الكمبيالات
الكمبيالة : هي ورقة تسجيل الدين في المصرف. وقد عرفوها في المصادر المصرفية : بإنها صك [سند] يحرره شخص يسمى [الساحب] بأمر شخص آخر يسمى [المسحوب عليه] بإداء مبلغ معين من النقود في تأريخ معين, أو بالإطلاع لأمره أو لإمر شخص ثالث يسمى [المستفيد]. وإذا كانت الكمبيالة داخلية سميت [سفتجة]. والساحب المحرر للكمبيالة هو الدائن يأمر بها أو من خلالها [المسحوب عليه] وهو المدين، بالدفع في تأريخ معين متفق عليه, أو عند الأطلاع على الكمبيالة، وهو - فقهياً - نحو من المطالبة بالدين، وخاصة أن المدين يعلم أنه ملزم بها قانوناً عند
الإطلاع عليها.
قالوا : وهناك الكمبيالة المخصومة. وقد عرّفت : بإنها الورقة التجارية التي قام المصرف بشرائها قبل تأريخ الإستحقاق, مقابل دفع قيمتها المالية [وهي القيمة الأسمية بعد خصم الفوائد والعمولات]. والخصم عندهم هوالتقليل من القيمة. فإذا بيعت الكمبيالة على المصرف بإقل من قيمتها الأسمية، كان ذلك خصماً. وهذا أمر موجود في المصارف يأخذ به المصرف ربحاً من الدائن وهو بائع الكمبيالة، وفاء لحاجته الوقتية من المال, وإن كانت أقل من دينه. ثم يأخذ المصرف قيمتها الكاملة من المدين، فيكون له الفرق بين القيمتين.
وهناك الكمبيالة المعاد خصمها. وهي الكمبيالة المخصومة [المباعة] التي يعيد المصرف خصمها [بيعها بقيمة أقل] لدى المصرف المركزي توفيراً للسيولة النقدية لديه.
وهناك ما يسمى بكمبيالة المجاملة، وقد عرّفوها. بإنها إتفاق بين شخصين على أن يسحب أحدهما على الآخر. ويقوم الساحب بخصم الكمبيالة لدى المصرف الذي يتعامل معه. وفي هذا النوع من الكمبيالات يبدو المسحوب عليه في الظاهر، كما لو كان مديناً للساحب ويقبل الكمبيالة المسحوبة عليه. بينما في الواقع لا يوجد للساحب قبله أي دين. والكمبيالات أوراق مالية مصرفية، يمكن من خلالها الإيداع والسحب في المصارف. تماماً كالشيكات من هذه الناحية. فلو طالب الدائن تسجيل قيمتها [بدلاً من دفعها نقداً] في حسابه الجاري أو في بعض إيداعاته كالتوفير أو غيره، أمكن ذلك وأعتبرت الورقة مخصومة أو مدفوعة.
هذا كله من الناحية الواقعية في قانون المصارف.
وأما من الناحية الفقهية، فالكمبيالة أما أن تكتب حال المقاولة على الدين مهما كان منشؤه من قرض أو ثمن مبيع أو إجارة أو غير ذلك. وأما أن تكتب بعد ذلك. فإن كتبت حال المقاولة كانت تفاصيلها بمنزلة الشرط المذكور في العقد، فيجب الإلتزام بها من قبل الطرفين. وإن كتبت بعد ذلك، فإن كانت مطابقة للشروط المتفق عليها حال العقد. فهي حجة أيضاً بهذا الإعتبار. وأما إذا إتفقا على تغيير الشروط كتغيير التأريخ أو غيره، لم يكن معتبراً بل المعتبر ما ذكر في العقد. فمثلاً، لو كان الدين مؤجلاً وأعتبرته الكمبيالة حالياً، لم يجب على المدين الدفع حالاً, والإعتبار بالشروط المتفق عليها في العقد.
وأما بالنسبة إلى بيع الكمبيالة على المصرف، فالمشهور أنه إن كان بثمن حال جاز، وإن كان بثمن مؤجل لم يجز, لإنه يكون من قبيل بيع الدين بالدين وهو غير جائز. إلا أن الصحيح هو التفصيل بين ما إذا كانت أموال المصرف من مجهول المالك, وما إذا كانت أموالاً شخصية محللة. فعلى الأول يجوز مطلقاً وعلى الثاني لا يجوز مطلقاً على الأحوط [ ]،لإن النقد يقيّم بالذهب فيعود التبديل إلى المعاوضة بين مقدارين متفاوتين من الذهب, وهو ربا محرم وإن كان نقداً.
وأما كون بيع الكمبيالة وفاء لما في ذمة المدين، فهو متوقف على أن يكون المقبوض مالاً مملوكاً شخصياً حلالاً. وأما إذا كان المال مجهول المالك، فلا يصلح لذلك. ومعه يبقى المدين مشغول الذمة لدائنه وإن قبض الدائن المال. إلا إن الأرجح له أن يبرىء ذمته بإعتبار أنه قبض ما يساويها من المال.
ثم إن دفع المدين مقدار دينه إلى المصرف الذي تكون أمواله مجهولة المالك عادة، لا يبريء ذمة المدين ما لم يبرئه الدائن. نعم، لو كان المصرف مصرفاً شخصياً محلل المال، أمكن القول بذلك، ولو بإعتباره يقبض المال بالوكالة عن الدائن.
وأما بيع الدائن كمبيالته على المصرف. فهو راجع إلى رضائه بإقل من دينه مع تقديم وقته. فيكون صحيحاً من هذه الجهة.وأما الفرق الذي يصل إلى المصرف بهذا الإعتبار، فهو لا يخلو عن إشكال بإعتبار تبديل مال أقل بأكثر منه. وقد ذكرنا الوجه في منعه.
وأما كمبيالة المجاملة، فهي ليست ديناً حقيقياً، بل هي معاملة صورية بحتة يراد بها نفع المدين فيها. والمصرف لا يدفع قيمتها من رصيد أحد من عملائه, بل من الأموال المنتسبة إليه. ومعه فلا يجوز بيع مثل هذه الكمبيالة على المصرف لا بقيمتها ولا بأقل ولا بأكثر. إذا كان المصرف شخصياً. نعم، يجوز سحب مبلغها من المصرف، لا بعنوان البيع، بل إذا كان المصرف شخصياً كان دفعه للمدين إذناً بالتصرف بالمال. وإن كان المال مجهول المالك، أمكن للفرد قبضه وتطبيق الحكم الشرعي عليه. وأما إذا كان السحب من أموال [رصيد] الدائن، فهل يصبح الساحب بذلك مديناً للآمر [صاحب الرصيد] الظاهر ذلك لإنه تسبب إلى نقصان إيداعاته المصرفية على أي حال. إلا أن ينوي الآمر دفع المال مجاناً أو يبرئ ذمته منه.
هذا : والكمبيالة بمنزلة الشيك يمكن التعامل بها بما تحمل من المالية، وفي حدود القبول المصرفي لها. بأي نوع من التعامل بيعاً أو إجارة أو غيرهما. سواء قبضت نقداً أو سجلت من حساب الشخص المتعامل.
