مسألة 1] يشترط في صحة الصوم النية, على وجه القربة كغيره من العبادات. ولا يكفي مجرد الامساك عن المفطرات, سواء كان اختياريا, أم عن عجزه عن التناول, أم لوجود الصارف النفساني عنها.مالم يقترن بالنية. نعم، خرج بالدليل كفاية صوم النائم الناوي قبل نومه. فلو نوى الصوم ليلا, ثم غلبه النوم قبل الفجر, أو نام اختيارا حتى دخل الليل, صح صومه. وكذلك لو نام عدة ايام بنية مسبقة.
[مسألة 2] لا يلحق بالنوم السكر والاغماء, على الاحوط وجوبا.
[مسألة 3] لا يجب قصد الوجوب والندب, ولا الاداء والقضاء، فيما اذا كان الصوم متعينا شرعا, كصوم شهر رمضان أو النذر المعين. وعندئذ يكفي القصد الى المامور به عن امره، أو نية القربة. واما اذا كان الصوم مرددا, فلابد من تعيينه. كالصوم المستحب مع القضاء في سعة الوقت.
[مسألة 4] يعتبر في القضاء عن غيره, قصد امتثال الامر المتوجه اليه بالنيابة عن الغير, لا الامر المتوجه الى الآخر، على ما تقدم في النيابة في الصلاة. كما ان فعله عن نفسه يتوقف على امتثال الامر المتوجه اليه بالصوم عن نفسه. ويكفي في المقامين القصد الاجمالي.
[مسألة 5] لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل، بل اذا قصد الصوم عن المفطرات اجمالا كفى. بل لا دخل لعنوان المفطرات في صحة النية. فلو قصد الاتيان بالعبادة المشروعة في هذا الوقت كفى ايضاً.
[مسألة 6] لايقع في شهر رمضان صوم غيره, وان لم يكن مكلفا بالصوم، كالمسافر، فان نوى غيره بطل. الا ان يكون جاهلا به, أو ناسيا له. فيجزي عن رمضان لا عما نواه.
[مسألة 7] يكفي في صحة صوم شهر رمضان القصد اليه ولو اجمالا. فاذا نوى الصوم المشروع في غد، وكان من رمضان أجزأ منه. اما اذا قصد صوم غد دون وصفه بالمشروع ونحوه, لم يجز. وكذا الحكم في سائر انواع الصوم من النذر أو الكفارة أو القضاء. فما لم يقصد المعين لا يصح. نعم، اذا قصد ما في ذمته, وكان واحدا اجزأ عنه. ويكفي في صحة الصوم المندوب المطلق, نية صوم غد قربة الى الله تعالى, اذا لم يكن عليه صوم واجب على الاحوط وجوبا في قضاء نفس السنة, والاحوط استحبابا في قضاء ما قبلها. ولو كان الغد من الايام البيض مثلا، فان قصد الطبيعة الخاصة صح لها والا صح مندوبا مطلقا. وكذا لو قصد الطبيعة المهملة المنطبقة على الخاص والمطلق. على الاظهر.
[مسألة 8] وقت النية في الواجب المعين, ولو بالعارض كالنذر, يكون عند طلوع الفجر الصادق، بحيث يحدث الصوم حينئذ مقارنا للنية. وفي الواجب غير المعين, يمتد وقتها الى الزوال وان تضيق وقته. فاذا اصبح ناويا للافطار, وبدا له قبل الزوال ان يصوم, واجبا فنوى الصوم أجزأه. ما لم يتناول المفطر, أو يكون افطاره في اول النهار تقييديا على الاحوط[ ]. واما تجديد النية بعد الزوال فغير مجز. وفي المندوب يمتد وقتها الى ان يبقى من النهار ما يمكن فيه تجديد للنية.
[مسألة 9] يجتزأ في شهر رمضان كله بنية, واحدة اذا حصلت بعد الهلال. والظاهر كفاية ذلك في غيره ايضا, مما يشترط فيه التتابع في الاصل, كصوم الكفارة أو بالعارض. واما في غيرها, فالاحوط[ ] تجديد النية في كل ليلة يراد الصيام في غدها، أو عند الفجر أو قبل الزوال.
