الفصل الاول
شروط القصر
تقصر الصلاة الرباعية لزوما, بحذف الركعتين الاخيرتين منها في السفر بشروط :
الشرط الاول : قطع المسافة، وهي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو ايابا, أو هي ملفقة اربعة ذهابا واربعة ايابا، سواء اتصل ذهابه بايابه, ام انفصل عنه بمبيت ليلة أو اكثر, مادام صدق السفر عرفا متحققا. غير ان الاحوط[ ] في الفقة عدم اطالة المكوث. وكذا لو بدا له المكث خلال المسافة القصوى قبل اتمامها.
[مسألة 1210] الفرسخ ثلاثة اميال، والميل اربعة الاف ذراع بذراع اليد، وهو من المرفق الى اطراف الاصابع. فتكون المسافة 43.776 كيلو مترا ويكون نصفها 21.888 كيلو مترا، كما حققناه في غير المقام[ ].
[مسألة 1211] اذا نقصت المسافة عن ذلك ولو يسيرا, بقي على التمام. وكذا اذا شك في بلوغها المقدار المذكور أو ظن.
[مسألة 1212] تثبت المسافة بالعلم والاطمئنان والوثوق والبينة الشرعية، ولا يبعد ثبوتها بخبر العدل الواحد، بل باخبار مطلق الثقة, وان لم يكن عادلا. واذا تعارضت البينتان أو الخبران, تساقطا ووجب التمام, الا مع الوثوق باحدهما دون الاخر, فيعمل على من وثق به. ولا يجب الاختبار اذا لزم منه الحرج, بل مطلقا.
[مسألة 1213] اذا شك العامي في مقدار المسافة شرعا، وجب عليه اما الرجوع الى المجتهد والعمل على فتواه، أو الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام, ما لم يكن هناك حالة سابقة لاحدهما, فيبنى عليها. واذا اقتصر على احدهما وانكشفت مطابقته للواقع اجزاه.
[مسألة 1214] اذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر، فظهر عدمه اعاد. وكذا اذا اعتقد عدم كونه مسافة, ويجب القضاء في كلتا الصورتين ايضا على الاحوط[ ].
[مسألة 1215] اذا شك في كون ما قصده مسافة, أو اعتقد العدم, وظهر في اثناء السير كونه مسافة, قصر, وان لم يكن الباقي مسافة.
[مسألة 1216] اذا كان للبلد طريقان، والابعد منهما مسافة دون الاقرب. فان سلك الابعد قصر، وان سلك الاقرب اتم. وكذا اذا ذهب من الابعد ورجع من الاقرب, أو بالعكس.
[مسألة 1217] اذا كان الذهاب خمسة, فراسخ والاياب ثلاثة. فهو من صور التلفيق بالمسافة التي يجب فيها التقصير، مع صدق السفر كما سبق. والمهم في جميع الصور الملفقة ان لايقل الذهاب عن اربعة فراسخ، بغض النظر عن طريق العود, فان كان كذلك قصر والا اتم.
[مسألة 1218] مبدا حساب المسافة, من سور البلد أو من منتهى البيوت, فيما لاسور له, سواء كان البلد كبيرا أم صغيراً.
[مسألة 1219] لا يعتبر توالي السفر على النحو المتعارف، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة, ولو في ايام كثيرة, ما لم يخرج عن صدق السفر عرفا, والمهم صدقه الفعلي بحيث يكون له همة فعلية في الذهاب، لا مطلق الصدق.
[مسألة 1220] يجب القصر في المسافة المستديرة، ويكون الذهاب فيها الى منتصف الدائرة, والاياب منه الى البلد. هذا اذا كانت في احد جوانب البلد. اما اذا كانت مستديرة على البلد, فوجوب القصر فيها محل اشكال.
[مسألة 1221] لا بد من تحقق القصد الى المسافة في أول السير, فاذا قصد مادون المسافة وبعد بلوغه, تجدد قصده الى ماودنها ايضا, وهكذا, وجب التمام, وان قطع مسافات. نعم, اذا شرع في الاياب الى البلد وكانت المسافة ثمانية فراسخ قصر, والا بقي على التمام, فطالب الضالة أو الغريم أو الابق ونحوهم, يتمون الا اذا حصل لهم في الاثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفقة كما سبق.
[مسألة 1222] اذا خرج الى مادون اربعة فراسخ, ينتظر رفقة ان تيسروا سافر معهم، والا رجع. وجب ان يتم. وكذا اذا كان سفره مشروطا بامر اخر غير معلوم الحصول. نعم, اذا كان مطمئنا بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الامر, قصر.
[مسألة 1223] لا يعتبر في قصد السفر ان يكون مستقلا, ولا ان يكون مختارا، فلو كان تابعا كالزوجة والعبد, أو مكرها كالاسير, أو مضطرا كالمريض، وجب التقصير، والمهم في هؤلاء هو القصد الجدي للمسافة في طول هذه الاسباب، وليس للتبعية عنوان مستقل في التقصير, بالرغم من كونه مطابقا للمشهور.
[مسألة 1224] اذا شك في قصد المتبوع، بقي على التمام، والاحوط استحبابا الاستخبار منه. ولكن لا يجب عليه الاخبار. واذا علم في الاثناء قصد المتبوع, وكان مسافة, قصر, حتى لو كان الباقي دونها. لان القصد الاجمالي من الاول موجود.
[مسألة 1225] اذا كان التابع عازما على مفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة, أو مترددا في ذلك, بقي على التمام. وكذا اذا كان عازما على المفارقة, على تقدير حصول امر محتمل الحصول، سواء كان له دخل في حصول المقتضي للسفر، مثل الطلاق أو العتق، ام كان مانعا,أم شرطا في السفر مع تحقق المقتضى له. فاذا قصد المسافة واحتمل عقلائيا حدوث مانع عن سفره, اتم صلاته. وان انكشف بعد ذلك عدم المانع.
[مسألة 1226] سبق ان الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري، كما اذا القي في قطار أو سفينة, بقصد ايصاله الى نهاية مسافة. وهو يعلم بلوغه ذلك ولو اطمئنانا.