الرهون المصرفية
يمكن لأي مصرف يعطي التسليفات وهي القروض، أن يأخذ رهناً عليها، ويؤخذ الرهن عادة على الأموال المدفوعة من قبل المصرف للأشخاص الحقيقيين، وخاصة مع الشك في أمانته أو كفائته المالية. ويؤخذ الرهن مصرفياً أيضاً على الحساب الجاري المكشوف بمجرد البدء بإعتماده. وإن لم يسحب منه العميل أي شيء تحسباً للسحب الذي سيحدث بطبيعة الحال.
ويقبل المصرف رهنا أي شيء له مالية في نظره, بما فيها الأسهم التي يملكها المدين والودائع المالية المودعة في نفس المصرف أو غيره. وكذلك الضمان من قبل مؤسسات مالية ومصارف أخرى.
ونحن هنا لا نريد توجيه الفتوى للمصرف، وإنما الخطاب للإفراد، ومعه فلا يكون المال المجهول المالك المسحوب من المصرف ديناً حقيقة في ذمة المالك ليجب وضع الرهن عليه، ولو وضع أي شيء رهناً لم يشمله حكم العين المرهونة شرعاً، فيجوز لمالكها أن يستعملها وأن يؤجرها وأن يبيعها وغير ذلك مما هو جائز شرعاً. وأولى بهذه الاحكام كلها ما إذا كان الرهن على حساب مكشوف أو تسهيلات مصرفية خالية من الإيداع الفعلي، فإنها كلها ليست قرضاً قبل أن تسحب، بل بعد السحب أيضاً إذا كان المال من المجهول المالك. نعم، لو كان المصرف مصرفاً شخصياً محللاً شمله حكم الرهن الحقيقي, ويكون التصرف بالعين المرهونة من قبل الراهن منوطاً بإذن المرتهن وهو المصرف. وعندئذ فإن رهن أموالاً غير مملوكة كالغصب أو مجهول المالك تغريراً بالمرتهن، كانت المعاملة باطلة. وأما المصرف الشخصي الربوي فمعاملاته باطلة, سواء أخذ الرهن عليها أم لا. ولا تكون العين المرهونة عندئذ مشمولة لحكم الرهن بالمرة. ومما ينبغي الإلتفات إليه : إن الحساب المكشوف ونحوه لا يكون قرضاً قبل سحبه حتى في المصارف الشخصية. فلا يمكن شرعاً أخذ الرهن عليها من هذه الجهة.
الضمان
ويسمى الكفالة أيضاً. وفكرته العامة مصرفياً: أن شخصاً ما يتعهد بدفع الدين على تقدير عدم دفع المدين. وهو موجود في المصارف على مختلف المستويات نذكر أهمها.
المستوى الأول : ما عرفناه من أن المصرف قد يأخذ ضمانات وتعهدات قبل الحساب المكشوف، من قبل مؤسسات مالية أخرى.
المستوى الثاني : الشيك المعتمد أو المصدق، الذي سمعنا عنه أيضاً. وهو الشيك الذي يتعهد المصرف بدفعه. هو نحو من الضمان أو الكفالة بالنسبة إلى مصرف آخر. وإذا تم الدفع من قبل المصرف أمكن له إستيفاء قيمته من حساب الساحب.
المستوى الثالث : خطابات الضمان وهو التعهد الذي يصدره المصرف لصالح جهة معينة, بدفع مبلغ معين لدى الطلب نيابة عن صاحب الضمان عند عدم قيام الطالب بإلتزامات معينة في صالح المستفيد. وهذا يكون عادة، تجاه المقاولات التي يكون فيها غرامات جزائية على التأخير أو الفسخ أو الغش وغيرها. فيتعهد المصرف بدفعها بطلب من المقاول نفسه، ثم يستردها من حسابه.
المستوى الرابع : الإعتماد المستندي. وهو عقد يتعهد المصرف بمقتضاه بفتح إعتماد لصالح المستفيد. بناء على طلب الآمر بفتح الإعتماد بضمان مستندات تمثل بضاعة منقولة أو معدة النقل. وهو نوع من الكفالة للمصدر الخارجي. وسنعقد لهذه المعاملة عنواناً مستقلاً بعونه تعالى.
أقول : يختلف الضمان المصرفي هذا عن الضمان بالمعنى الفقهي، والذي سبق أن سمعناه في كتاب الضمان. فإن ذلك الضمان يحتوي على معنيين رئيسيين :
الأول : ضمان إحضار شخص معين أمام القضاء لصالح المدعي. ويسمى بالكفالة أيضاً.
الثاني : نقل ما في ذمة مدين إلى ذمة شخص أخر، يتعهد بدفع الدين عن صاحبه. وهذا اقرب إلى معنى الضمان المصرفي 0 فان كلاهما يؤخذ بمنزلة وثيقة معنوية على دفع الدين، يكون بمنزلة الرهن المالي.غير ان الضمان الفقهي يتضمن اشتغال ذمة الضمان، بمعنى انتقال ما في ذمة المضمون إلى ذمتة، بخلاف الضمان المصرفي فانه يحتوي على مجرد حصول الضمان والتعهد بالدفع من دون تعرض إلى اشتغال الذمة.
وهو جائز فقهياً، بمعنى ان انجازه غير محرم، ولكنه ليس بواجب، ولكن هل يصلح ضماناً حقيقياً للآمر به [الدائن] فيه اشكال. ولذا لا يصلح من الناحيه الفقهيه ان يكون بمنزلة العين المرهونه كوثيقه شرعيه على الدين. ولا يجب على المضمون له ان يسحب من المال المضمون به. ولو سحب وقبضه، فهو من مجهول المالك، وحكمه ما سبق من وجوب القبض الشرعي, وهل يفي ذلك بما في ذمة المدين ؟، فيه اشكال، الا ان الارجح اخلاقياً ابراء الذمة باعتبار انه قبض بمقدار كميته.
هذا بالنسبه إلى المصارف المجهولة المالك. واما المصارف الشخصية المحللة، وكذالك الاشخاص العاديين فهل يسري عليهم حكم الضمان هذا ؟ الظاهر عدم نفوذه إلا اذا اشترط في عقد لازم 0 واذا لزمه ذلك كان ما يدفعه وفاء لما في ذمة المدين. وله ان يرجع به على الدائن ان كان الضمان بطلبه، والا لم يجب عليه الدفع.
ونتعرض الآن إلى أحكام المستويات الثلاثة السابقة. وإما الرابع فيأتي
اما المستوى الاول : فهو من فعل المصرف 0 فأن كان على دين فعلي فقط عرفنا الآن جوازه. واما الحساب المكشوف فقط عرفنا انه ليس ديناً حقيقياً في ذمة الامر به. ما لم يتم قبضه. اذاً فالضمان عليه ضمان بدون دين 0 فلا يكون مشروعاً.
واما المستوى الثاني : فقد عرفنا ان الشيك يمكن تداوله سوقياً، كالعملة، مادام جامعاً للشرائط المصرفية. وتعهد المصرف بالشيك المصدق لا اثر له فقهياً على فرد. وهو تعهد لا دليل على وجوب الوفاء به, ما لم يقع في معاملة لازمة، كالبيع أو القرض، اذا قلنا بطرفية المصرف للمعاملات, واذا سحب الفرد به مالاً كان مجهول المالك، ان كان المصرف من هذا القبيل، فينطبق عليه الحكم السابق.
