في دعاوي الاختلاف في العقود
[مسألة 177] اذا اختلف الزوج والزوجة في العقد , مع الاتفاق على أصل وجوده. بان ادعى الزوج الانقطاع وادعت الزوجة الدوام او بالعكس. فالظاهر ان القول قول مدعي الانقطاع , وعلى مدعي الدوام اقامة البينة على مدعاه. فان اقامها حكم له . والا توجه اليمين إلى الآخر. وكذلك الحال فيما اذا وقع الاختلاف بين ورثة الزوجين بنفس المضمون.
[مسألة 178] اذا ثبتت الزوجية باعتراف كل من الرجل والمرأة وادعى شخص آخر زوجيتها له. فان اقام البينة على ذلك فهو. وان لم يكن بينة كان له احلاف الزوجة.
[مسألة 179] اذا ادعى رجل زوجية امرأة غير معترفة بها ولو لجهلها بالحال. وادعى رجل آخر زوجيتها كذلك . ولم يكن هناك شياع او شاهد حال لاحدهما. واقام كل منهما البينة على مدعاه . حلف اكثرهما عدداً في الشهود. فان تساويا اقرع بينهما، فأيهما , اصابته القرعة كان الحلف له. وان لم يحلف اكثرهما عدداً او من اصابته القرعة , كان للآخر ان يحلف , فان حلف حكم له. وان نكل فقد حصل نكول المدعيين معاً. ولم تثبت الزوجية لسقوط البينتين بالتعارض، الا اذا اوجبت أحداهما الاطمئنان الفعلي بصدقها.
[مسألة 180] اذا اختلفا في عقد , فكان الناقل للمال مدعياً للبيع , وكان المنقول اليه مدعياً الهبة. فالقول قول مدعي الهبة بمعنى كونه منكراً والاخر مدعياً , وعلى المدعي اثبات دعواه بالبينة , والا حلف المنكر , وسقطت الدعوى لصالحه. واما اذا انعكس الامر فادعى الناقل الهبة وادعى المنقول اليه البيع. فليست هذه مسالة ترافع , لاعتراف الناقل بملكية الاخر للعين على كل تقدير. مع اعترافه ببراءة ذمته من الثمن. ولا يجب على القابض دفع الثمن الذي يعترف به في ذمته , ما لم يطالب به الاخر , والمفروض ان هذه المطالبة لن تحصل مع اعتراف الاخر ببراءة ذمته. وهذا ثابت حتى لو أقام مدعى البيع البينة على حصوله.
[مسألة 181] اذا ادعى المالك الاجارة , وادعى الاخر العارية، فالقول قول مدعي العارية , فان أقام المالك البينة على حصول الاجارة فهو , والا كان للآخر اليمين.
[مسألة 182] لو انعكس الامر عما في المسألة السابقة , فادعى المالك العارية وادعى الآخر الاجارة. فهي ليست قضية ترافع لتسالمهما على ملكية المالك للعين , مع اعتراف المالك ببراءة ذمة الاخر من الايجار. وكون يده على العين غير عادية. وهذا ثابت حتى لو اقام مدعى الاجارة البينة على حصولها.
[مسألة 183] اذا اختلفا فادعى المالك ان المال التالف كان قرضاً فهو مضمون , وادعى القابض انه كان وديعة فهو غير مضمون. فالقول قول القابض مع يمينه ان لم يكن للمالك بينة. وكذا لو كان المال موجوداً غير تالف.
ويلاحظ انه يترتب على دعوى كل شخص اللوازم التي لا يكون في صالحه ولو لم يحلف. فلو ادعى القابض الوديعة لزمه القول بانه غير مالك للعين. وان ادعى المالك الوديعة لزمه ان العين غير مضمونه بالتلف بدون تعد ولا تفريط.
