الحجر : هو المنع. ويراد به فقهياً : بالمنع من التصرف بالأموال المملوكة للمحجور عليه. وأسبابه عديدة :
السبب الأول : الصغر. فالصغير غير المميز ممنوع من التصرف مطلقاً. أما الصبي والصبية مع التمييز, فالأقوى نفوذ معاملاتهما في الأمور البسيطة نسبياً. ويعرف التمييز بحسن إجراء مثل هذه المعاملات. وأما المعاملات المرتبطة بالزواج، كالنكاح والطلاق والظهار والخلع وغيرها، فالأقوى عدم نفوذها منه إلى البلوغ.
السبب الثاني : الجنون. وصدقه عرفي. ولا يصح تصرف المجنون حال جنونه. ويصح في أوقات إفاقته لو أحرزت.
السبب الثالث : السفه. فيحجر على السفيه وتصرفاته. ويختص الحجر بأمواله، دون أعماله والعقود الخارجة عن الأموال كالنكاح والطلاق. والسفه هو عدم القدرة على حفظ مصلحته سوقياً, بحيث يسهل غبنه وخداعه. والرشد بخلافه. ولا يزول الحجر مع البلوغ ما دام سفيهاً وان طعن في السن. ويثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم. وفي النساء بشهادة الرجال, وكذلك بشهادتهن مع توفر أربعة نساء عادلات.
السبب الرابع : الرق. فلا ينعقد تصرف المملوك بدون إذن مولاه. وإن قلنا بملكيته كما هو الأقوى.
السبب الخامس : الملك. فلا ينفذ تصرف غير المالك, إلا بإذن المالك أو وكيله أو وليه, تقدم الإذن أو تأخر.
السبب السادس : الصحة. فلا ينفذ من معاملات المريض مرض الموت, إلا في حدود الثلث على المشهور. وسيأتي في كتاب الوصية عدم صحة ذلك.
السبب السابع : الفلّس. وهو الحالة الحكمية التي يكون بها المفلس. وهو من حكم الحاكم الشرعي بفلسه. كما سنذكر في التفاصيل.
[مسألة 841] يحجر على الفرد فيصبح مفلساً بشروط أربعة :
الشرط الأول : قصور ثروته ومملكاته عن الوفاء بديونه. فلو كانت ديونه مساوية لثروته أو أقل لم يحجر عليه.
الشرط الثاني : أن تكون الديون حالة. فلو كانت مؤجلة لم يحجر عليه.
الشرط الثالث : ثبوت تلك الديون لدى الحاكم بالإثبات الشرعي الكافي.
الشرط الرابع : مطالبة أصحاب الديون الحجر على المدين والحكم بفلسه, وليس للحاكم أن يبادر إلى ذلك الحكم بدون طلبهم. ولا يفرق بين كون الدائن واحداً أو متعدداً على الأقوى, ما دامت الشرائط متوفرة.
[مسألة 842] اذا حجر عليه الحاكم الشرعي, لم يجز ولم ينفذ تصرفه في ماله, إلا بإجازة الديان ما دام الحجر باقياً.
[مسألة 843] يستمر الحجر إلى حين أخذ الديان حصصهم. فإنه يجب عد ثروة المفلس, والمفروض إنها أقل من مجموع ديونه الحالة, فتوزع بين الديان بنسبة ديونهم. فيصل إلى كل واحد أقل من مجموع دينه, ويسقط حقه في الباقي. ولا يجوز له المطالبة به حتى بعد ارتفاع الحجر. فإذا تم قبض الديان جميعاً لحصصهم ارتفع الحجر. وإن كان الاحوط استحباباً رفعه بحكم الحاكم الشرعي، كما كان هو الحاكم به.
[مسألة 844] لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه, أو اشترى في الذمة بإجازة الغرماء لم يشارك المقرض والبائع الغرماء. ولو اتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء. وكذا لو اقر بدين سابق أو بعين.
[مسألة 845] يصرف الحاكم الشرعي بنفسه أو وكيله المؤونة الضرورية للمفلس, ولن تجب عليه نفقته من أموال المفلس نفسه، ما دام الحجر موجوداً. وإن صرف عليه من بيت المال كان أولى.
[مسألة 846] ليس للمفلس إجازة بيع الخيار ولا فسخه على الاحوط[ ].
[مسألة 847] من وجد عين ماله في أموال المفلس, كان له أخذها دون نمائها المنفصل. أما المتصل, فإن كان كالطول والسمن وبلوغ الثمرة ونحوها, مما لا يصح للانفصال عنها, تبعها وأخذه المالك ضمن العين. وما يصلح للانفصال كالصوف والثمرة ففيه اشكال، والاظهر عدم التبعية.
[مسألة 848] لا يختص الدائن بعين ماله، اذا كانت في مال الميت مع قصور التركة.
[مسألة 849] يخرج الحب والبيض بالزرع والاستفراخ عن الاختصاص.
[مسألة 850] للشفيع المفلّس أخذ الشقص [ ] باستعمال حق الشفعة. وإن كان الأحوط وجوباً أخذ رضا الغرماء.
[مسألة 851] إذا كان في التركة عين زكوية, قدمت الزكاة على الديون وكذلك الخمس. وإذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.
[مسألة 852] لو أفلس بثمن أم الولد، بيعت وأخذها البائع, سواء كان ولدها حياً أم ميتاً.
[مسألة 853] لا يحل بالحجر الدين المؤجل, ولو مات من عليه الدين حل. ولا يحل بموت الدائن.
[مسألة 854] لو مات المفلس قدم الكفن وغيره من نفقات التجهيز على الديون.
[مسألة 855] لو ظهر دين حال بعد القسمة، بحيث كان حالاً قبلها، نقضت القسمة، وشاركهم.
[مسألة 856] الولاية في مال الطفل, وكذلك المجنون والسفيه, إذا بلغا مع إستمرار حالهما. فالولاية للأب والجد للأب. فإن فقدا فللوصي المنصوب من قبل المتأخر منهما. إذا كان وصياً في ذلك. فإن فقد فللحاكم الشرعي.
[مسألة 857] الولاية في مال السفيه والمجنون اللذين عرض عليهم السفه والجنون بعد البلوغ والرشد، وكذلك المفلس، للحاكم خاصة.