الكفارات هي الواجبات التي تكون مترتبة على الاتيان ببعض المحرمات. فان لم يكن الفعل محرما فهي [الفدية]. كالافطار بسبب المرض. وان كان محرماً, فاما ان يكون فيه ايلام انسان أم لا. فإن كان فيه ذلك فهو [القصاص] أو [الدية] سواء كانت على النفس أو ما دونها. على تفصيل يأتي في محله. وان لم تكن كذلك فقد تتضمن الاعتداء على انسان بغير الايلام كالسرقة والزنا وقد تتضمن مخالفة بعض ضروريات الدين كشرب الخمر وترك الصلاة. فالعقوبة على كل ذلك يسمى [حداً]. وان لم تتضمن ذلك فاما ان يكون الحرام مرتبطاً باحرام الحج أم لا. فالاول هو [كفارات الاحرام] والحديث عنها في [كتاب الحج]. وان لم تكن كذلك فهي [الكفارات العامة] التي عقد لها هذا الفصل. وينبغي ان نعلم ان قتل النفس كما يحتوي على [دية] فانه يحتوي على [كفارة] أيضاً , كما يأتي. فالدية لايفاء الحق الخاص تجاه المعتدى عليه أو ولي الدم. والكفارة لايفاء الحق العام بمعنى الاستغفار عن الذنب الذي وقع فيه. وكل الكفارات هي بهذه المثابة بحسب حكمة التشريع.
ولاجل ابراز الفن فقهياً وبيان الدقة في الاستقصاء يقول الفقهاء : ان الكفارة قد تكون مرتبة وقد تكون مخيرة وقد يجتمع فيها الامران وقد تكون كفارة جمع. ولا أثر لهذا التقسيم عملياً.
[مسألة 725] كفارة الظهارة وكفارة الخطأ , هي كفارة مرتبة , ويجب فيهما أولاً عتق رقبة. فان عجز صام شهرين متتابعين. فان عجز أطعم ستين مسكيناً.
[مسألة 726] كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال كفارة مرتبة , يجب فيها أولاً. اطعام عشرة مساكين. فان عجز صام ثلاثة ايام. والأحوط[ ]ان تكون متتابعات.
[مسألة 727] كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان أو خالف عهدا. كفارة مخيرة بين ثلاث خصال : عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا.
مسألة 728] كفارة الايلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر , حتى نذر صوم يوم معين , هي كفارة متشابهة شرعاً , وهي كفارة يجتمع فيها التخيير والترتيب. فاولا : يجب فيها تخييرا : عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم. فان عجز صام ثلاثة أيام متواليات.
[مسألة 729] كفارة قتل المؤمن عمدا ظلماً , هي كفارة جمع وهي : عتق رقبه وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكيناً. وكذلك الافطار على حرام في شهر رمضان , بناء على ضرب من الاحتياط[ ].
[مسألة 730] اذا اشترك جماعة في القتل عمدا كان أو خطأ وجبت الكفارة على كل واحد منهم , اذا صدق عرفا على الواحد منهم انه قتله أو انه ضربه ضربا قاتلا. والا اختصت الكفارة بمن كان كذلك. ومن هنا نعرف ان الكفارة قد تجب مكررا الا ان الدية لا تجب الا واحدة.
[مسألة 731] اذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن و اللائط والمرتد , فقتله غير الامام أو وكيله , لم تجب الكفارة اذا كان بإذنه. واما ان كان بغير اذنه ففيه اشكال. والاقوى عدم الوجوب وان كان حراماً.
[مسألة 732] قيل : من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار. فان عجز فكفارة اليمين. ولا دليل عليه. وقيل كفارته اطعام عشرة مساكين، وبه رواية معتبرة. والأحوط[ ]ان يضم اليه الاستغفار.
[مسألة 733] يجب على الأحوط استحباباً مؤكدا في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الافطار في شهر رمضان , وفي نتف شعرها أو خدش وجهها اذا أدمته أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين.
[مسألة 734] لو تزوج بإمراة ذات بعل أو في العدة الرجعية فارقها , والأحوط استحباباًً ان يكفر بخمسة اصوع من دقيق وهو خمسة عشر كيلو غرام.
[مسألة 735] لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت , اصبح صائما على الأحوط استحباباً.
[مسألة 736] لو نذر صوم يوم أو ايام فعجز عنه , فالأحوط له استحباباً ان يتصدق لكل يوم بمد على مسكين.
احكام الكفارات
[مسألة 737] من وجد ثمن الرقبة وأمكنه الشراء فقد وجد الرقبة ووجبت عليه مع حصول موجبها.
[مسألة 738] يشترط في الرقبة الاسلام وجوبا في القتل. وكذا في غيره على الاظهر. وأحوط استحبابا اعتبار الايمان بالمعنى الاخص في الجميع.
[مسألة 739] يجزي عتق العبد الآبق. والأحوط استحباباً اعتبار دليل شرعي على حياته كالاطمئنان أو البينة. كما ان الأحوط[ ]اعتبار ان لا يكون قد دخل في ملك شخص آخر ملكاً شرعيا. كما لو اعتبر شخص العبد لقطة وطبق عليه حكمها. وكان من ذلك قصد التملك.
[مسألة 740] يجزي عتق أم الولد والمكاتب المشروط والمكاتب المطلق الذي لم يؤد شيئا من مال الكتابة. وكذلك يجزي عتق المدبر ولا حاجة إلى نقض تدبيره قبل العتق. فانه من الاسراع إلى حريته مضافا إلى أن في عتقه دلالة التزامية على نقض التدبير.
