الحوالة : هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره [سواء كان هذا الغير مشغول الذمة أو بريئها] بإحالة الدائن عليه. فإن كان المحال [أو المحتال] مشغول الذمة فهو الحوالة بالمعنى الأخص, كما ذكرنا في أول كتاب الضمان. وإن كان فارغ الذمة فهو الضمان نفسه. غير إن الفرق بينهما ان المبادرة في الضمان والايجاب من الضامن, وهنا المبادرة والايجاب من المضمون عنه وهو المدين. ويسمى المدين [محيلاً] لأنه فاعل الحوالة أو موجبها, والدائن [محالاً عليه]، والواسطة بينهما [محالاً أو محتالاً].
[مسألة 892] يعتبر في الحوالة على الاحوط [ ] رضا الثلاثة, الذين هم أطرافها : المحيل والمحال والمحال عليه. ويكون الايجاب من المحيل, والقبول منهما معاً. بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.
[مسألة 893] يشترط في المحيل والمحال : البلوغ والرشد وعدم التفليس. الا في الحوالة على البريء, فإنه يجوز فيها أن يكون المحال مفلساً أو سفيهاً. وأما المحيل فالأحوط وجوباً أن لا يتصف بذلك. ويعتبر في الثلاثة : العقل والاختيار.
[مسألة 894] يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل, فلا تصح الحوالة بما سيستقرضه.
[مسألة 895] يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معيناً. فإذا كان شخص مديناً لآخر بمن منّ الحنطة ودينار، لم يصح أن يحيله باحدهما من غير تعيين.
[مسألة 896] يكفي في صحة الحوالة تعيين الدين واقعاً، وإن لم يعلم المحيل والمحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة. فإن كان الدين مسجلاً في الدفتر, فحوله المدين على شخص قبل مراجعته. فراجعه وأخبره المحال بجنسه ومقداره صحت الحوالة.
[مسألة 897] لا يجوز للمحال عليه البرئ, مطالبة المال المحال به من المحيل, قبل إدائه من المحال. وإذا تصالح المحال مع المحال عليه [البرئ] على أقل من الدين لم يجز له أن يأخذ من المحيل إلا الأقل.
[مسألة 898] لا فرق في المال المحال به, بين أن يكون عيناً في ذمة المحيل أو منفعة أو عملاً لا يعتبر فيه المباشرة, كخياطة ثوب أو نحوها، بل ومثل الصلاة والصوم والحج والزيارة والقراءة وغير ذلك. ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة على البريء, أو على مشغول الذمة. كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثلياً أو قيمياً.
[مسألة 899] الحوالة عقد لازم ليس للمحيل والمحالة فسخه, فضلاً على المحال عليه. نعم، لو كان المحال عليه معسراً حين الحوالة, وكان المحال جاهلاً به. جاز له الفسخ بعد علمه بالحال, وأن صار غنياً بالفعل. وأما إذا كان حين الحوالة موسراً, أو كان المحال عليه عالماً بأعساره, فليس له الفسخ.
[مسألة 900] يجوز جعل الخيار لكل من المحيل والمحال عليه, أو لإكثر من واحد منهما أو لإجنبي.
[مسألة 901] لو أدى المحيل نفسه الدين, فإذا كان بطلب من المحال عليه, وكان مديناً, فله أن يطالب المحال عليه بما أداه. وأما إذا لم يكن بطلبه, أو لم يكن مديناً له فليس له ذلك.
[مسألة 902] إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برأت ذمته. وكذا إذا ضمن شخص عنه برضى المحال.
[مسألة 903] إذا طلب المحال عليه المحيل بما أداه, وأدعى المحيل أن له عليه مالاً, وأنكره المحال عليه، فالقول قوله مع عدم البينة, فيحلف على براءة ذمته.
[مسألة 904] تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة, من السيد على مكاتبه بعد حلول النجم, إن كان المال مقسطاً. وبها يتحرر المكاتب لبراءة ذمته لمولاه, فتشتغل ذمته للمحال. ولا يتوقف تحرره على قبول الحوالة.
[مسألة 905] إذا كان للمكاتب دين على أجنبي, فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة فقبلها صحت الحوالة، وينعتق المكاتب سواء أدى المحال عليه المال للسيد أم لا.
[مسألة 906] إذا أختلف الدائن والمدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة. فمع عدم قيام البينة, يقدم قول منكر الحوالة, سواء إن كان هو الدائن أم المدين. فإذا حلف منكر الحوالة ثبت عدمها ظاهراً ولكن لا تثبت الوكالة. ومعه يحكم ظاهراً ببطلان كلا العقدين, وخاصة إذا كان منكر الوكالة هو الموكل. ولا يبقى بينها إلا الدين المتفق عليه.
[مسألة 907] إذا كان له على زيد دنانير ذهبية, وعليه لعمرو دراهم فضية, فأحال عمرواً على زيد بالدنانير. فإن كان المراد بذلك تحويل ما بذمته من الدراهم للدنانير برضى عمرو به, ثم أحاله عمرو على زيد بالدنانير فلا إشكال. وإن كان المراد أحالته على زيد ليحتسب الدنانير بقيمة الدراهم من دون تحويل ما في الذمة, لم يجب على زيد قبول الحوالة. كما إذا أحاله عليه بالدراهم مع بقاء إشتغال ذمته عليه بالدنانير, لم يجب القبول, بل هو من قبيل الحوالة على البريء.