الفصل الاول
في الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد. والاحوط[ ] ان يكون بقصد فعل العبادة فيه, من صلاة ودعاء وغيرهما, أو لايجاد الوظيفية الشرعية المعينة المسماة بالاعتكاف. ويصح في كل وقت يصح فيه الصوم. والافضل شهر رمضان. وافضله العشر الاواخر.
[مسألة 126] يشترط في صحته مضافا الى العقل والايمان امور:
الاول : نية القربة، كما في غيره من العبادات. وتجب مقارنتها لاوله. بمعنى وجوب ايقاعه من اوله الى آخره عن النية. وحينئذ يشكل الاكتفاء بتبييت النية اذا قصد الشروع فيه في اول يوم. نعم، لو قصد الشروع فيه وقت النية في اول الليل كفى.
[مسألة 127] لا يجوز العدول من اعتكاف الى آخر، اتفقا في الوجوب والندب, أو اختلفا. كما لا يجوز على الاحوط[ ] العدول عن نيابة شخص الى نيابة عن شخص آخر، ولا نيابة عن غيره الى نفسه وبالعكس.
الثاني: الصوم. فلا يصح بدونه، فلو كان المكلف ممن لا يصح منه الصوم, لسفر أو غيره، لم يصح منه الاعتكاف.
الثالث : العدد، فلا يصح اقل من ثلاثة ايام، ويصح الازيد منها، وان كان يوما أو بعضه أو ليلة أو بعضها. وتدخل فيه الليلة الاولى والمتوسطتان دون الاخيرة. وان جاز ادخالها بالنية. فلو نذره كان اقل ما يتمثل به ثلاثة، ولو نذره اقل لم ينعقد, وكذا لو نذره ثلاثة معينة فأتفق ان الثالث عيد لم ينعقد. ولو نذر اعتكاف خمسة, فان نواها بشرط لا عن الزيادة والنقيصة بطل. وان نواها بشرط لا عن الزيادة ولا بشرط عن النقيصة، وجب عليه اعتكاف ثلاثة ايام فقط. وان نواها بشرط لا عن النقيصة ولا بشرط من جهة الزيادة ضم يوماً سادساً اليها.
الرابع : ان يكون الاعتكاف في مسجد جامع في البلد. والاحوط استحبابا بل الافضل كونه في احد المساجد الاربعة, المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الكوفة ومسجد البصرة. أو أي مسجد صلى فيه نبي أو وصي نبي. ولو شك في توفر هذا الشرط، كان له الاعتكاف برجاء المطلوبية. ولو نوى بالنية الجزمية حرم.
[مسألة 128] لو اعتكف في مسجد معين, فاتفق مانع عن البقاء فيه، بطل ولم يجز اللبث في مسجد آخر, وعليه قضاؤه على الاحوط[ ] ان كان واجبا في مسجد آخر. أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع.
[مسألة 1[مسألة 130] اذا قصد الاعتكاف في مكان معين من المسجد دون غيره. فان كان بشرط لا عن غيره, بطل اعتكافه على الاحوط[ ].والا لاغا قصده وصح في المسجد كله.
الخامس: اذن من يعتبر اذنه في جوازه، كالسيد بالنسبة الى مملوكه, والزوج الى زوجته, اذا كان منافيا لحقه، بل بدونه مع نهيه كما سبق في الصوم. وكذا الوالدين بالنسبة لولدهما، في مورد وجوب الطاعة, وهو ما اذا كان العصيان احتقارا لهما. واما بدون النهي فالاستئذان منهما مبنى على الاحتياط الاستحبابي.
السادس : استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه طول مدة الاعتكاف، فلو خرج لغير الاسباب المسوغة للخروج, بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل. ولا يبعد البطلان في الخروج نسيانا ايضا. بخلاف ما لو خرج عن اضطرار أو اكراه, أو لحاجة لابد منها, من بول أو غائط أو غسل جنابة أو استحاضة، أو مس ميت. وان كان السبب باختياره.
[مسألة 131] يجوز الخروج لتشييع الجنائز, والصلاة عليها, وتغسيلها وتكفينها ودفنها، واي واحد من هذه الامور على حدة فضلا عن الاكثر. كما يجوز الخروج لعيادة المريض, واقامة الشهادة امام القاضي الشرعي العادل، اما تشييع المؤمن وتحمل الشهادة وغير ذلك من الامور الراجحة، ففي جوازها اشكال، والاظهر الجواز فيما اذا عد من الضرورات عرفا.
[مسألة 132] الاحوط استحبابا عند الخروج, جواز مراعاة اقرب الطرق, ولا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة. اما التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف, فهو مبطل, وان كان عن اكراه أو اضطرار. الا ان الظاهر ان هذا انما يحسب بعد الانتهاء عرفا من احد الاعمال المذكورة في اول المسألة السابقة. ويحسب في غيرها مطلقا.
[مسألة 133] الاحوط استحبابا مؤكدا ترك الجلوس في الخارج، ولو اضطر اليه, اجتنب الظلال مع الامكان على الاحوط وجوبا.
[مسألة 134] اذا امكنه ان يغتسل في المسجد, فالظاهر عدم جواز الخروج لاجله. اذا كان الحدث لا يمنع من المكث في المسجد كمس الميت.