الشرط الثاني
للقصر
استمرار القصد. فاذا عدل قبل بلوغ الاربعة فراسخ, الى قصد الرجوع, أو تردد في ذلك, وجب التمام, وتجب اعادة ما صلاه قصرا في الوقت لا في خارجه. وان كان قد افطر, استمر على الافطار, وان كان العدول أو التردد بعد بلوغه الاربعة, وكان عازما على العود قبل اقامة عشرة ايام، بقي على القصر والافطار.
[مسألة 1227] يكفي في استمرار القصد بقاء نوع السفر, وان عدل عن الشخص الخاص, كما اذا قصد الى مكان. وفي الاثناء عدل الى غيره، اذا كان يبلغ ما مضى مع ما بقي اليه مسافة، فانه يقصر على الاصح. وكذا اذا كان من أول الامر قاصدا السفر الى احد البلدين, من دون تعيين احدهما، اذا كان السفر الى كل منها يبلغ مسافة.
[مسألة 1228] اذا تردد في الاثناء في الاستمرار بالسفر، ترددا معتدا به، ثم عاد الى الجزم. فان لم يسر حال تردده عرفا، فلا اثر له, وان كان قد سار، فان كان ما بقي مسافة ولو ملفقة, قصر. والا اتم صلاته. نعم, اذا كان طريق الرجوع مسافة, قصر.
[مسألة 1229] ما صلاه قصرا قبل العدول عن قصده, لا تجب اعادته في الوقت, ولا قضاؤه خارجه. وان كانت الاعادة في الوقت احوط[ ].
الشرط الثالث : ان لا يكون ناويا في أول السفر, اقامة عشرة ايام قبل بلوغ المسافة, أو يكون مترددا في ذلك. والا اتم من أول السفر. وكذا اذا كان ناويا المرور بوطنه أو مقره أو مترددا في ذلك. واذا كان قاصدا السفر المستمر، لكن يحتمل احتمالا معتدا به، عروض ما يوجب تبدل قصده, على نحو يوجب ان ينوي الاقامة عشرة ايام, أو المرور بالوطن، اتم صلاته، وان لم يعرض ما احتمل عروضه.
الشروط الرابع
ان يكون السفر مباحا
فاذا كان السفر حراما لم يقصر، سواء اكان حراما في نفسه كاباق العبد، ام لغايته كالسفر لقتل النفس المحترمة والسرقة والزنا ولاعانة الظالم ونحو ذلك. ويلحق به ما اذا كان السفر لترك واجب، كما اذا كان مديونا, وسافر مع مطالبة الدائن وامكان الاداء في الحضر دون السفر. فانه يجب فيه التمام ان كان السفر بقصد التوصل الى ترك الواجب. اما اذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام, أو ترك الواجب اثناءه, كالغيبة وشرب الخمر وترك الصلاة ونحو ذلك. من دون ان يكون الحرام أو ترك الواجب غاية السفر، وجب فيه القصر.
[مسألة 1230] اذا سافر بقصد الصلاة تماما في السفر تشريعا, كان سفره حراما, ووجب عليه اتمام الصلاة فيه.
[مسألة 1231] اذا كان السفر مباحا, ولكن ركب دابة مغصوبة, أو مشى في ارض مغصوبة, ففي وجوب التمام أو القصر وجهان, اظهرهما القصر. نعم, اذا سافر على دابة بقصد الفرار بها عن المالك, اثم واتم.
[مسألة 1232] اباحة السفر شرط في الابتداء والاستدامة, فاذا كان ابتداء سفره مباحا, وفي الاثناء قصد المعصية اتم. واما ما صلاه قصراً فلا تجب اعادته، اذا كان قد قطع مسافة, وألا فالاحوط وجوباً الاعادة في الوقت دون خارجه. واذا رجع الى قصد الطاعة, فان كان ما بقي مسافة ولو ملفقة وشرع في السير, قصر. وكذا ان لم يكن مسافة ولكنه لم يقطع بعد العدول الى المعصية شيئا من الطريق،واذا شرع في الاياب وكان مسافة, قصر، مالم يكن متضمنا للحرام ايضا.
[مسألة 1233] اذا كان ابتداء سفره معصية, فعدل الى المباح, فان كان الباقي مسافة، ولو ملفقة، كما سبق، قصر, والا اتم.
[مسألة 1234] الراجع من سفر المعصية يقصر، اذا كان الرجوع مسافة، ولم يكن معصية، وان لم يكن تائبا.
[مسألة 1235] اذا سافر لغاية ملفقة من الطاعة والمعصية, اتم صلاته. الا اذا كانت المعصية تابعة غير صالحة للاستقلال في تحقق السفر, فانه يقصر.
[مسألة 1236] اذا سافر للصيد لهوا، كما يستعمله اهل الدنيا, اتم الصلاة في ذهابه, وقصر في ايابه، اذا كان وحده مسافة. واما اذا كان الصيد لقوته أو قوت عياله, قصر. وكذلك اذا كان للتجارة على الاظهر, ولا فرق في ذلك بين صيد البر والبحر والجو.
[مسألة 1237] نقل المسافر للمعصية معصية, لانها اعانة له على الاثم، سواء كان مجانا أم باجرة. فيجب على الناقل الاتمام في سفره مع علمه بقصد الاخر.
[مسألة 1238] التابع للظالم أو للجائر، اذا كان مكرها أو بقصد غرض صحيح, كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر. والا فان كان على وجه يعد من اتباعه واعوانه في جوره, أو فيه اعانة له على ذلك، وجب عليه الاتمام، وان كان سفر الجائر مباحا، فالتابع يتم والمتبوع يقصر.
[مسألة 1239] اذا شك في كون السفر معصية أو لا, مع كون الشبهة موضوعية، فالاصل الاباحة فيقصر، الا اذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة. أو كان هناك اصل موضوعي يحرز به الحرمة، فلا يقصر.
[المسألة 1240] اذا كان السفر في الابتداء معصية, فقصد الصوم ثم عدل في الاثناء الى الطاعة، فان كان الباقي مسافة وقد شرع فيها, افطر، ولا يفطر بمجرد العدول. ولا ما اذا كان الباقي اقل من المسافة. وكذلك اذا كان العدول والشروع في السفر بعد الزوال. والاحوط استحبابا القضاء.