[مسألة 184] اذا ادعى المالك ان المال كان وديعة وادعى القابض انه كان رهناً. فان كان الدين ثابتاً فالقول قول المالك مع يمينه ان لم يكن للقابض بينة , لاصالة عدم الرهنية وهي مؤونة زائدة عرفاً. وكذا لو لم يكن الدين ثابتاً لاصالة براءة الذمة. والمنكر هو من يوافق قوله الاصل.
[مسألة 185] اذا اتفقا في الرهن , وادعى المرتهن انه رهن بألف درهم ــ مثلا ــ وادعى الراهن انه رهن بمائة درهم , فالقول قول الراهن مع يمينه ان لم يكن للمرتهن بينة , ولو انعكس الفرض انعكس الحكم.
[مسألة 186] اذا اختلفا في البيع والاجارة , فادعى القابض البيع وادعى المالك الاجارة. فان اتفقا على مقدار العوض , فالقول قول مدعي الاجارة, وعلى مدعي البيع اثبات دعواه بالبينة. وان اختلفا في مقدار العوض , كان القول قول من يدعي القلة.
[مسألة 187] اذا اختلف البائع والمشتري في الثمن زيادة ونقيصة , فالقول قول المشتري مع يمينه [ وهو يدعي قلة الثمن عادة]. وهذا ثابت سواء كان المبيع موجوداً أم تالفاً.
[مسألة 188] اذا ادعى المشتري على البائع شرطاً. كتأجيل الثمن او اشتراط الرهن على الدرك او غير ذلك , كان القول قول البائع مع يمينه الا ان يقيم الاخر البينة على تحقق الشرط. وكذلك اذا اتفقا في التأجيل , واختلفا في مقداره , وادعى المشتري الزيادة فيه.
[مسألة 189] اذا اختلفا في مقدار المبيع , على الاتفاق على مقدار الثمن. فادعى المشتري ان المبيع ثوبان ــ مثلا ــ, وقال البائع انه ثوب واحد. فالقول قول البائع مع يمينه , الا ان يكون للمشتري بينة.
[مسألة 190] اذا اختلفا في جنس المبيع او جنس الثمن , مع اتفاقهما على مقدار وجنس العوض الاخر , كان من موارد التداعي[ ] , فيتحالفان مع عدم البينة او تعارضها , ويحكم ببطلان البيع ظاهراً. وكذا ان لم يتفقا على جنس كلا العوضين. واما اذا اتفقا على جنس أحدهما واختلفا في مقداره , مع الاختلاف في جنس الاخر والاتفاق على مقداره. فلا يبعد ان يكون القول قول مدعي النقيصة في الجنسي المختلف في مقداره.
[مسألة 191] اذا اتفقا في الاجارة واختلفا في كمية الاجرة، فالقول قول مدعي النقيصة مع يمينه. ما لم يكن لمدعي الزيادة بينة. وكذلك الحال فيما اذا اتفقا على الاجرة، واختلفا في كمية العين المستأجرة. وكذا لو اتفقا على العين والاجرة , واختلفا في كمية المدة المذكورة في عقد الايجار. غاية الفرق ان مدعي النقيصة في الاجرة هو المستأجر عادة ومدعي النقيصة في العين , وفي المدة هو المالك عادة.
