاديث الغدير ، والسبب أنهم أخذوا بقول عمر ومعاوية، أنها نزلت يوم عرفة ! فحديث الغدير عندهم محل إجماع ونزول آية إكمال الدين فيه محل خلاف .
أما علماؤنا فجمع عدد منهم أحاديث الغدير وآياته ، ومن أشهرهم: النقوي الهندي في عبقات الأنوار ، والسيد المرعشي في شرح إحقاق الحق ، والسيد الميلاني في نفحات الأزهار ، والشيخ الأميني في كتابه الغدير ، وقد أورد عدداً من روايات السنيين في نزول الآية يوم الغدير وهذه خلاصة ما ذكره &: (ومن الآيات النازلة يوم الغدير في أمير المؤمنين × قوله تعالى:الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الآسْلامَ دِينًا. ثم أورد عدداً من المصادر التي روتها، منها:
1 - الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب (الولاية) بإسناده عن زيد بن أرقم نزول الآية الكريمة يوم غدير خم في أمير المؤمنين ×
... 2 - الحافظ ابن مردويه الأصفهاني ، من طريق أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ...ثم رواه عن أبي هريرة . 3 - الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، في كتابه (ما نزل من القرآن في علي)...عن أبي سعيد الخدري: أن النبي(ص)دعا الناس إلى علي في غدير خم ، وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقمَّ ، وذلك يوم الخميس فدعا علياً فأخذ بضبعيه فرفعهما ، حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله ، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.. الآية. إلخ
. 4 - الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخه:8/290، عن أبي هريرة عن النبي(ص): من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر بن الخطاب: بخٍ بخ ٍيا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ، فأنزل الله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ..الآية . 5 - الحافظ أبو سعيد السجستاني، في كتاب الولاية ، عن أبي سعيد الخدري
... 6 - أبو الحسن ابن المغازلي الشافعي ، في مناقبه عن أبي هريرة .
.. 7 - الحافظ الحاكم الحسكاني، عن أبي سعيد الخدري: إن رسول الله ’ لما نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ، قال: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وولاية علي بن أبي طالب من بعدي
. 8 - الحافظ ابن عساكر الشافعي الدمشقي ، بطريق ابن مردويه، عن أبي سعيد وأبي هريرة . (الدر المنثور:2/259).
9 - أخطب الخطباء الخوارزمي، في المناقب/80 ... عن أبي سعيد الخدري أنه قال: إن النبي ’يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقمَّ ، وذلك يوم الخميس ثم دعا الناس إلى علي ، فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى إبطيه ، حتى نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.. الآية... وروى في المناقب/94.
10 - أبو الفتح النطنزي روى في كتابه الخصايص العلوية ، عن أبي سعيد الخدري وجابر الأنصاري ...
11- أبو حامد سعد الدين الصالحاني ، عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ بغدير خم ، فقال رسول الله: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي . رواه الصالحاني .
12- شيخ الإسلام الحمويني الحنفي ، روى في فرايد السمطين في الباب الثاني عشر ، قال..). (الغدير: 1/230).