[مسألة 10] اذا لم ينو الصوم في شهر رمضان, لنسيان الحكم أو الموضوع, أو للجهل بهما, ولم يستعمل مفطراً، ففي جواز الاجتزاء بتجديد نيته, اذا تذكر أو علم قبل الزوال, اشكال, وان كان الاظهر الصحة. والاحوط له استحبابا القضاء ايضاً.
مسألة 11] اذا صام يوم الشك بنية شعبان ندبا أو قضاء أو نذر أو بنية رجاء المطلوبية أو ما في الذمة أو بقصد الواقع, اجزأ عن شهر رمضان ان كان. واذا تبين له انه من رمضام قبل الزوال, أو بعده جدد نية الوجوب. وان صامه بنية رمضان بطل. وان صامه على انه, ان كان من شعبان كان ندبا, وان كان من رمضان كان وجوبا, فالظاهر البطلان.
[مسألة 12] اذا اصبح في يوم الشك ناوياً للافطار، فتبين انه من رمضان قبل تناول المفطر، فان كان قبل الزوال, جدد النية واجتزأ به, وان كان الاحوط[ ] ضم القضاء اليه. وان كان بعده امسك نهاره وعليه قضاؤه. وان كان الاقوى ان الامساك على وجه الاحتياط الاستحبابي.
[مسألة 13] يجوز تناول المفطر في يوم الشك, ما لم يثبت دخول شهر رمضان. ويجب الصوم يوم الثلاثين, ما لم يثبت العيد.
[مسألة 14] تجب استدامة النية الى آخر النهار. فاذا نوى القطع فعلا, أو تردد عن قناعة لا عن وسواس، بطل صومه. وكذا اذا نوى القطع فيما يأتي, أو تردد فيه, أو نوى تناول المفطر مع العلم بمفطريته. واذا تردد للشك في صحة صومه, فالظاهر الصحة. هذا في الواجب المعين. اما الواجب غير المعين, فلا يقدح شيء من ذلك فيه اذا رجع الى نيته قبل الزوال. وكذلك في شهر رمضان. وان كان الاحوط استحبابا ضم القضاء اليه.
[مسألة 15] يصح العدول في النية من صوم الى صوم على اشكال, الا اذا فات وقت نية الصوم المعدول اليه, فمن امثلة الصحة, ان ينوي تناول المفطر في الواجب المعين قبل الزوال, فيبطل صومه – كما سبق- فيجدد نية صوم غير معين. وكذلك لو نوى المفطر في غير المعين بعد الزوال، فيبطل صومه، جاز ان ينوي الصوم المستحب.
الفصل الثاني
المفطرات
وهي امور:
الاول والثاني : الاكل والشرب مطلقا، ولو كانا قليلين أو غير معتادين. بل كل ما يدخل المعدة, ولو عن غير الطريق المعتاد.
الثالث: الجماع قبلا ودبرا, فاعلا ومفعولا به, حيا وميتا, حتى البهيمة على الاحوط وجوبا. ولو قصد الجماع وشك في الدخول, أو بلوغ مقدار الحشفة, بطل صومه، ولكن لم تجب عليه الكفارة. ولا يبطل الصوم اذا قصد التفخيذ- مثلا- فدخل غفلة في احد الفرجين.
[مسألة 16] ما قلناه الآن عن الجماع مبطل للصوم, انزل ام لم ينزل. وكذلك ان تعمد الانزال, أو تعمد سببه التام أو المعتاد, بطل حتى بدون جماع. فان تعمد السبب ولم ينزل, بطل صومه، ولم تجب عليه الكفارة.
[مسألة 17] لا يختلف ابطال الصوم بالجماع أو تعمد الانزال أو تعمد سببه, بين ان يكون حلالا أو حراما بالاصل.
الرابع: الكذب على الله تعالى, أو على رسول الله , أو على الائمة . ولو على احدهم, فضلا عن الاكثر, بل الاحوط[ ] الحاق الانبياء بهم. واما الحاق اوصيائهم وغيرهم من خيار الخلق, ولو من غير البشر كالملائكة، فهو مبني على الاحتياط الاستحبابي. وذلك مبطل, من غير فرق بين ان يكون في أمر ديني أو دنيوي, وسواء كان كفرا أم لم يكن. واذا قصد الصدق فكان كذبا, فلا باس. واذا قصد الكذب فكان صدقا, كان من قصد المفطر مع العلم بالحكم. وقد تقدم البطلان به.
