[مسألة 356] اذا عمر بستاناً وغرس فيه نخلا أو شجراً للانتفاع بثمره لا بقصد التجارة، لم يجب اخراج خمسه, اذا صرف عليه مالا لم يتعلق به الخمس كالموروث، أو مالا قد اخرج خمسه كارباح السنة السابقة, أو مالا فيه الخمس كارباح السنة السابقة ولم يخرج خمسه. نعم، يجب عليه اخراج خمس المال نفسه عندئذ، واما اذا صرف عليه من ارباح نفس السنة، لا بقصد التجارة، فان اصبح البستان بحاله الجديد اغلى قيمة مما صرف عليه, وجب عليه خمس الزائد من رأس السنة بعد استثناء المؤونة, ووجب عليه ايضا الخمس في نمائه المنفصل أو ما بحكمه من التمر والسعف والاغصان اليابسة المعدة للقطع، بل في نمائه المتصل على ما عرفت. وكذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديدا في السنة الثانية، مما هو من نماء البستان نفسه، وان كان اصله من الشجر المخمس ثمنه مثل [التال] الذي ينبت فيقلعه ويغرسه, وكذا اذا نبت جديداً لا بفعله كالفسيل وغيره اذا كان له مالية, وبالجملة كل ما يحدث جديداً من الاموال التي تدخل في ملكه يجب اخراج خمسه في آخر السنة، بعد استثناء مؤونة سنته, كما يجب الخمس في ارتفاع القيمة اذا زادت على مجموع المصروف على البستان, وان لم يبعه على الاحوط[ ]. هذا اذا لم يكن البستان معداً للتجارة. واما اذا كان تعميره بقصد التجارة، مع كون المال المصروف عليه مما لا يجب فيه الخمس كما سبق, فيجب الخمس في كل ارباحه الزائدة على المقدار المصروف، سواء ما بيع من الاعيان المنفصلة كالاثمار والزروع، أم ثمن البستان نفسه اذا باعه، أم ارتفاع قيمته السوقية اذا لم يبعه, بعد استثناء مجموع الكلفة, سواء التي عمر بها البستان أم غيرها كاجور الفلاحين ونقل الماء وغيرها.
[مسألة 357] اذا اشترى عينا بقصد تجاري، فزادت قيمتها في اثناء السنة، ولكنه لم يبعها غفلة أو طلبا للزيادة أو لغرض آخر, ثم رجعت قيمتها في رأس السنة الى رأس مالها الاول, فليس عليه خمس تلك الزيادة. نعم، اذا بقيت الزيادة الى آخر السنة وجب الخمس, وان لم يبعها, بل وان صادف نزول قيمتها بعد ذلك.
[مسألة 358] اذا حصل لديه ارباح تدريجية فاشترى في السنة الاولى عرصة لبناء الدار، وفي الثانية خشباً وحديداً, وفي الثالثة اجرا مثلا. وهكذا، لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة، لانه من المؤن للسنة الاتية التي يحصل فيها السكنى، ومعه فيجب عليه خمس تلك الاعيان, وهذا ثابت بلا اشكال اذا لم تكن الدار من مؤونته, وبالاحتياط الوجوبي اذا كانت من المؤونة.
[مسألة 359] اذا أجر نفسه سنين, كانت الاجرة الواقعة بازاء عمله في سنة الاجارة من ارباحها, واما ما يقع بازاء العمل في السنين الآتية، فان قبضه في هذه السنة كان من ارباحها خاصة.وان قبض اجرة كل سنة فيها، كانت من ارباح تلك السنين.
[مسألة 360] اذا باع ثمرة بستان سنين, وقبض الثمن معجلا, كان الثمن بتمامه من ارباح سنة البيع، ووجب فيه الخمس بعد المؤونة, وبعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان, من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية خلال هذه السنة وما بعدها, وان كان الاحوط وجوبا عدم استثناء خسارات السنين الآتية من ارباح هذه السنة, ومنه يظهر الحال، فيما لو أجر داراً أو فندقا لسنين عديدة.
