فصل في كفارة الصوم
< فصل (في ما يكره للصائم)|الفهرس|فصل (في موارد وجوب القضاء دون الكفارة) >
المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة إذا كانت مع العمد والاختيار من غير كره ولا إجبار ، من غير فرق بين الجميع (1) حتى الارتماس والكذب على الله وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله ) بل والحقنة والقيء على الأقوى ، نعم الأقوى عدم وجوبها في النوم الثاني من الجنب بعد الانتباه بل والثالث وإن كان الأحوط فيها أيضا ذلك خصوصا الثالث ، ولا فرق في وجوبها أيضا بين العالم والجاهل المقصر والقاصر على الأحوط ، وإن كان الأقوى عدم وجوبها على الجاهل خصوصا القاصر والمقصر الغير الملتفت حين الإفطار (2) ، نعم إذا كان جاهلا بكون الشيء مفطرا مع علمه بحرمته كما إذا لم يعلم أن الكذب على الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من المفطرات فارتكبه حال الصوم فالظاهر لحوقه بالعالم في وجوب الكفارة (3).
[ ۲٤۷٠ ] مسألة ۱ : تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم :
الأول : صوم شهر رمضان ، وكفارته مخيرة بين العتق وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا على الأقوى ، وإن كان الأحوط الترتيب فيختار العتق مع الإمكان ومع العجز عنه فالصيام ومع العجز عنه فالإطعام ، ويجب الجمع (4) بين الخصال إن كان الإفطار على محرم كأكل المغصوب وشرب الخمر والجماع المحرم ونحو ذلك.
الثاني : صوم قضاء شهر رمضان إذا أفطر بعد الزوال ، وكفارته إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد ، فإن لم يتمكن فصوم ثلاثة أيام ، والأحوط إطعام ستين مسكينا.
الثالث : صوم النذر المعين ، وكفارته كفارة إفطار شهر رمضان (5).
الرابع : صوم الاعتكاف ، وكفارته مثل كفارة شهر رمضان مخيرة بين الخصال ، ولكن الأحوط الترتيب المذكور ، هذا وكفارة الاعتكاف مختصة بالجماع فلا تعم سائر المفطرات ، والظاهر أنها لأجل الاعتكاف لا للصوم ولذا تجب في الجماع ليلا أيضا.
و أما ما عدا ذلك من أقسام الصوم فلا كفارة في إفطاره واجبا كان كالنذر المطلق والكفارة أو مندوبا فإنه لا كفارة فيها وإن أفطر بعد الزوال.
[ ۲٤۷۱ ] مسألة ۲ : تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين وأزيد من صوم له كفارة ، ولا تتكرر بتكرره في يوم واحد في غير الجماع وإن تخلل التكفير بين الموجبين أو اختلف جنس الموجب على الأقوى ، وإن كان الأحوط التكرار مع أحد الأمرين ، بل الأحوط التكرار مطلقا ، وأما الجماع فالأحوط بل الأقوى تكريرها بتكرره (6).
[ ۲٤۷۲ ] مسألة ۳ : لا فرق في الإفطار بالمحرم الموجب لكفارة الجمع بين أن يكون الحرمة أصلية كالزنا وشرب الخمر أو عارضية كالوطء حال الحيض أو تناول ما يضره (7).
[ ۲٤۷۳ ] مسألة ٤ : من الإفطار بالمحرم الكذب على الله وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) (
، بل ابتلاع النخامة إذا قلنا بحرمتها من حيث دخولها في الخبائث لكنه مشكل (9).
[ ۲٤۷٤ ] مسألة ٥ : إذا تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع وجب عليه الباقي.
[ ۲٤۷٥ ] مسألة ٦ : إذا جامع في يوم واحد مرات وجب عليه كفارات بعددها (10) ، وإن كان على الوجه المحرم تعددت كفارة الجمع بعددها.
[ ۲٤۷٦ ] مسألة ۷ : الظاهر أن الأكل في مجلس واحد يعد إفطارا واحدا وإن تعددت اللقم ، فلو قلنا بالتكرار مع التكرر في يوم واحد لا تتكرر بتعددها ، وكذا الشرب إذا كان جرعة فجرعة.
[ ۲٤۷۷ ] مسألة ۸ : في الجماع الواحد إذا أدخل وأخرج مرات لا تتكرر الكفارة وإن كان أحوط.
[ ۲٤۷۸ ] مسألة ۹ : إذا أفطر بغير الجماع ثم جامع بعد ذلك يكفيه التكفير مرة ، وكذا إذا أفطر أولا بالحلال ثم أفطر بالحرام تكفيه كفارة الجمع (11).
