ويراد بالاطراف, الجناية على ما دون النفس، بحيث لا تحصل بها الوفاة. كما لو جرحه او فقاً عينة أو قطع يده او بعض اصابعه او احدى رجليه او احدى قدميه, وهكذا. ويثبت القصاص في الاطرف بالجناية عليها عمداً. ويتحقق العمد, بالعمد الى الفعل او الى سببه الغالبي وان لم يكن قد قصد النتيجة. ويشترط في جواز القصاص في الاطراف, حصول الشرائط التالية عند الجناية في الجاني, وهي : البلوغ والعقل. فلا قصاص من الصبي وان كان مميزاً، ولا من المجنون. وان لا يكون الجاني والد المجني عليه. كما يعتبر في القصاص أيضاً: التساوي في الحرية والرقية، فلا يقتص من الحر بالعبد. والتساوي في الدين, فلا يقتص من مسلم لكافر على ما سوف, يأتي تفصيله. ولا يشترط التساوي في الذكورة والانوثة، على تفصيل يأتي.
فروع في التساوي في الحرية
[مسألة 789] لو جرح العبد حراً او جنى عليه بما دون النفس، كان للمجروح الاقتصاص منه. كما ان له استرقاقه ان كانت الدية تحيط برقيته [او تستوعب قيمته]. كما ان له العفو عن القصاص والاسترقاق معاً. كما ان لمولاه ان يفكه بأقل الامرين من قيمته ودية الجراحة. ولكن الاحوط[[1]] ان ذلك لا يكون الا برضى المجني عليه. واما اذا لم تحط دية الجراحة برقبته، فليس له استرقاقه اذا لم يرض مولاه. ولكن عندئذ، ان افتداه مولاه وأدى دية الجرح فهو. والا كان للحر المجروح من العبد, سهماً بقدر دية جرحه. والباقي لمولاه. فيكون العبد مشتركاً بينهما. ولهما بيعه لكي يأخذ المجروح حقه ويرد الباقي على المولى. [مسألة 790] اذا جنى حر على مملوك، فلا قصاص. وعليه قيمة الجناية. فان كانت
الجناية قطع يده مثلا، وجب عليه نصف قيمة العبد المجنى عليه اذا لم تزد على دية يد الحر، والا وجبت عليه نصف دية الحر فقط. وان سرت الجناية فمات المملوك فعليه تمام الدية، مالم تزد على دية الحر, فان زادت اقتصر عليها. وان كان قد دفع دية اليد، وجب عليه دفع الباقي، ولا يجب عليه الزائد.
[مسألة 791] لو تحرر العبد بعد الجناية على يده، فسرت الجناية الى نفسه. فمات بعد تحرره. فعلى الجاني دية الحر على الاحوط[[1]]. ولمولاه قيمة الجناية من الدية والباقي لورثته. ولو اختلفت قيمة الجناية عن دية العضو، كان للمولى اقل الامرين. [مسألة 792] اذا نقصت قيمة العبد بالجناية، كما لو قطع يد مملوك, وقطع آخر يده الاخرى, وقطع ثالث رجله. فان حصلت هذه الحوادث في زمان متوالي عرفاً. كان الثلاثة مجتمعون على قتله عرفاً. فتدخل دية الاطراف في دية النفس، وان حصلت هذه الحوادث في أزمنة متفرقة نسبياً، كما لو كان بينها يوم ونحوه، فان مات عبداً، ضمن كل جان جنايته، فالاول قطع يد عبد سليم فيضمن نصف قيمته عندئذ, وهكذا. فان سرت الجنايات فمات، كانت الدية على الجاني الاهم، فان تساووا عرفاً سقطت دية الاطراف ودخلت في دية النفس. وان اعتق بعد الجناية، ضمن الجناة دية الحر، يكون للمولى منها مقدار دية الاطراف والباقي لورثته.