[مسألة 361] اذا دفع من السهمين أو احدهما،ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها، فان كان ما دفعه من ارباح هذه السنة، لم يجب الخمس فيه, لانه دفعه في الواجب, وان كان الاحوط[ ] خلافه.
[مسألة 362] اداء الدين من المؤونة, اذا كان مصروفا في المؤونة, سواء اخذه بهذا القصد أم بقصد آخر، وسواء كانت الاستدانة في سنة الربح أم فيما قبلها, تمكن من الاداء قبل ذلك ام لا. نعم، اذا لم يؤد دينه الى ان انقضت السنة وجب الخمس, من دون استثناء مقدار وفاء الدين, سواء كان معذوراً في التأجيل أو عاصيا, ويلحق بذلك الدين الشرعي كالخمس والزكاة والنذر والكفارات، وكذا مثل اروش الجنايات وقيم الملتقطات والمتلفات، فانه ان أداها من الربح لم يجب عليه الخمس فيه، وان كان حدوثه في السنة السابقة, وان لم يدفعها وجب الخمس سواء كان معذوراً في التأجيل أم عاصيا.
[مسألة 363] اذا استدان للتجارة، امكن استثناء ادائه من ربح هذه السنة في كل دين يحل موعده فيها، سواء كان اصله فيها أم سابقا عليها. وكذا ما كان تأجيله اليها عن عذر كالاعسار أو الضرر،ويلحق به ما كان من الدين غير مطالب به, بحيث كان تاجيله عن سماح الدائن. فدفعه في هذه السنة، فان كل ذلك يستثنى من ارباحها. يبقى بعض الانواع الاخرى من الدين:
النوع الاول : ما كان بدؤه وموعد انتهائه في سنة سابقة, وقد اخره عصيانا، مع عدم احراز رضا الدائن بالتأخير.
النوع الثاني : ما كان بدؤه في سنة سابقة, ولا يوجد موعد لانتهائه كما هو عليه اغلب المعاملات اليوم, مع عدم احراز رضا المالك بالتأخير.
النوع الثالث : ما كان بدؤه في هذه السنة وانتهاؤه في سنة أتية, سواء كان له موعد معين ام لا.
النوع الرابع : الدين الذي صرف في تجارة محرمة, كبيع الخمر والخنزير وآلات الطرب وصناعة الصور المجسمة , بغض النظر عن موعد ادائها، فان كل هذه الانواع لا تستثنى من ارباح السنة، بل يجب تخميس المجموع.
[مسألة 364] اذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة, أو استدان شيئاً لاضافته الى رأس ماله ونحو ذلك، مما يكون بدل دينه موجودا, ولم يكن من المؤونة, جاز دفع دينه من ارباح سنته وان لم يخمسها. نعم، لو دفع من ارباح سنة سابقة كان اللازم دفعه من مال مخمس أو مال لا يجب دفع خمسه.
[مسألة 365] اذا أتجر برأس ماله المخمس مرارً متعددة في السنة، فخسر في بعض المعاملات وربح في بعض الآخر, فان كان الخسران بعد الربح أو مقارنا له, فانه يجبر الخسران بالربح, فان تساوى الخسران والربح فلا خمس, وان زاد الربح وجب الخمس في الزيادة, وان زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه، وصار رأس ماله في السنة اللاحقة اقل مما كان عليه في السنة السابقة. وكذا بجبر الربح للخسران حتى ما اذا كان بعده بزمان معتد به, بل حتى اذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة عرفا, بل الظاهر الجبران مع اختلاف نوع الكسب، كما اذا اتجر ببعض رأس المال وزرع بالبعض الآخر، فخسر في التجارة وربح في الزراعة، وكذا الحكم فيما اذا تلف بعض رأس ماله أو صرفه في نفقاته، بل اذا انفق من مال غير مال التجارة قبل حصول الربح، جاز له ان يجبر تلك من ربحه وليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها, وانما عليه صرف خمس الزائد لا غير.