واما المستوى الثالث : فقد قلنا قبل قليل أنه لا يصلح أن يكون وثيقة من الناحية الفقهية، وإن صلح لذلك إقتصادياً. إلا أنه أمر جائز إتخاذه على أي حال، ما لم تكن فيه فوائد ربوية. وهي غير موجودة - فقهية - في المصرف ذات الأموال المجهولة المالك. وإذا كان فيه فائدة ربوية حرم. وإذا جاز أتخاذه جاز سحبه, ومتى حرم حرم، ومع سحبه وجب تطبيق حكم المال المجهول المالك عليه.
وخطابات الضمان أوراق مالية قابلة للبيع والشراء ما دامت نافذة المفعول، كأي ورقة مالية أخرى في عقد بيع أو إجارة أو رهن أو غيره. ولكن يتحول الضمان المسجل بها من البائع إلى المشتري. ولكن لا يجوز الزيادة أو التقليل من قيمتها الأسمية في أية معاملة على الأحوط [ ].
وأما شرط الغرامات الجزائية المشار إليها فيما سبق، فهو أمر جائز شرعاً. مع إتفاق المتعاملين عليه. ويكون ملزماً لهما على تقدير إشتراطه في معاملة لازمة، كما هو الأغلب. وإذا إنكشف لإحدهما أن الغرامة المجعولة تزيد على حال المعاملة ومناسبتها كثيراً، بحيث يعد عرفاً مغبوناً أو مغشوشاً، كان له فسخ المعاملة أصلاً. وأما فسخ الضمان مع الحفاظ على أصل المعاملة فهو محل إشكال. وأما الإعتماد على خطابات الضمان المصرفية،فلا حجية فيه فقهياً. وقد سبق إن تحدثنا عن أحكامها.
الودائع الحقيقية
يقوم المصرف، فيما يقوم به خدمات إقتصادية، بحفظ النقود والمعادن الثمينة والأسهم والسندات والرزم والممتلكات الأخرى، سواء عرفت محتوياتها أم لم تعرف. وكذلك تأجير خزائن الإيداع الخاصة للغير. ويتقاضا بدل كل ذلك أجوراً متفقاً عليها مع المودع.
أقول : وهذه بحكم الوديعة بالمصطلح الفقهي، ويجب أن تكون جامعة لشروطها. التي منها تعيين الاجل، فلو أهمل ذكر الآجل كانت المعاملة باطلة. غير أن الوديعة تصح بالعقد والمعاطاة ولا يجب فيها اللفظ. فإن صحت المعاملة كانت العين أمانة مالكية بيد [الودعي]. وهو -هنا- المصرف أو المشرفين عليه. ولا يضمن مع التلف إلا بتعد أو تفريط. ولا يجب عليه إرجاعها خلال المدة. وإذا أرجعها لم يجب على المالك قبضها. وإذا أنتهت المدة وجب على الودعي إرجاعها, ووجب على المالك قبضها. وإذا لم يرجعها الودعي كان غاصباً ويجب عليه الإرجاع فوراً ففوراً، ويضمن بالتلف أو النقص حتى من دون تعد وتفريط، بقيمة يوم التلف. وإذا لم يقبضها المالك عندئذ قبضها وليه، وهو الحاكم الشرعي. وأجبره على قبضها. وقد سبق في المسألة [264] وما بعدها ما يوضح ذلك فراجع.
وأما إذا لم تصح المعاملة، لإهمال ذكر الاجل أو لغير ذلك من الأسباب، كانت العين بيد الودعي أمانة شرعية. لكن لا يجب إرجاعها إلى المالك مع أحراز إذنه بالتأخير, ما لم يطالب به وله المطالبة مع البطلان في أي وقت. فإن طالبه بها ولم يدفعها الآخر، كان غاصباً وشملته الأحكام السابقة.
وللودعي [وهو المصرف هنا] أن ياخذ أجوراً عن الإيداع والحفظ, كما له أن يرجع على المالك بما غرمه من مصارف, كالتحميل وإطعام الحيوانات وغير ذلك. وليس للمصرف تشغيل هذه الأموال المودعة لديه. وكذلك كل ودعي، ما لم ياذن المالك. وإذا إستعملها ضمن أجرة الإستعمال للمالك. وإذا شغلها ببيع أو تجارة أو نحوها، كانت المعاملة فضولية موقوفة على إذن المالك،ويمكن التعرف على إذن المالك بالإشتراط خلال العقد صراحة أو ضمناً, أو بالسؤال منه بعد العقد, إلا إنها عندئذ لا تكون وديعة، بل مضاربة ونحوها.
منح الائتمان
قال المصرفيون : أنه ينقسم الائتمان الذي يقدمه المصرف إلى قسمين رئيسيين:
القسم الأول : الائتمان النقدي, وينشأ بموجبه تعهد فوري بالدفع من قبل المصرف يوضع تحت تصرف المستفيد.
ويشتمل الائتمان النقدي على نوعين رئيسيين من العمليات الائتمانية :
الأول : التسهيلات المصرفية. وتتميز هذه التسهيلات بصفة الديمومة والإستمرارية، طالما أن المستفيد ملتزم بالأسس التي قامت عليها العلاقة التعاقدية بينه وبين المصرف. وتنقسم هذه التسهيلات إلى عدة أقسام.
منها : التسهيلات في الحساب الجاري المكشوف، وتسهيلات خصم الكمبيالات، وتسهيلات طابات الضمان [الكفالات]، وتسهيل إبتياع الحوالات المستندية [للتصدير].
الثاني : التسهيلات للأغراض التجارية, وتتميز بعدم الديمومة والإستمرار, بل تنتهي بإنتهاء القرض الذي منحه التسهيل من أجله. ويشمل عدة أمور : كالتسليف لقاء الإعتمادات المستندية الصادرة للإستيراد. والتسليف لقاء الإعتمادات المستندية الواردة للتصدير، والتسليفات
الشخصية.
القسم الثاني : الائتمان التعهدي. ويتميز عن الائتمان النقدي بكونه لا ينشيء تعهداً فورياً بالدفع من قبل المصرف. وأنما هو تعهد مؤجل بالدفع يعبر عنه بصيغة أرقام في السجلات، قابلة للتحويل إلى نقد. متى دعت الحاجة إلى ذلك.
وأهم العمليات المصرفية التي يقوم بها المصرف ضمن مفهوم الائتمان التعهدي، هي :
أولاً : إصدار خطابات الضمان [الكفالات المصرفية]. وقد سبق الحديث عنها.
ثانياً : فتح الإعتماد المستندية [للإستيراد] وذلك لتحويل عمليات التجارة الخارجية، في جانبها المتعلق بالإستيراد.
ثالثاً : قبول الحوالات [السفاتج] المستندية. وهو مربوط بالتجارة الخارجية أيضاً. إذ قد يقوم المصدر الأجنبي بتصدير بضاعة لقاء حوالات مسحوبة على المستورد تستحق في مدة معينة. والتي قد يشترط ضمان دفعها عند إستحقاقها من قبل المصرف. فيقوم بإجراء ذلك لقاء ضمانات معينة يستحصلها من المستورد. والتي قد تختلف من حالة إلى أخرى.
أقول : بعض هذه الأمور سبق الكلام عنها. وبعضها سيأتي الكلام عنها. تحت عنوان [الإعتماد المستندي] بتفاصيله. ونذكر ما لا يرتبط بالإعتماد المستندي فيما يلي. وإن كان قد لا يخلو من تكرار تسهيلاً على القاريء الكريم.
