المقصد الاول
اعداد الفرائض ونوفلها ومواقيتها
وجملة من احكامها
وفيه فصول
الفصل الاول
في اعداد الفرائض فالنوافل
الصلوات الواجبة في اصل الشريعة اجمالا سبع : اليومية، وتندرج فيها صلاة الجمعة. فان المكلف مخير بين اقامتها وصلاة الظهر يوم الجمعة، على تفصيل يأتي. فاذا اقيمت بشرائطها اجزأت عن صلاة الظهر. وصلاة الطواف, والايات، والاموات، وما التزم بنذر ونحوه أو اجارة، وصلاة العيدين، وقضاء ما فات عن الوالد بالنسبة الى الولد الاكبر.
اما اليومية فخمس : الصبح ركعتان، والظهر اربع، والعصر اربع، والمغرب ثلاث، والعشاء اربع. وفي السفر والخوف تقصر الرباعية فتكون ركعتين.
واما النوافل فكثيرة اهمها الرواتب اليومية : ثمان ركعات للظهر قبلها، وثمان للعصر قبلها، فتقع بين الفريضتين, واربع للمغرب بعدها, وركعتان من جلوس تعدان بركعة للعشاء بعدها, وثمان ركعات صلاة الليل, وركعتا الشفع بعدها، وركعة الوتر بعدها, وركعتا الفجر أو نافلة الصبح قبل الفريضة. وفي يوم الجمعة يزداد على الست عشرة، وهي نوافل الظهرين اربع ركعات قبل الزوال.
[مسألة 608] يجوز الاقتصار على بعض النوافل المذكورة، مع الاتيان باي مجموعة منها كاملة. كما يجوز الاقتصار من نوافل الظهرين على اربع ركعات لكل منهما. كما يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر، وعلى الوتر خاصة، وفي نافلة المغرب على ركعتين.
[مسألة 609] يجوز الاتيان بالنوافل الرواتب وغيرها في حال الجلوس اختيارا، ولكن الافضل شرعا حينئذ عد كل ركعتين بركعة، فيصلي – مثلا – نافلة الصبح اربع ركعات من جلوس. والاحوط [ ] في هذه الزيادة في الشفع والوتر قصد الرجاء.
[مسألة 610] يجوز الاتيان بالنوافل في حال المشي ايماءا بالراس، والاحوط[ ] ان يستقبل القبلة في مشيه، وان لم يمكن فبتكبيرة الاحرام، ولا يجزي الايماء مع ثبات المكان لا قياما ولا جلوسا الا مع الاضطرار.
[مسألة 611] الصلاة الوسطى التي تتاكد المحافظة عليها بنص القران الكريم هي صلاة الظهر. وقيل صلاة العصر, ويمكن ان يراد بها كل الفرائض اليومية، لتوسط كل منها بين صلاتين أو وقتين، غير انه من الفهم الباطني للقران الكريم.
[مسألة 612] اعداد ركعات الفرائض حضرا سبع عشرة ركعة، وسفرا احد عشر. وعدد ركعات النوافل ضعف ما في الحضر, اربع وثلاثون ركعة، فيكون المجموع احدى وخمسين ركعة. والالتزام بها احدى علامات المؤمن – كما في الخبر – ويسقط من النوافل في السفر ست عشرة ركعة هي نوافل الظهرين. فيبقى منها ثمان عشرة، ويحتمل سقوط ما عدا صلاة الليل، ومعه فالاحوط الاتيان بالباقي بقصد رجاء المطلوبية سفرا، وهي نوافل الصبح والمغرب والعشاء.
الفصل الثاني
اوقات الفرائض والنوافل
وقت الظهرين من زوال الشمس الى غروبها. وتختص الظهر من أوله بمقدار ادائها, والعصر من اخره كذلك. وما بينهما من الوقت مشترك بينهما.
ووقت العشائين من المغرب الى الفجر، وتختص المغرب من أوله بمقدار ادائها, والعشاء من اخره كذلك، وما بينهما مشترك بينهما ايضا. والاحوط [ ] اعتبار الوقت المشترك والمختص بالعشاء الى نصف الليل, وان ينوي بعده الرجاء من الاداء والقضاء. سواء اخرهما عمدا أو اضطرارا.
ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق الى طلوع الشمس.
[مسألة 613] الفجر الصادق هو البياض المعترض في الافق، الذي يتزايد وضوحا وجلاء. وقبله الفجر الكاذب، وهو البياض المستطيل من الافق صاعدا الى السماء كالعمود. ولا اعتبار له شرعًا.
[مسألة 614] الزوال هو خروج قرص الشمس عن دائرة نصف النهار الوهمية، وهو الوقت المنتصف ما بين طلوع الشمس وغروبها. مع احتساب برهة يسيرة لحصول الزوال. ويعرف بالبدء بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه أو حدوث ظله بعد انعدامه.
[مسألة 615] نصف الليل على الاحوط [ ] هو منتصف الوقت ما بين غروب الشمس الى طلوع الفجر الصادق. ويعرف الغروب بسقوط القرص. والاحوط لزوما تاخير صلاة المغرب الى ذهاب الحمرة المشرقية. والاحوط استحبابًا تاخيرها الى زوال الحمرة عن سمت [ ] الراس باتجاه المغرب.
[مسألة 616] المراد من اختصاص الظهر باول الوقت، عدم صحة العصر اذا وقعت فيه عمدا. واما اذا وقعت سهوا صحت، وان كان الاحوط [ ] الاعادة، ولو التفت خلال الصلاة نواها ظهرا وصلى العصر بعدها. وان التفت بعد الصلاة صلى الظهر بعدها. والاحوط استحبابا ان يجعلها ظهرا ثم ياتي باربع ركعات بقصد ما في الذمة،اعم من الظهر والعصر.
[مسألة 617] اذا صلى العصر في الوقت المشترك سهوا، وتذكر خلال الصلاة، نقل النية الى الظهر. وان التفت بعد الصلاة صلى الظهر.
[مسألة 618] اذا صلى العصر في الوقت المشترك سهوا، ودخل الوقت المختص بالعصر خلال الصلاة. فان التفت خلال الصلاة نقل النية الى الظهر وصلى العصر بعدها. وصحت اذا ادرك ركعة من الصلاة في الوقت فاكثر.وان لم يدركها اتم العصر وقضى الظهر. وان التفت بعد الصلاة فالاحوط[ ] ان يبدا صلاة بما في الذمة من الظهر والعصر. ويقضي الظهر بعد الوقت.
مسألة 619] الكلام في العشائين ما قلناه في الظهرين، في المسائل الثلاثة السابقة. مع الالتفات الى ان الوقت المختص للعشاء قبل الفجر, وان كان الاحوط الاولى كونه قبل نصف الليل بالمعنى السابق. فيؤخذ ذلك بنظر الاعتبار بنية الاداء وبالرجاء[ ] والقضاء على الاحوط استحبابا.
[مسألة 620] وقت فضيلة الظهر, ما بين الزوال وبلوغ الظل الحادث به مثل الشاخص، ووقت فضيلة العصر ما بين الزوال، وبلوغ الظل الحادث مثليه. وهناك وجه اخر اكثر تطبيقا، بحيث يستغني المكلف عن الفحص عن الظل، وذلك هو تاخير العصر لفترة معقولة عن الظهر كساعة أو ساعة ونصف، ولو بالاشتغال بالعبادة والنوافل أو بغيرها. لكن لا يصدق الفصل بينهما باعمال الدنيا، بل تبقى العبادة مستمرة، ومع ذلك قد حصل الفصل بينهما، ويلاحظ ان بلوغ الظل مثل الشاخص كثيرا ما تكون بهذا المقدار تقريبا.
[مسألة 621] وقت فضيلة المغرب من المغرب الى ذهاب الشفق، وهو الحمرة المغربية، وهو أول فضيلة العشاء ويمتد الى ثلث الليل. ووقت فضيلة الصبح، من الفجر الى ظهور الحمرة المشرقية، والغلس [ ] بها أول الفجر افضل، كما ان تعجيل جميع الصلوات في أول أوقات الفضيلة افضل.
[مسألة 622] يمتد وقت نوافل جميع الصلوات اليومية بامتداد وقتها الاصلي على الاظهر, مادام موضعها من الصلاة الفريضة محفوظا قبلها أو بعدها حسب الوظيفة، وما دامت غير مؤداة في الوقت المختص بشريكتها. ولكن ان اخرت نافلة الصبح والظهرين عن صلواتها نويت قضاء. اما تقديم نافلتي المغرب والعشاء على صلواتهما فغير مشروع.