[مسألة 366] ما قلناه في المسألة السابقة ينطبق على اهل المواشي, فانه اذا باع بعضها لمؤنته أو مات بعضها أو سرق، فانه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له قبل ذلك, فضلا عن الحاصل بعده, ففي آخر السنة يضم السخال الى ارباحه في تلك السنة من الصوف والسمن واللبن وغير ذلك, فيجبر النقص ويخمس مازاد عن الجبر، فاذا لم يحصل الجبر الا بقيمة جميع السخال مع ارباحه الاخرى, لم يكن عليه خمس في تلك السنة.
[مسألة 367] في فرض المسألتين السابقتين, اذا تلف بعض امواله مما ليس من مال التكسب، كما اذا انهدمت دار غلته، ففي الجبر اشكال، وكذا اذا نهدمت دار سكناه الا ان يعمرها، فيكون تعميرها من المؤن المستثناة, وكما لو تلفت بعض امواله الاخرى مثل البسته أو سيارته.
[مسألة 368] الخمس بجميع اقسامه متعلق بالعين بنحو الكلي في المعين, ويتخير المالك بين دفع العين ودفع القيمة، ولا يجوز له التصرف بعد انتهاء السنة قبل ادائه, واذا ضمنه في ذمته باذن الحاكم الشرعي أو عزله باذنه ايضا صح, ويسقط الحق عندئذ من العين فيجوز التصرف فيها.
[مسألة 369] اذا أخر دفع الخمس مع وجوبه ترتبت على ذلك آثار باطلة عديدة, منها : حرمة تصرفه في العين اكلا أو لبساً أو سكنى أو غير ذلك. ومنها: انه تشتغل ذمته باجرة المثل لهذا التصرف، فيما يقابل الخمس المستحق لذويه. ومنها: ان المعاملات الجارية على الاعيان أو الاثمان المستحقة تكون نافذة في الاربع اخماس, وباطله في مقدار الخمس، وليس له ان ياخذ الثمن بازائها كاملة، كما انه ليس له ان يدفع العين الى مشتريها قبل التخميس, ما لم يخبره بذلك ويثق بانه سوف يقوم بهذه الوظيفة الشرعية. ومنها: ان انتاج الخمس وارباحه لذوي الخمس وليس للمالك. ومنها : انه اذا مات قبل دفع الخمس وجب على ورثته دفع خمس التركة مع الديون، قبل تقسيمها بينهم.
[مسألة 370] اذا أتجر بالعين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس, بطل ما قابل الخمس كما قلنا، الا اذا اجاز الحاكم الشرعي فان اجازها انتقل الخمس الى البدل, ووجب دفع الخمس منه, ولكن اذا أشترى بثمن كلي وطبقه على المال غير المخمس، كان لحلية ما يشتريه وجه مع اشتغال ذمته بخمس الثمن للبائع، لكن الاقوى عدم الفرق بين الثمن الجزئي والثمن الكلي، مادام المدفوع غير مخمس، لان العرف يراه عوضا عنه بمنزلة الجزئي, وخاصة اذا كان عازماً على الدفع من المال غير المخمس، كما هو الغالب.
[مسألة 371] لو اشترى ما فيه ربح بنحو بيع الخيار، فصار البيع لازماً، فاستقاله البائع فأقاله، وكان ذلك بعد رأس السنه لم يسقط الخمس.
[مسألة 372] اذا اتلف المالك أو غيره المال بتعد أو تفريط، ولو من اجل التسامح بالدفع زمنا معتداً به، ضمن المتلف الخمس ورجع عليه الحاكم. وكذا الحكم اذا دفعه المالك الى غيره وفاء لدين أو هبة أو عوضاً عن معاملة, فانه ضامن للخمس, وجاز للحاكم الرجوع عليه أو على من انتقل اليه المال على اشكال في الاخير اذا كان مؤمنا, وان رجع الحاكم على الاخير رجع هو على المالك مع جهله بالحال عند قبضه العين.
