الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
ان من اعظم الواجبات الدينية هو ( الامر بالمعروف ) و ( النهي عن المنكر ) قال الله تعالى ، ( ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون ) .
وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال: لا تزال امتي بخير ما امروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر ، فاذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسُلّط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الارض ولا في السماء ) ، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ( لا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فيُولَّى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم ) .
( مسألة 631 ) : يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان المعروف واجباً والمنكر حراماً ، ووجوبه عندئذ كفائي يسقط بقيام البعض به ، نعم وجوب اظهار الكراهة قولاً أو فعلاً من ترك الواجب أو فعل الحرام عينيٌ لا يسقط بفعل البعض ، قال أمير المؤمنين (ع) (امرنا رسول الله (ص) ان نلقي أهل المعاصي بوجوه مكفهرة).
وإذا كان المعروف مستحباً يكون الامر به مستحباً ويلزم أن يراعي فيه ان لا يكون على نحو يستلزم ايذاء المأمور أو اهانته ، كما لا بد من الاقتصار فيه على ما لا يكون ثقيلاً عليه بحيث يزهده في الدين ، وهكذا في النهي عن المكروه.
( مسألة 632 ) : يشترط في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر امور:
أ ـ معرفة المعروف والمنكر ولو اجمالاً ، فلا يجب الامر بالمعروف على الجاهل بالمعروف ، كما لا يجب النهي عن المنكر على الجاهل بالمنكر ، نعم قد يجب التعلم مقدمة للامر بالاول والنهي عن الثاني.
ب ـ احتمال إئتمار المأمور بالمعروف بالامر ، وانتهاء المنهي عن المنكر بالنهي ، فلو علم انه لا يبالى ولا يكترث بهما فالمشهور بين الفقهاء (رض) انه لا يجب شيء تجاهه ولكن لا يترك الاحتياط بابداء الانزعاج والكراهة لتركه المعروف أو إرتكابه المنكر وان علم عدم تأثيره فيه.
ج ـ ان يكون تارك المعروف أو فاعل المنكر بصدد الاستمرار في ترك المعروف وفعل المنكر ولو عُرِف من الشخص انه بصدد ارتكاب المنكر أو ترك المعروف ولو لمرة واحدة وجب امره أو نهيه قبل ذلك.
د ـ ان لا يكون فاعل المنكر أو تارك المعروف معذوراً في فعله للمنكر أو تركه للمعروف ، لإعتقاد ان ما فعله مباح وليس بحرام ، أو ان ما تركه ليس بواجب ، نعم إذا كان المنكر مما لا يرضى الشارع بوجوده مطلقاً كقتل النفس المحترمة فلا بد من الردع عنه ولو لم يكن المباشر مكلفاً فضلاً عما إذا كان جاهلاً.
هـ ـ ان لا يخاف الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ترتب ضرر عليه في نفسه أو عرضه أو ماله بالمقدار المعتد به ولا يستلزم ذلك وقوعه في حرج شديد لا يتحمل عادة ، الا إذا احرز كون فعل المعروف أو ترك المنكر بمثابة من الاهمية عند الشارع المقدس يهون دونه تحمل الضرر والحرج.
وإذا كان في الامر بالمعروف أو النهي عن المنكر خوف الاضرار
ببعض المسلمين في نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به سقط وجوبه ، نعم إذا كان المعروف والمنكر من الامور المهمة شرعاً فلا بد من الموازنة بين الجانبين من جهة درجة الاحتمال واهمية المحتمل فربما لا يحكم بسقوط الوجوب.
( مسألة 633 ) : للامر بالمعروف والنهي عن المنكر عدة مراتب:
(الاولى): ان يأتي المكلف بفعل يظهر به انزجاره القلبي وتذمّره من ترك المعروف أو فعل المنكر كالأعراض عن الفاعل وترك الكلام معه.
(الثانية): ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقوله ولسانه ، سواء أكان بصورة الوعظ والارشاد أم بغيرهما.
(الثالثة): أن يتخذ اجراءات عملية للالزام بفعل المعروف وترك المنكر كفرك الاذن والضرب والحبس ونحو ذلك.
ولكل مرتبة من هذه المراتب درجات متفاوتة شدة وضعفاً ، ويجب الابتداء بالمرتبة الاولى أو الثانية مع مراعاة ما هو اكثر تأثيراً واخف ايذاءً ثم التدرج إلى ما هو اشد منه.
وإذا لم تنفع المرتبتان الاولى والثانية تصل النوبة إلى المرتبة الثالثة والأحوط لزوماً استحصال الاذن من الحاكم الشرعي في إعمالها ، ويتدرج فيها من الاجراء الاخف ايذاءً إلى الاجراء الاشد والاقوى من دون ان يصل إلى حد الجرح أو الكسر.
( مسألة 634 ) : يتأكد وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق المكلّف بالنسبة إلى أهله ، فيجب عليه إذا رأى منهم التهاون في بعض الواجبات كالصلاة أو الصيام أو الخمس أو بقية الواجبات أن يأمرهم بالمعروف على الترتيب المتقدم ، وهكذا إذا رأى منهم التهاون في بعض المحرمات كالغيبة والكذب ونحوهما فانه يجب ان ينهاهم عن المنكر وفق الترتيب المار ذكره ، نعم في جواز الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنسبة إلى الابوين بغير القول اللين وما يجري مجراه من المراتب المتقدمة اشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
تم تجميع هذه الرسالة بمكتبة احلى الكتب الالكترونية
http://a7laalktooob.blogspot.com/