[مسألة 793] لو قطع حر يد عبد قاصداً قتله, فاعتق. ثم جنى عليه آخر كذلك. فسرت الجنايتان فمات. فللمولى على الجاني الاول نصف قيمة العبد, على ان لا تتجاوز نصف دية الحر. وعلى الجاني الثاني, القود. فان اقتص منه، فعلى المقتص ان يرد الى ولي المقتص منه نصف دية الحر. او يعفو الولي عن القصاص ويأخذ نصف دية الحر.
[مسألة 794] لو قطع حر يد عبد، ثم قطع رجله بعد عتقه. ولم تكن أي من الجنايتين بقصد القتل ولم تسر الى موته. كان على الجاني ان يرد الجناية الاولى الى مولاه. واما بالاضافة الى الجناية الثانية، فكان للعبد المعتق الاقتصاص من الجاني بقطع رجله. وان عفا ورضي بالدية كانت له، ولا صلة للمولى بها اصلا.
[مسألة 795] يشترط التساوي في الدين كما سمعنا، فلا يقتص من مسلم بالجناية على كافر ذمياً كان ام حربياً. ولكنه ان كان ذمياً كان على الجاني الدية.
[مسألة 796] مع التساوي في الدين ينفذ القصاص ولو مع الاختلاف في المذهب سواء في الاسلام او في الكفر. والكفر كله ملة واحدة، فيثبت القصاص معه، حتى مع الاختلاف في الدين.
[مسألة 797] اذا جنت المرأة على الرجل اقتص الرجل, من المرأة من دون أخذ شيء منها. ولكن ان عفا عن القصاص كان له أخذ الدية. وان جنى الرجل على المرأة اقتصت المرأة, منه بعد رد التفاوت اليه اذا بلغت الجناية الثلث من دية الحر فاكثر. والا فلا رد, ان كانت الجناية دون ثلث الدية. فلو قطع الرجل اصبع امرأة, جاز لها قطع اصبعه بدون رد شيء اليه. لان دية الاصبع دون ثلث الدية الكاملة. ولو قطع يدها, جاز لها قطع يده , بعد رد نصف دية يده اليه, ولو عفت عن القصاص , اخذت دية يد المرأة , وهي نصف دية يد الرجل . لان دية اليد تزيد على ثلث الدية الكاملة .
[مسألة 798] المشهور اعتبار التساوي في السلامة من الشلل في قصاص الاعضاء. فلا تقطع اليد الصحيحة ,بالشلاء وهو الاحوط[[2]]. واما اليد الشلاء, فتقطع باليد الصحيحة, بلا اشكال. [مسألة 799] لو قطع يمين رجل، قطعت يمينه ان كانت له يمين, والا قطعت يساره،
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . على اشكال , وان كان لا يبعد الجواز. وان لم تكن له يسار، فالمشهور انه تقطع رجله ان كانت. وفيه اشكال. والاقرب فيه الرجوع الى الدية. [مسألة 800] لو قطع ايدي جماعة على التعاقب، فلكل واحد منهم القصاص او الدية او العفو، بالتدرج. فاقتص منه أحدهم تعينت الدية للباقين, لارتفاع موضوع القصاص بالنسبة اليهم. وان اشترك في القصاص اكثر من واحد او كلهم، كان لكل منهم باقي الدية بالنسبة. فلو كان المجنى عليهم اثنان، كان لكل واحد منهم نصف الدية، مع اشتراكهما في القصاص.
[مسألة 801] لو قطع اثنان يد واحد، جاز له الاقتصاص منهما، بعد رد دية يد واحدة اليهما، يتقاسمانها بالسوية. واذا اقتص من احدهما اعطاه نصف الدية وأخذ من الآخر نصفها. فلو دفع الآخر الى المقتص منه نصف الدية, كان جائزاً وحصلت نفس النتيجة. كما ان للمجنى عليه العفو عن القصاص ومطالبة كل منهما بالدية بالنسبة.
