دروس من حياة السيدة الزهراء عليها السلام
إن في سيرة وحياة السيدة العظيمة فاطمة الزهراء(ع) مواضع كثيرة للتعلم . إذا تعلمها المسلمون بل البشرية سعدوا في الدنيا قبل الآخرة واسعدوا الآخرين.
وهي أفضل مثال للمرأة حتى لو كانت المرأة غير مسلمة فكيف لو كانت مسلمة ؟ في كل شؤونها وأحوالها . هناك كتاب ألّفته مؤلفة مصرية عن سيدة النساء الزهراء(ع) اطّلعتْ عليه امرأة يابانية فأسلمت وقالت: لقد أدركت أن فاطمة الزهراء(ع) هي المثل الأعلى لي في حياتي وأسلمتُ على أثر قراءتي هذا الكتاب .
حجابها وسترها /
ذات مرة كانت فاطمة (ع) جالسة عند أبيها رسول الله(ص) عندما استأذن عليه ابن أم مكتوم- وكان رجل أعمى قد فقد بصره- وقبل أن يدخل على النبي قامت السيدة الزهراء وغادرت الغرفة, وعندما انصرف عادت السيدة فاطمة(ع) لتدخل على أبيها مرة ثانية .. وهنا سألها النبي(ص) عن سبب خروجها من الغرفة مع أن ابن مكتوم لا يبصر شيئاً... سألها النبي - وهو يعلم ذلك- لكي تجيب بدورها على هذا السؤال ويكتب التأريخ هذا الحوار الإيماني ليبقى مثالاً رائعاً طوال الحياة.
فقالت (ع): إن كان لا يراني فإنني أراه، وهو يشمّ الريح – أي يشمّ رائحة المرأة-.
فأعجب النبي الأعظم(ص) بهذا الجواب من ابنته الحكيمة, فقال( ص): أشهد انك بضعة مني.
لاحظوا إلى أي درجة كانت تحافظ على الحجاب والستر وعدم الاختلاط.
ولما أرادت السيدة الزهراء(ع) أن تخطب في مسجد رسول الله(ص)- تلك الخطبة التاريخية الخالدة- ضربوا لها ستاراً في المسجد, فجلست(ع) مع نساء قومها في جانب, بينما جلس الرجال وهم من المهاجرين والأنصار في الجانب الآخر.وهذا دليل على أن المرأة بمحافظتها على حجابها الإسلامي تستطيع أن تعمل كل شيء, كذلك السيدة زينب (ع) في مجلس يزيد.
هنا لابد للأخوات الالتفات لهذه النقطة جيداً وهي : المحافظة على مسألة الستر والحجاب مثل فاطمة الزهراء(ع).
كثير من الأحيان الإنسان يغفل بعض الشيء فيجد نفسه يعمل عمل فيه معصية لله تعالى. مثال على ذلك في مسألة الحجاب, بعض النساء يلبسن الحجاب ولكن جزء من الشعر في مقدمة الرأس يكون ظاهر, في تصورهم أن هذا الحجاب كامل وصحيح وهو في الواقع ليس كامل وغير صحيح فالحجاب الصحيح والكامل هو الذي يغطي كل شعر الرأس.
هذا بالنسبة لحجاب الرأس, أما مسألة اللباس أيضاً هناك مسألة منتشرة بكثرة منذ سنوات وهي اللباس الضيق الذي يفصل مفاتن المرأة, فهو يفصل مقاس الصدر والخصر والظهر وغيره, وهذا لا يجوز من الناحية الشرعية.
الإسلام لم يحدد لباس معين إذ المطلوب من المرأة المسلمة هو أن تستر جسمها كاملاً باستثناء الوجه والكفين على المشهور, مع شرط أن يكون اللباس غير شفاف يظهر ما تحته ولا ضيق بحيث يفصل مفاتن المرأة.
الإسلام عندما يوجب على المرأة الحجاب فهو يريد حمايتها من اللصوص, لصوص الأعراض.
المرأة ريحانة .. المرأة جوهرة.. يا قوته يجب المحافظة عليها, كما يُحفظ اللؤلؤ في الصدف. إن المرأة المحجبة ( حجاب كامل وصحيح) آمنة من الخائنين مستورة, عكس التي جسدها غير مستور ومحاسنها ظاهرة.
