شك ان من اعظم الواجبات الدينية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال الله تعالى: [ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون]. وقال النبي صلى الله عليه وآله: كيف بكم اذ فسدت نساؤكم وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر. فقيل له: ويكون ذاك يارسول الله؟ قال : نعم. فقال: كيف بكم اذا امرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف. فقيل له: يارسول الله ويكون ذلك؟ فقال : نعم. وشر من ذلك. كيف بكم اذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا؟. وقد ورد عنهم : انه بالمعروف تقام الفرائض, وتأمن المذاهب, وتحل المكاسب، وتمنع المظالم، وتعمر الارض، وينتصف للمظلوم من الظالم, ولا يزال الناس بخير ما امروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر, فان لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات، وسلط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الارض ولا في السماء.
[مسألة 873] يجب الامر بالمعروف الواجب, ويجب النهي عن المنكر الحرام وجوباً كفائياً, ان قام به البعض ممن فيه الكفاية واحدا كان ام متعددا، سقط عن غيره, وان لم يقم به المقدار الكافي، بان لم يقم به احد أو قام به مقدار غير كاف، اثم الجميع ممن لم يقم به واستحقوا العقاب.
[مسألة 874] اذا كان المعروف مستحبا كان الامر به مستحبا,واذا كان المنكر مكروها أو مرجوحا كان النهي عنه مستحباً، ولم يكن واجبا. فاذا امر أو نهي كان مستحقا للثواب. وان لم يامر به أو لم ينه عنه لم يكن عليه اثم، ولا عقاب.
[مسألة 875] اذا كان الفعل مباحاً دينياً، فلا ميزان شرعي للامر به, وان كان راجحاً دنيوياً, ولا النهي عنه وان كان مرجوحا دنيوياً.
[مسألة 876] قد يكون الفعل مباحا شرعا في الاصل ولكنه راجح بعنوان ثانوي أو مرجوح كذلك، ككونه موردا لطاعة الوالدين, أو لاحترام المؤمن أو للتقية، ونحو ذلك. فيكون الامر به أو النهي عنه واجباً, ان كان العنوان الثانوي الزاميا، ومستحباً ان لم يكن كذلك.
[مسألة 877] يجب ايجاد مقدمات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, وذلك :
[اولا] بتعلم الاحكام الشرعية الضرورية في الحياة, ليعرف الفرد المعروف والمنكر من نفسه ومن غيره.
[ثانيا] بايجاد المجتهد المطلق الذي يجوز تقليده, وذلك بتصدي جماعة كافيه لتعلم العلوم الدينية ليحصل بعضهم على هذه الدرجة الرفيعة. ولا يجوز لاي مجتمع اهمال ذلك بحيث يحصل في المستقبل زوال المجتهدين كلهم، وعدم تعويضهم بآخرين.
[ثالثاً] بايجاد القاضي الشرعي الجامع للشرائط, ليمكنه حل المخاصمات بين الناس, وذلك بتعلم العلوم الدينية كما قلنا, ولا يجوز اهمال ذلك ايضاً، بحيث يعود الامر كله إلى القضاء الدنيوي.
[مسألة 878] يشترط في وجوب الامر بالمعروف والنهي من المنكر، امور:
الامر الاول : معرفة المعروف والمنكر ولو اجمالا. فلو جهل الفرد ان هذا الفعل قائم على المنكر لم يجب النهي عنه. واما معرفة الحكم الشرعي كقاعدة عامة, فقد اشرنا الى وجوب تعلمها. نعم، لو كان الفرد قاصرا أو عاجزا أو مكرها أو مضطراً ونحوه, لم يجب التعلم.
[مسألة 879] لا يجب الاستعلام والفحص عن ان هذه الحادثة أو تلك قائمة على المنكر يجب النهي عنها, بل يكفي الشك في عدم الوجوب.
الامر الثاني : احتمال تأثير الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, اما بانجاز ما يقول الآمر واما بتعلم الفاعل وتأثره النفسي والعقلي بالامر, وان لم يطبق عملياً. ويكفي الاحتمال في ذلك ولا يجب العلم بالتأثير، وعليه فيجب الامر بالمعروف مع احتمال التأثير فقط. نعم، لو علم ان الشخص الفاعل لا يبالي بالامر والنهي, ولو لاستصغاره للمخاطب، أو انه يعتبره جاهلا بالحكم، أو لآن الفاعل لا يبالي بالدين اصلا، أو عازم على العصيان, عندئذ لا يجب على الآمر شيء.