فروع في الشجاج
[مسألة 802] يثبت القصاص في الشجاج. وهي الجروح: الشجة بالشجة. ويعتبر فيه التساوي طولا وعرضاً، واما العمق، فالعبرة بحصول الاسم. يعني ان تكون ضربة القصاص مماثلة في الاسم مع ضربة الجناية. والمراد بالاسم هنا: ما سيأتي في كتاب الديات من تقسيم الجراح الى أقسام, كالباضعة والموضحة والهاشمة والمنقلة، وغيرها مما يأتي ايضاح تفاصيلها.
[مسألة 803] يثبت القصاص في الجروح فيما اذا كان مضبوطاً عرفاً، بان كان القصاص بمقدار الجرح. واما اذا لم يكن مضبوطاً، يعني لم يكن من الممكن أن يكون مضبوطاً او كان موجباً لتعرض النفس للهلاك او تلف العضو، كالجائفة والمامومة والمنقلة ونحوها، لم يجز. وينتقل الامر فيها الى الدية الثابتة بأصل الشرع او الى الحكومة [وهي الغرامة التي يقضي بها الحاكم فيما لا نص فيه], كما سيأتي تفصيل ذلك في كتاب الديات.
[مسألة 804] يجوز الاقتصاص قبل الاندمال، يعني اندمال الجرح في المجني عليه. ولا يجب الانتظار الى حين الاندمال. بل الاحوط[[1]] المبادرة الى القصاص, لعدم التعرف بالدقة على مقدار الجرح بعده، بل بعد زمن معتد به وان لم يندمل. وهذا الحكم يشمل ما اذا احتمل الاندمال واحتمل عدمه. [مسألة 805] يترتب على المسألة السابقة انه لو اقتص من الجاني، ثم سرت الجناية في المجني عليه فمات, كان لوليه أخذ الدية من الجاني. بعد استثناء دية العضو المقتص منه على الاحوط[[2]]. هذا فيما اذا لم يكن القتل مقصوداً ولا سببه الغالب. والا كان من قبيل القتل العمد. فان قتله ولي الدم قصاصاً, كانت عليه دية جرحه الذي سببه القصاص. [مسألة 806] كيفية القصاص في الجروح هي ان يحفظ الجاني من الاضطراب، لعدم امكان التأكد من تقدير الجرح حال الحركة. وكذلك لابد من ضبط الظروف الاخرى للجاني, كالزمان، كعدم البرد الزائد او الحر الشديد. والمكان, كالارض المخوفة او المسبعة او يوثق فيها بهجوم اللصوص, وغير ذلك. ثم يقاس محل الشجة بمقياس في جسم المجني عليه. وان كان هناك شعر يخفي البشرة في احدهما او كليهما، فينبغي حلقه زيادة في الضبط. فاذا علم مقدار الشجة في المجني عليه، جعل المقياس على جسم الجاني وعلم طرفيه في موضع الاقتصاص تماماً. ثم يشرع في الاقتصاص من احدى العلامتين الى الاخرى. وهنا يجب التأكد من مقدار الضربة بحيث لا ينتج شجاً في الجاني اكبر مما هو عليه في المجني عليه. فان حصل ذلك, تعين اعطاء فرق الدية. وان حصل العكس, جاز الضرب او الضغط حتى يحصل المقدار المطلوب.
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .[مسألة 807] لا يجب تخدير الجاني خلال الاستيفاء، ولا اراحته نفسياً باللهو او بالكلام ونحوذلك. ولكن ان حصل أي من ذلك لم يقدح في الاستيفاء. [مسألة 808] المشهور اعتبار كون آلة القصاص من الحديد. ودليله غير ظاهر، فالظاهر عدم الاعتبار، وان كان أحوط[[1]]. [مسألة 809] هل يجب استعمال نفس الآلة المجني بها او شيئاً من نوعها، او اقرب شيء اليها. او يمكن اختلافها. فلو كانت الجناية بضربة بخشبة, أمكن قصاصها بحديدة, وهكذا. الظاهر ذلك.
