تمهيد
كل عقوبة مقدرة شرعاً , تسمى حداً , وكل عقوبة ثابتة شرعاً وغير مقدرة قطعاً، بل موكول أمرها إلى الحاكم, تسمى تعزيراً.
واسباب الحد عديدة، منها : الزنا واللواط والمساحقة , وما يتبع ذلك مما يأتي. والقذف وشرب الخمر والسرقة وقطع الطريق والارتداد والافساد في الارض.
وأسباب التعزير عديدة , منها : البغي واتيان البهيمة وشهادة الزور وبيع الخمر وافتضاض المرأة حراماً، وغير ذلك. حتى انه ورد : ان التعزير على ارتكاب أي محرم.
ويتم الكلام في ذلك ضمن فصول. وفي كل فصل عدد من المقاصد.
المقصد الاول
في سببه
[مسألة289] يتحقق الزنا بايلاج الرجل حشفة ذكره كلها فما زاد , بل أكثرها ايضاً اذا صدق الدخول عرفاً , في فرج امرأة محرمة عليه فعلياً , من غير عقد ولا ملك ولا شبهة. ولا فرق في ذلك بين القبل والدبر. وان كانت اقامة الحد بسبب الايلاج في الدبر مخالفاً للاحتياط [[1]] جداً. ولا دخل للانزال في ذلك. كما لا دخل لحصول حالة الجنابة في صدقة , فلو لم تحصل أحيانا كفى , كما في ادخال أغلب الحشفة. وان كانت اقامة الحد عليه بذلك أيضاً مخالفاً للاحتياط [[2]] جداً. [مسألة 290] المراد بالعقد هنا أحد العقدين ، الدائم والمنقطع , كما ان المراد من الملك انتساب الامة للمالك بملك او تحليل او اجازة لعقد. والمراد بالشبهة الاعم من الحكمية وهي الجهل بالحكم أو النسيان أو الغفلة عنه، ومن الموضوعية، كتخيل المرأة زوجته أو حليلته وهي لسيت كذلك، كما سيأتي تفاصيل مسائله.
[مسألة 291] المهم هو ادخال الذكر الاصلي. فلو لم يكن اصلياً لم يوجب الحد. كما لو كان الرجل فيه تشوية خلقي بذكرين أحدهما اقوى من الآخر, فيتحقق الزنا بالاقوى دون الآخر. وكما في الخنثى اذا كان جهازها الانثوي هو الاصلي والذكري هو العارض . فلا يتحقق به الزنا. والمدار هنا الحكم بكون الخنثى امرأة لا رجلا. واما اذا حكم برجوليته فلا اشكال في صدق الزنا . كما ان الارجح صدقه مع كونه خنثى مشكلا.
[مسألة292] لا يتحقق الزنا في المحرمات العارضة , مثل حال الحيض والاحرام والصوم والاعتكاف ونحوها. كما لا يتحقق في الظهار والايلاء والعدة الرجعية دون البائنة.
[مسألة 293] لا يتحقق الزنا بانصباب المنى في الفرج من دون صدق الدخول وان حملت. بما في ذلك صور التلقيح الصناعي بمختلف اشكالها , وان كان اكثرها حراماً.
[مسألة 294] يتحقق الدخول المسبب للحد في عادم الحشفة بما كان بمقدارها , دون ما هو أقل على الاحوط[[3]] . [مسألة 295] يشترط في ثبوت الحد على كل من الزاني والزانية مضافاً إلى ما سبق : البلوغ والعقل. فلا حد على الصغير والصغيرة حتى مع التمييز. كما لاحد على المجنون والمجنونة , وهو الذي لا يميز اوقات الصلاة , او لا يشعر بمعنى التكليف الشرعي. فان علم به حكماً وموضوعاً وجب عليه الحد , بالرغم من نقصانه او سفهه. ولو كان أحدهما كاملا اختص الحد به.
