لم يصل المنبر الحسيني إلى ما وصل إليه من فراغ أو حاجة آنية استدعتها ظروف معينة فأتاحت لحركة المنبر مساحة للبقاء والدوام بقدر ما وجد المنبر الحسيني من واقع التغيير الذي سعى إليه الإمام الحسين عليه السلام واستمر بحركته بفضل دماء ودماء كثيرة سالت من اجل بقاءه لتضاف إلى دماء الحسين النازفة إلى يوم الفتح الكبير ، فصنعت من المنبر رمزا ، وأقول رمزا لثورة الطف المباركة ، فارتقى مدارجه خطباء وفقهاء كانوا وما زالوا محط أنظار المجتمع وأصبحوا فيما بعد عناوين في سماء الطف التي لا تأفل نجومها .... وفي المفترق العصيب من مسيرة الإسلام تضاعفت مهام خطباء المنبر الواعين والمصلحين ومنها كشف ملابسات الواقع السياسي والأخلاقي والديني... لكن قضية الإمام المهدي عليه السلام يجب أن تأخذ حيزها الكبير من المنبر وبيان كل جوانب هذه القضية المباركة، فتطرح الجانب المأساوي فيها ليمزج الخطيب الأمل والانتظار مع مظلومية الإمام المهدي وغربته ووحدته مع ظهوره وإشراقه ... وتحقق دولته مع غيبته الطويلة القاسية ..... وخوفه وترقبه مع الأمان والعدل الذي يهبه عند ظهوره عليه السلام، وان يوضح الخطيب خطوط أعداء الإمام ونهجهم وبيان خط الإمام ونهجه. إن ارتباط قضية الإمام الحسين بقضية الإمام المهدي عليهم السلام ارتباطا واقعيا تكوينيا من شاكلة ارتباط المقدمة بتابعتها ، والعلة بمعلولها ، وعليه نجد المرور على ذكرى الحسين دون بيان قضية الإمام المهدي يسلب القضية الحسينية بعدها المستقبلي ، ويقطع امتدادها التاريخي ويفصل التسلسل الرسالي والحركي والفكري والعقائدي ، وبالتالي يكرس المنبر للعاطفة الآنية والعبرة العابرة فتختنق الثورة الحسينية في اطر محددة وتفقد بذلك بعدا من أهم أبعادها وأخطرها وهو بعد التمهيد لدولة العدل الإلهي. لقد حان الوقت بأن ننظر إلى عاشوراء بعيون الإمام القائم عليه السلام الذي يستلهم من الطف روحية وقداسة ثورته الإلهية ، فكل شيء في ذلك اليوم كمن خلفه حلقة من حلقات الظهور المقدس ، وحان الوقت لتكون الدمعة الجارية على وجنات عاشقي الحسين ، دموع واعية مسئولة يترشح منها أمل ، وتتطلع للتغيير والإصلاح وتستبطن الندم والأسف والحزن والاستنكار على القصور والتقصير في أداء الواجب الأخلاقي والشرعي اتجاه الإمام الحسين عليه السلام والتي لا تؤدى إلا من خلال التمهيد لدولة العدل الإلهي .. ولا بد أن تتحول الدموع والشعائر والمنبر الحسيني إلى ثورة وتمرد على كل ظلم واستبداد وتجبّر لتجسد تاريخ مليء بالدماء والموت، وحاضر يكتوي بغيبة الإمام المهدي عليه السلام ووحدته وغربته، ومستقبلا تتشوق القلوب وتحترق الصدور وتتطلع العيون لرؤيته. فعلينا أن نعي ثمن دماء الحسين عليه السلام وسبي النساء العلويات ، وهو ثمن عظيم ومنها بل وأقدسها وارفعها وأشرفها هو قيام دولة العدل الإلهي - وان كانت كل دماء العالم لا تعادل قطرة من دماء الحسين عليه السلام - أما من يحاول أن يستثمر هذه الدماء (الإلهية) لمصالحه الخاصة - أي كانت - فهو خصيم الله تعالى قبل أن يكون خصيم رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام.... واليوم على الجميع أن يخشوا الله تعالى في دماء الحسين وأخوه العباس وابنه الرضيع