الامر الثالث : ان يعلم الفرد ان حكم المعروف أو المنكر منجز في حق الفاعل، بحيث لا يعذر في تركه وعصيانه, فان كان الفاعل معذورا في فعله المنكر أو تركه المعروف يقيناً أو احتمالا, لم يجب الامر ولا النهي، وانما يكون معذورا لاعتقاد ان ما فعله ليس بحرام, أو ان ما تركه ليس بواجب، اما بالعنوان الاولى يعنى في اصل الشريعة, أو بالعنوان الثانوي يعني للاضطرار أو التقية أو غيرهما. سواء كان الفاعل صادقاً في هذا الاعتقاد أم مشتبها اشتباها معذورا فيه اجتهادا أو تقليداً. فلو علم الفرد الامر بذلك أو احتمله في حق الفاعل, لم يجب الامر بالمعروف أو النهي عن المنكر.
الامر الرابع : المشهور فقهياً اشتراط الامر بالمعروف والنهي عن المنكر, بان يكون الفاعل مصرا على ترك المعروف أو ارتكاب المنكر، الا ان ذلك بمجرده ليس بصحيح, بل يجب الامر والنهي بمجرد مشاهدة الاقدام على الفعل أو ترك من قبل الفاعل مع اجتماع الشرائط الاخرى. نعم، يرتفع هذا الوجوب مع احراز الندامة والترك، يعني ان يعلم الآمر بندامة الفاعل ونحوها من الاسباب الموجبة لتركه العصيان, ولا يكفى احتمال الندامة أو الاقلاع على الاحوط[ ].
[مسألة 880] المراد بالاقدام على العصيان شروع الفاعل في بعض مقدماته, بحيث يراه العرف مشارفا على الوقوع فيه وارتكابه, عندئذ يجب نهيه. واما بمجرد النية والعزم على العصيان, فالنهي عنها ان كان واجبا فهو ليس من باب وظيفة النهي عن المنكر, بل من وظيفة تبليغ الاحكام الشرعية.
الامر الخامس : ان لا يلزم من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ضررعلى النفس أو العرض أو المال على الآمر أو على غيره من المؤمنين, بل المسلمين. فاذا لزم الضرر عليه أو على غيره من المسلمين لم يجب شيء, والظاهر انه لا فرق بين العلم بلزوم الضرر والظن به والاحتمال المعتد به عند العقلاء, لصدق الخوف. ولا يفرق بين ان يكون مصدر الضرر هو المأمور بالمعروف، أو عشيرته، أو متعلقيه، أو من شخص متنفذ في المنطقة أو في غيرها.
[مسألة 881] قد يكون الامر والنهي احيانا غير مشترط بهذا الشرط الاخير, وذلك عند احراز بل احتمال اهمية الفعل او الفاعل, اعني من حيث تأثيره الضار في المجتمع, وعندئذ فقد يجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر، فضلا عن الظن به أو احتماله.
[مسألة 882] لا يختص وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بصنف من الناس دون صنف, بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء، وغيرهم، وعلى العدول والفساق، وعلى السلطان والرعية، وعلى الاغنياء والفقراء، الى غير ذلك. كما لا يختص المامورون بالمعروف والمنهيون عن المنكر بصنف من الناس ايضا, بل يسري هذا الوجوب على كل مكلف آمراً كان أو مأموراً، مع اجتماع الشرائط.
[مسألة 883] للامر بالمعروف والنهي عن المنكر، مراتب :
المرتبة الاولى : وهي ادنى المراتب واقل الايمان. وهي الانكار بالقلب, يعني الانزجار عنه نفسيا وكراهته بصفته عاصياً الله سبحانه وتعالى, وهي مرتبة ملازمة مع الايمان، فلو لم توجد في قلب الفرد لم يكن مؤمنا, الا ان في كونها من الامر الفعلي بالمعروف والنهي عن المنكر كذلك, تسامح بالتعبير. وانما هو امر الانسان لنفسه ونهيه لها عن ان يكون كغيره في العصيان وهذه المرتبة غير مشروطة بالشروط السابقة.
المرتبة الثانية: اظهار الكراهية بعمل من الاعمال. مثل اظهار الانزعاج من الفاعل، أو الاعراض والصد عنه،أو ترك الكلام معه, أو ترك المكان الذي يكون فيه, أو ترك مشاغلته، أو مشاركته بالعمل اقتصاديا كان أو دنيويا أو أخروياً. والمهم هو اظهار ما يدل على كراهة ما وقع منه.