وإذا أردتي التأكد من ذلك تأملي وأنتي في الشارع كيف تكون نظرة الناس وخصوصاً الرجال إلى المرأة التي حجابها كامل. والمرأة التي بالعكس لباسها ضيق و غير محجبة أساساً, النظرة للأولى تكون محترمة, والثانية تكون خصوصاً من جانب الرجال نظرة شهوانية.
تأملي ذلك جيداً, ولا تدّعي أعداء الإسلام يلعبوا بكي تحت مسميات مختلفة كالموضة والحرية وغيرها.. هم جعلوا المرأة كدمية التي في محل اللعب, بل الدمية لا تهان بهذا الشكل.
حوار مع فتاة مسيحية /
هذه قصة حدثت مع الإمام الشيرازي الراحل (أعلى الله درجاته) عندما كان في العراق, جاءته فتاة مسيحية ألمانية متزوجة من شاب عراقي, وقد ذكر القصة في كتاب كيف ولماذا أسلموا؟
قالت الفتاة: إني اقتنعت بالإسلام، ولكن بقيت لي مسألة واحدة إن أجبت عليها أسلمت، وإلا لا أسلم مهما ظهر لي صدق الإسلام، وقد سألت زوجي وغيره عن هذه المسألة فلم يقنعني أحد بجوابه.
قلت: وما هي؟
قالت: أنا منذ دخولي في العراق يأمروني أهلي بالعباءة، فإذا كانت العباءة من الإسلام فأنا غير مستعدة لأن اسلم.
قلت: أ رأيت بائع المجوهرات كيف يحفظ مجوهراته في الصناديق والقاصات؟
قالت: نعم.
قلت: ولماذا؟
قالت: خوفاً من اللصوص.
قلت: وهنا هو سر الحجاب عندنا نحن المسلمين، إنك فتاة، وتعلمين أن في كل مجتمع لصوص للأعراض مثل اللصوص للمجوهرات، فالإسلام يأمرك بالحجاب لأجلك، ولعفتك وشرفك.
قالت: كلام صحيح.
ثم أظهرت الإسلام، واستشهدت الشهادات الثلاث، واستبشر أفراد عائلتها لإسلامها.
الإسلام فيه العزة والكرامة والعفة لكي .
زواجها المبارك /
أيضاً زواج الزهراء(ع) الميمون حيث زوجها الرسول(ص) في أول بلوغها كذلك إذا زوجت البنات زواج مبكر سعدن, وانقطعت إلى حد بعيد جذور الفساد في المجتمع, ومعنى زواجهن مبكر زواج الأولاد الذكور أيضاً مبكر فلا ترغب النفس أو تهم بالحرام.
وقد يتساءل البعض: كيف نزوج البنات والأولاد مبكر؟ يجب أن تكمل الخامسة والعشرين وتكون ناضجة وبعدها نزوجها.
الجواب: الإسلام يحث على الزواج المبكر ويضع له إرشادات مثل إعداد الفتاة من أول بلوغها وتعليمها كيفية إدارة شؤون البيت من طبخ وتربية الأولاد والتعامل مع الزوج والأهل والمجتمع كزوجة.
وكذلك الشاب تعليمه وحثه على العمل والكد وتحمل المسؤولية والتعامل مع الزوجة والأولاد بشكل صحيح.
وبدون التهيئة والإعداد التي ذكرناه لن يستطيع الشاب والفتاة تكوين أسرة ناجحة حتى لو كان عمر كل واحد فوق الخامسة والعشرين والذي يعتبره البعض نضوج.
وللأسف الشديد بعض الحكومات والمجتمعات وضعوا عراقيل أمام الزواج المبكر بطرق مباشرة أو غير مباشرة, فالحكومات لم توفر من جهتها أعمال بالقدر الكافي(لذلك انتشرت البطالة) والرواتب قليلة جداً بالكاد تكفي لسد الحاجة, والمجتمع أيضاً زاد من العراقيل وأثقل على هذا الشاب المتقدم للزواج بالطلبات مهر ضخم إلى حفلات متعددة و الشروط المتنوعة والولائم الكثيرة.