[مسألة 296] يشترط أيضاً في ثبوت الحد : الاختيار. فلا حد على المكره والمكرهة. كما لو تحقق الاكراه من أحدهما للاخر , رجلا كان ام امرأة. او تحقق من طرف ثالث لاحدهما اولهما معاً. ويتحقق الاكراه هنا بالتهديد بالضرر الشديد مع امكان التنفيذ عادة. فلا يشمل هنا الاضطرار مهما كان عالياً ولا العسر ولا الحرج ولا كلمات السب مهما كانت صعبة.
[مسألة 297] المهم هو ثبوت التحريم للزانين اجتهاداً او تقليداً , سواء كانت المسألة
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .اجماعية او خلافية. فلو ادى اجتهاده او تقليده فيها إلى الحرمة ثبت الحد مع وجود الشرائط الاخرى. ولو اختلف اجتهاد او تقليد الزانيين، لحق كل واحد منهما حكمه، واختص الحد بمن يذهب إلى التحريم. ولو اختلف اجتهاد الحاكم والفاعل درىء الحد بذهاب أحدهما إلى الجواز. [مسألة 298] المراد بالشبهة الموجبة لسقوط الحد. هو الجهل عن قصور او تقصير بالحكم او بالموضوع , مع اعتقاد الحلية حال الوطء. واما من كان جاهلا بالحكم عن تقصير وملتفتاً إلى جهله حال العمل، حكم عليه بالزنا وثبوت الحد.
[مسألة 299] لو عقد على امرأة من محارمه كالام والاخت وزوجة الولد وزوجة الاب , ونحوها , جاهلا بالموضوع او بالحكم , باعتبار وهمه الحلية بالعقد , او غفلته عن كونها من المحارم. سقط عنه الحد. وليس كذلك لو تعمد , فان العقد لا يكون سبباً لسقوط الحد مع العمد.
[مسألة 300] يأتي نفس التفصيل في كل امرأة فعلية التحريم , كالمطلقة الثالثة، والتاسعة , وأخت الزوجة. كما يأتي نفس التفصيل في عقود اخرى قد يتوهم الفرد كونها سبباً للحلية كالاستيجار والرهن والوقف. ونحوه بالنسبة إلى الحرة: الشراء والتحليل من قبلها او من قبل أبيها او اخيها او غاصبها ونحو ذلك.
[مسألة 301] اذا وجد في فراشه امرأة فتوهمها زوجته , فوطأها , فهو من الشبهة في الموضوع. ولو اختصت الشبهة بأحد الطرفين اختص الحد بالآخر. فلو تشبهت امرأة لرجل بزوجته فوطأها , فعليها الحد دونه.
[مسألة 302] يسقط الحد بدعوى كل ما يصلح ان يكون شبهة محتملة بالنسبة إلى حال المدعي لها. ومعنى الشبهة هنا غير معنى الشبهة في وطء الشبهة. بل تشمل سائر الشرائط التي عرفناها لسقوط الحد , بما فيها الاشتباه في الوطء حكماً او موضوعاً. فلو ادعى الشبهة أحدهما أو كلاهما بما في ذلك الاكراه او استصحاب عدم البلوغ او توهم ان من يقلده يرى الحلية او غير ذلك. سقط الحد.
[مسألة 303] ظهر مما سبق ان الشبهة المشار اليها يجب ان تكون محتملة في حال المدعي لها. ويكفي في ذلك الاحتمال ولا حاجة إلى حصول الوثوق فضلا عن العلم. اما لو لم تكن الدعوى محتملة الصحة في حاله , لم يسقط الحد كما لو كان متفقهاً او معاشراً لمتفقهين. ويكفي الوثوق او القناعة بعدمها , ولا حاجة إلى حصول العلم على الاقوى والاحوط [[1]] .
فروع في الاحصان
بصفته سبباً للرجم
[مسألة 304] يتحقق الاحصان الذي يجب معه رجم الزاني , بعدة شرائط.
