الكفالة : هي التعهد بالنفس المطلوب شرعاً حضورها. بغض النظر عن الحق المطلوب، سواء كان هو أداء الدين أو أداء الأمانة أو اداء الشهادة أو إقامة الحد أو القصاص أو غيرها. وبغض النظر عن غريمه, فقد يكون هو الدائن, وقد يكون هو المجني عليه, أو ولي الدم, أو الحاكم الشرعي وهكذا. وإنما يجب تسليمه عند طلب الغريم حضوره.
[مسألة 908] تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده والتزامه، والقبول من الغريم بكل ما يدل على رضاه بذلك. ولا معنى للمعاطاة فيها.
[مسألة 909] يعتبر في الكفيل العقل والبلوغ والاختيار والقدرة على إحضار المدين. ولا يشترط في الغريم البلوغ والرشد والعقل. فتصح الكفالة للصبي والسفيه والمجنون إذا قبلها الولي.
[مسألة 910] يعتبر في الشخص المكفول الذي يجب إحضاره بعد التعهد، أن يكون الوجوب ثابتاً في ذمته لأداء حقه إلى الغريم, فلو لم يكن كذلك، بطلت الكفالة. كما لو كان صبياً أو مجنوناً أو سفيهاً أو جاهلاً أو مكرهاً. أو كان عمله مستحباً, كغالب الشهادات, أو كان الدين مؤجلاً, إلى غير ذلك من الموارد.
[مسألة 911] تصح الكفالة بإحضار المكفول الذي بذمته حق مالي، بدون العلم بمبلغ ذلك المال.
[مسألة 912] إذا كان المال ثابتاً في الذمة, فلا شبهة في صحة الكفالة. وأما إذا لم يكن ثابتاً في الذمة فعلاً. فلا مورد للكفالة، وإن وجد سببه, كالجعل في عقد الجعالة والعوض في عقد السبق والرماية، وما شاكل ذلك.
[مسألة 913] الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلا بالإقالة، أو بجعل الخيار له.
[مسألة 914] يمكن أن تكون الكفالة بمال ويمكن أن تكون بدونه. واشتراط المال فيها يكون على وجهين :
الوجه الأول : أن يدفعه المكفول له [الغريم] للكفيل. كأجرة على عمله في إحضار المكفول.
الوجه الثاني : أن يدفعه الكفيل للغريم بازاء عدم إحضاره للمكفول. وهو شرط غرامة.
وكلا الوجهين ممكن الاشتراط, ويجب أن يكون المال المدفوع عندئذ محدداً من حيث الكمية والنوعية والصفات التي تختلف المالية باختلافها. كما يمكن اشتراط كلا الوجهين. فلو فرض اشتراط نفس المقدار، فعندئذ لو أحضره الكفيل أستحق الأجر على الوجه الأول. وإن لم يحضره لم يدفع شيئاً, لسقوط ما في ذمته من الوجه الثاني بالتهاتر [ ]. ما لم يكن قد اشترط الأجر بالإحضار.
[مسألة 915] إذا لم يحضر الكفيل المكفول، فهل يجب عليه أن يقوم بدل المكفول بدفع ما في ذمته من الدين. الظاهر عدم الوجوب. وليس للمكفول له [الغريم] مطالبته بذلك، إلا مع الاشتراط. فإن اشترطاه ودفعه للكفيل فهل يرجع بالدين المدفوع إلى المكفول ؟. فيه صور :
الصورة الأولى : إذا لم يأذن المكفول, لا في الكفالة ولا في الأداء, فليس للكفيل الرجوع عليه والمطالبة بما أداه إلى الغريم.
الصورة الثانية : إذا أذن المكفول بالكفالة والأداء. كان له الرجوع عليه.
الصورة الثالثة : إذا أذن المكفول بالأداء دون الكفالة. كان له ذلك أيضاً.
الصورة الرابعة : إذا أذن المكفول بالكفالة دون الأداء. فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أداه. وإن كان عاجزاً عن إحضاره عند مطالبة المكفول له به.
[مسألة 916] يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول. فإذا أحتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر غير ظالم وجبت الاستعانة به.
[مسألة 917] إذا كان المكفول غائباً يحتاج حمله إلى مؤونة، فالظاهر إنها على الكفيل.
[مسألة 918] إذا نقل المكفول له حقه الثابت على المكفول إلى غيره, ببيع أو صلح أو حوالة أو هبة. أو انتفى حقه بأي سبب، بطلت الكفالة.
[مسألة 919] إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهراً أو بحيلة، بحيث لا يظفر به ليأخذ منه دينه، فهو بحكم الكفيل, يجب عليه إحضاره لديه. وإلا فيضمن عنه دينه. ويجب عليه أداؤه أليه، وإن لم نقل ذلك في الكفيل.
[مسألة 920] ينحل عقد الكفالة بأمور :
الأمر الأول : أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له.
الأمر الثاني : إذا أعرض المكفول له عن الكفالة أو فسخها.
الأمر الثالث : أن ينتفي موضوعها بموت المكفول.
الأمر الرابع : أن ينتفي موضوعها بانتفاء المطلوب, كأداء الدين أو إبراء الذمة و نحو ذلك.