أما الحساب الجاري المكشوف، فقد تحدثنا عن معناه، وقلنا بإن الفرد المخصص له لا يملكه إلا بالقبض، سواء بالمصارف المجهولة المالك أو المصارف الشخصية المحللة. ومن هنا لا يترتب عليه سائر الأحكام الشرعية, كالخمس والزكاة وإستطاعة الحج. كما لا يكفي بمجرده لوفاء ما في الذمة من ثمن المبيع أو رد القرض أو أي شيء آخر، ما لم يتم قبضه بالشكل الشرعي المشار إليه فيما سبق.
وأما التسهيل بخصم الكمبيالات. فيرجع معناه إلى أحد أمور :
أولاً : خصم أي كمبيالة يريد بيعها على المصرف، بدون مناقشة أو تأجيل. وهذا نوع من التسهيل له لكونه نوعاً من الأسترباح صعب الحصول من جهة أخرى. من حيث كونه يعتمد كلياً على إستيفاء ما دفعه المصرف من المديون, وقد يكون المديون غائباً أو عاجزاً أو معانداً، يصعب الإستيفاء منه.
ثانياً : خصم الكمبيالة للعميل بربح مصرفي أقل من غيره.
ثالثاً : تمكينه من شراء وبيع الكمبيالات من أجل ربحه الشخصي.
والأمرين الأولين من هذه الثلاثة فقهياً، لا يحتويان على أكثر من مجرد شراء المصرف للكمبيالة. وقد سبق أن تعرفنا على حكمه. وأما إستمرار المصرف على ذلك، فهو حتى التسهيل مصرفياً. وهذا لا دخل له فقهياً, لإننا من الناحية الفقهية ينبغي أن ننظر إلى كل معاملة مستقلة عن الأخرى.
وأما الأمر الثالث : فيعود إلى شراء فرداً لكمبيالة فرد آخر. وإنما يكون إختلافه عن شراء المصرف غالباً من ناحية إختلاف نوعية المال وحكمه الفقهي عن المال المقبوض في المصرف : فبينما يكون المال المصرفي من مجهول المالك غالباً, يكون المال الشخصي محللاً تماماً, وقد يكون من المال الحلال المختلط بالحرام أو بمجهول المالك. ولكل واحد من هذه الأموال حكمه الخاص به المذكور في محله.
وأما تسهيل المصرف للفرد بخطابات الضمان، فهو يعني كثرة ضمانه وكفالته للفرد في مختلف معاملاته. وقد سبق أن قلنا بجوازه على تفصيل سبق، إلا أنه لايكفي وفاء للذمة ما لم يقبضه الدائن من المدين. ولا يصلح أن يكون وثيقة للدين شرعاً، ما دامت أموال المصرف مجهولة المالك. وإنما يكفي ما يدفعه إليه المصرف عند قبضه وتطبيق الحكم الشرعي عليه.
بقيت الإشارة إلى أن المصرف إذا دفع إلى الفرد ما لا على شكل رقم في حسابه لا على شكل نقد. فإن كان المصرف مملوكاً ملكاً شخصياً لفرد أو جماعة، وكان مما يجوز التعامل معه، ملك الفرد المال، وكان تسجيله بحسابه بمنزلة القبض له. ويكون دفعه له إقراضاً له أو هبة معوضة. وإن كان المصرف بما يتعامل بمال المجهول المالك. لم يكن لهذا التسجيل أثر فقهياً، إلا بعد قبضه. كالذي سبق أن ذكرناه مكرراً في الحساب المكشوف وأمثاله.
الاعتمادات المستندية
عرفت المصادر المصرفية الإعتماد المستندي : بأنه عقد يتعهد المصرف بمقتضاه بفتح إعتماد لصالح المستفيد. بناء على طلب الآمر بفتح الإعتماد لمستندات تمثل بضاعة منقولة أو معدة للنقل. وقالوا : إن عقد الإعتماد المستندي مستقل عن العقد الذي فتح الإعتماد بسببه، ويبقى المصرف أجنبياً عن هذا العقد الأخير.
وحيث إن الإعتماد المستندي خاص بالإستيراد الخارجي، فلا بد أن يتحقق لنفس المعاملة مصرفان أو ثلاثة، منها : داخلي في بلد الإستيراد. ومنها : خارجي في بلد التصدير. فإذا إلتفتنا إلى ثلاثة مصارف وإلى مستورد ومصدّر، كانت أطراف الإعتماد المستندي خمسة :
1- الآمر بفتح الإعتماد [الجهة المستوردة].
2- المصرف الفاتح للإعتماد [المصدّر للإعتماد المستندي].
3- البنك المراسل ــ بالفتح ــ [المبلغ للإعتماد].
4- المستفيد من الإعتماد. وهو [المصدّر أو المجهّز].
5- بنك التغطية أو الوسيط. وهو الذي يقوم بتغطية دفوعات إعتمادات المصرف الفاتح للإعتماد [المصدر للإعتماد] عند ما لا يكون لديه حساب جاري بنفس عملة الإعتماد مع المصرف المراسل [المبلغ للإعتماد]. وفي هذه الحالة يوسط المصرف المصدر للإعتماد, مصرفاً آخرا له حساب جاري معه بنفس عملة الإعتماد, بقبول سحوبات المصرف [المبلغ للإعتماد] عند تقديم مستندات الشحن مطابقة لشروط الإعتماد. وإذا لم يدفع البنك الوسيط كل المال المطلوب أو بعضه, كان على البنك المراسل المصدر ــ بالكسر ــ إيفاء ذلك كله وتغطيته تماماً.
وتستقر كل المصروفات التي تدفعها هذه المصارف على مشتري البضاعة، وهو المستورد. لإن البنك المراسل أو البنك الوسيط يدفع للمصدر وهو البائع، ثمن البضاعة، ويستوفي ما دفعه من المصرف الفاتح للإعتماد الموجود في بلد المستورد عن طريق حسابه الجاري لديه. فإذا تم ذلك استوفي المصرف الفاتح للإعتماد من المستورد [المشتري] ما دفعه من حساب الجاري رقماً أو نقداً. وكل ذلك لن يكون بدون فوائد بطبيعة الحال، لكل هذه المصارف.
وهذا النوع من المعاملات تعتبر مهمة إقتصادياً، وقد سمعنا فيما سبق علاقة فعاليات أخرى للمصرف بها، كالحوالات أو السفاتج المستندية وخطابات الضمان المستندية والتسليف لقاء الإعتمادات المستندية الصادرة [للإستيراد] والتسليف لقاء الإعتمادات المستندية الواردة [للتصدير]. وسنتكلم عن هذين النوعين من التسليف بعد قليل في عنوان مستقل.
فهذا موجز عن معنى الإعتماد المستندي في المصارف. ومن الواضح أن بعضه يعود إلى نظام المصارف لكي يترتب لديهم الدفع والإقباض. وبعضه يعود إلى إستيثاق المصرف من الربح وعدم الخسارة. وبعضه يعود إلى طريقتهم في دفع العملات المختلفة بعضها عن بعض. وكل ذلك خارج عن حديثنا لإننا لا نريد أن نفتي المصارف نفسها بالحكم الشرعي إلا ما حصل عرضاً.