الشرط الاول : الوطء بأهله قبلا , بل دبراً ايضاً على الاحوط[[2]] . فلو لم يتحقق ذلك لم يكن محصناً. ولو شك فيه كان الاصل عدمه، ولم يعتبر محصناً لبقائه على عدم الاحصان. والظاهر عدم اشتراط الانزال في الأحصان،فلو التقى الختانان تحقق الاحصان. ولا يشترط سلامة الخصيتين. الشرط الثاني : ان يكون الواطيء المحلّل بالغاً , فلا احصان مع ايلاج الطفل , وان كان مراهقاً. كما لا تحصن المرأة بذلك. فلو وطأها وهو غير بالغ ، ثم زنى بالغاً , لم يكن محصناً على الاحوط [[3]] ، ولو كانت الزوجية مستمرة.
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[3]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . الشرط الثالث : ان يكون الوطء في فرج محلل له أصلا . فلا يتحقق الاحصان بوطء الزنا ووطء الشبهة على الاحوط [[1]] . ولكنه يتحقق بالعقد المنقطع وملك اليمين وتحليل المملوكة , فضلا عن العقد الدائم. الشرط الرابع : ان يكون متمكنا من وطء الفرج يغدو عليه ويروح , متى شاء. فلو كان غائباً لا يتمكن من وطئها فهو غير محصن. وكذا لو كان حاضراً لكنه لم يكن قادراً ، لمانع كحبسه او حبس زوجته او كونها مريضة لا يمكن وطؤها , او منعه ظالم عن الاجتماع بها، او كانت ناشزاً تمنعه من نفسها. فانه في كل ذلك غير محصن.
الشرط الخامس : ان يكون الزوج حراً. فلا يرجم العبد ولا زوجته.
[مسألة 305] لا يشترط على الاحوط [[2]] في الاحصان، العقل , اذا كان الطرف المجنون جامعاً للشرائط السابقة. [مسألة 306] يعتبر في احصان المرأة ما يعتبر في احصان الرجل , الا النشوز. فمن كانت زوجته ناشزاً كانت محصنة ولم يكن محصناً.
[مسألة 307] الطلاق الرجعي لا يوجب الخروج عن الاحصان، على اشكال.
[مسألة 308] يخرج المرء وكذا المرأة عن الاحصان بالطلاق البائن، كالخلع والمبارأة، وان كانت متمكنة من اسقاط البذل. ولو رجعت ورجع لم يكن محصناً الا بعد التمكن من الدخول.
[مسألة 309] لا يشترط في الاحصان الاسلام في أحد منهما. فيحصن النصراني النصرانية وبالعكس , والنصراني اليهودية وبالعكس. وتحصن احداهما المسلم على تقدير الجواز وبالعكس. ولو كانا كافرين اشترط صحة عقدهم عندهم، وان كان باطلا عندنا.
[مسألة 310] لا يشترط في فعلية الاحصان فعلية الدخول , بل التمكن منه تماماً. وان كان ذلك أحوط [[3]] . كما لا يشترط فيه مضي مدة كافية. بل يعتبر محصناً بمجرد ذلك. كما لا يشترط في عدم الاحصان مضي المدة , بل يكفي الطلاق البائن او موت الزوج او الزوجة ، لفوره. [مسألة 311] لا يشترط في الاحصان السلامة من العمى او الصمم او الاقعاد او غيرها. بل يكون محصنا مع وجودها , وكذا الزوجة. نعم , لو ادعى الاعمى الشبهة مع احتمالها في حقه , فالاقوى القبول.
[مسألة 312] اذا حملت المرأة وليس لها بعل , لم تحد لاحتمال ان يكون الحمل بغير الوطء او بالوطء شبهة او اكراهاً , ونحو ذلك.
المقصد الثاني
فيما يثبت به الزنا
يثبت الزنا بأمرين : الاقرار والبينة , كما سنذكر , فيقع الكلام فيهما في جهتين:
الجهة الاولى
في الاقرار بالزنا
[مسألة 313] يشترط بالاقرار بالزنا , بلوغ المقر وعقله واختياره وقصده. فلا عبرة باقرار الصبي وان كان مراهقاً , ولا باقرار المجنون حال جنونه , ولا باقرار المكره , ولا
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[3]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي . اقرار السكران والساهي والغالط والغافل والنائم والهازل ونحوهم. [مسألة 314] لابد وان يكون الاقرار صريحاً او ظاهراً لا يحتمل معه الخلاف احتمالا عقلائياً. واشارة الاخرس المفهمة للمقصود تقوم مقام النطق , ولو احتاجت إلى ترجمة كفى فيها شاهدان عادلان.