[مسألة 810] لا تجب المبادرة الى لف الجرح او تعقيمه او خياطته، بل ولا الى قطع الدم منه. مالم يخش على النفس. فيجب المبادرة بمقدار دفع احتمال الوفاة. وعلى أي حال، لو حصل أي شيء من ذلك، لم يقدح في الاستيفاء. كما انه جائز غير محرم، وان قلنا انه غير واجب.
[مسألة 811] اذا كانت مساحة الجرح في عضو المجني عليه, تستوعب عضو الجاني او تزيد عليه لصغره. لم يجز له ان يقتص من عضوه الآخر عوضاً من الزائد. بل يجب الاقتصار على القصاص بمقدار ما يتحمل ذلك العضو، ويرجع في الزائد الى الدية بالنسبة او الى الحكومة. وكذا الحال في العكس. وهو ما اذا كان عضو المجني عليه صغيراً واستوعبته الجناية، ولم تستوعب عضو الجاني. فيقتصر في الاقتصاص على مقدارمساحة الجناية.
[مسألة 812] لو قطع عضوا من شخص كالاذن. فاقتص المجني عليه من الجاني. ثم الصق المجني عليه عضوه المقطوع بمحله، فالتحم وبريء, جاز للجاني ازالته. وكذلك العكس، على اشكال يأتي في المسألة الاتية.
[مسألة 813] لو أمكن ارجاع العضو المقطوع او ابراء العضو المجروح او التحام العظم المكسور، كما هو الحال في زماننا بالنسبة الى كثير من ذلك. فهنا صور عديدة. لان الاعادة اما ان تكون من الجاني او من المجني عليه، وفي جسم الجاني او في جسم المجني عليه، وقبل القصاص او بعده. فهنا ثمانية صور: أربعة منها قبل القصاص وأربعة بعده. اما التي قبل القصاص، فهي كما يلي:
اولا: ان يداوي المجني عليه نفسه. وهذا لا ينافي القصاص كما هو, واضح.
ثانياً: ان يداويه الجاني.وهذا لا ينافي القصاص فقهياً,وان كان ظلماً اخلاقياً
ثالثاً ورابعاً: ان يداوي المجني عليه جسم الجاني او يداويه الجاني نفسه، وهما صورتان مستحيلتان, لعدم وجود الجرح في الجاني قبل القصاص.
واما الصور التي تكون بعد القصاص :
اولا: ان يداوي المجني عليه نفسه. فهو ما أشرنا اليه في المسألة السابقة من جواز فتقه من قبل الجاني. ولا تعتبر جناية ثانية.
ثانياً: ان يداوي الجاني نفسه. ومقتضى القاعدة عدم جواز فتقه من من قبل المجني عليه، لان القصاص قد حصل، ولا يجوز تكراره.
ثالثاً: ان يداوي الجاني جرح المجني عليه. ولا اثر له فقهياً, ولم يجب دفع دية الجرح الذي حصل قصاصاً. وان كانت مداواته بالمقابل أمر راجح اخلاقياً.
رابعاً: ان يداوي المجني جرح الجاني [سواء داوى جرح نفسه ام لا]. وهذا امر اخلاقي وانساني، لا أثر له فقهياً.
فروع في الجناية على الاعضاء
[مسألة 814] لو قلع رجل اعور عين رجل صحيح، قلعت عينه المماثلة، سواء كانت هي العوراء او الصحيحة.
[مسألة 815] لو قلع صحيح العينين العين الصحيحة من شخص أعور بالخلقة او بآفة. كان المجني عليه بالخيار بين قلع احدى عيني الجاني [وهي المماثلة للجناية] وبين العفو عن القصاص واخذ دية العين [وهي نصف الدية الكاملة] وبين العفو عن القصاص والدية معاً.
