ما هو الفرق بين الحديث القدسي وآيات القرآن الحكيم؟
الفرق بينهما: في عدة مسائل، منها: (التحدي).. فان القرآن الكريم معجزة من عند الله سبحانه يحمل في طياته منهجاً متكاملاً لسعادة الدنيا والآخرة ويشتمل على التحدي والاعجاز، التحدي من جميع الجهات: العلمية والبلاغية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والغيبية... الخ.
ثم إن التحدي ليس فقط بالقرآن ذاته وإنما كذلك بالنسبة إلى من نزل عليه القرآن وهو النبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله).
قال سبحانه وتعالى: ((قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً))[1].
وفي آية أخرى قال عزّ وجلّ: ((أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين))[2].
وفي آية ثالثة قال جل وعلا: ((وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين))[3].
ومن هنا تظهر صورة الاعجاز والتحدي في القرآن الحكيم، حيث عجز الناس بأجمعهم منذ نزل القرآن وإلى يومنا هذا من الإتيان حتى بسورة واحدة ولو بقدر سورة الكوثر.
ويبقى القرآن الكريم يحمل هذه الصفة إلى يوم القيامة، والتحدي كان ومازال وسيبقى إلى ما شاء الله.
أما الحديث القدسي فإنه صدر من الله سبحانه وتعالى أيضاً ولكنه غير مختص برسول الإسلام (صلّى الله عليه وآله) بل شمل العديد من أنبياء الله وبالتعاقب ولم يحمل صفة التحدي والإعجاز.
وقد جمع بعض العلماء مجموعة من هذه الأحاديث القدسية في كتبهم:
مثل العلامة المجلسي (قدس سره) في كتابه القيم (بحار الأنوار)، وفي بعض مؤلفاته الأخرى أيضاً.
ومثل آية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي (قدس سره) في كتابه (كلمة الله).
أما كلمة (القدسي)[4] فإنها تعني (المُنَزّه) أي الذي ليس فيه عيب أو نقص، فالحديث القدسي: هو الحديث المُنَزّه والخالي من العيوب والنواقص.
والأحاديث القدسية على قسمين:
بعضها قوية السند، أي تكون مروية عن رسول الله والأئمة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) وذلك بسند صحيح والتي ينقلها عنهم ثقاة الرواة.
والبعض الآخر من الأحاديث مرسلة السند، أي مقطوعة السند ويكون مُرسلها ضعيفاً.
فما كان منها من القسم الأول فهو مورد القبول والاعتماد عند العلماء.
أما القسم الثاني: فان كانت تحمل في طياتها نوعاً من الحكمة والوعظ والإرشاد بما يعود على الإنسان بالنفع والخير، أو حكماً غير إلزامي فتشمله قاعدة التسامح في أدلة السنن[5] وما أشبه.. ولذا فهي مورد قبول أيضاً.
هذا بالإضافة إلى أن العديد منها قد تلقاها المشهور بالقبول وتلقي المشهور وعملهم جابر على ما بين في الأصول، خاصة مع عدم ترتب حكم شرعي عليها، إذ أن الأحاديث القدسية غالباً ما تأتي في باب الأخلاق والآداب والحكم والسنن الاجتماعية والإرشاد إلى بعض المصالح والتحذير من بعض المفاسد الكونية والاجتماعية والأخلاقية ونحو ذلك.
الهوامش
[1] سورة الإسراء: 88.
[2] سورة هود: 13.
[3] سورة البقرة: 23.
[4] انظر (لسان العرب): مادة (قدس).
[5] راجع (رسالة التسامح في أدلة السنن) المؤلّف في ضمن (الوصائل إلى الرسائل: ج6)، للإمام الشيرازي.