[ ۲٤۷۹ ] مسألة ۱٠ : لو علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم وتردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة أيضا لم تجب عليه ، وإذا علم أنه أفطر أياما ولم يدر عددها يجوز له الاقتصار على القدر المعلوم ، وإذا شك في أنه أفطر بالمحلل أو المحرم كفاه إحدى الخصال ، وإذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه وقد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة ، وإن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكيناً ، بل له الاكتفاء بعشرة مساكين (12).
[ ۲٤۸٠ ] مسألة ۱۱ : إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفارة بلا إشكال ، وكذا إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها ، بل وكذا لو بدا له السفر لا بقصد الفرار على الأقوى ، وكذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلى حد الترخص ، وأما لو أفطر متعمدا ثم عرض له عارض قهري من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار ففي السقوط وعدمه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني (13) وأقواهما الأول.
[ ۲٤۸۱ ] مسألة ۱۲ : لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال فالأقوى سقوط الكفارة وإن كان الأحوط عدمه ، وكذا لو اعتقد أنه من رمضان ثم أفطر متعمدا فبان أنه من شوال ، أو اعتقد في يوم الشك في أول الشهر أنه من رمضان فبان أنه من شعبان.
[ ۲٤۸۲ ] مسألة ۱۳ : قد مر أن من أفطر في شهر رمضان عالما عامدا إن كان مستحلا فهو مرتد (14) ، بل وكذا إن لم يفطر ولكن كان مستحلا له ، وإن لم يكن مستحلا عزر بخمسة وعشرين سوطاً ، فإن عاد بعد التعزير عزر ثانيا فإن عاد كذلك قتل في الثالثة ، والأحوط قتله في الرابعة.
[ ۲٤۸۳ ] مسألة ۱٤ : إذا جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان مكرها لها كان عليه كفارتان (15) وتعزيران خمسون سوطا (16) ، فيتحمل عنها الكفارة والتعزير ، وأما إذا طاوعته في الابتداء فعلى كل منهما كفارته وتعزيره ، وإن أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء فكذلك على الأقوى ، وإن كان الأحوط كفارة منها وكفارتين منه ، ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة.
[ ۲٤۸٤ ] مسألة ۱٥ : لو جامع زوجته الصائمة وهو صائم في النوم لا يتحمل عنها الكفارة ولا التعزير ، كما أنه ليس عليها شيء ولا يبطل صومها بذلك ، وكذا لا يتحمل عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات حتى مقدمات الجماع وإن أوجبت إنزالها.
[ ۲٤۸٥ ] مسألة ۱٦ : إذا أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا.
[ ۲٤۸٦ ] مسألة ۱۷ : لا تلحق بالزوجة الأمة إذا أكرهها على الجماع وهما صائمان فليس عليه إلا كفارته وتعزيره ، وكذا لا تلحق بها الأجنبية إذا أكرهها عليه على الأقوى ، وإن كان الأحوط التحمل عنها خصوصا إذا تخيل أنها زوجته فأكرهها عليه.
[ ۲٤۸۷ ] مسألة ۱۸ : إذا كان الزوج مفطرا بسبب كونه مسافرا أو مريضا أو نحو ذلك وكانت زوجته صائمة لا يجوز له إكراهها على الجماع ، وإن فعل لا يتحمل عنها الكفارة ولا التعزير ، وهل يجوز له مقاربتها وهي نائمة إشكال (17).
[ ۲٤۸۸ ] مسألة ۱۹ : من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة مثل شهر رمضان تخير بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدق بما يطيق (18) ، ولو عجز أتى بالممكن منهما ، وإن لم يقدر على شيء منهما استغفر الله ولو مرة بدلا عن الكفارة ، وإن تمكن بعد ذلك منها أتى بها (19).
[ ۲٤۸۹ ] مسألة ۲٠ : يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره ، وفي جواز التبرع بها عن الحي إشكال ، والأحوط العدم خصوصا في الصوم.
[ ۲٤۹٠ ] مسألة ۲۱ : من عليه الكفارة إذا لم يؤدها حتى مضت عليه سنين لم تتكرر.
[ ۲٤۹۱ ] مسألة ۲۲ : الظاهر أن وجوب الكفارة موسع فلا تجب المبادرة إليها نعم لا يجوز التأخير إلى حد التهاون.
[ ۲٤۹۲ ] مسألة ۲۳ : إذا أفطر الصائم بعد المغرب على حرام من زنا أو شرب الخمر أو نحو ذلك لم يبطل صومه وإن كان في أثناء النهار قاصدا لذلك.
