في دعاوي القسمة
بعد ان ذكرنا كيفية القسمة وتفاصيلها في كتاب الشركة , فراجع.
[مسألة 149] تجري القسمة في الاعيان المشتركة المتساوية الاجزاء , سواء اتحدت نسبة الملكية ام اختلفت. وللشريك ان يطالب شريكه بالقسمة, فان امتنع اجبر عليها.
[مسألة 150] تتصور القسمة في الاعيان المشتركة غير المتساوية الاجزاء على صور:
الاولى : ان يتضرر الكل بها. وفيها لا تجوز القسمة بالاجبار وتجوز بالتراضي , اذا لم يحصل عنوان ثانوي محرم كالتبذير.
الثانية : ان يتضرر البعض دون البعض. وفيها : ان رضي المتضرر بالقسمة فهو , والا فلا يجوز اجباره عليها.
الثالثة : ان لا يتضرر الكل. وفيها يجوز اجبار الممتنع عنها.
[مسألة 151] وهناك احتمالات أخرى ناشئة من احتمال حصول الضرر بعدم القسمة , ولو من غير جهة التقسيم. وفيه الصور الثلاثه السابقة من حيث انه : اما غير حاصل لاحدهم أصلا او انه حاصل على البعض او انه حاصل على الكل. كما يمكن ان يكون بعضهم يتضرر من الانقسام وبعضهم من عدمه. والقاعدة العامة هو الاخذ بمصلحة المتضرر. فان كان الضرر من حصول التقسيم لم يجبر عليه وان كان من عدمه اجبر الآخر عليه. واما في الصورة الاخيرة , فيؤخذ بمصلحة المتضرر من الانقسام خاصة. وان كان الصلح بالتراضي أحوط جداً [ ] .
[مسألة 152] لا يفرق فيما قلناه من اجبار الممتنع وعدمه على التقسيم. سواء كانت القسمة قسمة افراز أم قسمة تعديل أم قسمة رد. كما سبق توضيحه في محله.
[مسألة 153] لو كان المال المشترك بين شخصين غير قابل للقسمة خارجاً كالعبد والحيوان , وطالب احدهما بالقسمة ولم يكن الآخر متضرراً بها , ولم يتراضيا على ان يتقبله أحدهما ويعطي الآخر حصته من الثمن. اجبرا على البيع , وقسم الثمن بينهما.
[مسألة 154] اذا كان المال غير قابل للقسمة بالافراز او التعديل. وطلب أحد الشريكين القسمة بالرد وامتنع الآخر عنها ولم يكن متضرراً بها، اجبر عليها. فان لم يمكن اجباره عليها , اجبر على البيع وقسم ثمنه بينهما. وان لم يمكن ذلك أيضاً باعه الحاكم الشرعي او وكيله المخّول بذلك , وقسم ثمنه بينهما.
[مسألة 155] القسمة ليست عقداً ولا ايقاعاً , ولا معاوضة فيها عرفاً. وانما هي تمييز أحد الحقين عن الآخر , الا انها لازمة لا يجوز لاحد الشريكين الرجوع فيها إلى الشياع. بل لا يجوز ذلك حتى بالتراضي ما لم يحصل أحد أسباب الشركة.
[مسألة 156] اذا وقعت القسمة وادعى أحد الشريكين وقوع الغلط فيها او عدم التعديل في السهام، ونحو ذلك . وانكر الاخر. كان المنكر هو مدعي الغلط. فان اقام الآخر بينة على الصحة , والا حلف الاول على وقوعه , ونقضت القسمة. لا بمعنى رجوع المال إلى الشياع كما كان , بل بمعنى وجوب التعديل مرة ثانية , واثره انه لو كان عند أحدهما شيء من القدر المتيقن مما يدخل في ملكه جاز له التصرف به , بدون اذن شريكه , وان كان الاحوط [ ] خلافه , إلى ان ينتهي التعديل الجديد.
[مسألة 157] اذا ظهر بعض المال مستحقاً للغير بعد القسمة , فان كان في حصة أحدهما دون الاخر , بطلت القسمة . وان كان حصتهما معاً، فان كانت النسبة متساوية صحت القسمة , ووجب على كل منهما رد ما أخذه من مال الغير إلى صاحبه. وان لم تكن النسبة متساوية , كما اذا كان ثلثان منه في حصة أحدهما وثلث منه في حصة الآخر , بطلت القسمة أيضاً. وبطلانها على كلا التقديرين انما هو كما قلنا في المسألة السابقة لا بمعنى رجوع المال إلى الشياع كما كان , بل بمعنى وجوب التعديل مرة ثانية. وقد سبق أثره هناك.