[مسألة 18] اذا تكلم بالكذب غير موجه خطابه الى احد، ولم يكن هناك من يسمعه. أو كان موجها الى من لا يفهم, كالحيوان أو الميت، ففي بطلان صومه اشكال. والاظهر الصحة, اذا احرز عدم سماع من يفهم, فان احرز وجوده, أو شك فيه, فالاحوط[ ] القضاء.
الخامس: رمس تمام الرأس في الماء, ولو بدون العنق. من دون فرق بين الدفعة والتدريج. ولا يقدح رمس اجزائه على التعاقب, وان استغرقه، وكذا اذا ارتمس وقد لبس ما يمنع وصول الماء الى البدن, كما يصنع الغواصون. والاحوط[ ] الاقتصار على الحكم بالصحة, على ما اذا كان الماء بعيداً عن رأسه، كما لو لبس على رأسه كرة زجاجية أو نحوها. واما بدون ذلك قيصدق عرفا غمس الرأس, فيكون الحكم بالصحة مشكلا , الا ان الاقوى مع ذلك كون القضاء مبنيا على الاحتياط الاستحبابي.
[مسألة 19] في الحاق الماء المضاف بالمطلق إشكال. والاظهر عدم الالحاق. وان كان الاحوط[ ] الحاقه.
[مسألة 20] اذا ارتمس الصائم عمدا ناويا الاغتسال، فان كان ناسيا لصومه, صح صومه وغسله. واما اذا كان ذاكرا له. فان كان في شهر رمضان, بطل صومه وغسله. واما في الواجب المعين غير شهر رمضان. فيبطل صومه بنية الارتماس, ويمكن الحكم بصحة غسله خاصة, اذا كان ملتفتا حال غسله الى بطلان صومه. واما بخلافه فالاحوط[ ] بطلان الغسل. واما في غير ذلك من انواع الصوم الواجب أو المستحب، فلا ينبغي الاشكال في صحة غسله, وان بطل صومه.
السادس: إيصال الغبار الغليظ الى جوفه عمدا. بل الاحوط [ ] الحاق غير الغليظ به اذا كان معتدا به. لا يفرق فيه بين التراب وغيره, مما له اجزاء صلبة, كغبار الطحين ونشارة الخشب. ولا فرق بين ما يعسر التحرز عنه وغيره, مادام غليظاً, الا اذا خرج عن الاختيار. والاحوط استحبابا الحاق الدخان والبخار به. ولا باس به مع النسيان أو الغفلة أو القهر أو تخيل عدم الوصول. الا اذا اصبح في فمه طينا فابتلعه متعمدا.
السابع : تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر من شهر رمضان وقضائه. اما في غيرهما من الصوم الواجب, ففيه اشكال. اما الصوم المندوب, فلا يقدح فيه ذلك.
[مسألة 21] الاقوى عدم البطلان بالاصباح جنبا لا عن عمد, كالنوم والنسيان والاكراه, في صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب المعين، الا قضاء رمضان، فلا يصح معه على الاحوط استحبابا.
[مسألة 22] لا يبطل الصوم واجبا كان أو مندوبا, معينا أو غيره، بالاحتلام في اثناء النهار، كما لا يبطل بالبقاء على حدث مس الميت عمدا, حتى يطلع الفجر, ولا بالمس خلال النهار ولو عمداً.
[مسألة 23] اذا اجنب عمدا ليلا، في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم, ملتفتا الى ذلك, فهو من تعمد البقاء على الجنابة. نعم, اذا تمكن من التيمم, وجب عليه التيمم والصوم. وصح صومه, وان كان الاحوط[ ] القضاء. وان ترك التيمم عمدا, وجب عليه القضاء والكفارة.
[مسألة 24] اذا نسي غسل الجنابة ليلا، حتى مضى يوم أو ايام من شهر رمضان، صح صومه، والاحوط استحبابا القضاء. وكذلك الحال في الصوم الواجب, معينا أو غير معين. والاقوى عدم الحاق غسل الحيض والنفاس اذا نسيته المرأة بالجنابة، بل الاقوى صحة الصوم حتى مع تعمد الترك.
[مسألة 25] اذا كان المجنب لا يتمكن من الغسل لمرض ونحوه، وجب عليه التيمم قبل الفجر. فان تركه بطل صومه. وان تيمم, لم يجب ان يبقى مستيقظاً حتى الفجر، وان كان احوط[ ].