[مسألة 623] الاحوط استحبابا بل هو الافضل اكيدا، تقيد أوقات النوافل باوقات الفضيلة التي ذكرناها. وكلما كانت اقرب الى أوائل هذه الاوقات كانت افضل. ويجوز الاتيان بنافلة الفجر قبل الفجر.
[مسألة 624] الوقت الافضل لنافلة الليل هو السحر, وهو السدس الاخير من الليل،والظاهر كفاية ان يكون هو الثلث الاخير بل هو النصف الثاني ايضا. ويجوز الاتيان بنافلة الفجر بعدها أو دسها خلالها. وكلما كانت نافلة الليل اقرب الى الفجر كانت افضل، بل يجوز الاتيان بها بعد بزوغ الفجر, وان كان الاحوط[ ] عندئذ نية الرجاء. واما اذا بزغ الفجر وقد انتهى المصلي من اربع ركعات منها، اتمها وزاحم بها الفريضة. بخلاف ما لو كان اقل من اربعة، فان الشروع بنافلة الفجر وفريضته هو الافضل، ويقضي الباقي نهارا.
[مسألة 625] يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة، بل في غيره اذا علم انه يشتغل عنها بشاغل فيجعلها في صدر النهار، بل لا يبعد الجواز في غير الجمعة ايضا، بحيث تزول الشمس حال اشتغاله بالنافلة. وان كان الاحوط [ ] والافضل شروعه بها بعده.
الفصل الثالث
احكام الاوقات
[مسألة 626] اذا مضى من أول الوقت بمقدار اداء الصلاة الاختيارية، ولم يصل، ثم طرا احد الاعذار المانعة عن التكليف وجب القضاء. والا لم يجب. وهل الملحوظ هنا نفس الصلاة أو هي مع مقدماتها الواجبة ؟ الظاهر الثاني والاحوط[ ] الاول.
مسألة 627] اذا ارتفع العذر في اخر الوقت من حيض أو جنون أو غيرهما، فان وسع الصلاتين مع الطهارة الاختيارية وجبتا جميعا. وكذا ان وسع احدهما وركعة من الاخرى. وليختر الطهارة المائية في هذه الصورة. ولكن لو لم يدرك ذلك الا بالطهارة الترابية تعينت. ولو لم يبق وقت الا للصلاة الثانية قدمها مع الطهارة الترابية، ما دامت ركعة منها أو اكثر تقع داخل الوقت، والا لم يجب شيء، ومع الشك في ضيق الوقت يمكنه البناء على سعته.
[مسألة 628] لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت، بل لا تجزيء الا مع العلم به أو قيام البينة، ويكفي الاطمئنان بل الوثوق، كما يكفي اذان الثقة العارف بل مطلق اخباره. فان شك في دخول الوقت، فالواجب التاخير الى ان يحصل العلم أو الوثوق به.
[مسألة 629] اذا احرز دخول الوقت بالوجدان أو بطريق معتبر فصلى، ثم تبين انها وقعت كلها قبل الوقت،او دخل منها في الوقت اقل من ركعة، بطلت ووجبت اعادتها. واما اذا دخل منها في الوقت ركعة فاكثر صحت. ونحو ذلك لو دخل في الصلاة قبل الوقت لغفلة أو رجاء دخول الوقت. واما لو التفت خلال الصلاة الى عدم دخول الوقت، أو إلى دخوله ولم يؤد فيه ركعة، بل مطلقا على الاحوط[ ]، بطلت صلاته وعليه اعادتها.
[مسألة 630] يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر، وكذا بين العشائين بتقديم المغرب، واذا عكس عمدأ أعاد. سواء كان في الوقت المشترك أو في احد الوقتين المختصين. واذا كان التقديم سهوا في الوقت المشترك لم يعد. واما في المختص ففيه تفصيل تقدم في [مسألة 616] وما بعدها، والجاهل الجازم بالحكم في نظره كالساهي وان كان عن تقصير، والجاهل المتردد في الحكم كالعامد على الاحوط[ ].