[مسألة 315] لا يثبت حد الزنا الا بالاقرار اربع مرات . فلو أقر به كذلك، اجري عليه الحد , والا فلا. وهل يكفي الاقل مع حصول العلم ؟ الظاهر ذلك , لان للحاكم ان يحكم بعلمه. كما في كتاب القضاء. وان كان الاحتياط[[1]] بخلافه. [مسألة 316] لا يشترط ان تكون الاقرارات الاربع , في اربع مجالس. بل يكفي في مجلس واحد. نعم , لا يكفي ذكرها مندمجة , كما لو قال : اقر اربع مرات. ولا متعاطفة كما لو قال : زنيت وزنيت، الخ. لاحتمال تعدد الواقعة.
[مسألة 317] لو اقر بما دون اربع عزر.
[مسألة 318] لا يعتبر في الاقرار بالزنا تعيين المرأة المزني بها, بل يكفي الاجمال. بل لا يجوز شرعاً ذكرها والا كان غبية محرمة وقذفا يستحق عليه الحد. وكذا الرجل.
[مسألة 319] لو اقر بما يوجب الرجم، ثم انكر، سقط الرجم، على اشكال. ولو اقر بما لا يوجبه، لم يسقط بالانكار. وهل يثبت بسقوط الرجم ، الجلد او التعزير. الاحوط [[2]] الثاني والاقوى الاول. [مسألة 320] لو اقر بما يوجب الحد، ثم تاب , فان كانت توبته خوفاً من العقاب الدنيوي , لم تنفذ. وان أحرز صحتها، كان الامام او نائبه مخيراً بين العفو واقامة الحد.
[مسألة 321] لو أقر اربعاً انه زنى بامرأة، حد دونها. وان صرح انها طاوعته على الزنا. وكذا المرأة.
[مسألة 322] لو ادعى اربعا انه وطأ امرأة، ولم يعترف بالزنا , لم يثبت عليه الحد. وان ثبت ان المرأة لم تكن زوجته، ولو ادعى انها زوجته وانكرت هي الزوجية والوطء. لم يثبت عليه حد ولا مهر. ولو ادعت المرأة في نفس الفرض ، انه اكرهها على الزنا او تشبه عليها , فلا حد على احد منهما.
الجهة الثانية
قي ثبوت الزنا بالبينة
[مسألة 323] لا يثبت الزنا بشهادة رجلين عدلين , بل لابد من شهادة اربعة رجال عدول , او ثلاثة وامرأتين , او رجلين واربع نساء، و الا انه لا يثبت الرجم بالاخيرة، ولا يثبت بغير ذلك من شهادة النساء منفردات، او شهادة رجل وست نساء , ما لم يوجب اليقين. كما لايثبت بشاهد ويمين , بل مطلق الشهادة الناقصة مع اليمين كثلاث رجال ويمين، او رجلين وثلاث نساء ويمين , وهكذا.
[مسألة 324] يعتبر في قبول الشهادة على الزنا، ان تكون الشهادة صريحة او ظاهرة عرفاً بالحس والمشاهدة، بالايلاج في الفرج او الاخراج منه على وجه الحرمة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة ولا اكراره. ويمكن اثبات الحرمة بغير هؤلاء الشهود , وفي كفاية الشهادة مع اليقين وان لم يبصر به، وجه، لا يخلو من اشكال. ولو شهدوا بغير ذلك لم يحد المشهود عليه , وحد الشهود، حد القذف، ان حصل ذلك بشرائطه.
