الجعالة : من الإيقاعات, ويكون طرفها كلياً أو عاماً, ومنتجاً لإنجاز عمل معين، مثل أن يقول الفرد : من رد عبدي الآبق فله كذا, أو من بنى جداري أو خاط ثوبي. وأما كون طرفها خاصاً، كما لو قال : أن خطت ثوبي فلك كذا، فكونها من الجعالة مشكل، وتصح إجارة إن كانت بشرائطها. ولا تحتاج الجعالة إلى القبول. لإنها ليست بين طرفين, ولكن من قال من الفقهاء بكون طرفها خاصاً كان ملزماً بالقول بشرطية قبوله.
[مسألة 641] تصح الجعالة على كل عمل محلل مقصود عند العقلاء. ويجوز أن يكون مجهولاً في الجملة. كما يجوز في العوض أن يكون مجهولاً, إذا كان بنحو لا يؤدي إلى التنازع. مثل : من رد عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب. وإذا كان العوض مجهولاً محضاً مثل من رد عبدي فله شيء، بطلت الجعالة، وكان للعامل أجرة المثل.
[مسألة 642] إذا تبرع العامل بالعمل فلا أجرة له، سواء حصلت الجعالة أم لم تحصل.
[مسألة 643] يجوز أن يكون الجعل من غير المالك، كما إذا قال الفرد : من خاط ثوب زيد فله درهم. فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.
[مسألة 644] يستحق الفرد العامل بإنجاز الجعالة الجعل المسمى فيها بإنجاز العمل. فإذا كان العمل المجعول عليه التسليم, إستحق الجعل عند التسليم. كقوله : من رد عبدي فله كذا. أما إذا كان المجعول عليه غيره، كما إذا قال : من أوصل عبدي إلى البلد فله درهم. إستحق العامل الدرهم بمجرد الإيصال إلى البلد, وإن لم يسلمه إلى أحد. وإذا قال : من خاط ثوبي فله درهم، إستحقه بمجرد الخياطة.
[مسألة 645] الجعالة جائزة، يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل. وفي جواز الرجوع في أثنائه إشكال أظهره الجواز. فإن رجع كان للعامل أجرة المقدار الذي عمله, ما لم يشترط النتيجة خاصة.
[مسألة 646] إذا جعل جعلين، بأن قال : من خاط ثوبي هذا فله درهم, ثم قال : من خاط ثوبي هذا فله دينار. كان العمل على الثاني. ولو إنعكس الفرض إنعكس الأمر, ولزم الجاعل الدرهم لا الدينار. وإذا لم تكن قرينة على العدول من الأول إلى الثاني وجب الجعلان معاً.
[مسألة 647] إذا جعل جعلاً لفعل, فصدر الفعل من جماعة, من كل واحد منهم بعضه, كان للجميع جعل واحد، لكل واحد منهم بعضه بنسبة عمله. ولو صدر الفعل بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام، إلا أن تكون هناك قرينة عند إيقاع الجعالة على إتحاد المطلوب. وعندئذ يعطى الأول إنتهاءاً من العمل ويحرم الباقون. وإن تعددوا إقترع بينهم.
[مسألة 648] إذا جعل جعلاً لمن رده عن مسافة معينة. فرده شخص من بعض تلك المسافة. كان له من الجعل بنسبة عمله, مع قصد الجاعل التوزيع أو تعدد المطلوب، فإن قصد وحدة المطلوب لم يستحق العامل شيئاً.
[مسألة 649] إذا تنازع العامل والمالك في الجعل وعدمه, أو في تعيين المجعول عليه أو القدر المجعول عليه, أو في سعي العامل، كان القول قول المالك. ما دام مدعياً للأقل كما هو الغالب. ولكن إذا حصل التباين بين المدعيين, كما إذا إدعى المالك عملاً مجعولاً وادعى العامل غيره. فيعود الأمر إلى التداعي، فيتحالفان وتبطل الجعالة، ويستحق العامل أجرة عمله.
[مسألة 650] إذا تنازع العامل والمالك في تعيين الجعل أصلاً أو كميته، فالقول قول المالك، ما دام مدعياً للأقل. ومع التنازع في نوعه, يكون القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل، وتجب عليه التخليه بين ما يدعيه العامل وبينه.