[مسألة 192] اذا اختلفا في مال معين , فادعى كل منهما انه اشتراه من زيد واقبضه الثمن. فان اعترف البائع لاحدهما دون الاخر فالمال للمقر له. وللآخر احلاف البائع على ما يأتي. سواء أقام كل منهما البينة على مدعاه أم لم يقيما ام أقام المقر له البينة. نعم , اذا أقام غير المقر له البينة على مدعاه سقط اعتراف البائع عن الاعتبار وحكم له بالمال. وعلى البائع حينئذ ان يرد إلى المقر له ما قبضه منه باعترافه. وان لم يعترف البائع لاحدهما أصلا , فان أقام أحدهما البينة على مدعاه حكم له. وللآخر احلاف البائع ان كان منكراً للبيع , واما اذا ادعى الجهل او النسيان فلا يمين عليه. فان توجهت اليه اليمين وحلف سقط حقه. وان رد الحلف عليه [ يعني الطرف الذي لم يقم البينة] فان نكل سقط حقه أيضا , وان حلف ثبت حقه في أخذ الثمن منه. وان أقام كل منهما البينة على مدعاه او لم يقيما جميعاً توجه الحلف على البائع. فان حلف على عدم البيع من كل منهما سقط حقهما. وان حلف على عدم البيع من أحدهما سقط حقه خاصة. ولكن لا يثبت كون المال مبيعاً للآخر , الا مع العلم الاجمالي بوجود احدى المعاملتين. وان نكل البائع ورد الحلف اليهما. فان حلفا معاً قسم المال بينهما نصفين. وان لم يحلفا سقط حقهما. وان حلف أحدهما دون الآخر كان المال للحالف. وان اعترف البائع بالبيع من أحدهما لا على التعيين , جرى عليه حكم دعويين على مال لا يد لاحد عليه , فيما ذا كان المال لدى البائع او آخر [ راجع مسألة 173] والا كان القول قول ذي اليد مع يمينه.
[مسألة 193] اذا ادعى أحد رقية طفل مجهول النسب في يده حكم له بها. واذا ادعى الحرية بعد البلوغ لم تسمع. الا اذا أقام البينة عليها. وكذلك الحال في البالغ المملوك في يد أحد , اذا ادعى الحرية. نعم , لو ادعى أحد انه مملوك لآخر, وليس بيده، وانكر المدعى عليه , لم تسمع دعوى المدعي الا بالبينة.
[مسألة 194] اذا تداعى شخصان على طفل , فادعى أحدهما انه مملوك له , وادعى الآخر انه ولده. فان اقام أحدهما البينة على مدعاه دون الاخر حكم له. وان لم يقيما معاً بينة خلي سبيل الطفل يذهب حيث شاء , وان أقاما معاً بينة, تعارضتا , ويحلف من يكون الطفل في يده منهما وله رد اليمين على الآخر. فان لم يحلفا معاً سقطت دعواهما. ولو لم يكن الطفل في يد أي منهما , كان لهما التحالف أيضاً , فان حلف أحدهما دون الآخر حكم له. وان حلفا او نكلا سقطت دعواهما.
[مسألة 195] لو ادعى كل من شخصين مالا في يد الاخر , وأقام كل منهما البينة على ان كلا المالين له حكم بملكية كل منهما لما في يده مع يمينه.
[مسألة 196] اذا اختلف الزوج والزوجة في ملكية شيء , فما كان من مختصات أحدهما مما هو تحت يده , فهو له , الا ان يقيم الآخر البينة , وللآخر احلاف صاحبه. وما كان مشتركاً بينهما كامتعة البيت وأثاثه. فان علم او قامت بينة على ان المرأة جاءت بها فهي لها. وعلى الزوج اثبات مدعاه من الزيادة. فان أقام البينة على ذلك , فهو , والا فله احلاف الزوجة. وان لم يعلم بانتساب المال إلى أحدهما تحالفا , فان حلف أحدهما دون الاخر حكم له بالمال. وان حلفا او نكلا قسم بينهما. وكذلك الحال فيما اذا كان الاختلاف بين ورثة أحدهما مع الآخر او بين ورثة كليهما.
[مسألة 197] اذا ماتت المرأة وادعى أبوها ان بعض ما عندها من الاموال عارية. فالاظهر قبول دعواه فيما اذا كان ولياً او وصياً او وارثاً. واما اذا كان المدعي غيره فعليه الاثبات بالبينة , والا فالاموال لوارث المرأة مع يمينه. نعم , اذا اعترف الوارث بان المال كان للمدعي , وادعى ــ مضافاً إلى ذلك ــ انه وهبه للمرأة المتوفاة. انقلبت الدعوى ,فعلى الوارث ما يدعيه [ وهو الهبة] بالبينة , والا حلف الآخر وثبتت دعواه. ولو نكل ثبتت الملكية بقاعدة اليد لمن هي في يده.