[مسألة 631] يجب العدول من اللاحقة الى السابقة، في غير الوقت المختص الاخير. كما اذا قدم العصر أو العشاء سهوا وذكر في الاثناء فانه يعدل الى الظهر أو المغرب. ولا يجوز العدول من السابقة الى اللاحقة. غير ان هذا مبني على الاحتياط[ ] فيما اذا كان قد كرر السابقة سهوا.
[مسألة 632] انما يجوز العدول من العشاء الى المغرب، اذا لم يدخل في ركوع الرابعة، والا بطلت على الاحوط[ ] ولزم استئنافها.
[مسألة 633] يجوز تقديم الصلاة في أول وقتها لذوى الاعذار, مع الياس عن ارتفاع العذر ولو بالاطمئنان أو الوثوق. بل مع رجائه ايضا، لكن بنية الرجاء على الاحوط [ ]. واذا ارتفع العذر بعد الوقت لم يجب القضاء بلا اشكال، واما اذا ارتفع في الوقت، فان كان عذره واقعيا كدم الجروح والقروح والاقل من الدرهم، لم تجب الاعادة، وان كان عذره لعنوان ثانوي كالنجاسة الاضطرارية، والطهارة الترابية، والتقية, وجبت الاعادة على الاحوط[ ].
[مسألة 634] الاقوى جواز التطوع بالصلاة لمن عليه فريضة ادائية أو قضائية، مالم تتضيق. لكنه مرجوح على اي حال.
[مسألة 635] اذا بلغ الصبي في اثناء الوقت، وجبت عليه الصلاة اذا ادرك مقدار ركعة أو ازيد مع مقدماتها الواجبة، ولو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في اثناء الصلاة أو بعدها، فالاقوى كفايتها وعدم وجوب الاعادة، وان كان الاحوط استحبابا الاعادة في الصورتين. ولو التفت خلال الصلاة الى بلوغه فالاحوط[ ] له نقل النية من الاستحباب الى الوجوب.
المقصد الثاني
القبلة
يجب الاستقبال الاجمالي للحيز أو المكان الذي تقع فيه الكعبة الشريفة، ويمتد بالتعبد الشرعي من تخوم الارض الى عنان السماء. يعني في المجال الذي يمكن ان يكون مسكونا للبشر في باطن الارض أو في الجو، واما امتداده اكثر من ذلك فمحل اشكال، وخاصة من جانب العلو خارج جو الارض.
[مسألة 636] انما يجب استقبال جهة الكعبة لا اكثر. واذا عرف الفرد دقة الاستقبال جاز له الانحراف بمقدار شبر عن موضع سجوده يمينا ويسارا اختيارا، فضلا عن الاضطرار أو الغفلة أو الجهل، بل معهما تكون أوسع من ذلك. بل تصل الى ما بين اليمين والشمال كما سياتي.
[مسألة 637] يجب الاستقبال بخط مستقيم، ويجب اختيار اقرب الخطوط على سطح الارض. ويتخير في الجهة المقابلة للكعبة من الارض، في التوجه الى اي جهة شاء. كما يتخير ذلك لو صلى في داخل الكعبة أو على سطحها. ولكن يجب عليه في السطح ان يضع قسما من حيزها امامه. فيؤخر محل سجوده عن الحافة ولو قليلا. الا اذا استقبل جانب الشاذروان[ ] فانه بنفسه قبلة لانه من الكعبة الشريفة. فله ان يسجد على الحافة.
[مسألة 638] يجب الاستقبال في جميع الفرائض اليومية وتوابعها، من صلاة الاحتياط والاجزاء المنسية بل, سجود السهو على الاحوط وجوبا. وكذلك النوافل اذا صليت حال الاستقرار على الاحوط[ ]. واما اذا صليت حال المشي أو الركوب بواسطة نقل متنقلة، بما فيها السفينة، فلا يجب الاستقبال، وان كان الاحوط[ ] الاستقبال بتكبيرة الاحرام. وكذا النوافل المنذورة.
[مسألة 639] من صلى بواسطة نقل منتقلة[ ]، فان كان مستقبلا خلال صلاته فلا اشكال. وان انحرفت، فان امكنه الانحراف الى القبلة فورا وجب، وان لم يمكنه اشكلت الصلاة في هذه الواسطة، الا مع ضيق الوقت أو استيعابها له مع الاضطرار. فلو اضطر سقط وجوب الاستقبال. ومع عدم الاضطرار يتعين اداء الصلاة قبل السفر أو بعده.