[مسألة 1241] اذا انعكس الامر عن المسألة السابقة. بان كان سفره طاعة في الابتداء، فلم ينو الصوم، وعدل الى المعصية في الاثناء, وكان العدول قبل الاتيان بالمفطر وقبل الزوال, نوى الصيام, والاحوط له استحبابا القضاء. ولو كان بعد الزوال أو بعد تناول المفطر، وجب عليه على الاحوط[ ] الامساك والقضاء.
الشرط الخامس
ان لا يتخذ السفر عملا له
كالمكاري والملاح والراعي والتاجر الذي يدور في تجارته، وغيرهم ممن عمله السفر, الى المسافة فما زاد، فان هؤلاء وامثالهم يتمون في سفرهم ماداموا يخرجون في اعمالهم. واما اذا استعملوا السفر لانفسهم, كحمل المكاري متاعه أو اهله من مكان الى اخر, فوظيفتهم التقصير، الا اذا كان العمل الاساسي هو المقصود، وكان هذا الاستعمال ضمنيا.
[مسألة 1242] كما ان التاجر الذي يدور في تجارته يتم صلاته, كذلك العامل الذي يدور في عمله، كالنجار الذي يدور في الارياف لتعمير النواعير والكرود، والبناء الذي يدور في الارياف لتعمير الابار التي يستقى منها للزرع, والحداد الذي يدور في المزارع لتعمير الماكنات واصلاحها, والنقار الذي يدور لنقر الرحى, وامثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد والقرى والرساتيق للاشتغال والاعمال. ومثلهم الحطاب والجلاب الذي يجلب الخضر والفواكه والحبوب ونحوها الى البلد، فانهم يتمون الصلاة.
[مسألة 1243] العناوين المحتملة لهذا الشرط الخامس عدة امور :
الامر الاول : ان يكون السفر عمله، يعني انه يتكسب بنفس السفر، كالمكاري والسائق والطيار. فمتى خرج في عمله اتم وصام، ومتى خرج لغير عمله قصر وافطر.
الامر الثاني : ان يكون عمله في السفر، يعني ان يكون عمله متوقفا على السفر، بحيث يستحيل عادة ممارسته بدون السفر. كمن يعمل في مدينة اخرى غير المدينة التي يسكنها، كالطبيب والممرض والطالب والعسكري والموظف واضرابهم، فانهم ان ذهبوا الى اعمالهم اتموا وصاموا. ولا يفرق في الطالب بين طالب العلم الديني, أو العلم الدنيوي. ممن يكون تلقى العلم دخيلا في مستقبله، وتتوقف عليه حياته. لا مجرد البحث عن مشكلة تاريخية مثلا في المصادر.
الامر الثالث : ان يكون عملهم في السفر بنحو الدوران في البلدان, كالذين اشرنا اليهم في المسألة السابقة. فان حكمهم الاتمام ايضا.
الامر الرابع : ان لا يكون شيء من ذلك. بل يكون كثير السفر باختياره, كالتنـزه والزيارة, والظاهر هو الاتمام ايضا، اذا كانت المقاصد عقلائية أو دينية. ولكن يشترط صدق الكثرة عرفا، كثلاث سفرات في الاسبوع على الاقل. فان لم تكن المقاصد صحيحة عقلائيا أو دينيا، كالتنزه المستمر, أو الصيد بقصد التفريح، ونحو ذلك, فانه لا يتم من هذه الجهة.
[مسألة 1244] انما يتم من عمله في السفر. اذا كان سفره من عمله، فان حصل له عمل اخر اتفاقي, قصر، وان كان فيه كسب, كالبزاز اذا اتته صفقة من اللحوم, أو القصاب اذا اتته صفقة من الاقمشة.
[مسألة 1245] لا يختلف في الاتمام مقدار ما يقطع من المسافة في السفر, مادام ممارسا لنوع عمله لم يتغير, كما اشرنا في المسألة السابقة. فاذا اختص عمله بالسفر الى ما دون المسافة, ان اتفق له السفر الى المسافة, اتم وصام ما دام خارجا في عمله.
[مسألة 1246] لا يعتبر في وجوب التمام تكرار السفر ثلاث مرات، بل يكفي كون السفر عملا له أو عمله في السفر, ولو في المرة الاولى.
[مسألة 1247] اذا خرج في سفرات اتفاقية, ولكنها مربوطة بعمله، وكان عمله في السفر، اتم وصام, كالموظف ترسله دائرته في عمل رسمي, أو العسكري ترسله وحدته في مامورية، أو الطالب ترسله مدرسته في بحث ميداني, أو التاجر يذهب لشراء البضائع أو لاستلامها الى, غير ذلك.
[مسألة 1248] اذا كان السفر اتفاقيا في علل كسبه أو معلولاته، قصر وافطر. كالتاجر يذهب لاستيفاء دين أو لدفعه، أو لاخذ اجازة استيراد, أو في معاملة رسمية أو قضائية. كالموظف أو المدرس الرسمي يذهب لمعاملة تعيينه أو تقاعده ونحو ذلك.
[مسألة 1249] اذا اجتمع سببان للاتمام، كان الفرد أولى بذلك، كما لو كان عمله السفر وكثير السفر، أو كان عمله في السفر وسفره معصية, أو عمله في السفر وينوي اقامة عشرة ايام أو غير ذلك. فالمهم في الاتمام هو وجود سبب واحد له، فضلا عن الاكثر.
[مسألة 1250] اذا كان عمله السفر، اتم ما دام خارجا في عمله كالسائق, سواء كان ذاهبا ام عائدا. وكذلك كثير السفر ما دام العنوان صادقا عرفا, سواء كان ذاهبا ام عائدا. وكذلك من عمله في السفر كالتاجر والمعلم والطالب, اذا خرجوا لاعمالهم، فانهم يتمون في ذهابهم وبلد عملهم وفي طريق العودة ايضا. ويتمون ايضا في بلد سكناهم. وكذلك من يدور في عمله بين البلدان. واما اذا كان السفر لسبب اخر غير العمل, قصر ذاهبا وراجعا. فالمهم انه متى كان الذهاب سببا للاتمام كان العود سببا له، ومتى كان الذهاب سببا للقصر كان العود كذلك.