[مسألة 373] اذا كان ربحه غير المخمس حبا, فبذره فصار زرعا, أو اذا كان بيضا فصار دجاجا في المؤونة, فان كان له سنة مالية وجب خمس الحب والبيض لا خمس الناتج, وان كان الاحوط[ ] مع ذلك المصالحة مع الحاكم الشرعي, وان لم يكن له سنة مالية وجب الخمس في الناتج كله, واذا كان ربحه اغصانا غرسها فصارت شجراً, وجب عليه خمس الشجر, أو كانت فسيلا فصارت نخلاً، وجب عليه خمس النخل لا خمس الاصل، لان التحول هنا من قبيل النمو، وفي الصورة الاولى من قبيل التولد. وفي كون الخمس مستحقا للناتج على كل حال، وجه وجيه.
[مسألة 374] اذا حسب ربحه فدفع خمسه، ثم انكشف ان ما دفعه كان اكثر مما وجب عليه، جاز له استرداده أو بدله مع علم الفقير بالحال, ولم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية. نعم، يجوز له التسبب الى حفظ عينها لدى الفقير, أو اعتبارها دينا عليه الى السنة الآتية, فان وجب عليه الخمس عندئذ وبقي الفقير على وجه الاستحقاق جاز احتسابه عندئذ.
[مسألة 375] اذا ربح خلال السنة، فدفع الخمس باعتقاد عدم حصول مؤونة زائدة، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤونة لم تكن محتسبة, فقد انكشف انه لا خمس في ماله أو ان خمسه اقل مما دفعه، كان له ان يرجع به على الفقير مع بقاء عينه، وكذا مع تلفها مع علم الفقير بالحال، يعني بكونها من الخمس.
[مسألة 376] في جواز تصرف المالك ببعض الربح اشكال، ان كان مقدار الخمس باقيا، والاحوط[ ] بل الاظهر عدم الجواز بدون اذن الحاكم.
[مسألة 377] اذا جاء رأس الحول، كان ناتج بعض الزرع حاصلا دون بعض, فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته، ويخمس بعد اخراج المؤن, وما لم تحصل نتيجته يكون من ارباح السنة اللاحقة. نعم، اذا كان له اصل موجود له قيمة اخرج خمسه في آخر السنة، ويكون الفرع من ارباح السنة اللاحقة اذا كان له قيمة عرفية معتد بها. فمثلا : في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل وبعضه قصيل لا سنبل له، وجب اخراج خمس الجميع، واذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من ارباحها لا من ارباح السنة السابقة.
[مسألة 378] اذا كان الغوص أو اخراج المعدن مكسبا كفاه اخراج خمسها, ولا يجب عليه اخراج خمس آخر من باب ارباح المكاسب، الا اذا تجدد له نماء تجاري زائد على ذلك.
[مسألة 379] المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس, وان عال بها زوجها, ولا يستثنى من ارباحها ما يصرفه زوجها عليها, بل وكذا الحكم اذا لم تكسب، وكانت لها فوائد من زوجها أو غيره، فانه يجب عليها في آخر السنة اخراج خمسها. وبالجملة يجب على كل مكلف ان يلاحظ مازاد عنده في آخر السنة من ارباح مكاسبه وغيرها, قليلا كان أو كثيراً ويخرج خمسه، كاسبا كان ام غير كاسب.
[مسألة 380] الظاهر عدم اشتراط البلوغ والعقل والحرية في ثبوت الخمس في كل انواعه, كالكنز والغوص والمال الحلال المختلط بالحرام والارض التي يشتريها الذمي من المسلم، كل ما في الامر ان من كان ساقطا عن التكليف كالطفل والمجنون, يجب على وليه دونه، وبتعبير آخر: ان الخمس يكون مستحقا في ماله بنحو الحكم الوضعي لا التكليفي بالنسبة اليه.
[مسألة 381] اذا اشترى من ارباح سنته ما ليس من مؤونته، فارتفعت قيمته, كان اللازم اخراج خمسه عينا أو قيمة, واما اذا اشترى شيئاً بعد انتهاء سنته, ووجوب الخمس في ثمنه, فان كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال ايضاً عينا أو قيمة، اذا وقعت باذن الحاكم الشرعي، وان وقعت بدون اذنه، كان الخمس في المبيع ثابتاً، يجب على المشتري دفعه, ويرجع به على البائع مع عدم علمه بالحال. وكذلك الحال فيما اذا كان الشراء بالذمة، وكان الوفاء من المال غير المخمس، وخاصة اذا كان عازما من حين العقد على دفع الثمن من ذلك
[مسألة 382] اذا كان الشخص لا يخرج الخمس من ماله، وقد وهبه الى شخص آخر، وجب على الموهوب له اخراج خمسين، خمس جميع مال الهبة فورا ابراءً لذمة الواهب, وخمس الاربعةاخماس الباقية في آخر السنة ان كانت له سنة مالية والا ففورا ايضاً.
[مسألة 383] اذا ورث مالا لم يخرج خمسه، فان كان من الارث المحتسب، وجب عليه اخراج خمس تمام المال لا غير, وان كان من الارث غير المحتسب, وجب عليه الخمس في الباقي في رأس السنة ان كانت له سنة مالية، والا فيجب دفعه فورا.
[مسألة 384] اذا احب من له رأس سنة ان يغير رأس سنته، فاما ان يريد تقديمها، واما ان يريد تأخيرها. فان اراد تقديمها امكنه محاسبة حاله المالي ودفع ما عليه من خمس في الموعد الذي يراه مناسباً, ويكون هو الموعد الجديد لرأس سنته, بدون حاجةالى مراجعة الحاكم الشرعي.. واما ان اراد تأخيرها احتاج الى مراجعة الحاكم في تأجيل الدفع الى ذلك الموعد, فان اجّله ودفع ما في ذمته من خمس بحيث يشمل حتى مدة التأجيل. كان الموعد الجديد هو رأس سنته.
[مسألة 385] يجوز جعل السنة باي تاريخ كان كالهجري والميلادي والرومي والفارسي وغيرها, بل يمكن عد السنة بالايام أو بالاسابيع بغض النظر عن التواريخ جميعاً.
[مسألة 386] تاجيل دفع الخمس الى سنة انما هو حكم بالولاية, ارفاقا بحال المكلف, والا فيجوز ان يدفع خمس الارباح فورا, يعني في كل يوم أو في كل اسبوع أو في كل شهر أو في كل ستة اشهر أو عشرة أشهر وهكذا, بعد استثناء مؤونة هذه المدة، واما جعل الموعد اكثر من سنة, كخمسة عشر شهرا أو عشرون ونحوها، فيحتاج الى اذن الحاكم الشرعي.
[مسألة 387] يجب على كل مكلف في آخر السنة ان يخرج خمس مازاد من مؤونته, مما ادخره في بيته للمؤنة, من الارز والدقيق والحنطة والشعير والسكر والشاي والنفط والحطب والفحم والسمن والحلوى, وغير ذلك من امتعة البيت, مما اعد للمؤونة ولم يستعمل الى رأسٍ السنة, بما فيها الحلي والكتب الزائدة على حاله الاجتماعي, والثياب والفرش والاواني الزائدة عن حاجته.
[مسألة 388] اذا كان عليه دين استدانه لمؤونة السنة, وكان مساوياً للزائد عن المؤنة، مما سمعناه في المسألة السابقة، لم يجب الخمس في الزائد. وكذا اذا كان اكثر, اما اذا كان الدين اقل اخرج خمس مقدار التفاوت لا غير. واذا بقيت الاعيان المذكورة الى السنة الآتية, فوفى الدين في اثنائها، لم يجب الخمس الا على ما يزيد منها على مؤونة تلك السنة.
[مسألة 389] اذا اشترى خلال السنة اعيانا لغير المؤونة، كبستان، وكان عليه دين للمؤنة يساويها، فلا يجب اخراج خمسها, فاذا وفى الدين في السنة الثانية, كانت معدودة من ارباحها، ووجب اخراج خمسها آخر السنة. واذا اشترى بستانا مثلا، بثمن في الذمة مؤجلا, فجاء رأس السنة قبل اجل الدين أو بعده، لم يجب اخراج خمس البستان, وان كان هو احوط استحبابا اذا كان رأس السنة قبل اجل الدين, فاذا وفى الثمن في السنة الثانية كانت البستان من ارباح السنة الثانية, ووجب اخراج خمسها، كما يجب الالتفات الى وجوب وفاء الدين بمال لا يجب فيه الخمس, كالمخمس أو الموروث ارثاً محتسباً. واذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية, كان نصف البستان من ارباح تلك السنة, ووجب اخراج خمس النصف، واذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية, كان ربعها من ارباح تلك السنة. وهكذا كلما وفى جزءاً من الثمن, كان ما يقابله من البستان من ارباح تلك السنة، بمعنى انه اذا انتهت هذه السنة الثانية، وجب عليه دفع خمس البستان نفسه, ان كان اعده للتجارة، وخمس الباقي من ارباحه ان كان اعده للمؤونة. هذا اذا بقيت البستان الى رأس السنة الثانية، اما اذا تلفت قبل ذلك فلا خمس فيها. نعم، اذا بقي من
ارباحها شيء وجب تخميسه.
[مسألة 390] اذا ربح في سنة مائة دينار مثلا، فلم يدفع منها عشرين ديناراً خمساً حتى جاءت السنة الثانية، فدفع عشرين ديناراً من ارباحها، وجب الخمس في المائة دينار مع بقائها لا مع تلفها بدون تفريط، كما هو الغالب.
[مسألة 391] اذا فرض انه اشترى دارا للسكنى فسكنها، وبقيت قيمتها في ذمته، ثم وفى في السنة الثانية ثمنها من مال لا يجب فيه الخمس، لم يجب عليه خمس الدار. وكذا اذا وفى في السنة الثانية بعض اجزاء الثمن, لم يجب الخمس في الحصة من الدار. ويجري هذا الحكم في كل ما اشتراه من المؤن بالدين.
[مسألة 392] اذا نذر ان يصرف نصف ارباحه السنوية مثلا، في وجه من وجوه البر، وجب عليه الوفاء بنذره, فان صرف المال المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة، لم يجب عليه تخميس ما صرفه، بل لا يجب عليه الخمس فيما صرفه في وجوه البر, وان لم يكن منذورا. وان لم يصرفه حتى انتهت السنة، وجب عليه اخراج خمسه، ضمن مجموع ما يجب عليه من الخمس بعد اخراج المؤن. نعم، لو كان المنذور عينا أو مقدار موجودا من المال, لم يجب خمسه, ولكن لا يجوز صرفه في غير النذر.
[مسألة 393] اذا كان رأس ماله الف دينار مثلا، فاستأجر دكانا بمئة دينار واشترى آلات للدكان بمئة، وفى آخر السنة وجد ماله الفا فقط, كان عليه خمس الآلات فقط على الاحوط[ ]. ولا يجب عليه اخراج خمس اجرة الدكان, لانها من مؤونة التجارة, وكذا اجرة الحارس والحمال، والضرائب التي يدفعها الى السلطان والسرقفلية، فان هذه المؤن مستثنات من الربح، مضافا الى مؤن عياله، والخمس انما يجب فيما زاد عنها، كما سبق. نعم، اذا كانت السرقفلية التي دفعها الى المالك أو غيره أوجبت له حقا في اخذها من غيره، أو حق البقاء في المحل امدا طويلا، وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة واخراج خمسه، فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السر قفلية، وربما تنقص وربما تساوي فان زادت وجب الخمس.