وهنا لا يتصور البعض أن الإسلام لا يريد للإنسان أن يفرح ويقيم مراسيم الزواج, بل بالعكس مراسيم الزواج من احتفال ووليمة من المستحبات التي وردت في أحاديث الرسول(ص) وأهل البيت(ع) مع ملاحظة أن لا يحمل الإنسان نفسه فوق طاقته, أي يعمل الشيء الذي في حدود طاقته.
قلة مهرها وبساطة تكاليف زواجها /
كما أن في الجهاز البسيط لزواجها (ع) أكبر درس لتخفيف المهر والاقتناع بالميسور, المهر في الإسلام شيء رمزي, بل أن الإسلام لم يجعل المهر ركناً في الزواج.
قال الرسول الأعظم(ص): أفضل نساء أمتي أصبحن وجهاً, وأقلهن مهراً.
وروي من بركة المرأة قلة مهرها ومن شؤمها كثرة مهرها.
والرسول (ص) زوج الزهراء(ع) بمهر قدره: 450 درهماً ( ما يعادل في وقتنا 300 دولار تقريباً) و اشتروا بالمهر أثاث المنزل.
سؤال: هل الرسول(ص) لا يستطيع أن يطلب لابنته مهر ضخم 3000أو 5000 دينار؟ بلى يستطيع, وهل الإمام علي(ع) لا يستطيع أن يدفع؟ بلى يستطيع فالإمام دخله السنوي كبير لكنه يصرفه في سبيل الله.
لكن الرسول(ص) أراد أن يضرب مثال للأمة أن المهر الضخم لا يحقق السعادة.
ونسأل هل يستطيع المهر الخضم والإسراف في حفلات الزواج أن تبعد المشاكل عن حياة الزوجين؟ أو حتى لحظة غضب واحدة؟ بطبع لا.
رضا الطرفين أساس الموضوع.
كثير من المراجع والعلماء الكرام زوجوا أولادهم وبناتهم بمهر الزهراء(ع) تبركاً واقتدى, لأن حياة الرسول(ص) وأهل البيت(ع) كلها دروس وعبر لنا جميعاً, لنتعلم منها ونستفيد, ولسعادتنا في الدنيا والآخرة. وليس للقراء فقط وجمع المعلومات العامة فقط!!.
لدى قلة المهر وتخفيف تكاليف الزواج يوجب تحرك الشباب نحو الزواج وبذلك تقل نسبة الفساد, وكثرة التعقيدات توجب تأخير الزواج وانتشار الفساد(والعياذ بالله) من علاقات غير شرعية ومعاكسات بالهاتف والانترنت وغيرها. كل ذلك نتيجة انحراف الناس عن سنن الله, ولا يمكن القضاء عليه إلا إذا رجعنا إلى سنن الله تعالى.
إدارتها للشؤون البيت /
كذلك إدارتها للشؤون البيت أن نتعلم منها الكثير, حيث فوضت الأمور الداخلية إليها, والأمور الخارجية للإمام علي(ع).
أما عملها في المنزل من طحن وخبز وطبخ ورعايتها وتربيتها للأولاد والبنات, أثبتت(ع) أن عمل المرأة في منزلها لا يقل أهمية عن عمل الدكتور والمهندس والأستاذ, فهي تربي وتـّخرج الأجيال الصاعدة وهذه مهمة صعبة.
والأعمال المنزلية ولو كان فيها تعب نوع ما, لكن توجب الراحة النفسية والصحة البدنية لأن الحركة مفيدة جداً لجسم الإنسان.
وقد كانت الزهراء(ع) أول امرأة كاتبة في الإسلام وقد جمعت كتباً مثل مصحف فاطمة, والمصحف بمعنى الكتاب, كما أن الإمام علي(ع) أول كاتب في الإسلام.
بالإضافة لكل ذلك فقد كانت (ع) تبين الأحكام والمسائل الشرعية للسائلات عنها كما كان متعارف كثير من النساء الجاهلات عن أمور دينهم ودنياهم.
لذلك يلزم على نسائنا التعلم منها: الزواج المبكر, الأعمال المنزلية اليدوية وغيرها, تأليف الكتب, الخطابة, الوعظ والإرشاد, وغيرها.
نسأل الله بحقها وبحق أبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها, لنا ولنسائنا خير الدنيا والآخرة.
وشكرا نسألكم الدعاء ....