الهبة : تمليك عين مجاناً وبدون عوض. وهي عقد يحتاج إلى أيجاب وقبول. ويكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة. ولا تعتبر فيه صيغة خاصة ولا العربية. ولا تقدم الإيجاب. ويكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.
[مسألة 985] يعتبر في الواهب أن يكون مالكاً أو من بحكمه, من ولي أو وكيل ونحوه. فلو وهب ما لا يملك توقف على إجازة المالك.
[مسألة 986] يعتبر في الواهب العقل والقصد والاختيار. وعدم الحجر لصغر أو سفه أو فلس. وفي هبة الصبي المميز لأموال نفسه وجه في المقدار القليل، وإن كان الأحوط [ ] إحراز رضا الولي.
[مسألة 987] تصح الهبة من المريض في مرض الموت، وإن زاد عن الثلث، مع اجتماع الشرائط السابقة فيه، كما تصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح وغيرها، كما سيأتي في كتاب الوصية.
[مسألة 988] تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة. ولا يبعد أيضاً الحكم بصحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه، ويكون قبضه بقبض مصداقه. ولا يملكه قبل القبض. ولو وهبه ما في ذمه نفسه، كان ابراءاً.
[مسألة 989] يشترط في صحة الهبة القبض بإذن المالك [الواهب] إلا أن يهبه ما في يده, فلا يحتاج إلى قبض جديد. ولا تعتبر الفورية في القبض, ولا كونها في مجلس العقد. فيجوز فيه التراخي بزمان كثير. ومتى تحقق القبض صحت الهبة من حين القبض. ومن أهم نتائج ذلك : أنه إذا كان للموهوب نماء حاصل بعد عقد الهبة وقبل قبضها, كان للواهب دون الموهوب له. ومن نتائجها : انه إذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما ولم يقبض الآخر، صحت الهبة في المقبوض. وبقيت في الآخر متوقفة على قبضه.
[مسألة 990] للأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ مجنوناً، وذلك في حدود عدم المفسدة له. أما لو جن بعد البلوغ فولاية القبول والقبض للحاكم في حدود وجود المصلحة. فلو وهب شخص إلى الصغير أو المجنون شيئاً، وكان ذلك بيد الولي كفى, ولم يحتج إلى قبض جديد.
[مسألة 991] يتحقق القبض بجعل المال الموهوب تحت يد الموهوب له على الأحوط [ ]، بدون فرق بين المنقول وغيره. نعم، يكفي حصول التخلية مع التعذر، بل مطلقاً وخاصة في غير المنقول. راجع مسألة [264] من هذا الجزء من الكتاب.
[مسألة 992] ليس للواهب الرجوع بعد الإقباض, أن كانت الهبة لذي رحم أو بعد تلف المال الموهوب أو مع التعويض، يعني كونها هبة معوضة باشتراط التعويض في نفس العقد.
[مسألة 993] في جواز رجوع الواهب بالهبة مع تصرف الموهوب له خلاف. والأقوى جوازه إذا كان المال الموهوب باقياً بعينه.
[مسألة 994] إذا رجع الواهب في مورد الجواز، وقد عابت في يد الموهوب له فلا أرش. وإن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له. وكذلك الزيادة المتصلة القابلة للإنفصال كالصوف والثمرة. ما لم تقم قرينة خاصة أو عامة على الخلاف. وأما إذا كانت الزيادة المتصلة غير قابلة للإنفصال, كالطول والسمن والتعلم، فهي تنتقل بالفسخ إلى الواهب.
[مسألة 995] في إلحاق الزوج والزوجة بذي الرحم، في لزوم الهبة إشكال، أقربه العدم.
[مسألة 996] لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض، بطلت الهبة وأنتقل المال الموهوب إلى ورثة الواهب.
[مسألة 997] لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض، لزمت الهبة، فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له. كما ليس لورثة الواهب الرجوع إلى الموهوب له.
[مسألة 998] لا يعتبر في صحة الرجوع بالهبة علم الموهوب له، فيصح الرجوع مع جهله أيضاً، بل يصح ولو كان وحده.
[مسألة 999] في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط, فإذا وهبه شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً, وجب على الموهوب له العمل بالشرط. فإذا تعذر ذلك أو أمتنع الموهوب له عنه جاز للواهب الرجوع بالهبة.
[مسألة 1000] الهبة المشروطة لازمة لا يجوز فسخها ولو قبل العمل بالشرط. ما دام ذلك متوقعاً.
[مسألة 1001] في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى. وتبقى مطلقة حتى لو حصلت هبة مقابلة لها بدون شرط فيجوز فسخها أيضاً.
[مسألة 1002] لو بذل الموهوب له العوض المشروط ولم يقبله الواهب, لم تخرج الهبة عن حكم المشروطة.
[مسألة 1003] العوض المشروط إن كان معيناً خارجاً فهو، وإن كان كلياً أو مطلقاً أجزأ اليسير إلا إذا كانت قرينة خاصة أو عامة على التساوي.
[مسألة 1004] لا يشترط في العوض أن يكون عيناً, بل يجوز أن يكون عقداً أو إيقاعاً كبيع شيء على الواهب أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك.