الطلاق قسمان : بدعة وسنة أو بدعي وسني : فالطلاق البدعي هو الطلاق غير الجامع للشرائط المتقدمة. ويقع باطلا، ويكون اعتباره صحيحاً بدعة في الدين، والطلاق السني ما جمع الشرائط. وهو قسمان بائن ورجعي.
[مسألة 321] من أمثلة الطلاق البدعي : طلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج وامكان معرفته لحالها. أو مع غيبته كذلك أو قبل المدة المعتبرة. وكذلك الطلاق في طهر المواقعة لغير اليائس والصغيرة والحامل. وكذلك طلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر. وكذلك طلاق الثلاث اما مرسلا بان يقول. هي طالق ثلاثاً. واما ولاءً بان يقول : هي طالق طالق طالق. أو هي طالق هي طالق هي طالق. والكل باطل عدا الثلاث فان فيه تصح واحدة، ويبطل الزائد. ما لم يكن الأول مقيدا بالاخيرتين فيبطل الكل.
[مسألة 322] اذا طلق المخالف زوجته طلاقاً بدعياً صحيحاً عنده، جاز لنا تزويجها الزاماً بما الزم به نفسه، ولو طلقها ثلاثاً بانت منه فلا يجوز له مراجعتها. نعم، اذا تبصر بعد الطلاق خلال العدة، جرى عليه حكم المتبصر.
[مسألة 323] قلنا ان طلاق السنة قسمان : بائن ورجعي : فالطلاق البائن انواع :
الأول : طلاق من لم يدخل بها ولو دبرا.
الثاني : طلاق اليائس. ويعرف عمر اليأس من احكام الحيض في كتاب الطهارة. فراجع.
الثالث : طلاق الصغيرة وان دخل بها.
الرابع والخامس : طلاق الخلع والمبارأة مع عدم رجوع الزوجة بالبذل. فان رجعت به انقلب رجعياً.
السادس : الطلاق الثالث : اذا تخلل الاولين منها الرجوع على الزوجة، ولو بعقد جديد. هذا في الحرة. وفي الامة يكون الطلاق البائن هو الثاني، بينهما رجعة، ولو بعقد جديد.
والطلاق الرجعي : هو ما جاز للمطلق المراجعة فيه. وهو ما عدا الستة المذكورة من طلاق السنة.
[مسألة 324] قد يقسم الطلاق السني باصطلاح آخر الى ثلاثة اقسام :
القسم الأول : الطلاق السني بالمعنى الاعم. وهو ما سبق اعني كل طلاق جامع للشرائط مقابل البدعي، وهو غير الجامع للشرائط.
القسم الثاني : الطلاق السني مقابل الطلاق العدي. فالسني منهما ما يراجع فيه في العدة بدون جماع. والعدي هو ما يراجع فيه ويحصل الجماع.
القسم الثالث : الطلاق السني بالمعنى الاخص. وهو ان يطلق الزوجة فلا يراجعها حتى تنقضي العدة ثم يراجعها. لكن هذه الاقسام لا اعتبار بها من الناحية الفقهية وانما هي مجرد اصطلاح، وانما الحكم الفقهي تابع لكل قسم على حدة.
[مسألة 325] الطلاق العدي هو ان يطلق الرجل زوجته مع اجتماع الشرائط ثم يراجعها قبل خروجها من العدة، فيواقعها ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجعها فيه، ويواقعها ثم يطلقها في طهر آخر، فتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره. فاذا نكحت وخلت منه، فتزوجها الأول فطلقها ثلاثا على النهج السابق حرمت عليه حتى تنكح زوجا آخر، فاذا انكحت آخر وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج الاسبق حرمت عليه في التاسعة تحريما مؤبدا. اذا كانت حرة. اما ذا كانت أمة فانها تحرم بعد كل تطليقتين حتى تنكح زوجا غيره. وفي السادسة تحرم مؤبدا, وما عدا ذلك فليس بعدّي واذا لم يكن الطلاق عديا، فالمشهور انه لا تحرم المطلقة تحريما مؤبدا، وان زاد عدد الطلقات على التسع. لكنه لا يخلو من اشكال بل التحريم مؤبدا غير بعيد. فان كل طلاق يحرّم في الثالثة يحرم في التاسعة. نعم , لو لم يكن محرما في الثالثة، انتظرنا حتى تتم ثلاث محرمة، فتحرم في التاسعة منها. واوضح موارد عدم الفرق هو التحريم بالثالثة والتاسعة سواء كان الرجوع في العدة بالرجعة، أو بعقد جديد بعدها. وكذلك عدم الفرق على الأحوط[ ] بين ما اذا حصل الدخول بعد الرجوع أو لم يحصل سواء في التحريم بعد الثالثة أو التاسعة.
[مسألة 326] ينتج مما سبق : انه اذا طلقها ثم رجع بها ثم طلقها ثم رجع بها ثم طلقها في مجلس واحد، حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره. فاذا تكرر ذلك تسعاً حرمت مؤبدا.
[مسألة 327] ومن ذلك انه اذا طلقها قبل الدخول ثم عقد عليها ثم طلقها قبل الدخول ثم عقد عليها ثم طلقها. فانها تحرم عليه في الثالثة وفي التاسعة.