[مسألة 26] اذا ظن سعة الوقت للغسل فاجنب، فبان الخلاف, فلا شيء عليه مع المراعاة. اما بدونها فالاحوط[ ] القضاء.
[مسألة 27] الاحوط, كون حدث الحيض والنفاس كالجنابة في ان تعمد البقاء عليهما, مبطل للصوم، الا ان الاقوى كونه احتياطا استحبابيا. واذا حصل النقاء في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم، أو لم تعلم بنقائها حتى طلع الفجر, صح صومها، مع تجديد النية.
[مسألة 28] المستحاضة الكثيرة، يشترط في صحة صومها الغسل لصلاة الصبح، وكذا للظهرين [بل لليلة الماضية والليلة الآتية ايضاً على الاحوط استحبابا] فاذا تركت احداها بطل صومها، ولا يجب تقديم غسل الصبح على الفجر، بل لا يجزي لصلاة الصبح الا مع وصلها به, بحيث لم ينزل دم, أو لم يناف الموالاة العرفية, واذا اغتسلت لصلاة الليل لم تجتزيء به للصبح, ولو مع عدم الفصل المشار اليه.
[مسألة 29] اذا اجنب في شهر رمضان- ليلا- ونام. حتى اصبح. فان نام ناويا لترك الغسل, أو مترددا فيه, أو مهملا له, لحقه حكم تعمد البقاء على الجنابة. وان نام ناويا للغسل أو غافلا عنه. فان كان في النومة الاولى صح صومه. وان كان في النومة الثانية، بان نام بعد العلم بالجنابة, ثم افاق وتذكر جنابته, ثم نام ثانياً غير عازم على تركه حتى اصبح. وجب عليه القضاء دون الكفارة على الاقوى. وكذا اذا كان بعد النومة الثالثة، وان كان الاحوط استحبابا وجوب الكفارة ايضاً.بل الاحوط[ ] ذلك في النوم الثاني بل كذا في الاولى اذا لم يكن معتاد الانتباه. ونام مع الالتفات الى ذلك، بل بدونه ايضاً.
[مسألة 30] يجوز النوم الاول والثاني مع احتمال الاستيقاظ, وكونه معتاد الانتباه. والاحوط استحبابا تركه اذا لم يكن معتاد الانتباه. واما النوم الثالث, فالاولى تركه مطلقاً, وخاصة مع احراز ضيق الوقت.
[مسألة 31] اذا احتلم في نهار شهر رمضان, لا تجب المبادرة الى الغسل منه, ويجوز له الاستبراء بالبول, وان علم ببقاء شيء من المني في المجرى. لا يفرق فيه بين ما اذا كان بوله قبل الغسل أو بعده, بحيث وجبت عليه اعادته. وان كان الاحوط[ ] خلافه.
[مسألة 32] لا يعد النوم الذي احتلم فيه ليلا من النوم الاول. بل اذا افاق ثم نام كان نومه بعد الافاقة هو النوم الاول.
[مسألة 33] الظاهر الحاق النوم الرابع والخامس بالثالث. وهذا الترقيم انما هو للنوم الطبيعي, لا الذي يستيقظ وينام لحظة بعد اخرى.
الثامن : من المفطرات. انزال المني نهارا, بفعل ما يؤدي الى نزوله, أو كان سببا معتادا له. مع احتمال ذلك احتمالا معتدا به، بل مطلقا على الاحوط[ ] واما اذا كان واثقا بالعدم فنزل المني اتفاقا، أو سبقه المني بلا فعل شيء ,لم يبطل صومه.
التاسع: الاحتقان بالمائع، ولا باس بالجامد، كما لا باس بما يصل الى الجوف من غير طريق تناول الطعام, طبيعيا كان ام غيره, مما لا يسمى اكلا ولا شربا. كما اذا صب دواءً في جرحه, أو في اذنه, أو في احليله, أو عينه فوصل الى جوفه. وكذا اذا طعن برمح أو سكين, فوصل الى جوفه. ونحو ذلك. نعم, اذا فرض احداث منفذ لوصول الغذاء الى الجوف من غير طريق الحلق، كما يحكى عن بعض اهل زماننا، فلا يبعد صدق الاكل والشرب حينئذ, اذا اصبح معتادا فيفطر به. بل حتى لو لم يصبح معتادا على الاحوط[ ]. كما لا يبعد ذلك ايضا, اذا كان بنحو الاستنشاق عن طريق الانف، وذهب الى الجوف.
