ويقال له : السلم أيضاً. وهو إبتياع شيء مؤجل بثمن حال. عكس النسيئة. ويقال للمشتري بهذا النحو، المسلِم بكسر اللام, وللبائع المسلم إليه, وللثمن المسلم، وللمبيع المسلم فيه بفتح اللام في الأخيرات.
[مسألة 329]لا يجوز في السلف أن يكون كل من الثمن والمثمن من النقدين الذهب والفضة، إختلفا في الجنس أم إتفقا. لإنه على خلاف شرط التقابض في المجلس، فيبطل العقد عندئذ. وإنما يجوز أن يكون الثمن والمثمن من غير النقدين, أو احدهما من أحدهما, والآخر من غيرهما، سواء كان الغير مكيلاً أم موزوناً أم لم يكن.
[مسألة 330] المثمن المؤجل قد يكون عيناً وقد يكون كلياً. وقد قصد الفقهاء خصوص الكلي. غير أن الشرائط الآتية تشملهما كل واحد بحده. غير إننا نذكره منطبقاً على الكلي متابعة للفقهاء،
[مسألة 331] يشترط في السلف أمور :
الشرط الأول : أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة بإختلافها، كالجودة والرداءة والطعم والريح واللون وغيرهما، كالخضر والفواكه والحبوب والجوز واللوز والبيض والملابس والأشربة والأدوية وآلات السلاح وآلات النجارة والنساجة والخياطة والنقل وغيرها من الأعمال والحيوان والإنسان وغير ذلك. فلا يصح فيما لا يمكن ضبطه من الأوصاف، كالجواهر واللآلئ والبساتين، وغيرها مما لا ترتفع الجهالة والضرر فيها إلا بالمشاهدة.
الشرط الثاني : ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة.
الشرط الثالث : قبض الثمن ــ قبل التفرق على الأحوط إستحباباً ــ اللازم كونه نقداً عرفاً. ولو قبض البعض صح فيه وبطل في الباقي. ولو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالاً لا مؤجلاً.
الشرط الرابع : تقدير المبيع ذي الكيل والوزن أو العدد أو المساحة بمقداره وحسابه على طبقها.
شرط الخامس : تعين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها. ولو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة [ ]، بطل البيع. ويجوز فيه أن يكون قليلاً كيوم أو نحوه، وأن يكون كثيراً كعشرين سنة.
الشرط السادس : إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت حلول الأجل, وفي البلد الذي شرط التسليم فيه، إذا كان قد شرط ذلك. سواء أكان عام الوجود أم نادر الوجود، فلو لم يكن ذلك ولو تسبيباً لعجزه عنه، ولو لكونه في سجن أو في بيداء، لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي أشترط التسليم فيه عند الأجل بطل البيع.
[مسألة 332] إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد، إلا أن تقوم قرينة على الأطلاق أو على تعيين غيره، فيعمل على طبقها. والأقوى عدم وجوب تعيينه في العقد. إلا إذا أختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها، ولزوم الخسارة المالية، بحيث يكون الجهل بها غرراً. فيجب تعيينه حينئذ.
[مسألة 333] إذا جعل الأجل شهراً - قمرياً أو شمسياً - أو شهرين, فأن كان وقوع المعاملة في أول الشهر، فالمراد تمام ذلك الشهر. وإن كان في أثناء الشهر، فالمراد من الشهر ما إتفقوا عليه, أما ثلاثون يوماً وأما مجموع ما بقي منه, مع إضافة مقدار من الشهر التالي يساوي الماضي من الشهر السابق. ومع الإطلاق ينصرف إلى الثلاثين يوماً عرفاً، ما لم يعين الآخر.
[مسألة 334] إذا جعل الأجل جمادي أو ربيعاً, حمل على أولهما من تلك السنة، وحل بأول جزء من ليلة الهلال. وإذا جعله الجمعة أو الخميس, حمل على أول خميس أو جمعة آتية. ما لم يعين الخلاف. وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.
[مسألة 335] إذا إشترى شيئاً سلفاً, جاز بيعه على بائعه نقداً, قبل حلول الأجل وبعده، بجنس الثمن أو بغيره، بشرط عدم الزيادة. ولا يجوز بيعه على غيره قبل حلول الأجل مطلقاً، ويجوز بعده, سواء باعه بجنس آخر أم بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي، بشرط أن يكون أحد العوضين نقداً غير مؤجل. هذا في غير المكيل والموزون. وأما فيهما، فلا يجوز بيعهما على غير البائع قبل القبض مطلقاً، كما تقدم في مسألة [274] فراجع.
[مسألة 336] إذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة، لم يجب على المشتري القبول، ولو رضي بذلك صح. وكذلك إذا دفع أقل من المقدار, وتبرأ ذمة البائع برضا المشتري. وإذا دفعه على الصفة والمقدار بعد حلول الأجل، وجب على المشتري القبول. وإذا دفع فوق الصفة ملتفتاً إلى ذلك. فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى إستثناء ما دونها فقط، وجب القبول أيضاً. وإذا كان راجعاً إلى إستثناء ما دونها وما فوقها لم يجب القبول. وإن لم يكن البائع ملتفتاً إلى ذلك نسياناً أو غفلة لم يجز القبول قبل تنبيهه. ولو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب قبول الزائد.
[مسألة 337] إذا حل الأجل ولم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه. تخير المشتري بين الفسخ وبين الرجوع بالثمن بلا زيادة ولا نقيصة، وبين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر, وأن كان مجهولاً أو طويلاً. ولو تمكن من دفع بعضه وعجز عن الباقي، كان له الخيار في الباقي بين الأنتظار والفسخ فيه على وجه. وفي جواز فسخه في الكل إشكال والأظهر الجواز. نعم، لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.
[مسألة 338] لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي يجب التسليم فيه، بإعتبار الإشتراط في العقد، فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز. وإلا فإن أمكن نقله إلى بلد التسليم, وجب على البائع نقله, ما لم يكن فيه ضرر أو عسر أو حرج أو كان نقله مستهجناً سوقياً، فلا يجب، وعندئذ يجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ والانتظار.