[مسألة 394] اذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح، ثم دفعه تدريجياً من ربح السنة الثانية، والدفع التدريجي لا يجوز الا باذن الحاكم الشرعي, ولكنه ان دفعه كذلك باذنه أو بدونه، لم يحتسب من المؤن على الاحوط[ ], بل يجب فيه الخمس. وكذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة, فان وفاءه من ارباح السنة الثانية لا يكون من المؤن، بل يجب فيه الخمس على الاحوط[ ], اذا كان مال المصالحة عوضا عن خمس عين موجودة. وكذا اذا كانت تالفة في غير المؤونة. اما اذا كانت تالفة في المؤونة. فوفاؤه يحسب من المؤن ولا خمس فيه.
[مسألة 395] اذا حل رأس السنة فوجد بعض ارباحه أو كلها ديناً في ذمم الناس، فان امكن استيفاؤه بدون مشقة أو حرج, وجب دفع خمسه على الاحوط[ ] وان لم يستوف، وان لم يمكن استيفاؤه تخير بين ان ينتظر استيفاؤه في السنة اللاحقة، فاذا استوفاه اخرج خمسه, وكان من ارباح السنة السابقة لا من ارباح سنة الاستيفاء، يعني يجب تخميس ارباح تلك السنة بغض النظر عما استوفاه من هذه الديون، وبين ان يقدر مالية الديون فعلا، فيدفع خمسها، فاذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من ارباح سنة الاستيفاء.
[مسألة 396] اذا أتلف ربح السنة خلالها بشكل غير عقلائي ضمن خمسه، وكذا اذا اهمل الحفاظ عليه فتلف. وكذا اذا اسرف في صرفه زائداً على حاله الاجتماعي، أو وهبه كذلك، وكذا اذا باع أو اشترى على نحو المحاباة، اذا كانت الهبة أو الشراء أو البيع غير لائقه بشأنه. واذا علم ان الربح ليس من المؤنة الى آخر السنة، يعني لا يحتمل صرفه فيها, فالاحوط استحباباً، ان يبادر الى دفع الخمس ولا يؤخره الى نهاية السنة.
[مسألة 397] اذا مات المكتسب خلال السنة بعد حصول الربح، فالمستثنى هو المؤونة الى حين الموت لاتمام السنة, كما انه يجب المبادرة الى دفع خمسه من قبل الورثة, ولا يجوز تأجيله الى رأس السنة, بمعنى ان هذا التأجيل يكون ساري المفعول مادام المالك حياً ولكنه يسقط عن المشروعية والاعتبار اذا مات.
[مسألة 398] اذا علم الوارث ان مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه اداؤه، واذا علم انه اتلف مالا له قد تعلق به الخمس, وجب اخراج خمسه من تركته كغيره من الديون.
[مسألة 399] اذا اعتقد انه قد ربح فدفع الخمس فتبين عدمه، انكشف انه لا يجب عليه دفع الخمس من ماله, فله ان يرجع على من اعطاه مع بقاء عينه، وكذا مع تلفها اذا كان عالما بكونها خمساً, سواء كان قد اعطاها الى الفقير أم الى الحاكم الشرعي.
[مسألة 400] اذا ربح في اول السنة فدفع الخمس معجلا, باعتقاد عدم حصول مؤونة زائدة، فتبين عدم كفاية الربح أو عدم سيطرته على المؤونة، لتجدد مؤنة لم تكن محتسبة، لم يجز له الرجوع على المعطى له حتى مع بقاء عينه, فضلا عما اذا تلفت.
فروع في عدم دفع الخمس
[مسألة 401] ظهر مما سبق ان الخمس بجميع اقسامه وان كان يتعلق بالعين، الا ان المالك يتخير بين دفع العين ودفع قيمتها, ولا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل ادائه. بل الاحوط وجوباً عدم التصرف في بعضها ايضاً, وان كان مقدار الخمس باقياً في البقية. واذا ضمنه في ذمته باذن الحاكم الشرعي أو عزله كذلك، صح. ويسقط الحق من المال، فيجوز التصرف فيه.