[مسألة 34] ادخال الطعام أو الدواء بالابرة الى المعدة مفطر. واما ادخاله بالابرة في اليد أو الفخذ أو نحوهما, فان كان من قسم [المغذي] فالاحوط[ ] كونه مفطرا. وان كان دواء فلا باس به. وكذا تقطير الدواء في العين والاذن.
[مسألة 35] استعمال [البخاخ] لضيق النفس ونحوه, مفطر اذا احرز ان له مواد اضافية تدخل الجوف. واما اذا شك في ذلك, أو احرز كونه مجرد الهواء أو الاوكسجين، لم يكن مفطرا.
[مسألة 36] الظاهر جواز ابتلاع ما يخرج من الصدر من الاخلاط, اذا لم يصل فضاء الفم. وكذا ما ينزل من الرأس، واما اذا وصل اليه, فلا يجوز تعمد ابتلاعه.
[مسألة 37] لا باس بابتلاع البصاق المجتمع في الفم, وان كان كثيرا، ولو كان اجتماعه باختياره, كتذكر الحامض مثلا. بل حتى لو كان ملامساً لما علق بالاسنان من الاطعمة, اذا لم تنزل معه.
العاشر: تعمد القيء, وان كان لضرورة من علاج مرض ونحوه، ولا باس بما كان بلا اختيار.
[مسألة 38] اذا خرج مع التجشؤ شيء, ثم نزل من غير اختيار, لم يكن مبطلا. واذا وصل الى فضاء الفم فابتلعه اختياراً, بطل صومه, وعليه الكفارة على الاحوط[ ].
[مسألة 39] اذا ابتلع في الليل ما يتعين قيؤه في النهار, بطل صومه مع الالتفات الى النتيجة, وان لم يقئه، والا فلا يبطل صومه على الاظهر, من غير فرق في ذلك بين الواجب المعين وغير المعين. كما انه لا فرق بين ما اذا انحصر اخراج ما ابتلعه بالقيء وعدم الانحصار به.
[مسألة 40] ليس من المفطرات مص الخاتم ومضغ الطعام للصبي. وذوق المرق ونحوها, مما لا يتعدى الى الحلق أو تعدى من غير قصد أو نسياناً للصوم. اما ما يتعدى عمداً فمبطل وان قل. وكذا لا بأس بمضغ العلك وان وجد له طعماً في ريقه, ما لم يكن الطعم لتفتت اجزائه. ولا باس بمص لسان الزوج والزوجة, والاحوط [ ] الاقتصار على صورة ما اذا لم تكن عليه رطوبة.
[مسألة 41] المفطرات المذكورة, انما تفسد الصوم اذا وقعت على وجه العمد. ولا فرق بين العالم بالحكم والموضوع, والعالم بالحكم مع الجهل بالموضوع, أو الجاهل بالحكم, سواء جهل الموضوع أم علمه على الاحوط[ ]. والظاهر عدم الفرق في الجاهل بين القاصر والمقصر. بل الظاهر فساد الصوم بارتكاب المفطر, حتى مع الاعتقاد بانه حلال وليس بمفطر، الا انه يجب عليه القضاء على الاحوط[ ] دون الكفارة.
[مسألة 42] اذا وقعت هذه المفطرات منه على غير وجه العمد، كما اذا اعتقد ان هذا المائع الخارجي مضاف, فارتمس فيه, فتبين انه ماء. أو اخبر عن الله ما يعتقد صحته, فتبين كذبه, لم يبطل صومه، وكذلك لا يبطل الصوم اذا كان ناسياً للصوم فاستعمل المفطر, أو ادخل في جوفه شيء بدون اختياره.
[مسألة 43] اذا افطر مكرهاً بطل صومه. اذا كان المفطر هو الاكل أو الشرب أو الجماع دون غيرها، وكذا اذا كان تناوله لتقية. سواء كانت التقية في ترك الصوم، كما اذا افطر في عيدهم تقية، ام كانت في اداء الصوم، كالافطار قبل الغروب.