[مسألة 1251] اذا سافر من عمله السفر أو في السفر، سفرا ليس من عمله، كما اذا سافر المكاري للزيارة أو الحج, وجب عليه التقصير. ومثله ما اذا اعطبت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها ورجع الى اهله. فانه يقصر في سفر الرجوع على الاحوط[ ]. وكذلك لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها ورجع الى اهله. واما اذا لم يتهيا له الركاب في رجوعه, فرجع الى اهله بسيارة أو سفينة خالية.فانه يتم في رجوعه.
[مسألة 1252] الاتمام في الرجوع يكون ما اذا كان الرجوع من عمله، أو كان قاصداً اهله مباشرة، لا ما اذا كان ذاهباً الى سبب اخر ليس فيه ذلك, كالزيارة في غير بلده, ولو في طريق الرجوع, بحيث يصدق عرفا قصده للزيارة لا قصده لاهله فانه يقصر.
[مسألة 1253] اذا اتخذ السفر عملا له في شهور معينة من السنة, أو فصل معين فيها، كالذي يكري دوابه بين مكة وجدة في شهور الحج, أو يجلب الخضر في فصل الصيف، يجري عليه حكم الاتمام في المدة المذكورة.
[مسألة 1254] المهم في الاتمام هو ان يكون عمله في السفر أو السفر نفسه، ولا دخل لزيادة السفر أو قلته في ذلك, فالحملة دارية الذين يسافرون الى مكة ايام الحج في كل سنة، ويقيمون في بلدهم بقية ايام السنة. يتمون ماداموا خارجين لعملهم هذا. بل حتى لو اصبح الفرد حملداراً لسنة واحدة، ما لم يكن ينافي عملا اخر له كما اشرنا في المسألة [1244].
[مسألة 1255] الظاهر ان عنوان من عمله السفر أو في السفر، يتوقف على قصد ذلك ليكون بمنزلة المهنة له. فاذا قصد ذلك ولو لاول مرة اتم سفره. لكن على ان لا تكون هناك فترة غير معتادة اهمل الفرد فيها التردد على عمله، بحيث خرج عرفا عن كونه ممارسا له، فاذا خرج من دون تجديد قصد المزاولة العرفية, قصر. واذا كان العمل محددا بازمنة متباعدة نسبيا, لم يضر ذلك في الاتمام, لانه غير ضار بصدق العمل عرفا. كالذي يكري سيارته في كل سنة مرة الى الحج, أو يكريها في كل اسبوع الى كربلاء. ولا دخل عندئذ لقلة السفر وكثرته في وجوب التمام.
[مسألة 1256] اذا لم يتخذ السفر عملا وحرفة, ولكن كان له غرض في تكرر السفر بلا فترة، مثل ان يسافر كل يوم من البلد للتنـزه أو لعلاج مرض، أو لزيارة امام أو نحو ذلك, مما لا يكون فيه السفر حرفة ومهنة. فان كان الغرض عقلائيا أو دينيا في كل هذه السفرات, وتكرر منه السفر في الاسبوع ثلاث مرات أو اكثر، كان كثير السفر عرفا, ووجب عليه التمام والا قصر. والظاهر ان التنـزه المستمر ليس من الاسباب العقلائية.
[مسألة 1257] اذا اقام من عمله السفر أو في السفر عشرة ايام في بلده, أو في اي بلد، اتم اذا خرج بعدئذ في عمله ولو لاول مرة. نعم, عنوان كثير السفر ينتفي بذلك، ولا يعود الا مع عود شرطه الذي سمعناه.
[مسألة 1258] السائح في الارض لفترة أو دائما, يتم مع توفر شرطه, بحيث يصدق انه كثير السفر. والا قصر. نعم، اذا كانت السياحة عملا له عرفا اتم فيها ايضا.
الشرط السادس : للقصر في السفر: ان لا يكون ممن بيته معه, كاهل البوادي الذين لا مسكن لهم معين من الارض، بل يتبعون العشب والماء اينما كانا, ومعهم بيوتهم وهي الخيام والمضارب، فان هؤلاء يتمون صلاتهم فيما اذا حملو بيوتهم معهم للانتقال من محل سكن الى محل اخر. ويقصرون في السفرات الاخرى, كالحج والزيارة أو شراء القوت. وكذا يقصر اذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب والماء. والظاهر الاتمام في اي سفر كانوا يحملون بيوتهم معهم. دون الاسفار الاخرى.
الشرط السابع : ان يصل المسافر حال خروجه الى حد الترخص, فلا يقصر لو صلى قبله، والمراد به المكان الذي يخفى فيه شخص المسافر عن الناظر الواقف في اخر بيوت المدينة. فان شك في حصوله, لزم الاحتياط بالاتمام حتى يحصل الوثوق به. وعلامة ذلك بشكل تقريبي, ان المسافر لا يرى الشخص الواقف في نهاية البلد ولا يسمع صوت اذانه.
[مسألة 1259] القدر المتيقن في ثبوت حد الترخص هو الخروج من الوطن، الا ان الظاهر الحاق محل الاقامة والمكان الذي بقي مترددا فيه ثلاثين يوما، وكذلك كل محل كان يتم فيه, كمحل عمله وغير ذلك. وان كان الاحوط[ ] في مثله الجمع بين القصر والتمام لو صلى قبل حد الترخص.
[مسألة 1260] المدار في الرؤية والسماع الذي هو لحد الترخص, ما كان على النحو المتعارف لمن كان صحيح السمع والبصر, ولا عبرة بالضعيف منهما، كما لا عبرة بالفاقد، ولا عبرة بالاجهزة المستعملة للتقريب أو التكبير.
[مسألة 1261] مشهور الفقهاء على ان حد الترخص كما هو ثابت في الذهاب، كذلك في العود, فاذا وصله اتم. الا ان الاقوى عدم ثبوته. فيبقى على حكم التقصير الى حين دخوله المدينة. وخاصة في غير عنوان الوطن, بل محل الاقامة أو محل العمل.