[مسألة 328] المشهور : انه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللا، بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الامة أمور :
الأمر الأول : البلوغ. فلو تزوجت صبياً لم تحل وان دخل بها. ولكن الأحوط وجوباً خلافه.
الأمر الثاني : الوطء قبلا. فلو وطء دبرا فقط لم تحل وان انزل. ولكن الأحوط [ ] أيضاً خلافه.
الأمر الثالث : ان يكون العقد دائما غير منقطع، والا لم تحل. وهو أيضاً مخالف للاحتياط[ ]. ولكن حليتها بوطء الشبهة أو التحليل ونحوها مخالف له أيضاً.
الأمر الرابع : الانزال. فلو لم ينزل لم تحل. وهو مشكل أيضاً وان كان لا يخلو من وجه. والاحتياط في هذه الامور احتياط في الفتوى وليس فتوى بالاحتياط. غير ان الاشتراط هو الأحوط استحباباً. وهو من قبيل الفتوى بالاحتياط.
[مسألة 329] لا يشترط في المحلل القصد الى التحليل، بل لو تزوجت شخصاً آخر واجتمعت الشرائط حلت للاول.
[مسألة 330] كما يهدم المحلل الثلاث يهدم ما دونها. فلو طلق مرة ثم تزوجت بغيره ثم فارقت الثاني وتزوج بها الأول سقط حكم الطلاق الأول. واحتاجت في التحريم الى ثلاث طلقات مستأنفات. وكذا لو تزوجت بغير المطلق بعد طلقتين من الأول. الا ان الأحوط[ ] كونها تحرم بعد الطلقة التاسعة على أي حال.
[مسألة 331] الأحوط [ ] التحريم الابدي بعد الطلقات التسع سواء كان الطلاق للسنة أو للعدة.
[مسألة 332] الرجوع الموجب لرجوع الزوجية بعد الطلاق الرجعي من الايقاعات، وينجزه الزوج برضاه، ولا يعتبر فيه رضا الزوجة.
[مسألة 333] يصح في الرجوع انشاؤه باللفظ مثل : رجعت بك وأرجعتك أو رجعت بها أو بفلانة ونحو ذلك. وهل تصح الرجعة بما يؤدي ذلك مثل قوله : هي زوجتي أو حليلتي أو ليست مطلّقة أو اعرضت عن طلاقها ؟ فيه اشكال، وان كان الاقوى نفوذه مع حصول القصد الى الرجعة. وكذا الرجعة بالفعل كالتقبيل بشهوة وغيره مما لا يحل الا للزوج.
[مسألة 334] أشرنا انه لابد في تحقق الرجوع بالفعل من اقترانه بقصد الرجوع، فلو وقع من الساهي والغالط أو بظن انها غير مطلقة أو بظن جواز ذلك في المطلقة، لم يكن رجوعا. واما تحقق الرجوع بالوطء وان لم يقصده به فمشكل لا يترك معه الاحتياط.
[مسألة 335] ينتهي امد نفوذ الرجعة بانتهاء العدة الرجعية.
[مسألة 336] لا يجب الاشهاد في الرجوع، بل يصح بدونه وان كان الاشهاد افضل. كما لا يجب علم الزوجة عند حصوله. ويصح فيه التوكيل. فاذا قال الوكيل : ارجعتك الى نكاح موكلي أو الى نكاح فلان أو رجعت بك الى نكاحه، وما جرى مجرى ذلك مع قصده صح.
مسألة 337] يقبل قول المرأة بدون شاهد ولا يمين في انقضاء العدة بالحيض أو بالشهور أو في عدم كونها معتدة أو انها خلية من الزوج. والأحوط[ ] في هذا الاخير الاقتصار على مورد عدم امكان الاستعلام.
[مسألة 338] يقبل قول الزوج في الاقرار بالتقصير بحقوق زوجته كقلة النفقة أو عدمها. ويقبل قوله في الطلاق حتى بعد انقضاء العدة بالنسبة الى عدم امكان الرجوع وعدم جواز التمكين. كما يقبل قولها في انقضاء العدة في عدم استحقاق النفقة.
[مسألة 339] يثبت الرجوع باخباره به اذا كان في اثناء العدة. واما بعد انقضائها اذا أخبر بالرجعة سابقاً في العدة، فلا يقبل الا باثبات شرعي معتبر كالبينة والوثوق من قوله ولو بضم اليمين أو بشاهد ويمين مع حصول الوثوق على الأحوط [ ] أيضاً. وكذا بشهادة شاهد وامرأتين.
[مسألة 340] اذا طلقها فادعت الزوجة بعده ان الطلاق كان في الحيض، وانكره الزوج. فان كان لها شهادة ولو من النساء بوجود الحيض يومئذ، أخذ بها، والا كان القول قول الزوج مع يمينه. والأحوط[ ] من ذلك ان تحلف هي على مدعاها لكي يثبت فان لم تحلف حلف الزوج.
[مسألة 341] اذا رجع الزوج وادعت الزوجة انقضاء عدتها فلا اثر للرجوع. صدقت. واذا علم بالرجوع وانقضاء العدة وشك في المتقدم والمتاخر، فادعى الزوج تقدم الرجوع وادعت الزوجة تأخره، كان القول قول الزوج مع يمينه، والاولى في صورة العلم بانقضاء العدة والشك في تاريخ الرجوع العمل بالاحتياط.