[ ۲٤۹۳ ] مسألة ۲٤ : مصرف كفارة الإطعام الفقراء إما بإشباعهم وإما بالتسليم إليهم كل واحد مدا ، والأحوط مدان من حنطة أو شعير أو أرز أو خبز أو نحو ذلك ، ولا يكفي (20) في كفارة واحدة إشباع شخص واحد مرتين أو أزيد أو إعطاؤه مدين أو أزيد بل لابد من ستين نفسا ، نعم إذا كان للفقير عيال متعددون ولو كانوا أطفالا صغارا يجوز إعطاؤه (21) بعدد الجميع لكل واحد مدا.
[ ۲٤۹٤ ] مسألة ۲٥ : يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر وحاجة ، بل ولو كان للفرار من الصوم ، لكنه مكروه (22).
[ ۲٤۹٥ ] مسألة ۲٦ : المد ربع الصاع ، وهو ستمائة مثقال (23) وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال ، وعلى هذا فالمد مائة وخمسون مثقالا وثلاثة مثاقيل ونصف مثقال وربع ربع المثقال وإذا أعطى ثلاثة أرباع الوقية من حقة النجف فقد زاد أزيد من واحد وعشرين مثقالا ، إذ ثلاثة أرباع الوقية مائة وخمسة وسبعون مثقالا.
(1). ( من غير فرق بين الجميع ) : إنما تجب الكفارة في صوم شهر رمضان بالإفطار فيه بالأكل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة متعمدا وفي قضائه بعد الزوال بأحد الأربعة الأول ولا تجب بالإفطار فيهما بغير ذلك على الأظهر ، نعم تجب الكفارة بالإفطار في الصوم المعين مطلقا.
(2). ( الغير الملتفت حين الإفطار ) : ولا يترك الاحتياط في حق الملتفت المتردد في المفطرية.
(3). ( فالظاهر لحوقه بالعالم في وجوب الكفارة ) : فيه إشكال بل منع.
(4). ( ويجب الجمع ) لا يجب وإن كان أحوط ، ومنه يظهر الحال في التفريعات الآتية.
(5). ( وكفارته كفارة إفطار شهر رمضان ) : الأظهر إجزاء كفارة اليمين.
(6). ( فالأحوط بل الأقوى تكريرها بتكرره ) : بل الأقوى عدم التكرار ولكن الاحتياط فيه وفي الاستمناء في محله.
(7). ( أو تناول ما يضره ) : لا دليل على حرمة مطلق الإضرار بالنفس بل المحرم خصوص البالغ حد الإتلاف وما يلحق به كفساد عضو من الأعضاء.
(
. ( من الإفطار بالمحرم الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تجب الكفارة به وإن كان مفطرا على الأحوط كما تقدم.
(9). ( لكنه مشكل ) : بل ممنوع ما لم يخرج من فضاء الفم.
(10). ( وجب عليه كفارات بعددها ) : مر أن الأقوى عدم التكرر مطلقا.
(11). ( تكفيه كفارة الجمع ) : بل يكفيه التكفير بإحدى الخصال أيضا.
(12). ( بل له الاكتفاء بعشرة مساكين ) : الأحوط لزوما عدم الاكتفاء بها .
(13). ( أحوطهما الثاني ) : لا ينبغي ترك هذا الاحتياط فيما إذا كان العارض القهري بتسبيب منه لا سيما إذا كان بقصد سقوط الكفارة.
(14). ( فهو مرتد ) : مر الكلام فيه وفيما بعده في أول كتاب الصوم.
(15). ( كان عليه كفارتان ) : على الأحوط.
(16). ( تعزيران خمسون سوطا ) : بل يعزر بما يراه الحاكم كما مر.
(17). ( وهي نائمة إشكال ) : لا يبعد الجواز من هذه الجهة .
(18). ( أو يتصدق بما يطيق ) : بل هو المتعين ومع تعذره يتعين عليه الاستغفار.
(19). ( أتى بها ) : على الأحوط.
(20). ( ولا يكفي ) : إلا مع تعذر استيفاء تمام العدد فكيفي حينئذ في وجه لا يخلو من إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط إذا اتفق التمكن منه بعد ذلك.
(21). ( يجوز إعطاؤه ) : بل إعطاؤهم بالتسليم إلى وكيلهم أو وليهم سواء كان هو المعيل الفقير أم غيره.
(22). ( لكنه مكروه ) : إلا في موارد يأتي بيانها في المسألة الخامسة من شرائط وجوب الصوم.
(23). ( وهو ستمائة مثقال ) : تحديد المد والصاع بالوزن محل إشكال كما مر في مستحبات الوضوء ولكن يكفي في المقام احتساب المد ثلاثة أرباع الكيلو.