[مسألة 816] لو اذهب ضوء عين آخر دون الحدقة، كان للمجني عليه الاقتصاص بمثل ذلك لو أمكن. والا انتقل الامر الى الدية.
[مسألة 817] يثبت القصاص في شعر الحاجبين وشعر اللحية وشعر الرأس, وما شاكل ذلك. سواء ذهبت حلقاً او نتفاً او مع الجلد الذي تحتها. مادام شيء من ذلك بغير رضا المجني عليه. ويكون القصاص بنفس الاسلوب ونفس المقدار.
[مسألة 818] يثبت القصاص في قطع الذكر. ولا فرق فيه بين الشاب والشيخ, والاغلف والمختون, وغير ذلك. كما لا فرق بين الصغير والكبير على المشهور المنصور. لان المراد بالصغير، هو الحجم وليس غير البالغ, اذ لا قصاص عليه. واذا كان المقطوع بالجناية بعضه, قطع من الجاني بالنسبة.
[مسألة 819] ذهب جماعة الى انه لا يقاد الصحيح, بذكر العنين. ولكن الظاهر, ثبوت القصاص وعدم الفرق بين الصحيح والمعيب.
[مسألة 820] يثبت القصاص في الخصيتين. وكذا في احداهما. فان قطعت اليمنى اقتص من اليمنى على الاحوط[[1]], وان قطعت اليسرى اقتص من اليسرى. [مسألة 821] يثبت القصاص في قطع الشفرين، فان قطعت امرأة الشفرين من امرأة اخرى, فلها الاقتصاص منها بالمثل، وكذلك الحال اذا قطعت احداهما. واما اذا قطعهما رجل, فلا قصاص، وتجب عليه ديتها. كما ان المرأة اذا قطعت ذكر الرجل، فلا قصاص, وعليها الدية. نعم , لو قطع الرجل فرج المرأة كاملا, وامتنع عن الدية، وطالبت المرأة قطع ذكره، قطع. واما اذا لم يكن القطع كاملا، فالاحوط[[2]] الاقتصار على الدية. [مسألة 822] لا يعتبر التساوي بين العضو المقطوع وعضو الجاني. فيقطع الصحيح بالمجذوم [وهو من به مرض الجذام, ولا يراد به هنا المقطوع بقطع سابق]. وان تناثر منه شيء من لحمه. وكذلك يقطع الانف الشام, بالعادم. والاذن الصحيحة بالصماء, والكبيرة بالصغيرة، والصحيحة بالمثقوبة او المخرومة. وما شاكل ذلك.
[مسألة 823] لو قطع بعض الانف، نسب المقطوع الى اصله. ويؤخذ من الجاني بحسابه. فان كان المقطوع نصف الانف، قطع من الجاني نصف انفه. وهكذا. ويجري هذا الحكم في كل الاعضاء المقطوعة, كالاذن واليد والرجل وغيرها.
[مسألة 824] يثبت القصاص في السن. فلو قلع شخص سن شخص عداوناً، فله قلع سنه, حتى لو عادت السن كما كانت، اتفاقاً او بالمعجزة او بأي سبب.
[مسألة 825] لا قصاص في سن الصبي الذي لم يثغر [يعني لم تنبت له أسنانه الاصلية] سواء أمكن بعد ذلك خروج السن الاصلي ام لم يمكن.
[مسألة 826] لو اقتص المجني عليه من الجاني، وقلع سنه, ثم عادت، فليس له قلعها.