ومن الناحية الفقهية إننا لو غضضنا النظر عن حرمة الفوائد الربوية, وأعتبرناها هنا غير موجودة، ولو بإعتبار إن المصارف الثلاثة المشار إليها مصارف ذات أموال مجهولة للمالك أو مصارف كافرة. إذن، يكون إتخاذ هذا الأسلوب جائزاً شرعاً لكل من المشتري [المستورد] والبائع [المصدّر]. كما إن قيام المصرف بفتح الإعتماد جائز شرعاً. كما أن تسديده الثمن عن المشتري جائز شرعاً، كما إن وساطة المصرفين الآخرين وهما المراسل والوسيط من الأمور الجائزة شرعاً.
غير أنه يختلف الحال بين الأموال المودعة فعلاً والحساب المكشوف, فإن كانت كل الخطوات السابقة من أموال مودعة، فلا إشكال في الصحة. وما ينبغي أن يكون مودعاً في المصرف هنا عدة أمور :
الأمر الأول : ما أودعه المشتري المستورد من المال في المصرف الفاتح للإعتماد.
الأمر الثاني : ما أودعه المصرف الفاتح للإعتماد في المصرف المراسل.
الأمر الثالث : ما أودعه المصرف المراسل في المصرف الوسيط.
فإن لم تكن هذه الأمور كلها أو بعضها بإيداعات فعلية، كالحساب المكشوف, أو أن المصرف يدفع من حسابه الخاص، فكل ذلك مما يعتبره المصرف قرضاً للطرف الآخر, يجب أن يستوفيه منه. كما تعتبر المصارف أن دفع المصرف الوسيط أو المراسل البائع [المصدر] ثمن بضاعته، يكون إبراء لذمة المشتري تجاهه، كل ما في الأمر إنها يجب أن تقبضه من المشتري بدورها. كما تعتبر المصارف إن دفع المشتري ما في ذمته إلى المصرف الفاتح للإعتماد. يكون بمنزلة الدفع للبائع, وإنه مبريء لذمة المشتري. وكل ذلك مما لا يمكن تصحيحه فقهياً بالنسبة إلى الأموال المجهولة المالك, وكذلك بالنسبة إلى القروض الربوية. كلما في الأمر إن البائع المصدر للبضاعة حيث يكون, قد قبض من المصرف ما يقابل ثمن بضاعته، يكون كأنه قد أبرأ ذمة المشتري المستورد عن طلبه، لإنه لا يتوقع أن يقبض أكثر من المال الذي قبضه. كما إن المشتري وهو بعيد المكان عن البائع. وفي بلاد أخرى وليست له به إتصال مباشر، مضطر إلى إيفاء ما في ذمته عن هذا الطريق.
ولو فرضنا إتمام كل ذلك فقهياً، فهو لا يختلف من حيث الدفع النقدي أو الدفع بالأوراق المالية, كالشيكات والكمبيالات، أو الترحيل من الحساب أو غيرها, مما تتخذه المصارف من طرق للقبض والإقباض, فإنها مشروعة فقهياً كما عرفنا.
إلا إن الأمر أشد إشكالاً في الحساب المكشوف. وهو هنا يمكن تصوره على عدة أشكال :
أولاً : أن يكون للمشتري المستورد حساب مكشوف لدى المصرف الفاتح للإعتماد.
ثانياً : أن يكون لهذا المصرف حساب مكشوف لدى المصرف المراسل.
ثالثاً : أن يكون للمصرف المراسل حساب مكشوف لدى المصرف الوسيط.
رابعاً : أن يسجل المصرف المراسل أو الوسيط المال الذي يجب دفعه للبائع, كحساب مكشوف له بدون دفع مباشر أو تسجيل بالحساب المدفوع.
وقد عرفنا فيما سبق إن الحساب المكشوف لا يكون ملكاً لمن سجل له. وإنما يملكه بعد قبضه. ومن هنا لا يمكن القول ببراءة ذمة المشتري إن كان شيء من هذه الحسابات مكشوفاً. لا يحول دون ذلك إلا قناعة البائع المصدر بأنه قد قبالتسهيلات المصرفية
بالتسليف لإبتياع الحوالات المستندية (للتصدير)
يخصص المصرف هذه التسهيلات لمساعدة المصدرين في تمويل وتسويق عمليات تصدير البضائع التي يتعاملون بها. ويتم الإبتياع على أساس نسب معينة من مبلغ الحوالة المستندية تقرر من المصرف سلفاً. ومعنى إبتياعها صرفها للمستفيد، ودفع ما سجل فيها من قيمة إليه. وتحسب أو تسحب القيمة من حساب المصدّر. ومن الواضح. إن المصرف يشتريها بإقل من قيمتها الأسمية، ويكون الفرق له حسب النسبة التي يقررها المصرف نفسه.
فإذا أراد التاجر التصدير، وهو بيع بضاعته خارج البلاد، أعطاه المصرف هذا التسهيل، وهو شراع [إبتياع] ورقة التعامل بينه وبين البائع بقيمة أقل من قيمتها الأسمية [المسجلة على الورقة]. ويكون المصدّر مستفيداً لوصول ثمن بضاعته اليه معجلاً، والمصرف مستفيداً بإعتبار حصوله على الفرق بين القيمتين. ويأخذ المصرف القيمة الأعلى من المشتري [المستورد]. فإن كان على عجلة من أمره أخذها من حساب المصدّر نفسه.
وهذه التسهيلات مضافاً إلى التسهيلات الآتية هي من فروع وتطبيقات الإعتماد المستندي الذي يستعمل في التجارة الخارجية. وقد عرفنا حكمه الفقهي إجمالاً. ونعلق فقهياً على هذه التسهيلات بعد سردها جميعاً، فإنها ثلاثة أقسام. فهذا هو الأول منها.
التسهيلات المصرفية
بالتسليف لقاء الإعتمادات المستندية الواردة (للتصدير)
ويخصص هذا النوع من الائتمان, لمساعدة المصدرين في توفير السيولة النقدية اللازمة لتلافي مصروفات تهيئة البضاعة للتصدير وتغطية تكاليف شحنها. ويتم ذلك عن طريق تسليفهم مقدماً بنسب معينة من مبالغ الإعتمادات الواردة لإغراض التصدير.
وفرقه عن السابق إن السابق كان شراء لورقة البيع أو الكمبيالة التي في ذمة المشتري للبائع. فيتم دفع الثمن إلى البائع معجلاً. وأما هنا فيتم إقراض البائع من قبل المصرف مالاً لتهيئة النقد الكافي لديه لتمشية أعماله. والمصرف عندئذ يأخذ ربحاً من كلا الطرفين البائع والمشتري. أما من البائع فبإزاء القرض المدفوع إليه, وأما من المشتري فبإعتبار الفرق بين ما دفعه المصرف إلى البائع وما أخذه من المشتري. والعملية - كما هو واضح - كما هي تسهيل على البائع المصدّر, تسهيل على المشتري المستورد. وإن كان المصرف على إتصال مباشر بالبائع كما هو المفروض، لا بالمشتري.
التسهيلات المصرفية
بالتسليف لقاء الإعتمادات المستندية الصادرة (للإستيراد)
يساهم المصرف عن طريق هذا النوع من التسليفات, في تمويل الإعتمادات المستندية الخاصة بالإستيراد، حيث يقوم المصرف بمساعدة المستورد في تخليص مستندات شحن هذه الإعتمادات, من خلال تسليفه نسباً معينة من صافي مبالغ مستندات الشحن, عن طريق خصم الكمبيالات أو منح السلف من الحساب المكشوف.