[مسألة 158] اذا قسم الورثة تركة الميت بينهم , ثم ظهر دين على الميت, فان أدى الورثة دينه من اموالهم الخاصة , او برأ الدائن ذمته , او تبرع به متبرع , صحت القسمة. والا بطلت , بالمعنى المشار اليه في المسألتين السابقتين. وعندئذ , فلابد من اداء دينه من التركة , ثم تقسيم الباقي بينهم. وهذا ثابت فيما اذا كانت التركة غير متساوية الاجزاء كما هو الغالب. والا فلا موجب للبطلان بعد امكان تقسيم الدين بالنسبة على حصص الورثة.
[مسألة 159] يستحب للامام ان ينصب قاسماً , ويشترط فيه البلوغ وكمال العقل والايمان والعدالة والمعرفة بالحساب , والتفقه في مورد عمله. ولا يشترط فيه الحرية ولا الذكورة.
[مسألة 160] ولو تراضى الشريكان بقاسم , لم تشترط العدالة بل ولا الايمان ولا الاسلام. فيجوز التراضي بقسمة الكافر.
[مسألة 161] يجزي القاسم الواحد اذا لم يكن في القسمة رد. ولابد من اثنين في قسمة الرد لانها تتضمن تقويماً , فلابد من اقامة البينة عليه , وتعدد القاسم مع عدالته بمنزلة البينة. ويسقط اعتبار وجود الثاني , مع رضا الشريك. كما ان الاقرب كفاية العدل الواحد في الشبهة الموضوعية , وهذا منها.
[مسألة 162] أجرة القسام المنصوب من بيت المال. واجرة القسام بالتراضي على الشركاء. فان استأجره واحد منهم او كل واحد باجرة معينة , فلا بحث , وان استأجروه ولم يعينوا نصيب كل واحد من الأجر. لزمهم تقسيم الاجرة بنسبة الحصص. وكذا لو لم يقدروا اجره , وكان له اجرة المثل , كانت عليهم بالحصص , لا بالسوية.
[مسألة 163] القرعة معتبرة في القسمة لا تحتاج بعدها إلى التراضي على النتيجة. بل يكفي التراضي على القرعة. بل حتى بدونها لو كانت هي الطريقة المنحصرة , وكان احد الشريكين مما يجوز اجباره على القسمة.
[مسألة 164] طريقة القرعة باختصار : انه يكون المقترع مخيراً بين الاخراج على الاسماء والاخراج على السهام. أما الاول : فهو ان يكتب كل نصيب في رقعة , ويصف كل واحد بما يميزه عن الآخر , ويجعل ذلك مصونا في ساتر مثل كيس غير شفاف ويخلط الرقاع بحيث لا تتميز. ويأتي من لم يطلع على الصورة لاخراج أحد السهام باسم أحد الشركاء. فما خرج فهو له. وأما الثاني : فهو ان يكتب اسماء الشركاء على الرقاع ويصونها , ويخرج أحد الاسماء على انه مالك لسهم من السهام. فمن خرج اسمه فله ذلك السهم , وهاتان الطريقتان متقومتان بالقصد عند الاخراج : أما قصد الاسماء في الاولى او قصد السهام في الثانية. وجعل القرعة خالية عن القصد , بجعل صنفين من الرقاع في كيسين أحدهما للاسماء والاخرى للسهام. فما خرج اولا يكون لمن خرج اولا. وهكذا.
[مسألة 165] اذا تراضى الشركاء في تقسيم السهام بدون قرعة، فهو. وكذا اذا كان وجودها غير عقلائي كما في قسمة المقادير المتساوية الاجزاء كالحنطة مثلا. وأما بدون ذلك فالقرعة متعينة سواء كانت من قسمة التعديل او قسمة الرد. وتكون في الاولى بعد التعديل وفي الثانية قبل الرد وبها يتعين من يرد على صاحبه.
[مسألة 166] لو كان لدار طابقان او عدة طوابق , فطلب أحد الشريكين قسمتها , بحيث يكون لكل واحد منهما نصيب من جميع الطوابق , بموجب التعديل، جاز. واجبر الممتنع مع انتفاء الضرر. ولو طلب الشريك انفراده بالطابق الاسفل او بالاعلى لم يجبر الممتنع.
[مسألة 167] لو كان بين شريكين أرض فيها زرع. فطلب أحدهما قسمة الارض فقط. اجبر الممتنع. ثم لهما الاتفاق على شكل وجود الزرع على الارض بعد التقسيم. ولو طلب أحدهما قسمة الارض والزرع معاً. فان كان التقسيم على وجه المجموع , أمكن التقسيم بعد التعديل بالقيمة. وان كان التقسيم للارض مستقلا عن تقسيم الزرع , لم يجبر الممتنع. للزوم حصول زرع أحدهما على أرض الآخر.