[مسألة 827] المشهور اشتراط التساوي في المحل والموضع من قصاص الاسنان وهو الاحوط[[3]]. وايضاحه: ان الاسنان البشرية ثلاث مجموعات: الضواحك والانياب والقواطع. فلو
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .قلع سناً من احدها لم يكن له الاقتصاص من مجموعة اخرى على الاحوط[[1]], الا مع عدمها من الجاني. ويقلع عندئذ ما هو الاقرب الى محل الجناية على الاحوط[[2]]. ولكن التخيير ثابت في نفس المجموعة على الاقوى. فلو قلع الناب الاول، كان له قلع الناب الثاني من الجاني, وهكذا. وان كان الاحتياط الاستحبابي بخلافه. نعم، الاحوط [[3]] حفظ الجهة من اليمين واليسار في الفم. [مسألة 828] لا يقطع العضو الاصلي بالزائد. كالاصبع او السن او اليد او الذراع الزائدة. بل ينتقل الحكم الى الدية. نعم، لا يبعد جواز قطع الزائد مع تغاير المحلين مادام يصدق عليها نفس الاسم, كالاصبع مثلا.
[مسألة 829] كل عضو يقتص منه مع وجوده، تؤخذ الدية منه حال عدمه. فاذا قطع من له اصبع واحدة اصبعين من شخص، كان للمجني عليه قطع الاصبع الواحدة عن احدهما، واخذ دية الاخرى. وكذلك الحال فيما اذا قلع من لا عين له, عين شخص آخر. وهكذا في سائر الاعضاء.
[مسألة 830] ذهب جماعة الى انه لو قطع كفاً تامة، ولم يكن للجاني اصابع اصلا او ليس له بعضها, قطعت كفه وأخذت مند دية الناقص. وهو الاقرب, وان كان الاحتياط [[4]] بخلافه. [مسألة 831] اذا كان الناقص عضو المجني عليه, لا الجاني. كما لو قطع يد شخص مقطوع الاصابع او بعضها. فهل له قطع يد الجاني الكاملة ام لا. الظاهر ان له القطع مع وجوب رد دية الزائد عليه.
[مسألة 832] المشهور انه لو قطع اصبع شخص، وسرت الجناية الى كفه اتفاقاً. ثبت القصاص في الكف. وفيه اشكال. والاظهر عدم ثبوته، وانما له قطع اصبع الجاني وأخذ دية الكف منه. واما اذا تعمد السراية او كانت الجناية مما تسري غالباً، فهو بالخيار بين القصاص في تمام الكف, وبين العفو عن القصاص واخذ الدية مع التراضي. ويكون القصاص هنا, بجعل الكف مشلولة ان امكن كما حصل في الجاني، وليس بترها تماماً على الاحوط [[5]]. [مسألة 833] لو قطع من مفصل الرسغ، ثبت القصاص بمقداره. ولو قطع معها بعض الذراع، فالمشهور انه يقتص من الرسغ, ويأخذ الدية عن الزائد بالحكومة. ولكنه لا وجه له. بل الظاهر هو القصاص من بعض الذراع ان امكن, والا فالمرجع هو الدية. كما انه لو قطع يده من المرفق [وهو المفصل الاوسط في اليد], اقتص منه. وليس له الاقتصاص من الرسغ واخذ الدية عن الزائد. وكذا لو قطعت من فوق المرفق. وكل ذلك يأتي في الرجل ايضاً.
[مسألة 834] لو كان للقاطع اصبع زائد, وللمقطوع كذلك في نفس الكف، ثبت القصاص. بل لا يبعد ثبوت القصاص فيما اذا كانت الزائدة في الجاني فقط. وان لزم منه ذهاب الزائد بالناقص. واما اذا كانت الاصبع الزائدة في المجني عليه فقط. فالمشهور ان له الاقتصاص، وأخذ دية الزائدة، وهي ثلث دية الاصلية، وفيه اشكال، وان كان أقرب.