[مسألة 1262] اذا شك في الوصول الى الحد بنى على عدمه. فيبقى على التمام الى ان يحصل الوثوق بحصوله.
[مسألة 1263] اذا اعتقد الوصول الى الحد فصلى قصرا، ثم بان انه لم يصل بطلت، ووجبت الاعادة قبل الوصول اليه تماما, وبعده قصرا. فان لم يعد وجب عليه القضاء.
[مسألة 1264] اذا صلى في واسطة نقله عن عذر شرعي، فليس له ان يقصر الا بعد الخروج عن الحد. فلو صلى قبله اتم. واما لو صلى قبله وخرج عن الحد في اثناء صلاته، فإن لم يتجاوز الركعتين, بل الركوع من الثالثة، تعين القصر، والا فالاحوط[ ] رفع اليد عنها واستيناف صلاة مقصورة.
[مسألة 1265] لا فرق في طول حد الترخيص، بل في طول مسافة القصر نفسها بين ان تكون برا أو بحرا، جبلية كانت أو سهلية، مسكونة بوجود قرى أو مدن اخرى في خلالها أو غير مسكونة.
[مسألة 1266] السفر جوا كالسفر ارضا، في مسافة القصر وحد الترخص، ووجوب الاتمام في موارده وغير ذلك. ولكن لا يعتبر السفر العمودي الى مثل هذا المقدار حدا للقصر أو للترخص، بل يلحقه حكم الارض التي تحته. فان كان يجب عليه الاتمام فيها اتم وان كان يجب القصر قصر.
الفصل الثاني
في قواطع السفر
وهي امور:
الامر الاول : الوطن. والمراد به المكان الذي يتخذه الانسان مقرا له على الدوام لو خلي ونفسه الى اجل غير محدود. بحيث اذا لم يعرض له ما يقتضي الخروج منه لم يخرج. سواء كان مسقط راسه ام استجده، ولا يعتبر ان يكون له فيه ملك، ولا ان يكون قد اقام فيه ستة اشهر. بل ولا يعتبر فيه ان يكون الاتخاذ اختياريا، بل لو كان هذا القصد ناشئا من الاضطرار أو الاكراه, صح. ولكن يعتبر فيه عدم تحديد المدة, أو تحديد مدة طويلة كعشر سنوات اما التحديد بالسنتين أو الاربع ونحوها، فلا يكون وطنا. ومع الشك في صدق العنوان يبني على عدمه. واما مع وجود القصد المشار اليه للتوطن, فيتم ولو لاول صلاة, ولا حاجة الى مضي زمن لسكناه.
[مسألة 1267] لا يمكن عرفا ولا شرعا ان يكون للفرد وطنان, بل الوطن واحد لا يتعدد وهو ما سبق. ومن لم يتوفر فيه ذلك القصد لا وطن له، كمن يسكن في مدينتين مددا متقاربة في الطول، كستة اشهر أو سنة في كل منهما، فلا تكون اي منهما وطنا له، وخاصة بعد نفي الوطن الشرعي، كما سياتي. نعم, يمكن ان يتم الفرد في مدينتين لا بعنوان الوطنين، بل يمكن ان يكون احدهما وطنا والاخر محل عمله، أو محل اقامة عشرة ايام وغير ذلك.
[مسألة 1268] الظاهر انه يكفي في ترتيب احكام الوطن مجرد نية التوطن، ولو في أول يوم أو أول صلاة، كما اشرنا. وليس لابد من الاقامة مدة زائدة.
[مسألة 1269] اذا انتفى قصد التوطن, انتفى وجوب الاتمام, فاذا ورد البلدة بعدئذ من سفر وجب فيها التقصير, ولكن ليس له التقصيرقبل ان يخرج, بعد العدول عن التوطن, اذا كان قد صلى بهذا القصد صلاة رباعية. وان كان الاحوط[ ] الجمع بين القصر والتمام في مثله.
[مسألة 1270] يكفي في صدق التوطن قصده, ولو تبعا كالزوجة والاولاد, والمهم هو القصد لا التبعية, الا لمجرد كونها سببا له.
[مسألة 1271] اذا كان يسكن في مدينتين مددا متفاوته، كان وطنه منهما ما سكنه اكثر, أو الاهم له, أو الذي فيه رغبته وقصده, فان انتفى كل ذلك، لم يكونا معا وطنا له.
[مسألة 1272] الظاهر عدم جريان احكام الوطن على الوطن الشرعي. وهو المكان الذي يملك فيه الانسان منـزلا قد استوطنه ستة اشهر فصاعدا. بل حكمه حكم غيره في القصر والتمام.
[مسألة 1273] اذا حدث له التردد في التوطن في المكان, بعد ما كان وطنا اصليا أو مستجدا. ففي بقاء الحكم اشكال. الا ان الاظهر هو بقاؤه, ما لم يعزم على الترك والاعراض. وان كان الاحوط[ ] له اذا جاءه من سفر بعد ذلك الجمع بين القصر والتمام.
[مسألة 1274] العبرة في الوطن هو القصد، وليس مسقط الراس, أو البلد الذي يلقب به, أو الذي تسكنه اسرته أو عشيرته. او الذي كان قد سكنه مدة طويلة ولا غير ذلك.
[مسألة 1275] اذا ترك الفرد السكنى في وطنه وذهب الى بلد اخر ليسكن فيه.فان قصده وطنا له, اتم فيه وقصر في الاخر.وان لم يكن وطنا له, قصر فيه واتم في الاخر، ما لم يكن محل عمله, كالطالب يسكن في بلد دراسته, والعامل يسكن في محل عمله, والطبيب والمعلم يسكن في محل عمله, وغير ذلك.فانه عندئذ يتم في محل عمله وفي وطنه, ويتم في الطريق الى عمله وفي العود منه, مادام قاصدا الى وطنه قصدا غير منقطع عرفا.
