لا يجوز بيع ثمرة النخل والشجر قبل ظهورها عاماً واحداً، بلا ضميمة، ويجوز بيعها عامين فما زاد، وعاماً واحداً مع الضميمة المعتد بها بالنسبة إلى المبيع، على الأقوى. وأما بعد ظهورها، فإن بدا صلاحها, أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة، جاز، وكذا لو كان المقصود بيع ما هو موجود بغض النظر عن نموه. وأما بدون ذلك فالأحوط [ ] العدم، غير أن الأقوى الجواز. ويراد ببدو الصلاح أول زمن الإطمئنان بصلاحية الثمرة للنمو, وعدم إسراع الفساد إليها، كما كان حالها في أول وجودها. وهذا يحصل قبل صلاحيتها للأكل لا محالة.
[مسألة 339] يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه. أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً، بما في ذلك كونها مملوكة للمالك, أو مأذوناً بها من قبل مالكها. كما يشترط أن يكون مقدارها معتداً به عرفاً بالنسبة إلى الثمر المبيع - كما أشرنا - ويقاس إلى الثمر بعد نضجه، فلا يجزى أن يضم إليه شيئاً قليلاً كنسبة الواحد إلى المئة مثلاً أو أقل. كما يشترط في الضميمة أن تكون من جملة المبيع, بحيث ينبسط الثمن عليها في قصد المتعاملين، لا أن يكون إنضمامها بمنزلة الشرط في المعاملة. وعندئذ لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة، بل يجوز كونها تابعة.
[مسألة 340] يكفي في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف والكرب والشجر اليابس الذي في البستان.
[مسألة 341] لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها مع أصولها، أعني الشجر المثمر، جاز بلا إشكال.
[مسألة 342] إذا ظهر بعض ثمر البستان, جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه. وإن لم يظهر، سواء إتحد الجنس أم إختلف, وسواء إتحد البستان أم تكثر على الأقوى.
[مسألة 343] إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين، ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال، أظهره الجريان. أعني جواز البيع بضمهما.
[مسألة 344] إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر، ثم باع أصولها على شخص آخر. لم يبطل بيع الثمرة، بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة. ولمن أشتراها خيار الفسخ مع الجهل.
[مسألة 345] لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها، بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع مسلوبة المنفعة. وكذا لا يبطل بيعها بموت المشتري، بل تنتقل إلى ورثته ولو لم تكن موجودة حين الوفاة، كثمرة السنة الآتية.
[مسألة 346] إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها، إنفسخ العقد وكانت الخسارة من مال البائع. كما تقدم ذلك في أحكام القبض, وتقدم إلحاق السرقة ونحوها بالتلف. وحكم ما لو كان التلف بفعل البائع أو المشتري أو الأجنبي فراجع.
[مسألة 247] يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها. وأن يستثنيحصة مشاعة كالربع والخمس، وأن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو. ولكن في هاتين الصورتين لو تلف بعض الثمر وزع النقص على المستثنى والمستثنى منه على النسبة. وحسابه في الحصة المشاعة واضح. وهو أن يأخذ البائع نفس النسبة المشروطة مما بقي سليماً من الثمر. وأما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً، فطريقة معرفة النقص، تخمين الفائت بالظن الاطمئناني بمقدار الثلث أو الربع مثلاً، فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة. فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث, وإن كان الربع يسقط الربع. فيسقط من المائة كيلو - في المثال - ربعها وهو خمسة وعشرون. ويأخذ البائع خمساً وسبعون.
[مسألة 348] يجوز بيع ثمرة النخل وغيرها في أصولها خرصاً [ ] بدون كيل ولا وزن، بالنقود وبغيرها، كالأمتعة والحيوان والطعام وبالمنافع والأعمال وغيرها.
[مسألة 349] لا تجوز المزابنة وهي بيع ثمرة النخل قبل القطع، تمراً كانت أو رطباً أو بسراً أو غيرها، بالتمر, سواء كان في الذمة أم كان معيناً في الخارج. وسواء كان من ثمره أم من غيره على الأحوط [ ]. وسواء كان الثمر مقطوعاً أم غير مقطوعاً على الأحوط [ ]. وهل يراد بالتمر الذي يقع ثمناً خصوص ما كان مغايراً للرطب والبسر، أو مطلق ثمرة النخل. الأحوط [ ] الثاني.
[مسألة 350] هل يشمل الحكم المذكور، غير ثمرة النخل ؟ الظاهر عدم الشمول. إلا في بيع سنبل الحنطة غير المقطوع بحب من جنسها على الأحوط [ ]. كما لا يشمل بيع الثمر بثمر آخر. كما لا يشمل غير البيع من المعاملات إلا الصلح المنتج نتيجته على الأحوط [ ].
[مسألة 351] يجوز أن يبيع ما إشتراه من الثمر، بثمن زائد على ثمنه الذي إشتراه به أو ناقص أو مساو، سواء باعه قبل قبضه أم بعده. ولكن يجب أن يكون الثمن حالاً إذا كان المبيع مأجلاً.
[مسألة 352] لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره على الأحوط [ ]. ويجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه. أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله، بمعنى بيع المقدار الظاهر مع أصوله الثابتة. فإن شاء المشتري فصله وإن شاء إبقاه ما دام المطلوب عرفاً إبقاؤه، كما هو الغالب. أو مع إشتراط الإبقاء. والأوجب أخذ الإذن من صاحب الأرض به ولو بأجرة.