والتاجر هنا مستورد [مشتري] بضاعة واردة من خارج البلاد, وليس مصدّرا [بائعاً] كما في القسمين السابقين. ويقوم المصرف بالتسهيل له، في دفع أموال إليه, يتم للمشتري بها تخليص ض ثمن بضاعته عملياً، ولا يريد شيئاً آخر ولو كان قبضه إياها، عن طريق غير تام شرعاً.
مستندات الشحن. من حيث أن البضاعة المشحونة إليه لا تدفع إليه إلا بعد دفعه لإجور الشحن وغير ذلك من المصارف. وقد لا يكون التاجر قادراً فعلاً على ذلك. فيساعده المصرف على ذلك, أما بخصم الكمبيالات التي لديه [وهو دائن فيها] وهو شراؤها منه بقيمة أقل. أو منحه سلفاً [قروضاً] من الحساب المكشوف. وقد عرفنا أن المصرف يستفيد من خصم الكمبيالات, ومن الحساب المكشوف فوائد لا محالة. وعرفنا أحكامها الفقهية سابقاً.
الجهة الفقهية
لهذه التسهيلات المصرفية
أما بيع الحوالات المستندية بقيمة أقل، فإن كان المصرف من ذوي الأموال المجهولة المالك، فلا إشكال في جواز بيع الحوالة المستندية إليه، ويكون ما يقبضه التاجر مجهولاً للمالك, يجب تطبيق الحكم الخاص به عليه. وإن كان المصرف من ذوي المال المملوك ملكاً شخصياً حلالاً، فالأمر لا يخلو من إشكال بل منع. إلا أنه يمكن قصد أمور أخرى يمكن تحليلها به. منها : إحتساب الفرق كأجور للمصرف على قضاء حاجة هذا التاجر وتعجيل دفع المال إليه. ومنها : إعتباره بمنزلة الهبة المعوضة، ومنها : أن يضيف المصرف للتاجر شيئاً معتداً به إلى جانب المال المدفوع إليه. إلا أن كل ذلك يحتاج إلى إلتفات وقصد, ويمكن أن تكون أمثال هذه القصود مجوزاً لبيع الكمبيالات التي سبق أن منعنا منها.
وأما التسليفات المصرفية، للتصدير أو الإستيراد، فإن كانت من المصارف مجهولة المالك، فلا إشكال من الناحية الربوية، وإنما يحل المال بتطبيق حكم المجهول المالك عليه. مع العلم أنه لا يكون مملوكاً بمجرد وعده بإعطاء المال, أو صدور قرار مصرفي فيه, ولا تترتب عليه الأحكام للمال المملوك, كوجوب الخمس أو الحج أو وفاء الذمة به. وإنما يكون مملوكاً بعد قبضه وتطبيق الحكم عليه.
أما إذا كان مصرفاً شخصياً مملوكاً، فإن الواجب فيه جعل الأقراض بدون فائدة ربوية، وإلا كان حراماً. وكان المال المقبوض حراماً بدوره, سواء بالمال الواصل إلى المصرف أو إلى التاجر نفسه, ما لم يعتبر في بعض الصور, كأجور على بعض ما يؤديه المصرف إليه من الخدمات والتسهيلات.
وأما وفاء ما في ذمة التاجر بدفع المصرف عنه إلى البائع. فهو مما لا يتم على القاعدة, إذا كان المال مجهول المالك. بل يجب على البائع أن يطبق حكم مجهول المالك عليه ويصبح ملكه، إلا أنه لا يكون عوضاً عما في ذمة المشتري. غير أنه يمكن تخريجه فقهياً بأحد أمرين : أما أن يبريء ذمة المشتري مما له عليه، بعد أن قبض ما يقابله من المال. وأما أن يقبض المال المجهول المالك عنه. فبعد أن يقبض المال عن الحاكم الشرعي يقول : أملكّه لفلان. وهو المشتري. وعندئذ سيكون ملكاً له، فيقبضه بصفته مبرئاً لما في ذمته. والأحوط وجوباً أن يكون ذلك بإذن المشتري نفسه أو الحاكم الشرعي.
خطابات الضمان (الكفالات)ومعه لا يكون دفعاً فورياً, وإنما هو على تقدير حصول الشرط، وقد سبق أن تحدثنا عن جانب من ذلك.
وخطابات الضمان هذه أوراق مالية، كأي ورقة مالية أخرى، قابلة للبيع والشراء من قبل المصرف أو غيره ما دامت نافذة المفعول. فإن كان المثمن فيه عروضاً، فلا إشكال فيه، وإن كان مالاً شمله المنع الذي قلناه في الكمبيالات ونحوها، مع ما قلناه من جوازبعض الوجوه الفقهية الممكنة.
(بيع وشراء الأسهم)
لا يعني السهم في الأصل إقتصادياً إلا ما يملكه الفرد الحقيقي أو المعنوي في مؤسسة ما, كمصرف أو شركة أو صندوق مالي ونحوها. وهو معنى لغوي صحيح مأخوذ من سهم الوارث من تركة مورثه : الميت. أي حصته منها.
إلا أن الأمر تطوّر عن ذلك بمقدار ما، حيث أصبحت الشركات تطبع أوراقاً مالية ذات قيمة محددة، فيكون مشتريها مشاركاً بتلك الشركة بمقدار هذه الحصة. فتسمى الورقة سهماً. ويقوم الفرد بشراء السهم أي الورقة نفسها. والسهم واقعياً وإقتصادياً, وإنما هو الثمن الذي يدفعه ليساهم في الشركة، وتكون هذه الورقة له [سنداً] على الشراء. ومن هنا قالوا : الأسهم والسندات.
وإذا إشترى الفرد عدة أوراق كان له عدة أسهم بأصطلاحهم. وإن كان الواقع : إن جميع ما يملكه الفرد في الشركة هو سهم واحد قلّ أو كثر، لإن مالكه فرد واحد. إلا إن الحساب عندهم قائم على ذلك تسهيلاً لحساب توزيع الأرباح على الأسهم عند وجودها.
وشراء الأسهم يمكن أن يراد به أحد معنيين :
المعنى الأول : ما أشرنا إليه من شراء السهم لاول مرة من الشركة, كمشاركة في رأس مال الشركة, أو المؤسسة التي أصدرته. ومن الواضح إن الحالة السابقة على هذا الشراء, هو أن الورقة لم يكن لها مشتري, ومن هنا لا قيمة لها من الناحية الإقتصادية. فإنها لا تقابل سهماً مالياً ألا بعد الشراء.
المعنى الثاني : شراء السهم من صاحبه الذي كان مشاركاً في رأس مال الشركة من قبل شخص آخر. وهذا وإن كان من الناحية الظاهرية كأنه شراء للورقة أو السند، إلا أنه في الحقيقة شراء للمال الموجود ضمن رأس مال الشركة. وبهذا الشراء يكون المشارك في الشركة هو المشتري بدلاً عن أن يكون هو البائع. والمشتري هو الذي تصل إليه الأرباح دونه.
ويختلف المعنيان في جهة مهمة، مضافاً إلى ما سبق، وهي ان الشركة لدى بيع الأسهم لأول مرة، لا تستطيع أن تفرض قيمة أكثر مما هو مسجل في ورقة السهم نفسها, كما إنها لن ترضى بقيمة أقل بطبيعة الحال. بخلاف المعنى الثاني، فإن قيمة البيع تتحدد بحدود نجاح الشركة وفشلها، فكلما كانت أكثر نجاحاً كان السهم الواحد منها أغلى, حتى قد يباع السهم أو السند بأضعاف مضاعفة من قيمته الأسمية.