[مسألة 741] من لم يجد الرقبه أو وجدها ولم يجد الثمن انتقل إلى الصوم في الكفارة المرتبة. وهو في المخيرة اولى بالصحة.
[مسألة 742] يجزي في الرقبة عتق الطفل المملوك اذا كان بحكم المسلم وان كان رضيعا , كما يجزي عتق المشلول والاعرج والاقطع والاعور والاعمى والمعتوه. وان كان الأحوط[ ]خلافه.
[مسألة 743] لا يجب في ثمن الرقبة ان يبيع ثياب بدنه ولا خادمه ولا مسكنه ولا غيرها مما يكون في بيعه ضيق وحرج عليه لحاجته اليه.
[مسألة 744] كفارة العبد في الظهار بالنسبة إلى الصوم صوم شهر واحد. وهو نصف كفارة الحر. والمشهور على ان الكفارة في قتل الخطأ كذلك لكنه مشكل.
[مسألة 745] اذا عجز عن الصيام في الكفارة المرتبة , ولو لاجل كونه حرجا عليه , وجب الاطعام. فان كان بالتسليم لزم لكل مسكين مد من الحنطة أو الدقيق أو الخبز في كفارة اليمين. غير ان اختصاصه بهذه الامور مبني على الاحتياط الاستحبابي. واما في غير كفارة اليمين فيجزي مطلق الطعام كالتمر والارز والاقط والماش والذرة. ولا تجزي القيمة مع الامكان على الأحوط وجوباً. والافضل بل الأحوط[ ] مدان. ولو كان بالاشباع أجزاه مطلق الطعام ويستحب الادام واعلاه اللحم وأوسطه الخل وأدناه الملح. واعتبار الادام أفضل وأحوط[ ].
[مسألة 746] يجوز إطعام الصغار بتمليكهم , وتسليم الطعام إلى وليهم ليصرفه عليهم. ولو كان بالاشباع فلا يعتبر اذن الولي على الاقوى. والأحوط[ ]احتساب الاثنين منهم واحدا.
[مسألة 747] يجوز التبعيض في التسليم والاشباع. بأن يشبع بعضهم ويسلم إلى الباقي منهم. ولكن لا يجوز التكرار مطلقاً , بأن يشبع واحدا مرات متعددة أو يدفع اليه امدادا متعددة من كفارة واحدة. الا اذا تعذر استيفاء تمام العدد.
[مسألة 748] الكسوة لكل فقير ثوب وجوباً , وثوبان استحباباً , بل هما مع القدرة أحوط [ ].
[مسألة 749] لابد من قصد التعيين مع اختلاف نوع الكفارة.
[مسألة 750] يعتبر في المكفّر التكليف وهو البلوغ والعقل وكذلك الاسلام , فلا تجزي من غير المسلم ان وجبت عليه.
[مسألة 751] يعتبر في مصرف الكفارة الفقر , والأحوط[ ] اعتبار الايمان ولا يجوز دفعها في النفقة الواجبة. ويجوز دفعها إلى الاقارب و لعله الافضل.
[مسألة 752] المدار في الكفارة المرتبة على حال الاداء , فلو كان قادراً على العتق ثم عجز صام. ولا يستقر العتق في ذمته. ويكفي في تحقق الموجب للانتقال إلى البدل فيها العجز في وقت. فاذا أتى بالبدل ثم طرأت القدرة اجزأ بل اذا عجز عن الرقبة فصام شهراً , ثم تمكن منها اجتزاً باتمام الصوم.
[مسألة 753] في كفارة الجمع اذا عجز عن العتق وجب الباقي. وكذا ان عجز عن غيره من الخصال. وعليه ضم الاستغفار على الأحوط[ ] بدلا عما عجز عنه.
[مسألة 754] يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد. فلا يجوز ان يكفر بصنفين من جنسين. بان يصوم شهرا ويطعم ثلاثين مسكيناً.
[مسألة 755] الاشبه في الكفارة المالية وغيرها جواز التأخير بمقدار لا يعد مسامحة عرفاً في اداء الواجب. وان كانت المبادرة أحوط[ ]. والظاهر ان هذا المقدار هو الوقت الذي يتحقق فيه العجز في الكفارة المرتبة. كما أشرنا في المسألة [752] السابقة.
[مسألة 756] اذا عجز عن الكفارة المخيرة لافطار شهر رمضان عمدا استغفر وجوبا. وتصدق بما يطيق على الأحوط استحبابا ولكن اذا تمكن بعد ذلك لزمته الكفارة على الأحوط وجوباً.
الكفارات المندوبة
وهي عديدة , منها :
أولاً : ما روي من ان كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان.
ثانيا : كفارة المجالس ان تقول عند قيامك منها : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ثالثاً : كفارة الضحك. أن تقول : اللهم لا تمقتني.
رابعاً : كفارة الاغتياب : الاستغفار للمغتاب. هذا اذا لم يتمكن من الاستحلال منه. فان تمكن وجب. والأحوط[ ] ضم الاستغفار لنفسه اليه.
خامساً : كفارة الطيرة , وهي التشاؤم : التوكل وحسن الظن بالله سبحانه.
سادساً : كفارة اللطم على الخدود : الاستغفار والتوبة.
سابعاً : وطء الحليلة في الحيض حرام. وعليه كفارة على الأحوط استحباباً، اوسطه وبربع دينار في اخره. والمراد بالدينار: العملة المسكوكة من الذهب بوزن ثمانية عشر حبة أو ما كان بقيمته من أي عملة.
كما سبق في كتاب الطهارة، وهو انه يتصدق بدينار اذا كان الوطء في اوله وبنصف دينار في