[مسألة 835] لو قطع يمين شخص، فبذل الجاني شماله, فقطعها المجني عليه جاهلا بالحال. فالظاهر عدم سقوط القصاص عنه للمجني عليه بقطع اليد اليمنى، ولكن بعد دفع دية اليد اليسرى على الاحوط. نعم، اذا كان القطع معرضاً للسراية مع وجود الجرح في اليسرى، لم يجز حتى يندمل الجرح فيها. ثم ان الجاني اذا كان قد قصد ذلك وكان يعلم ان قطع اليسرى لا يجزي عن قطع اليمنى, فلا دية له. والا فله الدية، كما أشرنا. واذا كان المقتص عالماً بالحال, ومع ذلك قطعها، كانت جناية مستقلة، وعليه القود, سواء كان الجاني عالما بالحال ام جاهلا ام خاطئاً.
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[3]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[4]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي .مسألة 836] لو قطع يد رجل فمات، وادعى الولي الموت بالسراية، وانكره الجاني. فالقول قول الجاني, ويؤخذ منه القسم على الاحوط [[1]]. ومثله ما اذا قطع الملفوف بالكساء نصفين او اكثر، فادعى الولي انه كان حياً حين ضربه. وادعى الجاني انه كان ميتاً، مع احتمال صدقه عادة؛ فيكون القول قوله مع يمينه. [مسألة 837] لو قطع اصبع شخص من يده اليمنى ــ مثلاً ــ ثم قطع كل اليد اليمنى من شخص آخر، ثبت القصاص عليه لكل منهما. فان اقتص الثاني، الزم الجاني للاول بدية الاصبع. وان اقتص الاول منه بقطع اصبعه، اقتص الثاني بقطع يده، وهل يرجع بدية الاصبع, فيه اشكال, وان كان اقرب. وتجري هذه المسألة, في كل ماكان كذلك من أعضاء اصلية وفرعية, كالاصابع مع القدم او القدم مع الرجل او الكف مع الذراع, وهكذا.
[مسألة 838] اذا قطع اصبع رجل عمداً، فعفا المجني عليه قبل الاندمال، او بعده، سقط القصاص. وهل له اخذ الدية. الظاهر والاحوط [[2]] عدم ثبوتها بغير التراضي. وكذا كل جناية عمدية على عضو كائناً ما كان, مادام دون النفس. [مسألة 839] اذا قطع اصبع رجل خطأ او شبه العمد، اقتصر على الدية، ولا قصاص. وكذا أي عضو آخر.
[مسألة 840] اذا كان قطع الاصبع عمداً، فعفا المجني عليه عن القصاص. ثم سرت الجناية الى الكف, سقط القصاص في الاصبع, واما الكف، فان كانت السراية مقصودة للجاني، او كانت تلك الجناية مما تؤدي الى السراية غالباً وان لم تكن مقصودة، ثبت القصاص في الكف. ولكن قلنا في مثل ذلك, ان الاحوط [[3]] ان يكون القصاص بايجاد الشلل بالكف في الجاني, بحيث تكون كحالة المجني عليه, وليس بترها تماماً. فان امكن ذلك، والا فالمصير الى الدية. هذا اذا كان الجاني عامداً الى السراية او الى سببها الغالبي. واما اذا لم يكن كذلك، وكانت السراية اتفاقية، ثبتت الدية دون القصاص. وكذلك الحال اذا سرت الجناية الى النفس. كما انه هو الحال، في كل عضو آخر غير اليد, كالرجل بعضاً او كلا. [مسألة 841] لو عفا المجني عليه عن قصاص النفس قبل وفاته, لم يسقط. وكذا لو اسقط دية النفس, لم تسقط. لان كل ذلك من حق ولي الدم, وليس من حق المجني عليه. نعم, يكون المجني عليه ذلك الحق فيما دون النفس.
[مسألة 842] اذا اقتص من الجاني، فسرت الجناية اتفاقاً، بغير قصد من المقتص, الى عضو آخر او الى نفسه، فلا ضمان ولا دية. ولكن أشرنا فيما سبق وجوب المحافظة على نفسه. فان مات مع المحافظة, فلا ضمان. وكذلك لو كان القصاص مما يؤدي الى الموت غالباً، ولكنه لم يؤد في المجني عليه, وانما ادى في الجاني.