والبائع للأسهم والسندات بالمعنى الأول, قد يكون هو مصرف أو شركة تجارية أو مؤسسة مالية أو غير ذلك. كما إن المصارف تقوم بشراء وبيع الأسهم لحساب الغير بالمعنى الثاني. وتقوم أيضاً بشراء وبيع وتحصيل وتأدية أقيام الأسهم والسندات عن الغير, سواء كان فرداً حقيقياً أو معنوياً أو عدة أفراد كذلك. من داخل البلاد أو خارجها.
ومعنى شرائها عن الغير أن يعطي المصرف تسهيلاً له, بدفع قيمة الأسهم بدلاً عنه وقبض أقيامها بدلاً عنه. وهو شكل من أشكال إزجاء حاجات الآخرين، وقضاء مصالحهم، فيستحق
وهي تعهدات مكتوبة ومسجلة, تصدرها المصارف وغير المصارف بالدفع لمقدار معين من المال بإزاء شرط معين, كتخلف المدين عن دينه، أو تخلف المقاول عن عمله، ونحو ذلك. عليها الأجر وهو- بهذا المعنى - ليس من الإقراض الربوي.
الجهة الفقهية للأسهم
شراء الأسهم بالمعنى الأول السابق جائز ما لم يكن التعامل مع المصرف أو الشركة حراماً أو إن تعاملها مع الناس حرام كالتجارة الربوية أو بيع ما لا يجوز شرعاً. وإلا فالقاعدة العامة تقتضي الجواز لإنه لا يعني أكثر من دفع قسط من المال للمشاركة في رأس مال الشركة أو المصرف.
ومن هنا يتضح أنه يجوز للشركات والمصارف وحتى الأفراد مثل هذا العمل، يعني طبع سندات الأسهم وبيعها على الآخرين، وتشغيل هذه الأموال بطرق مشروعة في الدين، وتوزيع أرباحها على مالكي الأسهم. فإنها شكل من أشكال المضاربة فقهياً.
أما شراء الأسهم بالمعنى الثاني : فهو يعني إقتصادياً عدة أمور محتملة :
أولاً : بيع الورقة [السند] وشرائه، بغض النظر عما تحتويه من المالية. وهذا لا معنى له شرعاً وعقلائياً، لإن الورقة بحد ذاتها لا قيمة لها سوقياً.
ثانياً : بيع المالية التي تحتويها الورقة, والتي هي مخزونة لدى المؤسسة أو مشتغلة في تجارتها، بالمال الذي يدفعه المشتري, والذي قد يكون أكثر, وقد يكون أقل من قيمته الأسمية. وهذا أيضاً غير جائز, بإعتبار الغطاء الذهبي للمال، فيرجع إلى تبديل ذهب أكثر بذهب أقل وهو محرم شرعاً.
ثالثاُ : إنسحاب البائع من مشاركته في الشركة أو المصرف بإزاء السماح للمشتري بالمشاركة فيها. ويكون ما يقابل ماله من الثمن بمنزلة أخذه للسهم من البائع. ويكون الزائد عليه بمنزلة الأجرة على تنازله عن المشاركة في تلك الشركة. وإذا تم الأمر هكذا أصبح جائزاً شرعاً. إلا إنه يحتاج إلى قصد وإلتفات.
رابعاً : التبادل بين المالين في معاملتين لا في معاملة واحدة. فلا يكون التبادل بين المالين ليكون ربوياً. بل تكون هناك معاملتان لا معاملة واحدة فينتفي الربا. مثل أن نقصد الهبة المشروطة أو بيعين, بإن يبيع كل منهما شيئاً معتداً به لصاحبه بما يملكه أو يريد المشاركة فيه من المال وهكذا. وهذا أيضاً جائز, إلا أنه يحتاج إلى قصد لهذا المعنى.
وعلى كل تقدير فالأحوط [ ] والأفضل هو تسليم الثمن فورياً في مجلس العقد. ولا أقل من إعتباره فورياً عرفاً, وإن لم يكن في المجلس.
هذا كله في شراء السندات بالمعنى الثاني السابق بالمال. وأما تعويضها بالعروض, كجعل السند قيمة لفراش أو أثاث أو دار. كأنه [نقد] وهو بصفته ورقة مالية نافذة المفعول يجوز فيها ذلك. إلا أنها تحتوي على التنازل عن السهم المالي المشارك في الشركة إلى الشخص الآخر [بائع الدار]. تماماً كما لو إشترى سهمه بنقد. ومعه يكون المستحق لإرباح هذا السهم هو بائع الدار وليس مشتريها.
وهذا البيع ليس فيه إشكال الربا، فهو جائز على القاعدة. ما لم يكن الثمن المدفوع بإزاء السهم نقداً أو ذهباً, فإن إحتمال وجود الربا فيه يكون وجيهاً.
البورصة
وهي سوق تبادل العملات. وتستعمل غالباً لتبديل عملات الدول بعضها ببعض, كتبديل المارك الألماني بالدولار الأمريكي بقيمة اليوم أو الساعة التي تم التبديل فيها. ويتدخل في تحديد هذه القيمة أمور كثيرة معروفة لسماسرة المال في العالم, لا حاجة إلى الدخول في تفاصيلها. وفي الأغلب يكون التبديل [رقمياً] بالتسجيل في ورقة لا بالتسليم النقدي, ثم يتحول الأمر إلى المصرف ليدفع به صكاً.
ومن هنا نعرف الفرق بين البورصة والمصرف، فالبورصة هي لتبديل العملة فقط, وليس للتسليم, وإنما يتم التسليم في المصارف التي يكون للمتعاملين فيها إيداع أو حساب جاري.
وأما من الناحية الفقهية، فالتبديل لا يفرق فيه بين أن يكون رقمياً أو نقدياً، لإنه راجع في الحقيقة إلى تبديل الماليتين, وهو حاصل في كلتا الصورتين. فإذا كان البيع جامعاً للشرائط الشرعية كان صحيحاً ونافذاً, وإلا كان باطلاً.
وشرائطه هي شرائط [بيع الصرف] التي عرفناها في الفصل العاشر من كتاب البيع. ونذكرها هنا بإختصار.
الشرط الأول : التقابض في المجلس قبل إفتراق المتبايعين. وقد نفينا وجوب هذا الشرط في بيع العملات هناك في المسألة [309]. وإن كان هو الأحوط إستحباباً أكيداً. وهو حاصل في التبادل [الرقمي] في [البورصة] بعد كتابة الرقم في أوراق المتعاملين. لإن المفروض في بذلك جعل ما يقابله من الرصيد تحت تصرف الآخر وتحت يده.
الشرط الثاني : التساوي في القيمة بالقياس إلى الذهب, بحيث لا يؤدي إلى بيع ذهب أقل بذهب أكثر. يستثنى من ذلك ما يرجع إلى إختلاف قيمة الذهب وما يقابله من إختلاف قيمة العملات بعضها ببعض, إذا بيعت بالقيمة السوقية المتسالم على صحتها وقتياً, يعني في ذلك الوقت أو في تلك الساعة. أما إذا بيعت بتفاوت أكثر فهو محرم, سواء كانت من عملة دولة واحدة أو عملتين لدولتين.
