كثيرة هي المطاعن في الخليفة عثمان وخصوصا فيما يخص جهله بالاحكام واجتهاده فيما يقابل النص ومنه اتمامه الصلاة في السفر مع اطباق الروايات على ان النبي صلى الله عليه واله كان يقصر وكذا الحال كان في زمن خلافة ابي بكر وعمر وشطرا من خلافة عثمان الا انه بعد ذلك سن سنة التمام في الصلاة واليك الروايات:
أخرج الشيخان وغيرهما بالاسناد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين وأبوبكر بعده وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدرا من خلافته رضي الله عنهم ، ثم إن عثمان صلى بعد أربعا ، فكان ابن عمر إذا صلى مع الامام صلى أربعا ، وإذا صلى وحده صلى ركعتين (1)
وفي لفظ ابن حزم : ان ابن عمر كان إذا صلى مع الامام بمنى أربع ركعات انصرف إلى منزله فصلى فيه ركعتين أعادها.(2)
وأخرج مالك عن عروة : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الرباعية بمنى ركعتين ، وان أبابكر صلاها بمنى ركعتين ، وان عمربن الخطاب صلاها بمنى ركعتين ، وان عثمان صلاها بمنى ركعتين شطر إمارته ثم أتمهابعد .(3)
وأخرج النسائي في سننه عن أنس بن مالك انه قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ومع أبي بكر وعمر ومع عثمان ركعتين صدرا من إمارته.
وباسناده عن عبدالرحمن بن يزيد قال : صلى عثمان بمنى أربعا حتى بلغ ذلك عبدالله فقال : لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين.الحديث.(4)
ورواه إمام الحنابلة أحمد في المسند(5).وأخرج حديث أنس المذكور في مسنده (6) ولفظه : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة بمنى ركعتين وصلاها أبوبكر بمنى ركعتين ، وصلاها عمر بمنى ركعتين ، وصلاها عثمان بن عفان بمنى ركعتين أربع سنين ثم أتمها بعد.
وأخرج الشيخان وغيرهما بالاسناد عن عبدالرحمن بن يزيد قال : صلى عثمان ابن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع ثم قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين ، وصليت مع أبي بكر رضي الله عنه بمنى ركعتين ، وصليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمنى ركعتين ، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان (7)
وأخرج أبوداود وغيره عن عبدالرحمن بن يزيد قال : صلى عثمان رضي الله عنه بمنى أربعا فقال عبدالله : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين ، ومع عمر ركعتين ، ومع عثمان صدرا من إمارته ثم اتمها ، ثم تفرقت بكم الطرق فلوددت ان لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين.قال الاعمش : فحدثني معاوية بن قرة عن أشياخه : ان عبدالله صلى أربعا فقيل له : عبت على عثمان ثم صليت أربعا ؟ قال الخلاف شر (
وأخرج البيهقي عن عبدالرحمن ابن يزيد قال : كنا مع عبدالله بن مسعود بجمع ، فلما دخل مسجد منى فقال : كم صلى أميرالمؤمنين ؟
قالوا : أربعا.فصلى أربعا.قال : فقلنا : ألم تحدثنا ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ،
وأبابكر صلى ركعتين ؟ فقال : بلى وأنااحد ثكموه الآن ، ولكن عثمان كان إماما فما اخالفه والخلاف شر.(9)
وأخرج البيهقي في السنن عن حميد عن عثمان بن عفان انه أتم الصلاة بمنى ، ثم خطب الناس فقال : ياأيها الناس ان السنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة صاحبيه ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا.(10) وأخرجه ابن عساكر كمافي كنز العمال (11)
وأخرج أبوداود وغيره عن الزهري : ان عثمان بن عفان رضي الله عنه أتم الصلاة بمنى من أجل الاعراب لانهم كثروا عامئذ فصلى بالناس أربعا ليعلمهم ان الصلاة أربعا. (12)