[مسألة 640] يجب الاستقبال مضافا الى الصلاة، في الذبح والنحر والاحتضار والدفن، كما هو مشروح في محله. ويحرم الاستقبال والاستدبار في التخلي. ويستحب الاستقبال خلال بعض الطاعات كقراءة القران والادعية، بل في مطلق الجلوس فان [خير المجالس ما استقبل به القبله]. والقبلة في كل هذه الموارد واحدة، وهي الجهة ولا تجب الدقة.
[مسألة 641] يجب العلم بالتوجه الى القبلة، وتقوم مقامه البينة، بل واخبار الثقة.بل واخبار ذي اليد حتى لو كان غاصبا،او بحكمه على وجه وجيه. وكذا يجوز الاعتماد على قبلة بلد المسلمين في صلواتهم وقبورهم ومحاريبهم، بل مطلق ما قلناه في المسألة السابقة، اذا لم يعلم بناؤها على الغلط،او يطمئن أو يثق بالغلط. والمراد بالغلط انحرافها عن جهة القبلة لا الدقة.
[مسألة 642] اذا تعذرت الحجة الشرعية على القبلة مما سبق، يجب ان يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها، ويعمل على ما تحصل له ولو كان ظنا. مع عدم الامل في حصول الزائد عن الظن أو ضيق الوقت عنه. ومع تعذره يكتفي بالجهة التقريبية.ومع الجهل وسعة الوقت يصلي الى اربع جهات على الاحوط[ ]، كل منهما بقصد الرجاء. والا صلى بقدر ما وسع، والاحوط[ ] هنا اختبار الجهات الاكثر استيعابا. ومع ضيق الوقت يصلي الى اي جهة شاء واذا علم عدمها ولو بالاطمئنان أو الوثوق، اجتزأ بالصلاة الى المحتملات الاخرى.
[مسألة 643] من صلى الى جهة اعتقد انها القبلة، أو صلى اليها غفلة باعتبار انها القبلة، ثم تبين بعد الصلاة خطأه. فان كان منحرفا الى ما بين اليمين والشمال صحت صلاته. واذا التفت في الاثناء الى ذلك، مضى ما سبق واستقبل في الباقي. من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه، ولا بين المتيقن والظان والناسي والغافل، ومن قامت لديه الحجة الشرعية وغيره. نعم، اذا كان ذلك عن جهل بالحكم لزمته الاعادة في الوقت، والقضاء في خارجه على الاحوط استحبابا. واما اذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين والشمال، ولو الى اليمين والشمال نفسيهما، اعاد في الوقت، سواء كان التفاته اثناء الصلاة أو بعدها، ولا يجب القضاء اذا التفت خارج الوقت وان كان احوط[ ]، وخاصة للمستدبر.
المقصد الثالث
الستر والساتر
وفيه فصول
الفصل الاول
في وجوب ستر العورة
يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة وتوابعها، حتى سجود السهو على الاحوط وجوبا. وان لم يكن ناظر أو كان في ظلمة.
[مسألة 644] اذا بدت العورة لريح أو غفلة، أو كانت بادية من الاول وهو لا يعلم بها، أو نسي سترها صحت صلاته. واذا التفت الى ذلك في الاثناء، فالاحوط وجوباً ان يبادر الى التستر فورا وتصح صلاته. وان لم يفعل كرر الصلاة. وتبطل ايضا اذا كان التكشف عن نسيان على الاحوط[ ]، ابتداءا أو في الاثناء.
[مسألة 645] عورة الرجل، القضيب والانثيان وحلقة الدبر. والجلد الذي بينهما المسمى بالعجان على الاحوط[ ]. وعورة المراة بدنها حتى الراس والشعر, عدا الوجه بالمقدار الذي يغسل في الوضوء. وعدا الكفين والقدمين ظاهرهما وباطنهما.ولابد من ستر شئ مما هو خارج حدودها، من باب المقدمة العلمية. والاثر الشرعي لذلك صحة الصلاة بسترها, ووجوب سترها عن غير الحليل والمحرم من الجنس الاخر، على تفصيل ياتي في كتاب النكاح.
