في دعاوي الاملاك
[مسألة 168] لو ادعى شخص مالا لا يد لاحد عليه , حكم به له. ومنه ما لو كان هناك مال بين جماعة , وادعاه واحد منهم ونفاه الباقون , قضى له به. هذا اذا كان مدعي الملكية واحداً , فيصدق بدون حاجة إلى شاهد او يمين. واما اذا كان مدعي الملكية متعدداً , فهذا ما سيأتي.
[مسألة 169] اذا تنازع شخصان في مال , ففيه صور :
الصورة الاولى : ان يكون المال في يد أحدهما.
الصورة الثانية : ان يكون المال في يد كليهما.
الصورة الثالثة : ان يكون المال في يد شخص ثالث.
الصورة الرابعة : ان لا يكون المال تحت يد احد أصلا.
ونجعل الحديث عن كل صورة في مسألة مستقلة :
[مسألة 170] في الصورة الاولى : تارة تكون لكل منهما بينة على ان المال له، وأخرى تكون لاحدهما بينة فقط، وثالثة لا تكون هناك بينة أصلا. فان كان لهما معاً بينة , فهنا نحوان : لان ذا اليد , اما ان يكون منكراً لما ادعاه الآخر من ملكية المال , واما ان يدعي الجهل بالحال. فان كان ذو اليد منكراً لدعوى الآخر حكم بان المال له مع يمينه المنضمة إلى بينته. الا اذا كانت بينة الآخر اكثر عدداً , فانه يحلف – على الاحوط [ ]– ويعطى المال له. ان ادعى ذو اليد الجهل بالحال , وان المال انتقل اليه من غيره بارث او نحوه. فعندئذ يتوجه الحلف على غير ذي اليد اذا كانت بينته أكثر عدداً. واما ذو اليد فلا يحلف مع جهله , بل يقضى له مع نكول الآخر. وكذلك اذا لم تكن بينة الآخر أكثر عدداً على الاظهر الاحوط [ ] . هذا اذا كان لكل منهما بينة. وإن كان لاحدهما بينة، فان كانت للمدعي – وهو غير ذي اليد – حكم له بها , وان كانت لذي اليد حكم له مع حلفه. واما الحكم له بدون حلفه فمشكل, غير ان الاظهر امكان العمل بقاعدة اليد , ما لم يكن عدم حلفه نكولا بحيث يستفاد منه عدم عمله شخصياً بقاعدة اليد الجارية في حقه. وان لم يكن لهما بينة كان ذو اليد منكراً وعليه الحلف. فان حلف حكم له. وان نكل ورد الحلف على المدعي , فان حلف حكم له. والا فالمال لذي اليد.
[مسألة171] واما الصورة الثانية : وهي ان تكون العين تحت يد الاثنين. فهنا أيضاً قد تكون لكل منهما بينة ، واخرى تكون لاحدهما دون الآخر , وثالثة لا تكون بينة لاي منهما. فعل الاول : ان حلف كلاهما او نكلا معاً، قسم المال بينهما بنسبة اليد. فان كانت يدهما بالتساوي على المال , قسم بالسوية , والا قسم بالتفاضل. وان حلف احدهما دون الاخر , حكم بأن المال له. وعلى الثاني : كان المال لمن كانت عنده بينة مع يمينه , وفي جواز الاكتفاء بالبينة وحدها اشكال , وان كان هو الارجح. وان لم يكن لهما بينة , فان حلفا معاً او نكلاً معاً حكم بتقسيم المال بينهما بنسبة اليد كما قلنا. وان حلف أحدهما دون الاخر حكم له.
[مسألة172] واما الصورة الثالثة : وهي ان تكون العين في يد ثالث. وهو غير مدع لملكية نفسه على الفرض , ومن هنا لم يكن طرفاً في الدعوى. غير ان كلامه فيها نافذ بصفته صاحب اليد. فان هو صدق أحدهما دون الآخر , دخلت في الصورة الاولى , وتجري عليها أحكامها بجميع شقوقها واحتمالاتها. وان اعترف ذو اليد بأن المال لهما معاً , جرى عليها أحكام الصورة الثانية. وان لم يعترف بان المال لهما , كان حكمها حكم الصورة الرابعة الاتية. سواء ادعى عدم ملكيتهما او ادعى الجهل بها.
[مسألة173] الصورة الرابعة : وهو ما اذا لم يكن المال تحت يد أحد اصلا. ففيها أيضاً قد تكون لكل منهما بينة على ان المال له , وأخرى تكون لاحدهما دون الاخر , وثالثة لا تكون بينة أصلا. فعلى الاول : ان حلفا جميعاً او نكلا جميعاً , كان المال بينهما نصفين. وان حلف احدهما ونكل الآخر , كان المال للحالف. وعلى الثاني : فالمال لمن كانت عنده بينة ولا يسمع معها يمين الاخر , كما لا حاجة إلى يمين الاول. وعلى الثالث : وهو عدم البينة منهما معاً. فان حلف أحدهما دون الآخر , فالمال له. وان حلفا معاً كان المال بينهما نصفين. وان لم يحلفا معاً سقطت الدعوى وجاز عدم دفع المال اليهما معاً. وان كان الاحوط [ ] الاولى ايجاد القرعة لهما ويدفع المال كله لمن خرجت له.
[مسألة 174] المراد بالبينة في الصور الاربعة التي ذكرناها في المسائل السابقة , وهو شهادة رجلين عدلين او رجل وامرأتين عدول. واما شهادة رجل واحد ويمين المدعي , فهي لا تكون بينة , وان ثبت بها الحق المالي على القاعدة. غير ان الصور السابقة تختلف , فيما لو كان لكل منهما شاهد ويمين , او لاحدهما خاصة وليس للآخر شاهد , او لاحدهما ويكون للآخر بينة ويمين. فتكون الصور أكثر مما سبق فلا بد من المراجعة والتدقيق.
[مسألة 175] اذا ادعى شخص مالا في يد آخر , وهو يعترف بأن المال لغيره وليس له. ارتفعت عنه المخاصمة ولم يكن طرفاً للدعوى وتوقف الحكم بثبوت العين للمدعي على اقامته البينة. فان لم يكن له بينة , ففي الاكتفاء بيمينه , لانها بمنزلة اليمين المردودة على المدعي , اشكال.
[مسألة 176] اذا ادعى شخص مالا على الآخر , وهو في يده [ يعني المدعى عليه] فعلا. فان أقام البينة على انه كان في يده [ يعني المدعي] سابقاً. او كان ملكاً له كذلك. فلا أثر للبينة , ولا تثبت بها ملكيته فعلا. بل مقتضى اليد ان المال ملك لصاحب اليد , وهو المدعى عليه. نعم، للمدعي ان يطالبه باليمين , لكن لا يثبت بنكوله ملكية الاخر على الاحوط [ ] . وان أقام المدعي البينة على ان يد صاحب اليد [ المدعى عليه] على هذا المال يد امانة له او اجازة منه او غصب عنه , حكم له بها وسقطت اليد الفعلية عن الدلالة على الملكية. نعم , اذا أقام ذو اليد أيضاً البينة على ان المال له فعلا حكم له مع يمينه. ولو أقر ذو اليد بان المال كان سابقاً ملكاً للمدعي وأدعى انتقاله اليه ببيع ونحوه. فان أقام البينة على مدعاه , حكم له. والا فالقول قول ذي اليد السابقة مع يمينة.