[مسألة 843] لا يقتص من الجاني عمداً, اذا التجأ الى الحرم المكي. وهو ما حول الكعبة باثني عشر ميلا. ولكن يضيق عليه في المطعم والمشرب, حتى يخرج, فيقتص منه. ولو جنى في الحرم, اية جناية اقتص منه فيه، ولو كانت الجناية القتل العمد. ولا يلحق به حرم المدينة المنورة ومشاهد الائمة عليهم السلام.
بعض الفروع في قصاص الاطراف
[مسألة 844] لو قطع اذنه فازال سمعه، فهما جنايتان، يحق لكل منهما القصاص. وكذا
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .[مسألة 845] يقتص المنخر بالمنخر، مع تساوي المحل, اليمنى باليمنى, واليسرى باليسرى، ويقتص الحاجز بالحاجز. [مسألة 846] يقتص الشفة بالشفة, العليا بالعليا, والسفلى بالسفلى. وتستوي الطويلة والقصيرة , والكبيرة والصغيرة, والصحيحة والمريضة, والغليظة والرقيقة. ولو قطع بعضها اقتص منه بحسابه.
[مسألة 847] يثبت القصاص في اللسان, كله بكله وبعضه ببعضه بالنسبة. ولا يشترط التساوي بالحجم, ولا بالطول, ولا بالصحة والمرض, ولا بالنطق والخرس.
[مسألة 848] في الثدي قصاص, وفي حلمته قصاص مع تساوي المحل, اليمنى باليمنى, واليسرى باليسرى. ولا يشترط فيه التساوي في الحجم او الصحة والمرض ولا الجنس، فيقتص من المرأة بالرجل ومن الرجل بالمرأة. ولكن اذا اقتصت المرأة من الرجل لزم رد الزائد من الدية بخلاف العكس.
[مسألة 849] لو ازالت بكر, بكارة اخرى، فالظاهر ثبوت القصاص. ولكن اذا كانت الجانية ثيباً او كان رجلا تعينت الدية.
[مسألة 850] لو قال في العمد: عفوت عن القصاص, سقط. ولم تثبت له الدية الا مع رضاء المجني عليه على الاحوط[[1]]. ولو قال في غير العمد: عفوت عن القصاص، لغي, ولم يرتفع استحقاق الدية. ولو عفى فيه عن الدية, سقطت. ولو عفى عن الجناية على العضو فسرت الى النفس، كان لولي الدم القصاص. وكذا لو سرت الى أي مكان معتد به وغير متوقع عادة, فيثبت فيه القصاص او الدية حسب ما عرفنا من القواعد السابقة. [مسألة 851] لو قال: عفوت عن القصاص الى شهر او الى سنة، لم يسقط القصاص، وكان له استيفاؤه بعد المدة، ولو قال : عفوت عن نصفك او عن رجلك او عن رقبتك، فان كنى بها عن النفس, صح, وسقط القصاص, والا ففي سقوطه اشكال بل منع. الا ان تكون الجناية في الموضع الذي ذكره.
[مسألة 852] لو عفا الوارث الواحد او المتعدد في الجناية على النفس عن القصاص، سقط، ولا يصار الى الدية الا برضاء الجاني، ولو عفا بعضهم عن القصاص، كان له التراضي مع الجاني على حصته من الدية, وللآخرين الاقتصاص مع اعطاء مقدار الدية الى وليه.ويمكن مع التراضي ان يغرم المقتصون الى الورثة الاخرون حصصهم من الدية، بدون توسيط قبض ولي دم الجاني.
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[3]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[5]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي . [[3]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .
[[1]
] مقتضى القاعدة , الاحتياط استحبابي . [[2]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .
[[1]
] مقتضى القاعدة ، الاحتياط وجوبي .