وأولاده وأصحابه ، وعلى الجميع أن يخشوا الله في سبي الحرم وهتك الحرمات وسبي النساء وعويل اليتامى وبكاء الأرامل والثكالى ، وان يعوا بان هذه التضحيات لم تكن لأجل عاطفة فوقية أو شعارا يتخذه المخادعون أو وسيلة بيد المتنفذين ، فدماء الحسين أو شعائره مسؤولية كبيرة لا تؤدى بحقها وحقيقتها في عصرنا هذا إلا عندما تؤدى لله خالصة وتقع ضمن التمهيد للإمام الغائب عليه السلام ، والفرصة أمام الخطباء من اجل إيفاء حق الإمام الغائب اكبر واقرب من الآخرين ، فالمنبر الحسيني احد أهم وسائل الوعي والإيمان والثورة ، فيجلس ويستمع للخطيب كل فئات المجتمع وبمختلف مستوياته العلمية بقصد المعرفة أو الثواب أو إحياء الشعائر الحسينية ، ومن هنا تتهيأ للخطيب كل وسائل التغيير المحاطة بالعاطفة والقداسة والروح المعنوية والإيمانية. اعتقد إن المنبر الحسيني اكبر من سيرة تاريخية أو دمعة حائرة أو خطبة تبكي العيون لأنه في الواقع ثورة الإمام الحسين عليه السلام التي استنهضت الجماهير على الطغاة ، ومدرسة أرست في العقول السبل الشرعية والأخلاقية ، وعقيدة بقيت صامدة أمام أعتا أساليب الغي والظلم والقتل والتشريد ، ومشاعر صدقت مع الحسين فحلق أصحابها في فناء الحسين بكربلاء على طول التاريخ ، ومصداق صدق هذه المشاعر والأحاسيس اليوم هو مقدار صدقها في الولاء والبيعة لإمام العصر عليه السلام والتمهيد لدولته المباركة ، فلم تتعرض قضية في الإسلام إلى التشويه والتحريف والدس والتزوير والخداع والافتراء والكذب والغش والاستغلال والمهادنة والتسويل كما تعرضت قضية الإمام المهدي عليه السلام فخرجت عثرات البدع والسبل المضلة والعناوين الفارغة تحت عنوان الإمام المهدي ، والروايات ذكرت في مئات المصادر والأحاديث عن كثرة الدجالين والسفيانيين ومدعي الإمامة والنيابة والوصاية . ومن هنا على الجميع ومنهم وأهمهم خطباء المنبر التصدي لهذه الحملات اليهودية التكفيرية الإنحرافية ، والقصور فيها هو قصور في حق الحسين ونهج الحسين عليه السلام ، والمعيار الواقعي للخطيب في هذه المرحلة هو مقدار دفاعه عن قضية الإمام المهدي عليه السلام التي سلطت عليها سيوف الغدر والخيانة والتحريف... المنبر الحسيني.. مسؤولية وتمهيد
اعتقد إن المنبر الحسيني اكبر من سيرة تاريخية أو دمعة حائرة أو خطبة تبكي العيون لأنه في الواقع ثورة الإمام الحسين عليه السلام التي استنهضت الجماهير على الطغاة ، ومدرسة أرست في العقول السبل الشرعية والأخلاقية ، وعقيدة بقيت صامدة أمام أعتا أساليب الغي والظلم والقتل والتشريد ، ومشاعر صدقت مع الحسين فحلق أصحابها في فناء الحسين بكربلاء على طول التاريخ ، ومصداق صدق هذه المشاعر والأحاسيس اليوم هو مقدار صدقها في الولاء والبيعة لإمام العصر عليه السلام والتمهيد لدولته المباركة ، فلم تتعرض قضية في الإسلام إلى التشويه والتحريف والدس والتزوير والخداع والافتراء والكذب والغش والاستغلال والمهادنة والتسويل كما تعرضت قضية الإمام المهدي عليه السلام فخرجت عثرات البدع والسبل المضلة والعناوين الفارغة تحت عنوان الإمام المهدي ، والروايات ذكرت في مئات المصادر والأحاديث عن كثرة الدجالين والسفيانيين ومدعي الإمامة والنيابة والوصاية .