الفصل الثاني
في وجوب الاعتكاف
الاعتكاف في نفسه مندوب، ويجب بالعارض من نذر وشبهه. فان كان واجبا معينا, فلا اشكال في وجوبه قبل الشروع, فضلا عما بعده، وان كان واجبا مطلقا أو مندوبا, فالاقوى عدم وجوبه بالشروع, وان كان في الاول هو الاحوط استحبابا. نعم، يجب بعد مضي يومين منه, فيجب الثالث, الا اذا اشترط حال النية الرجوع لعارض، فاتفق حصوله بعد يومين، فله الرجوع عنه حينئذ, ولا عبرة بالشرط اذا لم يكن مقارنا للنية, سواء أكان قبلها ام بعد الشروع فيه.
[مسالة 135] الظاهر انه يجوز اشتراط الرجوع متى شاء, وان لم يكن لعارض.
29] يدخل في المسجد سطحه وسردابه، كبيت الطشت في مسجد الكوفة, وكذا منبره ومحرابه, والاضافات الملحقة به مع صدق المسجدية عليها.
[مسألة 136] اذا اشترط الرجوع حال النية، ثم اسقط شرطه بعد ذلك، فالظاهر عدم سقوط حكمه.
[مسألة 137] اذا نذر الاعتكاف وشرط في نذره الرجوع فيه. ففي جواز الرجوع, اذا لم يشترطه في نية الاعتكاف, اشكال، والاظهر الجواز. ولو كان نذره مطلقاً من حيث الرجوع، فان كان معينا من حيث الزمان, لم تجز نية الرجوع عند نية الاعتكاف. ولو نواه بطل، وان كان النذر غير معين, جازت النيه وصحت, فان ابطله وجب عليه الاعتكاف في وقت آخر
[مسألة 138] اذا جلس في المسجد على فراش مغصوب, لم يقدح ذلك في الاعتكاف. وان سبق شخص الى مكان في المسجد، فازاله المعتكف من مكانه وجلس فيه، ففي البطلان تأمل، بل الاظهر الصحة، وان أثم.
الفصل الثالث
في احكام الاعتكاف
لابد للمعتكف من ترك امور:
منها: مباشرة النساء بالجماع. والاولى والاحوط استحبابا الحاق اللمس والتقبيل بشهوة به. ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة.
ومنها: الاستمناء على الاحوط وجوبا.
ومنها: شم الطيب والريحان مع التلذذ. ولا اثر له اذا كان فاقداً لحاسة الشم.
ومنها: البيع والشراء, بل مطلق التجارة، على الاحوط استحباباً, اذا لم يلزم منه الخروج عن المسجد والاحرم. ولا بأس بالاشتغال بالامور الدنيوية من المباحات حتى الخياطة والنساجة ونحوهما. وان كان الاحوط استحبابا الاجتناب،
واذا اضطر الى البيع والشراء لاجل الاكل والشرب، مما تمس الحاجة اليه، ولم يكن التوكيل فيه فعله، وان كان خارج المسجد.
ومنها : المماراة في امر ديني أو دنيوي, بداعي اثبات الغلبة واظهار الفضيلة، لا بداعي اظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ، فانه من افضل العبادات, والمدار على القصد. ولو قصدهما كانت الغلبة للاغلب.
[مسألة 139] الاحوط استحباباً للمعتكف, الاجتناب عما يحرم على المحرم. وان كان الاقوى خلافه في بعضها، ولا سيما في لبس المخيط, وازالة الشعر, واكل الصيد, وعقد النكاح، فان جميعها جائز له.
[مسألة 140] الظاهر ان المحرمات المذكورة مفسدة للاعتكاف, من دون فرق بين وقوعها في الليل أو في النهار. وفي حرمتها تكليفاً, اذا لم يكن واجباً معيناً، ولو لاجل انقضاء يومين منه, اشكال. والظاهر كونه مبني على الاحتياط الاستحبابي في غير الجماع.
[مسألة 141] اذا صدر منه احد المحرمات المذكورة سهوا، ففي عدم قدحه اشكال, ولا سيما في الجماع.
[مسألة 142] اذا أفسد اعتكافه باحد المفسدات. فان كان واجبا معينا, وجب قضاؤه على الاحوط[ ]. وان كان واجبا غير معين وجب استئنافه. وكذا ان كان مندوبا, وكان الافساد بعد يومين. واما اذا كان قبلهما فلا شىء عليه. ولا يجب الفور في القضاء.
[مسألة 143] اذا باع أو اشترى في ايام الاعتكاف, لم يبطل بيعه أو شراؤه، وان بطل اعتكافه. وذلك في حدود ما سبق من القول بحرمته.
[مسألة 144] اذا فسد الاعتكاف الواجب بالجماع، ولو ليلا, وجبت الكفارة. والاقوى عدم وجوبها بالافساد بغير الجماع. وان كان احوط استحبابا. والاحوط[ ] ان تكون كفارته مثل كفارة الظهار.
[مسألة 145] اذا كان الاعتكاف في شهر رمضان, وافسده بالجماع نهاراً, وجبت كفارتان. احدهما لافطار شهر رمضان, والاخرى لافساد الاعتكاف. وكذا اذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال. وان كان الاعتكاف منذورا معينا, وجبت عليه كفارة ثالثة لمخالفة النذر. واذا كان الجماع لامرأته الصائمة, وقد اكرهها وهي معتكفة في شهر رمضان أو قضائه بعد الزوال. وجبت عليه كفارتان اخريان على الاحوط[ ]. ولو كان النذر لهما كان عليه كفارتان عن النذر ايضا على الاحوط استحبابا.
والحمد لله رب العالمين