المرتبة الثالثة : الانكار باللسان. بان يبلغه الحكم الشرعي، اولاً. فان كفى في الارتداع لم يجب الزائد, والا وجب نصحه ووعظه, بتذكيره بعذاب الله سبحانه للعاصين وثوابه للمطيعين.
[مسألة 884] لا يجب ان يكون الامر بالمعروف بصيغة الامر ونحوها, ولا ان يكون النهي عن المنكر بصيغة النهي ونحوها, بل يمكن للفرد ان يختارها، كما يمكن ان يختار تبليغ الحكم الشرعي المنجز في حق الفاعل، فان الامر والنهي في الحقيقة للشريعة, فاذا بلغ الحكم كفى.
المرتبة الرابعة : الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، مع امكانه واحتمال تأثيره، كما سبق, سواء استعمل آلة في يده أم لم يستعمل.
المرتبة الخامسة : اراقة الدم بجرح أو بقتل, اذا لم تكف المراتب السابقة لارتداع الفاعل، فهل يجب ذلك ام لا؟ لا شك في سقوط وجوبها مع التقية. واما في مورد الامكان, فلا يبعد القول بالوجوب مقتصرا على اقل ما يحتمل معه الارتداع, ويكون الزائد حراما ومضمونا على الفاعل، يعني تترتب عليه احكام الجناية العمدية أو الخطأية، كل حسب حدوده.
[مسألة 885] القتل في سبيل النهي عن المنكر، في مورد وجوبه لا يعني ارتداع الفاعل. بل نتائج اخرى كارتداع غيره، أو تخليص المجتمع من مآثمه، أو تخليصه من ذنوبه المحتملة في المستقبل لو بقي حيا، أو التسبب الى غفران ما سبق منه من المعاصي بصفته قتيلا, فقد ورد: ما ترك القاتل على المقتول من ذنب, وهذا يحصل على أي حال مالم يمت معاندا، والعياذ بالله.
[مسألة 886] المشهور وجوب الترتيب بين هذه المراتب الخمسة، والاقتصار منها على الاقل مع كفايته في التأثير, كما ان لكل مرتبة عدة مراتب فيها، فيجب الاقتصار على الاقل مع كفايته، والا وجب الترقي الى الاكثر وهكذا, وهذا هو الاحوط[ ] بل المتعين لان الزائد يكون ظلما حراما.
[مسألة 887] هل يجب الاستئذان من الحاكم الشرعي في المرتبة الخامسة، أو تجوز المبادرة الى بعض مراتبها بدونه, لا يبعد عدم الوجوب في اكثر الحالات، وان كان احوط[ ].
[مسألة 888] يتأكد وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق المكلف بالنسبة الى اهله, بل هو مأمور به شرعا بعنوانه التفصيلي في نص القرآن الكريم, في قوله تعالى: قوا انفسكم واهليكم نارا وقدوها الناس والحجارة. وكون ذلك مشروطا بالشروط المتقدمة محل اشكال, وان كان غير بعيد, غير ان الغالب توفر تلك الشروط في داخل الاسرة، وان كان قد يوجد فيها من لا يحتمل فيه التأثير, أو من يخاف من ضرره. اذن، فيجب عليه اذا رأى من اهله التهاون في الواجبات، كالصلاة واجزائها وشرائطها, بان لا يأتون بها على وجهها كعدم صحة القراءة والاذكار الواجبة منهم.أو أنهم لا يتوضؤون وضوءا صحيحا، أو لا يطهرون ابدانهم ولباسهم من النجاسة على الوجه الصحيح. فيجب عليه تعليمهم وامرهم ونهيهم على الترتيب المتقدم, حتى ياتوا بها على وجهها الصحيح. وكذا الحال في بقية الواجبات، وكذلك في المعاملات وسائر الاحكام.
وكذا اذا رأى منهم التهاون في المحرمات, كالغيبة والنميمة والعدوان بين بعضهم على بعض أو على غيرهم أو الزنا، أو شرب الخمر, أو السرقة. فانه يجب عليه ان ينهاهم عن المنكر، حتى يرتدعوا عن المعصيه.