[مسألة 1276] لا فرق في بلد العمل بين السكنى فيه لمدة قصيرة أو لسنين طويلة،فيتم في وطنه وفي محل عمله، ما لم يتم عمله أو يعرض عن وطنه.نعم، لو طالت به المدة في عمله،بحيث اعتبر عرفا من اهله, وتاركا للبلد الاخر الذي كان وطنا له, وان لم يعرض عنه،فالاحوط[ ] له الجمع بين القصر والتمام مع الذهاب اليه. واذا اراد الاستغناء عن هذا الاحتياط، لزم الجزم بالاعراض عنه أو قصد الاقامة فيه عشرة ايام.
[مسألة 1277] اذا اعرض عن الوطن وتركه, خرج عن حكم الوطن, ولو كان له الرغبة في العود اليه.نعم، لو عاد اليه رجع اليه الحكم, ومن هنا يتضح انه يمكن تغيير الوطن عدة مرات باعتبار القصد, مادام جديا وعقلائياً.
[مسألة 1278] اذا ورد الى بلد عمله لغير عمله, فالاحوط[ ] له التقصير. وان كان الاحوط[ ] من ذلك قصد الاقامة أو الجمع.
[مسألة 1279] اذا كان محل عمله دون المسافة الشرعية، كان أولى بحكم الاتمام.كما لو كان الانسان وطنه النجف، وله محل في الكوفة يخرج اليه كل يوم ويرجع ليلا، فانه يتم في النجف والكوفة معا. واذا خرج من النجف قاصدا محل العمل, وبعد الظهر يذهب الى بغداد, يجب عليه الاتمام في الكوفة.واذا رجع من بغداد الى النجف, ووصل الى محل عمله تم. مع قصد العمل لا لمجرد العبور في السفر خلال البلد،لا ذهابا ولا ايابا, والا قصر فيه اعني في الكوفة. وكذلك الحكم لاهل الكاظمية اذا كان لهم محل عمل في بغداد وخرجوا منها اليها، ثم سافروا الى كربلاء مثلا.
[مسألة 1280] الوطن هو البلد, واسعا كان ام صغيرا, والمهم المنطقة التي تسمى عرفا باسمه، وان كان الظاهر انتهاؤه عرفا بانتهاء البيوت، وعدم انطباقه على المزارع والمعامل والقصبات التي حوله.كما ان محل قصد الاقامة هو ذلك, وحد الترخص يحسب منه ايضا. ولا عبرة بالاحياء من داخل المدينة الواحدة.
[مسألة 1281] اذا كانت بلدتان أو منطقتان مختلفتان في التسمية عرفا،فهي بحكم الاثنتين وان اتصلتا, كالكاظمية وبغداد, أو النجف والكوفة، فيعتبر في الخروج من اي منهما باتجاه الاخرى حدها العرفي دون حدها الاداري.
الامر الثاني : من قواطع السفر: العزم على الاقامة عشرة ايام متوالية في مكان واحد, أو العلم ببقائه المدة المذكورة. فيه وان لم يكن باختياره, والليالي المتوسطة والاولى داخلة دون الاخيرة. ويكفي تلفيق اليوم المنكسر عن يوم اخر، فاذا نوي الاقامة من زوال يوم الى زوال اليوم الحادي عشر منه, وجب التمام والظاهر ان مبدا اليوم هنا طلوع الشمس. فاذا نوى الاقامة من طلوعها كفى في وجوب التمام فيها الى غروب اليوم العاشر.
[مسألة 1282] يشترط وحدة محل الاقامة عرفا. فاذا قصد الاقامة في مكانين عرفا, بقي على القصر فضلا عن الاكثر. كالنجف والكوفة, أو بغداد والكاظمية.
[مسألة 1283] لا يشترط في قصد الاقامة قصد عدم الخروج من سور البلد أو بيوته، بل اذا قصد الخروج الى ما يتعلق بالبلد من الامكنة, مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته وماله ونحو ذلك من الامكنة التي يتعارف وصول اهل البلد اليها، لم يقدح في صدق الاقامة فيه.
[مسألة 1284] يشكل الخروج الى حد الترخيص، فضلا عما زاد, مما هو دون المسافة. كما اذا قصد الاقامة في النجف الاشرف مع قصد الخروج الى مسجد الكوفة أو السهلة،وان كان الاظهر عدم انقطاع قصد الاقامة, اذا كان الخروج قليلا زمانا, كخمس أو ست ساعات ونحوها، وان كان الاحوط استحبابا الجمع حينئذ.
[مسألة 1285] اذا قصد الاقامة الى ورود المسافرين, أو انقضاء الحاجة, أو نحو ذلك مما هو متوقع له.وجب القصر, وان اتفق حصوله بعد عشرة ايام،واذا نوى الاقامة الى اخر الشهر, أو الى يوم الجمعة الاتية, أو الى عيد الاضحى،كفي في صدق الاقامة مع احراز العشرة ايام. وكذا في كل مقام يكون الزمان فيه محددا بحد معلوم, وان لم يعلم انه يبلغ عشرة ايام, لتردد زمان النية بين سابق ولاحق. ولكن لا بد له من التعرف على المدة قبل الدخول في الصلاة الرباعية أو الصوم، ولا يكون مقيما شرعا الا اذا احرز العشرة ايام. واما اذا كان التردد لاجل الجهل بالزمان الاخر،كما اذا نوى المسافر الاقامة من اليوم الحادي والعشرين الى اخر الشهر، وتردد الشهر بين الناقص والتام, وجب فيه القصر, وان انكشف كمال الشهر بعد ذلك.
[مسألة 1286] تجوز الاقامة في البرية، وحينئذٍ يجب ان ينوي عدم الوصول الى ما لا يعتاد الوصول اليه من الامكنة البعيدة. وخاصة فيما زاد عن مقدار حد الترخص من محل اقامته. الا اذا كان زمان الخروج قليلا كما تقدم.
[مسألة 1287] اذا عدل المقيم عشرة ايام عن قصد الاقامة، فان كان قد صلى فريضة رباعية تامة, بقي على الاتمام الى ان يسافر.وإلا رجع الى القصر, سواء لم يصل اصلا, أو صلى صلاة غير مقصورة كالصبح والمغرب. او كان في الاوليتين من الرباعية، بل ما دام لم ينته من الرباعية الاولى في سفره. وكذلك يرجع الى القصر حتى لو فعل ما لا يجوز للمسافر فعله من الصوم الواجب والمستحب والنوافل ونحوها.