وأخرج امام الحنابلة أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمر قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يصلي صلاة السفر (يعني ركعتين) ومع أبي بكر وعمر وعثمان ست سنين من إمرته ثم صلى أربعا.(13)
وأخرج البيهقي في السنن الكبرى بالاسناد عن أبي نضرة : إن رجلا سأل عمران بن حصين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فقال : أيت مجلسنا.فقال :
إن هذا قد سألني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فاحفظوها عني : ماسافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفراإلا صلى ركعتين حتى يرجع ويقول : ياأهل مكة قوموا فصلوا ركعتين فإنا سفر ، وغزا الطائف وحنين فصلى ركعتين ، وأتى الجعرانة فاعتمر منها ، وحججت مع أبي بكر رضي الله عنه واعتمرت فكان يصلي ركعتين ، ومع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكان يصلى ركعتين ومع عثمان فصلى ركعتين صدرا من إمارته ، ثم صلى عثمان بمنى اربعا. (14)
وفي لفظ الترمذي : ومع عثمان ست سنين من خلافته أوثمان سنين فصلى ركعتين.فقال : حسن صحيح.(15)
لكن ما هي الأسباب وراء فعل عثمان واتمامه للصلاة؟
أخرج البيهقي في السنن عن حميد عن عثمان بن عفان انه أتم الصلاة بمنى ، ثم خطب الناس فقال : ياأيها الناس ان السنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة صاحبيه ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا.(16)
وفي الكنز من طريق الدارقطني عن ابن جريج قال : سأل حميد الضمري ابن عباس فقال : إني أسافر فاقصر الصلاة في السفر أم أتمها ؟ فقال ابن عباس : لست تقصرها ولكن تمامها وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنا لايخاف إلاالله فصلى اثنتين حتى رجع ، ثم خرج أبوبكر لايخاف إلا الله فصلى ركعتين حتى رجع ، ثم خرج عمر آمنا لايخاف إلا الله فصلى اثنتين حتى رجع ، ثم فعل ذلك عثمان ثلثي إمارته أو شطرها ثم صلاها أربعا ، ثم أخذ بها بنوا أمية.قال ابن جريج : فبلغني انه أوفى أربعا بمنى فقط من أجل ان أعرابيا ناداه في مسجد الخيف بمنى : يا أميرالمؤمنين مازلت أصليها ركعتين منذ رأيتك عام الاول صليتها ركعتين.فخشي عثمان أن يظن جهال الناس الصلاة ركعتين وإنما كان أوفاها بمنى.(17)
وأخرج أحمد في المسند من طريق عباد بن عبدالله قال : لما قدم علينا معاوية حاجا صلى بنا الظهر ركعتين بمكة ، ثم انصرف إلى دار الندوة فدخل عليه مروان و عمرو بن عثمان فقالا له : لقد عبت أمر ابن عمك لانه كان قد أتم الصلاة قال : وكان عثمان حيث أتم الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعا ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة فاذا فرغ الحج وأقام بمنى أتم الصلاة. (18)
وروى الطبري في تاريخه وغيره : حج بالناس في سنة 29 عثمان فضرب بمنى فسطاطا فكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى ، وأتم الصلاة بها وبعرفة ، فذكر الواقدي " بالاسناد " عن ابن عباس قال : ان أول ما تكلم الناس في عثمان ظاهرا انه صلى بالناس بمنى في ولايته ركعتين حتى إذا كانت السنة السادسة أتمها ، فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتكلم في ذلك من يريد أن يكثر عليه حتى جاء علي فيمن جاءه فقال : والله ماحدث أمر ولا قدم عهد ولا عهدت نبيك صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين ، ثم أبابكر ، ثم عمر ، وأنت صدرا من ولايتك ، فما أدري مايرجع اليه ؟ فقال : رأي رأيته.