[مسألة 325] تكفي الشهادة بالزنا على نحو الاطلاق، من غير ذكر
[[1]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي .تفاصيل اخرى. ولو ذكروا الخصوصيات واتحدوا بها، فلا اشكال. وان كان احدهما مطلقاً والاخر مقيداً، قبل ايضاً , وكذا لو ذكر بعضهم المكان وبعضهم الزمان، وهكذا , ولم يخالفه الاخر. ولو اختلفت الخصوصيات، لم تسمع شهادتهم , ولا يحد، ويحد الشهود للقذف. [مسألة 326] لو كان اختلاف الشهود غير موجب لتعدد الفعل واختلافه.كما لو اختلفوا في النسب الذي تنتسب اليه المرأة او في عمرها او في نوع لباسها , لم يضر ذلك بثبوت الزنا.
[مسألة 327] لو كان اختلاف الشهود في خصوصية الزنا , كما لو شهد بعضهم على ان الزاني قد اكره المرأة على الزنا، وشهد بعضهم على عدم الاكراه، وانما طاوعته. ففي ثبوت الزنا بالاضافة إلى الزاني، اشكال، اوجهه الثبوت.
[مسألة 328] اذا شهد اربعة رجال على امراة بكر بالزنا قبلا , وانكرت المرأة , وادعت انها بكر , فشهدت اربع نسوة بانها بكر. سقط عنها الحد , على المشهور , لثبوت التنافي لديهم بين الايلاج والبكارة. وهو وان كان غالبياً الا انه لم يثبت التساوي.
[مسألة 329] اذا شهد اربعة رجال على امرأة بالزنا , وكان أحدهم زوجها، كفى ذلك في الثبوت . وكذا لو كان أبوها او اخوها، ونحو ذلك.
[مسألة 330] لا فرق في قبول شهادة اربعة رجال بالزنا , بين ان يكون المشهود عليه واحداً او اكثر.
[مسألة 331] اذا كملت الشهادة، ثبت الحد , ولا يتوقف على تصديق المشهود عليه , وهو اقراره. كما لايسقط الحد , بتكذيبه.
[مسألة 332] لو تاب المشهود عليه قبل قيام البينة. فان أحرز كونه خوفاً من العقاب، لم تقبل , وان لم يحرز ذلك فالمشهور سقوط الحد عنه , ودليله غير ظاهر. واما بعد قيامها. فلا يسقط، بلا اشكال، حداً كان او رجماً. حتى مع احراز صدق التوبة. وليس للامام أن يعفو بعد قيامها , وان سبق ان له العفو بعد الاقرار والتوبة.
[مسألة 333] اذا كان الشهود الحاضرون دون البينة الكاملة , رجالا كانوا او رجالا ونساء. وشهدوا بالزنا حدوا جميعاً للقذف ولم ينتظر مجيء البقية لاتمام البينة. ولو اجتمعوا، فشهد بعضهم ونكل البعض , حد الشاهد منهم. ولكن اذا حضر الباقون، وشهدوا ان شهد الناكلون , بحيث تمت البينة , فإن كان قبل اقامة حد القذف , فلا ينبغي الاشكال بثبوت الزنا، لانهم كانوا عند الشهادة عدولا. وان كان بعد اقامة الحد , ففيه اشكال أحوطه [[1]] عدم الثبوت ، وأقواه الثبوت. [مسألة 334] لا يعتبر تواطؤ الشهود على الشهادة , فلو شهدوا صدفة، تم النصاب، وثبت الزنا. كما لا يعتبر اجتماعهم عند الشهادة. فلو شهد واحد وجاء الآخر بلا فصل فشهد وهكذا , كفى.
[مسألة 335] متى ثبت الزنا دُرىء الحد عن الشهود. ومتى لم يثبت حدوا.
[مسألة 336] لو شهد أربعة بالزنا، وكانوا كلهم او بعضهم غير مرضي، كالفساق، حدوا للقذف.
[مسألة 337] لا فرق في الاحكام المتقدمة بين كون الزاني او الزانية في الكفر او في الاسلام، اذا كان احدهما مسلماً. والمهم ان يثبت الزنا على المسلم منهما. واما الكافر منهما، فحكمه ما يأتي.
[مسألة 338] اذا زنى كافر بكافرة , او لاط بمثله , حرم عليهما , لان الصحيح هو تكلفيهم بالفروع. ويكون الامام مخيراً بين اقامة الحد عليه طبقاً لحكم الاسلام , وبين دفعه إلى أهل ملته ليطبقوا عليه احكامهم او ليقيموا عليه حد الاسلام.
[[1]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي . المقصد الثالث
في الحد
والكلام في مقداره وكيفية ايقاعه في جهتين :
الجهة الاولى
في مقداره
[مسألة 339] من زنى بذات محرم له , كالام والبنت والاخت، وما شاكل ذلك , يقتل بالضرب بالسيف في رقبته , ولا يجب جلده قبل قتله. ولا فرق في ذلك بين المحصن وغيره، والحر والعبد , والمسلم والكافر، والشاب والشيخ على الاحوط [[1]] , كما لا فرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة إذا تابعته. [مسألة 340] الاقوى شمول السيف لكل آلة قاطعة مثله بحدها الطويل , ولا يجوز غير ذلك , كما ان الضربة يجب ان تكون قوية، كما يجب ان تكون واحدة , ولا يجوز ان تتكرر على الاحوط [[2]] , فان بقي حياً بعدها أطلق سراحه. [مسألة 341] الظاهر عموم الحكم للمحرم بالرضاع وبالمصاهرة , حتى زوجة الاب. ومن قال فيها : بالرجم، فانه مستند إلى نص غير معتبر ، ولو صح ، اقتصر على المدخول بها.
[مسألة 342] الظاهر عموم الحكم للمحارم، بالشبهة وبالزنا والملك والتحليل، ونحوهما.
[مسألة 343] اذا زنى الكافر بمسلمة ، قتل , ذمياً كان ام غير ذمي , كتابياً كان ام غير كتابي , مطاوعة كانت أم مكرهة ، من أي مذاهب الاسلام كانت, ما لم يحكم بكفرها.
[مسألة 344] اذا اكره شخص امرأة على الزنا , فزنى بها، قتل. من دون فرق في ذلك بين المحصن وغيره.
[مسألة 345] الزاني اذا كان شيخاً محصناً [ في الزنا بغير المحارم] يجلد ثم يرجم , وكذلك الشيخة اذا كانت محصنة. والمراد بهما كبار السن عرفاً. واما اذا لم يكونا محصنين ففيه الجلد فحسب. واما اذا كان الزاني شاباً او شابة , فانه يرجم اذا كان محصناً , ويجلد اذا لم يكن محصناً.
[مسألة 346] هل يختص الحكم فيما ثبت فيه الرجم , بما اذا كان المزني بها عاقلة بالغة , فلو زنى البالغ المحصن بصبية او مجنونة فلا رجم ؟ فيه خلاف، ولكن الظاهر عموم الحكم.
[مسألة 347] اذا انعكس الفرض في المسألة السابقة , فكانت المرأة بالغة عاقلة , وكان الزاني صبياً غير بالغ او مجنوناً. فلا ترجم وان كانت محصنة , ولكن عليها الحد بالجلد كاملا. وبجلد الغلام دون الحد. والظاهر فيه ايكال مقدار الجلد إلى الحاكم. ولا حد على المجنون.
[مسألة 348] قد عرفت ان الزاني غير المحصن يجلد. واذا كان قد تزوج ولم يدخل , فانه يجب مع ذلك جز شعر رأسه او حلقه ويغرب عن بلده سنة كاملة. والجز ، خاص بالرجل ، ولا يشمل المرأة. واما التغريب، ففي ثبوته لها، اشكال , والاقرب الثبوت.
[مسألة 349] حد الجلد الكامل ، مئة سوط. كما في الزاني الحر البالغ غير المحصن. وما دون الحد يكفي فيه الثمانون وما دونها إلى النصف ، بحسب ما يراه الحاكم. وحد الجلد للعبد، نصف حد الحر , خمسون جلدة. ولا يرجم، محصنا كان أم غير محصن، شاباً كان ام
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . شيخاً، ذكراً كان ام انثى. ولا تغريب عليه، ولا جز. [مسألة 350] العبد المكاتب اذا تحرر منه شيء , جلد بقدر ما اعتق وبقدر ما بقي , فلو جلد نصفه جلد خمساً وسبعين جلدة. وان اعتق ثلاثة أرباعه جلد سبعاً وثمانين جلدة ونصف جلدة. ولو اعتق ربعه اعتق اثنتين وستين جلدة ونصف جلدة . وكذلك الحال في الامة المكاتبة اذا تحرر منها شيء.