[مسألة 646] الامة والصبية كالحرة والبالغة في ذلك،الا في الراس وشعره والعنق، فانه لا يجب عليهما ستر ذلك. ومعلوم ان اثره الالزامي يظهر في الامة دون الصبية التي هي دون التكليف.
[مسألة 647] اذ1 كان المصلي واقفا على الارض، لم يجب الستر من جهة التحت، ولكن اذا كان واقفا على شباك أو طرف سطح، بحيث لو كان ناظر تحته لراى عورته، فالاقوى وجوب سترها من تحته.
الفصل الثاني
في شرائط الساتر
يعتبر في الساتر بل في مطلق لباس المصلي امور : ـ
الاول : الطهارة. الا في الموارد التي يعفى عنها في الصلاة. وقد تقدمت في احكام النجاسات.
الثاني : الاباحة. فلا تجوز الصلاة في المغصوب مطلقا، سواء كان ساترا بالفعل ام لا. نعم، اذا كان جاهلا بالغصبية أو ناسيا لها أو جاهلا بحرمته جهلا يعذر فيه، أو ناسيا لها أو مضطرا، فلا باس. وكذلك اذا كان هو غير الغاصب، وان كان الاحوط[ ] خلافه.
[مسألة 648] لا فرق في المغصوب بين ان يكون هو عين المال أو منفعته. وكذلك اذا كان متعلقا لحق غيره كالمرهون على الاحوط[ ]. بل اذا اشترى ثوبا بعين مال معين فيه الخمس أوالزكاة، كان حكمه حكم المغصوب،الا باذن الحاكم الشرعي. ولا ينفع دفع مال اخر عوضه بعد وقوع العقد على العين. وكذا اذا مات الفرد وكان مشغول الذمة بالحقوق المالية، من الخمس والزكاة ورد المظالم، فان امواله بمنزلة المغصوب، سواء استوعبت هذه الحقوق التركة ام لا، فانه لا يجوز التصرف فيها الا بعد دفع الحقوق، أو حصول الاذن من الحاكم الشرعي. وكذا اذا مات وله وارث قاصر ليس عليه ولي خاص أو قيم، فانه لا يجوز التصرف في تركته الا بمراجعة الحاكم الشرعي.
[مسألة 649] لا فرق في المالك المغصوب منه المال، بين ان يكون شخصا بعينه في الملكية الاعتيادية، أو موقوفا عليه في الوقف الخاص، أو العام،او الامام في حق الامام عليه السلام، أو العلويين في حق السادة، أو المجتمع في مجهول المالك ورد المظالم، أو الاجيال الاسلامية في الارض المفتوحة عنوة، أو الفقراء في الزكاة، أو المجهول في اللقطة ونحوها. فانه لا يجوز التصرف في كل ذلك بدون اذن ذي العلاقة. فان كان ذو العلاقة عاما كان الاذن لوليه وهو الحاكم الشرعي. ولو صلي بشئ من ذلك بدون اذن بطلت صلاته على الاحوط وجوبا.
[مسألة 650] لا فرق في ارتفاع حرمة المغصوب بين الاذن الصريح والضمني والعملي وشاهد الحال. الا ان الاظهر هو بطلان الصلاة مع انطباق عنوان الغصب أو السرقة ونحوهما، ولا يشترط تحصيل الاذن مع عدمه، ولذا قلنا بصحة الصلاة لغير الغاصب. غير ان المغصوبات في الحقوق العامة، يكون كل فرد عالم عامد غاصبا.
[مسألة 651] تصح الصلاة بحمل المغصوب، سواء تحرك بحركات المصلي ام لا على الاظهر.
الثالث : ان لا يكون لباس المصلي من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة، سواء اكانت من حيوان محلل الاكل ام محرم، سواء اكانت له نفس سائلة، أو لم تكن على الاحوط استحبابا. وقد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكى أو لا [ ]، كما تقدم بيان حكم ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع [ ]. والمشكوك في كونه من جلد الحيوان أو غيره، لا باس بالصلاة فيه
[مسألة 652] تصح الصلاة بحمل اجزاء الميتة، مالم يصدق اللبس, كالحزام ورباط الساعة والقلادة والدملج[ ] والقرطين والحذاء. فانها من الملبوس لا المحمول عرفا فلا يجوز كونها من الميتة. نعم، اذا مسك المصلي بيده أو وضع في جيبه أو على ظهره شيئا من الميتة النجسة، بدون سريان النجاسة، صحت صلاته.