[مسألة 402] لا باس بالشركة مع من لا يخمس, اما لاعتقاده بعدم وجوبه قصوراً أو تقصيراً، أو لعصيانه وعدم مبالاته بالدين, ولا يلحقه وزر من قبل شريكه، ويجزيه ان يخرج خمسه من حصته من الربح.
[مسألة 403] اذا اخذ المال مضاربة من شخص لا يخمس، كان راس المال بمقدار الاربعة اخماس فقط, ولم يجز له التجارة به الا بعد تخميسه, أو باذن الحاكم الشرعي. واذا اخذ دينا من شخص لا يخمس كالقرض أو ثمن مبيع أو اجارة، أو غيرها، كان مقدار اربعة اخماسه مشروعا، وخمسه مستحقا لارباب الخمس, ولم يكن وفاء لما في ذمة المالك. وللقابض ان يدفع خمسة باذن الحاكم الشرعي، ويرجع به على المالك.
[مسألة 404] اذا كان رب الاسرة لا يخمس، أو كان وارده من مجهول المالك، وهو لا يقبضه قبضا شرعيا، فان امكن لاي فرد من الاسرة الاستقلال في الصرف على نفسه وجب, وان كان مضطرا للبقاء وجبت مراجعة الحاكم الشرعي لتحليل تصرافاته ومصرفه. ومن قبلنا فانه يجب عليه دفع مبلغ معتد به اما الى فقراء المؤمنين أو الحاكم الشرعي. فان كان رب الاسرة عاصيا بالخمس، كان ما يدفعه بمنزلة الخمس، وان كان ذاك عاصيا بمجهول المالك كان ما يدفعه بمنزلة رد المظالم.
[مسألة 405] يحرم الاتجار بالعين بعد انتهاء السنة، قبل دفع الخمس أو اخذ الاذن من الحاكم الشرعي بتأجيله أو نقله الى الذمة، لكنه اذا اتجر بالعين عصيانا أو لغير ذلك، امكن القول بصحة المعاملة اذا كان طرفها الآخر مؤمنا, وكذلك لو وهبه أو باعه بالمحاباة. الا ان الاحوط وجوبا هو نفوذ المعاملة في اربعة اخماس العوض، كما سبق، ثمنا كان أو مثمنا أو مجانياً.
فروع في عدم وجوب الخمس
[مسألة 406] ليس لفاضل المؤونة مما يجب خمسه نصاب أو مقدار، فيجب فيه الخمس قل أو كثر، مالم يسقط عن المالية, كعود ثقاب أو حبة حنطة، أو يسقطه الشارع المقدس عنها كالخمر والخنزير.
[مسألة 407] لا يجب الخمس في التالف بدون تعد ولا تفريط. فان تلف بعضه وجب خمس الباقي، كما لا يجب الخمس فيما كان بمنزلة التالف, وان كان موجودا حقيقة، كالمال المفقود أو المحجوز أو الغارق في البحر أو المسروق أو نحو ذلك. فانه لا يعتبر من ارباح السنة اذا كان للمكلف سنة مالية. واما اذا لم يكن له سنة مالية، فقد تعلق به الخمس بمجرد ظهوره، فالاحوط وجوبا تخميسه، سواء كان عدم السنة المالية اهمالا وعصيانا أم لانه يدفع خمس الارباح أولا باول.
[مسألة 408] العرصة من الارض مهما كان حجمها أو سعتها، لا تدخل في ملك صاحب اليد ما دامت قفراء لم يعمل عليها عملا، حتى وان اعتبرت عرفا أو في [الطابو] ملكا له, ولذلك عدة نتائج منها: عدم وجوب دفع الخمس عنها. ومنها: انها لا تذهب ارثاً. ومنها: بطلان المعاملة في بيعها أو هبتها وغيرها. غير ان اخذ ثمنها العرفي يمكن توجيهه فقهيا، كما سيأتي في كتاب البيع ان شاء الله تعالى.