[مسألة 351] تتحقق نصف الجلدة بضربة اخف. الا ان الاقوى تحققها باخذ السوط من نصفه بيد الضارب.
[مسألة 352] لا تجلد المستحاضة وكذا الحائض والنفساء حتى ينقطع الدم, فاذا انقطع جلدت.
[مسألة 353] لا يجلد المريض الذي يخاف عليه الموت، حتى يبرأ. ومع اليأس من البرء، يضرب بالضغث[[1]] المشتمل على العدد مرة واحدة. او المشتمل على نصف العدد مرتين. ولا يعتبر وصول كل شمراخ [[2]] إلى بدنه. [مسألة 354] لو زنى شخص مراراً , وثبت ذلك، بالاقرار او البينة , حد حداً واحداً , الا ان يصبح ممن يريدون اشاعة الفساد في الارض او اشاعة الفاحشة. فيحد بالحد الخاص به , وهو الصلب مع قطع اليد والرجل من خلاف على ما يأتي.
[مسألة 355] لو أقيم الحد على الزاني ثلاث مرات , قتل في الرابعة، ان كان حراً , وفي الثامنة ان كان مملوكاً , بعد اقامة الحد عليه سبعاً. واذا قتل العبد أدى الامام قيمته إلى مواليه من بيت المال. والمراد بالحد هنا : الحد الذي لا يؤدي إلى الوفاة. فان الرجم الكامل يؤدي إلى الوفاة، وقد يؤدي الجلد اليها ايضا. فالمراد بالحد هنا : الجلد اذا لم يؤد إلى الوفاة , وأما الرجم اذا لم يؤد إلى الوفاة كما لو هرب من الحفيرة ولم يجب ارجاعه. فالحكم بالقتل بعد الرابعة ، مشكل ، ما لم يعد من المفسدين في الارض.
[مسألة 356] اذا كانت المزني بها حاملا , فان كانت محصنة تربص بها، حتى تضع حملها , وترضعه اللباء، ثم ترجم. وان كانت غير محصنة ,. أقيم عليها الحد , الا اذا خيف على ولدها.
[مسألة 357] اذا وجب الحد على شخص، لم يسقط عنه الحد , بل يقام عليه حال جنونه. ونحوه الا دواري، اذا زنا حال سلامته، ثم دخل في دور الجنون.
[مسألة 358] اذا وجب الحد على الكافر، ثم اسلم، وعلى المسلم، ثم ارتد , لم يسقط عنه الحد.
[مسألة 359] اذا جنى شخص في غير الحرم ، ثم لجأ اليه , لم يجز ان يقام عليه الحد. ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يعامل ولا يتكلم معه احد حتى يخرج ويقام عليه الحد. واما اذا جنى في الحرم، أقيم عليه الحد فيه.
[مسألة 360] لو اجتمعت على الشخص عدة حدود، وجب البدء بالحد الذي لا يفوت معه الآخر. كما لو اجتمع عليه الجلد والرجم , بدء بالجلد اولا ثم في رجم. ولا يجب انتظار صحته بعد الجلد.
[[1]
] الضغث :[التباس الشيء بعضه ببعض , وضغث : قبضة من قبضات مختلفة يجمعها اصل واحد , وقيل درن الحزمة, وقيل الحزمة من الحشيش , قدر القبضة مختلطة الرطب باليابس [خذ بيدك ضغثاً فاضرب به] يقال كان حزمة من اسل] . ج 2 ص163 لسان العرب [[2]
] الشمراخ : العثكال الذي عليه البسر , واصله واصله في العذق وقد يكون في العنب . الشمروخ : غصن دقيق رخص ينبت في اعلى الغصن الدقيق . [ لسان العرب ج 3 ص31]
شمرخ : عرجون فيه مئة شمراخ , الشمراخ في الكسر والشمروخ يضم العثكال , وهو ما يكون فيه الرطب والجمع شماريخ . [ مجمع البحرين ج 2 ص541]
[[2]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي .
الجهة الثانية
في كيفية الحد
[مسألة 361] في الرجم يدفن الرجل في الارض إلى حقويه ، وتدفن المرأة إلى وسطها وهو ما دون الثديين. ولا بأس بوجود الثوب الساتر , بل يتعين ذلك في المرأة , على أن لا يكون الساتر واقياً من الضرب.
[مسألة 362] يبدأ الامام بالضرب اولا , او من يعينه لذلك. ثم يضرب سائر الناس. والاحوط استحباباً ان يضرب بعد الامام , الشهود، ان كانوا حاضرين.
[مسألة 363] ينبغي اعلام الناس لحضور اقامة الحد. بل الظاهر وجوب حضور طائفة لاقامته , بنحو الوجوب الكفائي. والاشهر جواز كونه واحداً , يعني غير الامام او وكيله. الا ان الاحوط [[1]] ان لا يكونوا أقل من ثلاثة. [مسألة 364] لا يجوز اختيار احجار صغار جداً , لا يؤدي الكثير منها إلى الموت، فضلا عن القليل. كما لا يجوز اختيار أحجار ضخمة تكون الضربة والضربتان منها ، قاتلة. وانما يجب اختيار ما بين ذلك. ولابد ان يؤدي الضرب إلى الموت , فلا يخرج من الحفيرة الا بعد موته. بغض النظر عن ان سبب الموت هو الجروح او الارتجاج او الخوف او غيرها , مما يحصل عادة بالرجم.
[مسألة 365] يجب التجنب عن موت المرجوم بسبب آخر غير الاحجار، كالسلاح , ولو بنحو الرمي عليه، كالحجر. وكذلك رمي غير السلاح عليه او ضربه به كقطع الاثاث والاحذية والمثقلات المعدنية، كالفؤوس وكذلك موته بسبب تكوم التراب حوله. وكذلك ضربه بالحجر مباشرة بل يجب قذفه عليه. والافضل أن يكون مشدود اليدين والرجلين عند دفنه في الحفيرة. تجنباً لامكان تسبيبه إلى الهرب.
[مسألة 366] يجوز للمرجوم بل يجب عليه الهرب مع الامكان. لكن يجب على الاخرين، منعه من ذلك. ولكن لا يجب زيادة صلابة الارض التي هو فيها تلافياً لهربه، لكن يجوز ذلك. كما يجزي طمه بالتراب او الرمل وان لم يكن صلباً.
[مسألة 367] لو هرب المرجوم او المرجومة من الحفيرة , فان كان قد ثبت زناه بالاقرار , واصابته بعض الاحجار، لم يرد. وان كان قبل الاصابة او ثبت زناه بالبينة , رد. واما الجلد فلا يسقط بالفرار مطلقاً.
[مسألة 368] هل يجوز التصدي للرجم من قبل من كان عليه حد من حدود الله، أم لا. المشهور الكراهية والاحتياط [[2]] على المنع. [مسألة 369] لو وجد الزاني عارياً , جلد عارياً بعد ستر عورته. وان وجد كاسياً ،قيل : يجرد فيجلد. وفي الوجوب ، اشكال. ولا اشكال في جواز تجريده ، بل استحبابه. واذا جلد كاسياً فلا يجوز ان يكون عليه أكثر من الثياب التي كان عليها حال الزنا. كما لا يجوز ان تكون الثياب واقية من تأثير الضرب. ويتعين ستر المرأة بغير الواقي.
[مسألة 370] يجوز للحاكم الجامع للشرائط اقامة الحدود على الاظهر. واذا جاز وجب , ما لم تحل دون ذلك موانع أخرى.
[مسألة 371] على الحاكم ان يقيم الحدود بعلمه في حدود الله , كحد الزنا وشرب