وعن عبدالملك بن عمر وبن أبي سفيان الثقفي عن عمه قال : صلى عثمان بالناس بمنى أربعا فأتى آت عبدالرحمن بن عوف فقال : هل لك في أخيك ؟ قد صلى بالناس أربعا ، فصلى عبدالرحمن بأصحابه ركعتين ، ثم خرج حتى دخل على عثمان فقال له : ألم تصل في هذا المكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ؟ قال : بلى.قال : ألم تصل مع أبي بكر ركعتين ؟ قال : بلى.قال : ألم تصل مع عمر ركعتين ؟ قال : بلى قال : ألم تصل صدرا من خلافتك ركعتين ؟ قال : بلى.قال : فاسمع مني يا أبامحمد إني أخبرت ان بعض من حج من أهل اليمن وجفاة الناس قد قالوا في عامنا الماضي : إن الصلاة للمقيم ركعتان هذا إمامكم عثمان يصلي ركعتين.وقد اتخذت بمكة أهلا فرأيت أن أصلي أربعا لخوف ماأخاف على الناس ، وأخرى قداتخذت بها زوجة ، ولي بالطائف مال ، فربما اطلعته فأقمت فيه بعد الصدر.فقال عبدالرحمن بن عوف : مامن هذا شيء لك فيه عذر ، أما قولك : إتخذت أهلا.فزوجتك بالمدينة تخرج بها إذا شئت ، وتقدم بها إذا شئت ، إنما تسكن بسكناك.
وأما قولك : ولي مال بالطائف.فان بينك وبين الطائف مسيرة ثلاث ليال وأنت لست من أهل الطائف.
وأما قولك : يرجع من حج من أهل اليمن وغيرهم فيقولون : هذاإمامكم عثمان يصلي ركعتين وهو مقيم.فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي والناس يومئذ الاسلام فيهم قليل ، ثم أبوبكر مثل ذلك ، ثم عمر ، فضرب الاسلام بجرانه فصلى بهم عمر حتى مات ركعتين.فقال عثمان : هذا رأي رأيته.
قال : فخرج عبدالرحمن فلقي ابن مسعود فقال : أبا محمد غيرما يعلم ؟ قال : لا قال : فما أصنع ؟ قال : إعمل أنت بماتعلم.فقال ابن مسعود : الخلاف شر ، قد بلغني انه صلى أربعا فصليت بأصحابي أربعا.فقال عبدالرحمن بن عوف : قد بلغني انه صلى أربعا فصليت بأصحابي ركعتين ، وأماالآن فسوف يكون الذي تقول ، يعني نصلي معه أربعا.
والخلاصة ان الخليفة عثمان خاف ان يعتقد الاعرابي ان الصلاة مطلقا ركعتين فاجتهد فغير شرع الله!!!
(1) صحيح البخاري2/154، صحيح مسلم 2 /260 ، مسند أحمد 2 /148 ، سنن البيهقي 3 /126.
(2) المحلى 4 / 270
(3) الموطأ 1 / 282.
(4) سنن النسائي 3 /120.
(5) مسند احمد 1 /378.
(6) مسند احمد 1 / 145.
(7) صحيح البخارى 2/154 ، صحيجح المسلم 1 : 261 ، مسند أحمد 1.
(
سنن أبي داود 1/308 ، الاثار للقاضي ابى يوسف ص 30 ، كتاب الام للشافعى 1/ 159 ، ج 7 / 175.
(9) السنن الكبرى 3 /144
(10) السنن 3/144 .
(11) كنز العمال 4 /239.
(12) سنن أبى داود 1 : 308 ، سنن البيهقي 3 : 144 ، تيسير الوصول 2 : 286 ، نيل الاوطار 2 : 260.
(13) مسند احمد 2/44.
(14) السنن الكبرى 3 / 153.
(15) في الصحيح 1 /71
(16) السنن الكبرى 3/144 واخرجه ابن عساكر كما في كنز العمال 4/239.
(17) كنز العمال 4 / 240.
(18) مسند احمد 4/ 94. وذكره ابن حجر في فتح الباري 2 : 457 ، والشوكاني في نيل الاوطار 2 : 260.
(19) أنساب البلاذري 5 : 39 ، تأريخ الطبري 5 : 56 ، كامل ابن الاثير 3 : 42 ، تاريخ ابن كثير 7 : 154 ، تاريخ ابن خلدون 2 : 386.