الرابع : ان لايكون لباس المصلي مما لا يؤكل لحمه، ولا فرق بين ذي النفس وغيره، ولا بين ما تحله الحياة من اجزائه وغيره، ولا بين ما تتم فيه الصلاة وغيره، بل لا يبعد المنع عن مثل الشعرات الواقعة على الثوب ونحوه. والاحوط استحبابا عموم المنع للمحمول في جيبه ونحوه.
[مسألة 653] اذا صلى على غير الماكول جهلا به صحت صلاته، وكذا اذا كان نسيانا أو كان جهلا بالحكم أو نسيانا له. نعم، تجب الاعادة اذا كان جاهلا بالحكم عن تقصير, مع كونه في صلاته ملتفتا مترددا.
[مسألة 654] اذا شك في اللباس، أو فيما على اللباس من الرطوبة، أو الشعر أو غيرهما، في انه من الماكول أو من غيره، أو من الحيوان أو من غيره،صحت صلاته فيه.
[مسألة 655] لا باس بالشمع والعسل. والحرير الممزوج, وكذا لا باس بالحشرات التي لالحم لها عرفا, مثل البق والبرغوث والزنبور, وكذلك اجزاؤه، ولا باس في الصدف، وهو المحار وامثاله.
[مسألة 656] لا يشمل المنع عما لا يؤكل لحمه، ما كان من الانسان نفسه، كشعره وريقه ولبنه ودمه، وان كانت واقعة على المصلي من غيره. بل حتى لو كان لحما أو عظما، لا يجب تغسيله أو تم تغسيله. وكذا الشعر الموصول بالشعر المسمى بالباروكة، سواء اكان ماخوذا من الرجل ام من المراة.
[مسألة 657] يستثنى من الحكم المزبور جلد الخز والسنجاب ووبرهما. وفي كون ما يسمى الان خزا هو الخز اشكال. وان كان الظاهر ذلك. واما السمور[ ] والقماقم[ ] والفنك[ ]، فلا تجوز الصلاة في اجزائها على الاحوط[ ].
الخامس : ان لا يكون من الذهب للرجال، ولو كان حليا, كالخاتم, أو جزءا من اللباس كالازرار, ومحل فص الخاتم، والساعة اليدوية ونحو ذلك. واما اذا كان مذهبا بالتمويه والطلي، على نحو يعد عند العرف لونا، ولا يكون طبقة من الذهب ولو خفيفة جدا، فلا باس، ويجوز ذلك كله للنساء. كما يجوز حمله للرجال كالساعة الجيبية والدنانير، نعم الظاهر عدم جواز مثل سلسلة الساعة اذا كانت ذهبا معلقة برقبته أو بلباسه، على نحو يصدق عليه عنوان اللبس عرفا.
[مسألة 658] اذا صلى في الذهب جاهلا أو ناسيا للحكم أو الموضوع صحت صلاته. الا اذا كان جاهلا بالحكم عن تقصير, مع كونه ملتفتا مترددا حال الصلاة.
[مسألة 659] لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة ايضا، وفاعل ذلك اثم. والظاهر عدم حرمة التزين بالذهب، فيما لا يصدق عليه اللبس بل الحمل. ومثلوا له بجعل مقدم الاسنان من الذهب وهو مشكل. واما شّد الاسنان به، أو جعل الاسنان الداخلة منه، فلا باس به.
[مسألة 660] لا يشمل حكم الذهب للفضة، ولا المعدن المسمى بشبه الذهب، ولا ماكان اغلى من الذهب من المعادن وغيرها. نعم يشمل الحكم كل انواع الذهب الخالصة والمخلوطة، والجيدة والرديئة، مادام صدق الذهب عليها صحيحا عرفا. نعم، لو خلط اي معدن بقليل من الذهب، بحيث لم يخرج عن الاسم الاخر كالنحاس مثلا، ولم يسم ذهبا جاز استعماله، وان لم يكن مستهلكا فيه. وليس كذلك المعدن المغطى بطبقة ذهبية فانها محرمة.