[مسألة 1288] اذا صلى بعد نية الاقامة فريضة تماما نسياناً, كفى في البقاء على التمام. وليس كذلك لو صلى تماما في مواطن التخيير، او فاتته الصلاة بعد نية الاقامة فقضاها تماما خارج الوقت. فضلا عما اذا قضى صلاة تامة مما فاته في الحضر.فانه يرجع في كل ذلك الى القصر.
[مسألة 1289] اذا تمت مدة الاقامة لم يحتج في البقاء على التمام الى اقامة جديدة، بل يبقى على التمام الى ان يسافر. وان لم يصل في مدة الاقامة فريضة تماما لعذر أو لغير عذر,بل حتى لو عدل بعد تمام العشرة الى السفر، بقي على التمام, حتى لو لم يصل فريضة تامة على الاقوى.
[مسألة 1290] لا يشترط في تحقق الاقامة كونه مكلفا، فلو نوى الاقامة وهو غير بالغ، ولكنه عاقل مميز، ثم بلغ في اثناء العشرة, وجب عليه التمام في بقية الايام, وان قلت عن العشرة. ويصلي قبل البلوغ تماما ايضا. واذا نواها وهو مجنون وكان تحقق القصد منه ممكنا،او نواها حال الافاقة ثم جن، فانه يصلي عند الافاقة تماما في بقية العشرة. وكذا اذا كانت المراة حائضا حال النية، فانها تصلي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما. بل اذا كانت حائضا كل العشرة يجب عليها التمام، ما لم تنشىء سفرا.
[مسألة 1291] اذا صلى تماما ثم عدل،لكن تبين بطلان صلاته, رجع الى القصر. واذا صلى الظهر قصرا، ثم نوى الاقامة فصلى العصر تماما، ثم عدل عن الاقامة, ثم تبين له بطلان احدى الصلاتين,فانه يرجع الى القصر.ويرتفع حكم الاقامة.
[مسألة 1292] اذا صلى بنية التمام، وبعد السلام شك في انه سلم على الاثنتين أو الثلاث أو الاربع، لم يعتن بالشك وبنى على التمام،وكفى ذلك في البقاء على حكم التمام اذا عدل عن الاقامة بعد الصلاة. وكذا يكفي في البقاء على حكم التمام, اذا عدل عن الاقامة بعد السلام الواجب, وقبل فعل المستحب منه, أو قبل الاتيان بسجود السهو, أو الاجزاء المنسية, وان كان الاحتياط الاستحبابي بخلافه. ولكن لا يترك الاحتياط اذا عدل قبل صلاة الاحتياط, أو في اثنائها. واما اذا عدل بعدها فلا اشكال.
مسألة 1293] اذا استقرت الاقامة ولو بالصلاة تماما، فبدا للمقيم الخروج الى ما دون المسافة، فان كان ناويا للاقامة في المقصد, أو في محل الاقامة, أو في غيرهما, بقي على التمام، حتى يسافر سفرا جديدا موجبا للقصر من محل الاقامة الثانية. وكذلك اذا كان ناويا الرجوع الى محل الاقامة, والسفر منه قبل العشرة, اتم في الذهاب وفي المقصد وفي الاياب الى محل الاقامة كذلك. وان كان الاحوط[ ] هو الجمع بين القصر والتمام, ما لم ينو اقامة جديدة. نعم, اذا كان ناويا السفر من مقصده, وكان رجوعه الى محل اقامته من جهة وقوعه في طريقه، قصر في ايابه ومحل اقامته ايضاً.
[مسألة 1294] اذا دخل في الصلاة بنية القصر، فنوى الاقامة في الاثناء, اكملها تماما, ولو نوى الاقامة بعدها لم تجب الاعادة, واذا نوى الاقامة فشرع بنية التمام فعدل في الاثناء، فان كان قبل الدخول في ركوع الثالثة اتمها قصرا، وان كان بعده بطلت.
[مسألة 1295] المهم في نية الاقامة أو السفر هو القصد القلبي، مهما كان سببه، دون التلفظ أو الاخطار. كما ان المهم فيهما هو العزم الجدي بعد التروي، فان كان عازما على احدهما وحصل التشكيك, كفى في البقاء على حكم السابق الى ان يعزم على الاخر.
[مسألة 1296] اذا عدل عن نية الاقامة،وشك في ان عدوله كان بعد الصلاة الرباعية التامة ام قبلها. فان كان محرزا لالتفاته الى ذلك خلال الصلاة, كفى تذكر عدد ركعاتها،فان كانتا اثنتين فقد عدل قبلها, وان كانت اربعا فقد عدل بعدها. وان لم يكن محرزا ذلك, أو لم يكن محرزا لعدد الركعات, بني على العدم، بان يرتب اثار القصر، كما لو لم يكن قد صلى رباعية.
[مسألة 1297] اذا عزم على الاقامة فنوى الصوم،وعدل بعد الزوال قبل ان يصلي تماما،فالاحوط[ ] له ان يبقى على صومه ويقضيه، واما الصلاة فيجب فيها القصر،كما سبق. فلا يجزيء منه صوم اليوم التالي اذا بقي على نفس الحال، بل يكون مسافرا يجب عليه الافطار.
الامر الثالث : من قواطع السفر. ان يقيم في مكان واحد ثلاثين يوما. من دون عزم على الاقامة عشرة ايام، سواء عزم على اقامة تسعة أو اقل ام بقي مترددا.فانه يجب عليه القصر الى نهاية الثلاثين يوما. وبعده يجب عليه التمام الى ان يسافر سفرا جديدا. ولو لصلاة واحدة.
[مسألة 1298] المتردد في الامكنة المتعددة يقصر، وان بلغت المدة ثلاثين يوما.
[مسألة 1299] اذا تم الشهر على المتردد، واصبح مقيما، ثم خرج الى ما دون المسافة, جرى عليه حكم المقيم عشرة ايام اذا خرج بمقداره, فيجري فيه ما ذكرناه فيه. واما اذا خرج الى ما دون المسافة قبل تمام الشهر, فيجب عليه التقصير. مالم يحصل له قصد الاقامة.