[مسألة 44] اذا غلب على الصائم العطش وخاف الضرر من الصبر عليه, أو كان حرجا له, جاز له ان يشرب بمقدار الضرورة، الا ان في فساد صومه اشكال, ان كان في شهر رمضان، فيجب عليه الامساك بقية النهار, ولينو به الصوم رجاء المطلوبية, والاحوط[ ] القضاء بعد ذلك برجاء المطلوبية ايضاً. واما في غير الصوم شهر رمضان من الواجب الموسع أو المعين، فلا يجب الامساك.
[مسألة 45] يكره للصائم ملامسة النساء وتقبيلها وملاعبتها, اذا لم يكن بقصد الانزال, ولا كان من عادته. وان قصد الانزال, كان من قصد المفطر, سواء كان من عادته ذلك أم لم يكن. ويكره له الاكتحال مما يصل طعمه أو رائحته الى الحلق, كالعنبر والمسك. وكذا دخول الحمام اذا خشي الضعف، واخراج الدم المضعف. والسعوط مع عدم العلم بوصوله الى الحلق، والا ففيه اشكال، وشم كل نبات طيب الريح, وبل الثوب على الجسد، وجلوس المرأة في الماء, والحقنة بالجامد. وقلع الضرس بل مطلق أدماء الفم، والسواك بالعود الرطب والمضمضة عبثاً، وانشاد الشعر الا في مراثي الأئمة ومدائحهم.
[مسألة 46] في بعض الاخبار: اذا صمتم, فاحفظوا السنكم عن الكذب, وغضوا ابصاركم, ولا تنازعوا, ولا تحاسدوا, ولا تغتابوا, ولا تماروا, ولا تكذبوا, ولا تباشروا, ولا تخالفوا, ولا تغضبوا, ولا تسابوا, ولا تشاتموا, ولا تنابزوا, ولا تجادلوا, ولا تباذوا, ولا تظلموا, ولا تسافهوا, ولا تزاجروا, ولا تغفلوا عن ذكر الله تعالى, وعن الصلاة, والتزموا الصمت والسكوت, والحلم والصبر والصدق, ومجانبة اهل الشر, واجتنبوا قول الزور والكذب, والمراء والخصومة, وظن السوء والغيبة والنميمة، وكونوا مشرفين على الآخرة, منتظرين لايامكم، منتظرين لما وعدكم الله، متزودين للقاء الله. وعليكم السكينة والوقار, والخشوع والخضوع, وذل العبد الخائف من مولاه، راجين خائفين, راغبين راهبين، قد طهرتم القلوب من العيوب, وتقدست سرائركم من الخب, ونظفت الجسم من القاذورات. تبرأ الى الله ممن عداه. وواليت الله في صومك بالصمت من جميع الجهات, مما قد نهاك الله عنه في السر والعلانية, وخشيت الله حق خشيته في السر والعلانية، ووهبت نفسك لله في ايام صومك, وفرغت قلبك له فيما امرك ودعاك اليه، فاذا فعلت ذلك كله, فانت صائم لله بحقيقة صومه, صانع لما امرك. وكلما نقصت عنها شئيا مما بينت لك, فقد نقص من صومك بمقدار ذلك، الحديث.
اقول : ان هذه الصفات مطلوبة في كل الاحوال, سواء في الصوم أم غيره، كما لا يختلف الصوم بين كونه واجباً أو مستحباً, وسواء كان اداء ام قضاء ام كفارة ام غير ذلك.
[مسألة 47] اذا طلب الاخ في الايمان من الصائم صوما مستحبا, تناول المفطر, استحب له ذلك. سواء كان الآخر عالماً بصومه ام جاهلا، بل الظاهر شمول الحكم لكل صوم يجوز نقضه, وان كان واجباً، كما في الافطار قبل الزوال للنذر غير المعين وغيره، غير ان هذا لا يعني ان طلب الافطار من الصائم راجح, بل هو مرجوح بلا اشكال.
[مسألة 48] يستحب تقديم صلاتي المغرب والعشاء على الافطار ليلا، الا لمن دعي الى الافطار من قوم اخرين, أو نازعته نفسه اليه, بحيث لا يستطيع اداء الصلاة بحدودها الصحيحة. وفي الخبر ما مضمونه: انه من صلى قبل الافطار كانت له صلاة صائم.