[مسألة 353] يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلاً، أي مقطوعاً، إذا كان قد بلغ أوان قصله، أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يبلغ أوانه أو قبل ذلك. فإن قطعه المشتري ونمت الأصول حتى صارت سنبلاً، كان السنبل للبائع. وإن لم يقطعه كان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه. وله إبقاؤه والمطالبة بالأجرة. فلو أبقاه عندئذ حتى سَنبل، كان السنبل للمشتري، وليس لصاحب الأرض إلا مطالبة الأجرة. وكذا الحال لو إشترى نخلاً. لكن هنا لو إشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه ونما, كان النماء للمشتري خاصة.
[مسألة 354] يجوز بيع الزرع محصوداً - أعني بشرط الحصد - قبل حصده. وعندئذ لا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن بل تكفي فيه المشاهدة. وإنما تكفي المشاهدة إذا كان الحصد في أوانه، وأما قبل ذلك فلا. وإنما يتبع حكمه ما سبق من بيع الزرع قبل بدء صلاحه أو بعده.
[مسألة 355] لا تجوز المحاقلة وهي بيع سنبل الحنطة والشعير غير المقطوع بالحنطة أو الشعير منه أو أحدهما بالآخر على الأحوط [ ]. ولا يشمل هذا الحكم غير الحنطة والشعير من الحبوب ثمناً ومثمناً، مقطوعاً أو غير مقطوع. وإن كان الأحوط استحباباً الترك.
[مسألة 356] الخضر، كالخيار والباذنجان والبطيخ ونحوها، لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط [ ]. ويجوز بيعها بعده مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات. والمرجع في تعيين اللقطة إلى عرف الزراع.
[مسألة 357] لو كانت الخضرة مستورة في الأرض، كالشلغم والجزر ونحوها، فالظاهر جواز بيعها أيضاً بعد التأكد من حصولها.
[مسألة 358] إذا كانت الخضرة مما يجز، كالكراث والنعناع واللفت، ونحوها، يعني مع بقاء جذورها في الأرض، يجوز بيعها بعد ظهورها جزة وجزات، ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط [ ]. ولا بعد جزها مباشرةً بحيث لم يظهر الزائد. والمرجع في تعيين الجزة إلى عرف الزراع، كما سبق. وكذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء والتوت، فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة وخرطات.
[مسألة 359] إذا تعددت المرات المشروطة في البيع للقطات الخضر أو جزات الخضرة أو خرطات الورق, فلا بد من تحديد عددها, وكذا مقدار الزمن فيما بينها على ألأحوط [ ], ما لم يكن تركه متعارفاً، وكل ما تختلف باختلافه القيمة، كحجم الثمرة والورقة ونحو ذلك.
[مسألة 360] إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين إثنين، جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين من الثمن. فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلاً أو طناً. جاز أن يتقبلها بذلك التقدير, زادت عليها في الواقع أو نقصت أو ساوتها, والظاهر إنه لا فرق بين كون الشركاء إثنين أو أكثر. ولا بين كون المقدار المتقبل منها بنحو العين أو بنحو الكلي في المعين. ولو تلفت الثمرة بدون تفريط، فلا ضمان على أي منهما ممن تلفت عنده. لكن الأظهر تسلط الآخر على الفسخ.
[مسألة 361] إذا مر الإنسان بشيء من النخل أو الشجر أو الزرع, جاز أن يأكل من ثمره بشرائط نذكر جملتها :
أولاً : أن لا يكون قاصداً للحصول عليه.
ثانياً : أن لا يكون مفسداً للثمر أو للأغصان أو الشجر ونحوها.
ثالثاً : أن لا يعلم بكراهة المالك أو نهيه.
رابعاً : أن لا يكون للبستان جدار وباب مغلق يتوقف الأكل على فتحه.
خامساً : أن لا يشبع بطنه.
سادساً : أن لا يحمل معه شيئاً من الطعام. وإن حمل حرم ما حمل ولم يحرم ما أكل.
سابعاً : أن لا يعطي غيره منه، حتى ولو كان طفلاً أو واجب النفقة.
ثامناً : أن لا يتوقف على التصرف الزائد في النبات, كالصعود على الشجرة أو النخلة. بل خصوص ما يمكن قطفه وهو على الأرض على الأحوط [ ].
تاسعاً : أن لا يتوقف على التصرف الزائد في الأرض، كحفرها ولو قليلاً، ومنه اجتثاث الخضرة من أصلها، وإن كان ذلك متعارفاً للاستفادة منها، ولكنه يخلف حفرةً في الأرض. فيحرم.
عاشراً : أن يكون من نوع الطعام دون غيره، كقطف الورد أو الأغصان أو الورق. سواء تركه هناك أو أخذه معه. فضلاً عما إذا باعه، ولم يأذن المالك قبل البيع أو بعده. ولو بقرينة عامة لكونه متعارفاً سوقياً - لو كان - فيتصرف بمقدار ما هو المتعارف.
[مسألة 362] لا بأس ببيع العرية، وهي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره أو بستان. فيبيعها كلها بتمر من غيرها, سواء كان عينياً أو كلياً. وأما بيع ثمرتها بالتمر، فهو من المزابنة المحرمة.