الشرط الثالث : أن لا يؤدي الحال إلى بيع الدين بالدين، يعني بيع ما في الذمة بما في الذمة, أو بيع المؤجل بالمؤجل. فإنه غير جائز. وهذا الأمر منفي بتطبيق الشرط الأول السابق. لكننا لو غضضنا النظر عنه, وقلنا بجواز تجاوزه أمكن تجاوز هذا الشرط الثالث أيضاً. ومن هنا لزم إحراز هذا الشرط أيضاً, بأن لا يكون كلا الثمنين مؤجلاً، بل يكون أحدهما نقدياً, وإلا فالمعاملة باطلة وأولى بالصحة ما إذا كان كلا الطرفين نقدياً. وهو ما يحدث فعلاً في البورصة بعد تسجيل نتيجة المعاملة بالأوراق.
الشرط الرابع : أن لا تكون عيناً ربوية بالمعنى الذي سبق في الفصل التاسع من كتاب البيع، وهذا شرط في مطلق الربا لا في خصوص [بيع الصرف]. إلا بإعتبار كون الذهب والفضة من الأعيان الربوية. ويكون [النقد] بكل أنواعه أما من الذهب أو ذا غطاء ذهبي. ولا يكون من المعدود, وإن كان المشهور بين الفقهاء هو ذلك، إلا أن الصحيح خلافه على الأحوط وجوباً.
غير أن سوق البورصة ليس عاماً لكل عين ربوية, بل مختصاً يتبادل العملات. ومن هنا يكون تطبيق الشرط الثاني فيها مؤدياً إلى تطبيق هذا الشرط الرابع لا محالة. للملازمة بين التساوي في الوزن والتساوي في القيمة بالنسبة إلى الذهب والفضة أو ماله غطاء فضي أو ذهبي.
المقصد الثاني
التأمين
التأمين عقد تتخصص له شركات حكومية أو أهلية لتنفيذه. ومضمونة التعويض ضد حادث معين, أو أقل : إستيفاء ما نقص نتيجة لذالك الحادث.
وحسب ما تقوله المصادر فإن أركان هذا العقد متعددة :
أولاً : الإيجاب والقبول. وتدعي المصادر إن الإيجاب من العميل والقبول من الشركة. غير إن مقتضى القواعد العقلائية هو العكس. ويكون الطلب الأولي من العميل بمنزلة الإستدعاء لإيجاب هذه المعاملة.
ثانياً : المؤمن [بصيغة أسم الفاعل] وهو الشركة المتكفلة له.
ثالثاً : المؤمن [بصيغة أسم المفعول] وهو الطرف الآخر. ويكون غالباً شخص حقيقي واحد.
رابعاً : المؤمن عليه : وهو الحوادث المتوقعة. كالموت والحريق والغرق والسرقة والمرض وحوادث النقل ونحوها.
خامساً : المؤمن له. وهو ما يتعلق به الحادث أو يقع به. وقد يكون هذا الشخص نفسه من حيث حياته أو مرضه. وقد يكون هو ثروة معينة أو سيارة أو سفينة أو بيت أو غير ذلك.
سادساً : مبلغ التأمين. وهو المبلغ الذي تدفعه الشركة عند حدوث الحادث.
سابعاً : قسط التأمين. وهو المال الذي يدفعه المؤمن [بصيغة أسم الفاعل] إلى الشركة، ويكون عادة على شكل أقساط شهرية تستوفيها الشركة تدريجاً. فإن حدث شيء غرمت الشركة بإزائه المقدار المتفق عليه. وإن لم يحدث شيء كانت الأقساط ملكاً للشركة.
ثامناً : مدة العقد. تحدد فيه تأريخ إبتداء العقد وإنتهائه وتدافع خلاله الأقساط, ويتوقع خلاله حدوث الحادث.
تاسعاً : إحتمالات الخطر. فكلما كان الإحتمال أرجح والخطر أهم كان المال الذي تأخذه الشركة أكثر، وكلما قل الإحتمال قل المال. ويكون تعيين مقدار الإحتمال, ومن ثم تعيين المال بقناعة الشركة وخبرائها.
عاشراً : وثيقة التأمين أو [البوليصة]. وهي الورقة التي كتب عليها العقد بين الشركة والعميل. وهي تعتبر رصيداً ضخماً لصاحبها تبعاً لضخامة المبلغ المؤمن عليه. ولهذه الوثيقة أهميتها التجارية. فإن الدائن لا يجد الحرج في إقراض صاحبها المال, حيث يجد من الشركة خير معوض لدينه لو مات الغريم. وكذلك المستوردين والمصدّرين وأضرابهم، من حيث إن التلف في البضاعة يكون مؤمناً عليه. فهذه أهم النقاط التي توضح حقيقة التأمين. ولا يوجد في الفكرة الأساسية أمر آخر مهم. سوى بعض العمليات الأعتيادية [الروتينية] التي تضمن بها الشركة صحة العقد وعدم خسارته.
الجهة الفقهية
للتأمين
إذا إستطعنا أن نعمم معنى التامين إلى التعهد بجبران أي خسارة, بغض النظر عن وقوع أي حادث. من حيث أن الخسارة قد تقع بحادث, وقد تقع بدونه, كالتلف التدريجي أو هبوط الأسعار أو حصول زيادة في الأستعمال والأستهلاك إلى غير ذلك. كمصرف أو دولة. كما إن المؤمن [بصيغة أسم المفعول] قد ينقسم إلى نفس الأقسام. كما أن التأمين قد يكون من طرف واحد كما هو الغالب. وقد يكون من طرفين أحدهما يضمن خسارة الآخر، كما قد يكون مرة واحدة وقد يكون متعدداً. أما بمعنى تكرره بعد إنتهاء مدته أو بمعنى تأمين التأمين يعني أن للشركة المؤمنة تأمين خسارتها عند شركة تأمين أخرى.
كما أن الخسارة المؤمن لها قد تكون بحادث وقد تكون بدونه، كما سبق. ما أنها قد تتعلق بما لا ماله له وهو النفس[موتاً أو تعويقاً أو مرضاً، وغيرها]. وقد تتعلق بما له مالية [كإحتراق الأموال وسرقتها وغير ذلك] ومن هنا نكون قد عممنا الخسارة إلى مطلق النقص مالياً كان أم لا.
كما أن التأمين قد يكون من قبل الشخص نفسه, وقد يكون من قبل غيره. كالشخص الذي يؤمن على أولاده وعائلته. كما إنه قد يقع في عقد مستقل [كما هو الغالب] وقد يقع في عقد آخر, كبيع أو إجارة أو رهن أو إيداع في مصرف أو غير ذلك. كما إن التأمين قد يكون بإزاء مال مدفوع [كما هو الغالب] وقد يكون مجانياً أو بمال متضمن للخسارة. وذلك يكون أما لعلاقة شخصية أو لعلاقة مالية أكبر من ذلك. كما قد يكون تبرعياً, يعني بدون إتفاق أو عقد مسبق. وهذا ما يحدث كثيراً في المجتمع. وهو من أفضل المستحبات مع إستحقاق المدفوع له. بل قد يكون منا الواجبات، مع إضطراره.
فهذه جملة الأقسام المتصورة للتأمين، فإذا ضربنا هذه الأقسام بعضها ببعض حصلت عندنا وجوه أو أحتمالات كثيرة جداً. قد تص