[مسألة 1300] اذا تردد في مكان تسعة وعشرين يوما أو نحوها, ثم انتقل الى مكان اخر واقام فيه مترددا تسعة وعشرين يوما أو نحوها, وهكذا. فانه يبقى على القصر في الجميع, الى ان ينوي الاقامة في مكان واحد عشرة ايام, أو يبقى في مكان واحد ثلاثين يوما, أو يسافر سفرا مربوطا بعمله.
[مسألة 1301] يكفي تلفيق المنكسر من يوم اخر هنا،كما تقدم في الاقامة.
[مسألة 1302] في كفاية الشهر الهلالي اشكال. لكن الاظهر انه اذا كان كاملا كان مجزءا. كما لو دخل في المكان قبل طلوع الشمس من يومه الاول, وبقي الى غروبها من اليوم الاخير, ولو كان ناقصا. واما اذا كان شهرا تلفيقيا فالاظهر لزوم اكمال ثلاثين يوما.
الفصل الثالث
في احكام المسافر
[مسألة 1303] تسقط نوافل الظهرين في السفر. وفي سقوط نافلة الفجر والعشاء اشكال، ولا باس بالاتيان بها برجاء المطلوبية. واما صلاة الليل فمطلوبة. ويجب القصر في الفرائض الرباعية, بالاقتصار على الاوليتين منها كما سبق، عدا الاماكن الاربعة كما سياتي. واذا صلاها تاما، فان كان عالما بالحكم, بطلت ووجبت الاعادة أو القضاء. وان كان جاهلا بالحكم من اصله، بان لم يعلم وجوب القصر على المسافر، لم تجب الاعادة فضلا عن القضاء. وان كان جاهلا بالحكم لجهله ببعض الخصوصيات الموجبة للقصر. مثل انقطاع السفر باقامة عشرة ايام في البلد, ومثل ان سفر المعصية غير موجب للقصر، او انه بعد التوبة يكون سببا له ونحو ذلك, أو كان جاهلا بالموضوع بان لا يعلم ان ما قصده مسافة ــ مثلاــ فأتم، فتبين انه مسافة، أو كان ناسيا للسفر, أو ناسيا ان حكم المسافر القصر فأتم. فان التفت أو علم في الوقت اعاد, وان علم أو تذكر بعد خروج الوقت فالظاهر عدم وجوب القضاء عليه.
[مسألة 1304] الصوم كالصلاة فيما ذكر،فيبطل مع العلم ويصح مع الجهل، سواء كان الجهل بأصل الحكم ام الخصوصيات ام بالموضوع. وان التفت أو علم بوجوب القصر خلال النهار, وجب عليه الافطار ويقضيه.
[مسألة 1305] اذا قصر من وظيفته التمام, بطلت صلاته في جميع الصور، ووجبت الاعادة أو القضاء، حتى في موارد التخيير, الا في المقيم عشرة ايام اذا قصر, جهلا بان حكمه التمام، على اشكال احوطه[ ] الاعادة.
[مسألة 1306] اذا دخل الوقت وهو حاضر, وتمكن من الصلاة تماما ولم يصل, ثم سافر حتى تجاوز حد الترخص والوقت باق, صلى قصرا، واذا دخل عليه الوقت وهو مسافر, وتمكن من الصلاة قصرا ولم يصل حتى وصل الى وطنه أو محل اقامته صلى تماما، فالمدار على زمان الاداء, لا زمان حدوث الوجوب، وان كان الاحوط استحباباً ضم الاخر اليه.
[مسألة 1307] اذا فاتته الصلاة في الحضر, قضى تماما ولو في السفر، واذا فاتته في السفر, قضي قصرا ولو في الحضر. واذا كان في أول الوقت حاضرا وفي اخره مسافرا أو بالعكس, راعى في القضاء حال الفوات وهو اخر الوقت، فيقضي في الاول قصرا، وفي العكس تماما.
فروع في موارد التخيير
[مسألة 1308] يتخير المسافر بين القصر والتمام في الاماكن الاربعة الشريفة، وهي المسجد الحرام ومسجد النبي ومسجد الكوفة وحرم الحسين . والتمام افضل والقصر احوط، والاحوط[ ] عدم الحاق مكة والمدينة بالمسجدين فضلا عن الكوفة وكربلاء, وان كان لا يخلو الاتمام في مكة والمدينة من وجه، وفي تحديد الحرم الحسيني الشريف اشكال، والاحوط[ ] الاقتصار على ما حول الضريح المقدس على مشرفه افضل الصلوات والسلام.
[مسألة 1309] لا فرق في المساجد المذكورة بين ارضها وسطحها والمواضع المنخفضة فيها كبيت الطشت في مسجد الكوفة.
[مسألة 1310] لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور, فلا يجوز الصوم في الاماكن الاربعة.
[مسألة 1311] التخيير المذكور استمراري، فاذا شرع في الصلاة بنية القصر،يجوز في الاثناء الاتمام. وبالعكس اذا لم يفت محل العدول.
[مسألة 1312] لا يجري التخيير المذكور في سائر المساجد والمشاهد الشريفة.
[مسألة 1313] لا يختلف الحكم بالتخيير في اي شكل من اشكال السفر، حتى لو كان مترددا في الاقامة الى شهر،كما لا يختلف تعين التمام فيها مع الحكم به في غيرها،كما في قاصد الاقامة عشرة ايام, أو المسافر لعمله, أو الذي انتهى به الشهر مع التردد.
[مسألة 1314] يختص التخيير المذكور بالاداء، ولايجري في القضاء.فلو كانت صلاة فائتة وقضاها في احد الاماكن الاربعة, قضاها كما فاتت ولا يتخير. ولو فاتت الصلاة من المسافر وهو موجود في احد الاماكن الاربعة، كما لو انتهى به الوقت هناك دون صلاة عن عذر أو غير عذر، فانه يقضيها قصرا, ولا يتخير حتى لو اراد قضاءها في احد الاماكن الاربعة على الاقوى.