السادس : ان لا يكون من الحرير الطبيعي الخالص للرجال، ولا يجوز لبسه في غير الصلاة ايضا كالذهب. نعم، لا باس به في الحرب، اعني الجهاد المشروع في الدين، وكذلك الضرورة كالبرد والمرض، اذا كانت تتعين في الحرير. كما لا باس بحمله في حال الصلاة وغيرها. وكذا افتراشه والتغطي به، اذا لم يعد لبسا له. ولا باس بكف الثوب به. والاحوط[ ] ان لا يزيد على الاربع اصابع، كما لا باس بالازرار منه والسفائف والقياطين وان تعددت، واما ما لا تتم الصلاة فيه من اللباس كالتكة والقلنسوة، فالاحوط وجوبا تركه اذا كان من الحرير الخالص.
[مسألة 661] لا يجوز جعل البطانه من الحرير, وان كانت الى النصف.
مسألة 662] لا باس بالحرير الممزوج بالقطن أو الصوف أو غيرهما مما تجوز الصلاة فيه، لكن بشرط ان يكون الخلط بحيث يخرج اللباس عن صدق الحرير الخالص. فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا.
[مسألة 663] اذا شك في كون اللباس من حرير أو غيره جاز لبسه، وكذا اذا شك في انه حرير خالص أو ممتزج.
[مسألة 664] لا يشمل حكم الحرير الصناعي، بل الممتزج من الحريرين الطبيعي والصناعي، بحيث يخرج عن كونه حريرا طبيعيا خالصا. فيجوز الصلاة فيه، وكذا ماشك كونه طبيعيا ام صناعيا. أو شك في كونه ممزوجا به.
[مسألة 665] يجوز للولي الباس الصبي الحرير أو الذهب, ولكن لا تصح صلاة الصبي به.
الفصل الثالث
الصلاة عاريا
اذا لم يجد المصلي لباسا يلبسه في الصلاة، فان وجد ساترا غيره كالحشيش وورق الشجر والطين وغيرها, تستر به، وصلى صلاة المختار قائما وراكعا وساجدا، وان لم يجد ذلك ايضا، فان امن الناظر المحترم، صلى قائما موميا الى الركوع والسجود, والاحوط[ ] له ان يضع يديه على سوأته، والاحوط [ ] له الجمع بين صلاة المختار والايماء. وان لم يامن الناظر المحترم، صلى جالسا موميا الى الركوع والسجود، فالاحوط[ ] له ان يجعل ايماء السجود اخفض من ايماء الركوع. واذا امكنه الركوع والسجود بمقدار لا تبدو عورته، ولو مع رفع ما يسجد عليه, فهو احوط[ ] واولى.
[مسألة 666] اذا انحصر الساتر بالمغصوب، او الذهب، أو الحرير, أو ما لا يؤكل لحمه، أو النجس، فان اضطر الى لبسه صحت صلاته فيه، مع تاخير صلاته الى اخر الوقت، أو اليأس من تغير الحال. وان لم يضطر, صلى عاريا في الاربعة الاولى بنفس الشرط، واما النجس فالاحوط[ ] الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عاريا. وفي المغصوب اذا كان هو الغاصب دون غيره.
[مسألة 667] الاحوط لزوما تاخير الصلاة عن أول الوقت، اذا لم يكن عنده ساتر, واحتمل وجوده في اخر الوقت. واذا يئس وصلى في أول الوقت صلاته الاضطرارية بدون ساتر, أو صلى كذلك رجاء, فان استمر العذر الى اخر الوقت صحت صلاته, وان لم يستمر لم تصح، وعليه تكرار الصلاة، ومع الاهمال القضاء.
[مسألة 668] اذا كان عنده ثوبان يعلم اجمالا ان احدهما مغصوب أو حرير أو ذهب، والاخر مما تصح الصلاة فيه. لا تجوز الصلاة في واحد منهما، بل يصلي عاريا مع اخذ ماسبق بنظر الاعتبار. وان علم ان احدهما من غير الماكول والاخر من الماكول، أو ان احدهما نجس والاخر طاهر، صلى في كل منهما صلاة.