وببسم الله الرحمن الرحيم
وبه تعالى نستعين
بعد ان افتضح اعداء الله في كل مكان وزمان وبعد لاح الصبح لكل ذي عينين لم ير الاعداء بدا الا الاساءة للمذهب الشريف بغباء مفرط ويثيروا الشبهات الواهية ضد المذهب واساطينه
ومن بين هذه الشبه (شبهة ان الصدوق (رض) يروي عن النواصب) اذ بعد الالزام الاكبر والفضيحة العظمى للبخاري والذي كشف حقيقتها بطل العلم السيد عبد الحسين شرف الدين حينما قال في
اجوبة مسائل جار الله -71-72: ( وأني والله لأعجب من الشيخ البخاري يروي عن ألف ومئتين من الخوارج ويحتج بأكثر من مئة مجهول ويعتمد على كثيرين ممن سبق الطعن بهم) فبعد كشف هذه الحقيقة
المخزية لكتاب يسمى ( الصحيح) واذا به يروي عن النواصب والمجاهيل ومن الطبيعي اعتبار هؤلاء ثقاة عدول والا لم يجز للبخاري ان يروي عنهم على اعتبار صحة الاسناد فيه
لذا راينا بعضا من نواصب هذا العصر يثير شبهة حول الشيخ الصدوق من كونه يروي عن الناصبي (أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي أبي نصر)
فقد روى الصدوق في علل الشرائع (1- 134) : ( 1 - حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني
بنيسابور وما لقيت أنصب منه قال : حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران
السراج قال : حدثنا الحسن بن عرفة العبدي قال حدثنا وكيع بن الجراح عن محمد
ابن إسرائيل عن أبي صالح عن أبي ذر رحمه الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو
يقول خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد ...الخ)
وروى في عيون اخبار الرضا =2-312) : ( 3 - حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين الضبي وما لقيت انصب منه وبلغ
من منصبه أنه كان يقول : اللهم صل على محمد فردا ويمتنع من الصلاة على
آله قال : سمعت أبا بكر الحمامي الفراء في سكة حرب نيسابور وكان من
أصحاب الحديث يقول : أودعني بعض الناس وديعة.. الخ)
فقالوا ان الصدوق يروي عن النواصب كما روى البخاري ايضا
فلماذا تشنعون على البخاري وتتركون الصدوق
وللجواب نقول:
1- هناك فرق بين رواية البخاري عن النواصب ورواية الصدوق عنهم , لان البخاري يعتقد بصحة كل ما رواه واعتقد المخالفون بذلك فراوا ان كل ما في البخاري صحيح وان كل من ورد في سند البخاري مرضي عنه موثق مقبول الرواية ولذا صار عندهم هذا العنوان ( رجاله رجال الصحيح ) على اعتبار ان البخاري لا ينقل الا عن من سلمت روايته وبهذا يكون البخاري قد وثق الفا ومائتين من النواصب ومائة مجهول كما تقد ذكره نقلا عن السيد شرف الدين , اما رواية الصدوق عن الناصبي او غيره فلا تعني الوثاقة مطلقا ولا الاعتبار فلا يوجد عندنا راي قائل بان من نقل عنه الصدوق يكون ثقة ومقبول الرواية ولذا قال السيد الخوئي في معجم رجال الحديث : {1-69} ( والمتحصل مما ذكرناه : إنه لم يثبت دلالة رواية المذكور أسماؤهم عن شخص على وثاقة المروي عنه .) ثم قال في الصفحة التالية : ( هذا ،مع أن الرواية عن أحد لا تدل على اعتماد الراوي على المروي عنه ، فهذا أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي أبو نصر روى عنه الشيخ الصدوق في كتاب العلل ، والمعاني ، والعيون ، وقال فيه : ( ما لقيت أنصب منه ، وبلغ من نصبه أنه كان يقول : ( اللهم صل على محمد فردا ، ويمتنع من الصلاة على آله )وكذلك قال الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني في : فقه الحج بحوث استدلالية : 2-305 : ( ويقال في مقام تضعيف شيوخه الذين أخذ عنهم المآةمن الأحاديث المروية عنهم عليهم السّلام مترضياً عليهم : « أن مجرد الشيخوخة لا يوجب
الوثاقة فإن من مشايخه ناصبي خبيث » .)