[مسألة 889] اذا امر الفرد أو نهى بعض اهله فلم يرتدع, وكرر عليه فلم يؤثر فيه , فقد سقط تكليفه مع حسن أدائه للمراتب السابقة للأنكار , ولايجب عليه بعد ذلك ترك الاسرة أو الانتقال إلى مكان اخر, أو طرد الفاعل ونحو ذلك, مالم تقتض مصلحة ثانوية مهمة لذلك, واولى الناس بالسكوت بعد التكرار, الزوجة اذا رأت زوجها عاصيا لا يرتدع, فأنه لا يجوز لها عندئذ حرمانه من حقوقه الواجبة أو الخروج بغير اذنه، بل يبقى [جهاد المرأة حسن التبعل] شاملا لها. وليس الامر بأشد من فرعون المذكور في القرآن الكريم, وقد صبرت زوجته على مظالمة حتى اصبحت من النساء الاربعة الزاكيات في العالم. وقالت : رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة, ونجني من فرعون وعمله. وهذه النجاة تعني النجاة أو المعنوية الاخروية, وليست النجاة الدنيوية, والا لم تكن مكتوبة في المجاهدين.
[مسألة 890] اذا صدرت المعصية من شخص من باب الاتفاق, وعلم الآخر ان الفاعل غير مصر عليها, لكنه لم يتب منها, وجب امره بالتوبة. فان التوبة من الواجبات وتركها من المحرمات الكبيرة الموبقة, هذا مع التفات الفاعل الى التوبة وتعمده تركها, اما مع الغفلة ففي وجوب امره بها اشكال, وان كان هذا هو الاحوط استحبابا بل هو مستحب فعلا.
فروع عامة في هذا الباب
[مسألة 891] لو توقف الامر أو النهي، على اجتماع عدة اشخاص، وجب ذلك مع اجتماع الشرائط, أو يجب اشتراكهم عندئذ.
[مسألة 892] لو قام عدة من الناس دون مقدار الكفاية ولم يجتمع البقية, وتعذر على الموجودين القيام بالوظيفة، سقط عنهم الوجوب، وبقي الاثم على المتخلفين.
[مسألة 893] لو قطع أو اطمأن بقيام الغير بالوظيفة الشرعية, لم يجب عليه القيام بها. نعم، لو ظهر الخلاف وجب عليه مع استمرار الحال.
[مسألة 894] لا يكفي الاحتمال أو الظن بقيام الغير، أو كفاية من قام به، بل يجب عليه معهما، ما لم تقم حجه شرعية بذلك.
[مسألة 895] لو عدم موضوع الفريضة، أو موضوع المنكر، سقط الوجوب، وان كان بفعل المكلف. كما لو اراق الماء المنحصر الذي يجب حفظه للطهارة، أو لحفظ نفس محترمة.
[مسألة 896] لو توقف الامر أو النهي على ارتكاب محرم, كما لو توقف نهي امرأة عن الخلاعة على النظر اليها بشهوة، فالظاهر ملاحظة الاهمية بين التكلفين في نظر الشارع.
[مسألة 897] لو كان قادراً على احد امرين أو نهيين أو أمر ونهي، دون الجمع بينهما، وجب عليه ملاحظة الاهم ومع التساوي يتخير بينهما.
[مسألة 898] الاظهر انه لا يعتبر في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قصد القربة, بل هما توصليان. نعم، لو قصد القربة حصل له الاجر والثواب.
[مسألة 899] لا فرق في وجوب الانكار بين كون المعصية كبيرة أو صغيرة, مادام الفعل أو الترك حراما.
[مسألة 900] لو قامت البينة أو خبر الثقة على عدم تأثير الامر أو النهي في الفاعل، فالظاهر كونهما بمنزلة العلم, فلا تكون هذه الوظيفة الشرعية واجبة.
[مسألة 901] لو ارتكب شخص حرامين أو ترك واجبين, وعلم الآمر أن امره لا يؤثر, تركه لهما معا, وانما احتمل التأثير بالنسبة الى احدهما بعينه, وجب فيه دون الآخر, ولو احتمل التأثير في احدهما غير المعين وجبت ملاحظة الاهم, ولو لم يكن احدهما اهم, تخير بينهما.
[مسألة 902] لو علم أو احتمل ان امره أو نهيه مع التكرار يؤثر وجب التكرار.
[مسألة 903] لو علم أو احتمل ان انكاره في حضور الآخرين مؤثر، دون ما اذا كان وحده، فان كان الفاعل متجاهرا جاز، ووجب مع اجتماع الشرائط, والا وجب النظر الى الاهم من عمله الحرام والستر عليه الواجب.