.فاذن كون الصدوق روى عنه لايدل على وثاقته واعتبار روايته خلافا لشرط البخاري .
2- الامر الاخر ان الشيخ الصدوق حينما روى عن هذا الناصبي وضح حاله وبين فساد امره ونص على انه ناصبي بل من اكثر الناس نصبا وهذا جرح واضح من الشيخ في حق هذا الراوي خلافا للبخاري الذي يرى وثاقة وعدالة كل من نقل عنهم فاعتبر كلام الشيخ تضعيفا لهذا الراوي المذكور : (وعلى فرض البناء على وثاقة مشايخ الإجازة فلا يصح التعدي عنهم إلى كل شيخ يروي عنه الثقة ، لما رأيناه بالوجدان من ضعف بعض مشايخ الأعاظم ، فقد روى الصدوق عن احمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد النيسابوري المرواني ، الذي قال عنه في كتاب ( العلل ) : « وما لقيت أنصب منه » . ونظيره في كتاب ( معاني الأخبار ) . وقال في كتاب ( العيون ) (: « وما لقيت أنصب منه ، وبلغ من نصبه أنه كان يقول : اللهم صل على محمد فرداً . ويمتنع من الصلاة على آله » )قواعد الحديث :الغريفي : 175)
بل ابعد من ذلك فان كلمة الشيخ هذه بعد نقله عنه صارت مصدرا لمعرفة احوال الرجال في التوثيق والتضعيف فمثلا السيد الخوئي لما يمر بترجمة محمد بن عبيد الله بن بابويه يرى ضعفه وانه من النواصب مستدلا بان ابا نصر - الناصبي موضوع البحث- قد مدح الاول واعتبره رجلا صالحا فقال الخوئي في المعجم : ( 17-288) (11221 - محمد بن عبيد الله بن بابويه
مالويه ) ( بالويه ) ، أبو القاسم : روى عنه أبو نضر أحمد بن الحسين بن
أحمد بن عبيد الضبي ، ووصفه بالرجل الصالح . العيون : الجزء 2 ، الباب 37 ،
فيما حدث به الرضا عليه السلام في مربعة نيشابور ، الحديث 3 .
أقول : لا يبعد أن الرجل من النواصب ، فإن أحمد بن الحسين من أنصب
النواصب ، على ما تقدم في ترجمته ، فإنه لا يمدح ، إلا من كان بعقيدته ، وبلغ أحمد
من نصبه أنه كان يقول اللهم صل على محمد فردا ، ويمتنع من الصلاة على آله .)
3- ان الشيخ حينما نقل عنه كان من جهة الالزام للنواصب في حق علي عليه السلام واولاده لان الشيخ الصدوق (رض) حينما نقل عن المذكور انه نقل روايات في فضل اهل البيت فهذا من باب الزموهم بما الزموا به انفسهم فالفضل ما شهدت به الاعداء
قال الشيخ الصافي في المصدر السابق : ( وبعد ملاحظة هذه الحكاية التي اعتمد الصدوق ( قدس سره ) على نقل ناصبي خبيث حجة على
النواصب وأخذاً باعتراف الخصم على فضائل ساداتنا الأئمة عليهم السّلام ومعجزاتهم )
4- ان الشيخ حينما ينقل عن الناصبي وغيره هذا دلالة على انفتاح الفكر الشيعي على افكار المخالفين وسبر اغوار مكنون مدارسهم وروايتهم فراينا مشايخنا الاعلام كالمفيد والصدوق يتتلمذون بين يدي المخالفين ويتلمذونهم ولا ضير في ذلك اذ لا يعني الرواية عن المخالف اننا ناخذ العقيدة عنهم ( خذوا ما رووا وذروا ما راو) ( وأمّا رواية الصدوق فهو من جهة تلمّذه عليه في الرواية ، فهو وإن كان من القرائن - ومن ثمّ استدرك بالطعن عليه بذكر النصب فيه لدفع تلك القرينة ) (بحوث في مباني علم الرجال /محاضرات السيد محمد السند للشيخ لمحمد صالح التبريزي : 176)
واخيرا نقول فان هذه الشبهة واهية لا تقاس بفضح حقيقة البخاري حينما روى عن النواصب والمجاهيل