[مسألة 904] لو كان الفاعل بحيث لو نهاه عن المنكر اصر عليه, ولو امره به تركه, وجب الامر به مع عدم محذور آخر. وكذا المعروف, ولكن الاظهر كونه مبنيا على الاحتياط الاستحبابي.
[مسألة 905] لو علم أو احتمل تأثير النهي أو الامر في تقليل المعصية لا قلعها تماما، وجب, بل لا يبعد الوجوب لو كان مؤثرا في تبديل الاهم بالمهم, بل لا اشكال في ذلك لو كان الاهم بمثابة لا يرضى المولى بحصوله مطلقا.
فروع في الاتفاق والاختلاف في الفتوى
[مسألة 906] لا فرق في معرفة الحكم الشرعي، بين العلم به أو قيام الحجة عليه اجتهادا أو تقليدا. فلو قلد شخصان مجتهدا واحداً يقول بحرمة العصير العنبي المغلي بالنار، فارتكبه احدهما وجب على الآخر نهيه.
[مسألة 907] لو كانت المسألة مختلفاً فيها بين الشخصين اجتهاداً أو تقليداً، واحتمل المكلف ان راي الفاعل مخالف له, وان ما فعله جائز عنده. لم يجب نهيه عنه.
[مسألة 908] لو كانت المسألة اتفاقية, واحتمل ان يكون المرتكب جاهلا بالحكم، لم يجب الامر والنهي وخاصة لو احتمل جهله عن قصور.
[مسألة 909] اذا كان الفاعل جاهلا بالموضوع، لا يجب انكاره ولا رفع جهله, وكذلك لو كان الآمر جاهلا بالموضوع كما لو رأى شخصا يقبل امرأة واحتمل كونها زوجة له.
[مسألة 910] لو كان ما ارتكبه مخالفا للاحتياط الوجوبي في نظرهما اجتهادا أو تقليدا, فالاحوط[ ] انكاره.
[مسألة 911] لو أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر, في مورد لا يجوز له ذلك يقينا, يجب على غيره نهيه عنهما، دون ما اذا احتمل الجواز أو الوجوب في حقه.
[مسألة 912] لو علم شخصان إجمالا بان إنكار أحدهما مؤثر دون الآخر, وجب على كل منهما الإنكار, فان أنكر أحدهما فحصل التأثير سقط عن الآخر، وإلا وجب عليه.
[مسألة 913] لو ظهر من حاله علما أو اطمئنانا أو بطريق معتبر انه أراد ارتكاب معصية, فالظاهر وجوب نهيه.
[مسألة 914] إذا علم الآمر بعجز الفاعل عن المحرم أو عن تكراره، لا يجب النهي عنه بالنسبة إلى الفعل غير المقدور, فلو لم يكن الفاعل مقتنعا بعجزه وكان عازما على الفعل، لم يجب نهيه,وكذلك لو قامت بينة ونحوها على عجزه في الحال أو الاستقبال.
[مسألة 915] لو علم إجمالا بان أحد الشخصين أو الأشخاص فاعل للمحرم ومستمر عليه، لم يجب نهي أحدهما إجمالا ولا تفصيلا وان كان أحوط[ ].
[مسألة 916] لو علم المكلف بارتكاب الآخر حراما أو تركه واجبا، ولم يعلمه بعينه، وجب الامر والنهي على نحو الإبهام على الاحوط[ ]. وكذا لو علم إجمالا بأنه أما تارك واجبا أو مرتكب حراما.
[مسألة 917] لو كان المرتكب للحرام أو التارك للواجب معتقدا جواز فعله أو تركه, فتارة يكون ذلك لشبهة موضوعية, كدعوى كون الصوم مضرا به، أو ان مرضه منحصر التداوي بالحرام، فانه لا يجب رفع جهله ولا إنكاره, ومن ذلك انه لا يجب تنبيه المصلي على نجاسة في ثوبه خلال صلاته, ولا إيقاظ النائم للصلاة ولا أعلامه بان المكان مغصوب، ولا انه مخطئ في الجهر والاخفات, وكذلك لو كان لجهل بالحكم، كما لو كان مقلدا لمن يرى ذلك, فلا يجب رفع جهله وبيان الحكم له. نعم، سبق انه لو كان جاهلا قاصرا، فان الاحوط استحبابا رفع جهله.